العلوم التربوية

ماهو تعريف ومكونات القيم وانواعها وأساليب تعليمها

دليل شامل لتعريف، أنواع، مكونات القيم وأساليب تعليمها وتدريسها

يعـد موضـوع القيم من أصعب الموضوعات وأهمها التي يبحثها العلماء والباحثون. ذلك لأنها تختص بسلوك الأفراد وتصرفاتهم، وهذه التصرفات يختلف تقديرها وتقييمها واحترامهـا مـن مجتمع لآخـر ومـن بيـئة لأخـرى. وذلك تبعاً لاختلاف ثقافات المجتمعات وفلسفاتها المختلفة. فكلمة القيمة لمعنى (Value) في اللغة الإنجليزية و (Valeur) بالفرنسية، تدل على اسم النوع من الفعل (قام) بمعنى وقف واعتدل وانتصب وبلغ المستوى. كما تدل مجازاً علـى مـا يتفق عليه أهل السوق ثمناً للسلع، وقد يكون الثمن مساوياً للقيمة أو ناقصاً عنها. ويمكن أن تأتي القيمة بمعنى الاستقامة، فالدين القيم هو الدين المستقيم والرجل القيم هو الرجل المستقيم.

قال تعالى: «وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ» (البينة – 5) وقد تفيد معنى الثبات والاعتدال. وأياً كانت المعاني التي تتضمنها كلمة القيمة فهي: ذات معان حميدة، تعطي الموقف الذي تستعمل فيه جلالا وأهمية. ولكن المعاني الاقتصادية قد ترجع القيمة حيثيات أخرى، مثل الندرة في الشيء أو الجهد المبذول فيه أو منفعة للناس، أو استعماله أو كلفته المادية التي قد تنبثق من الجميع بين أكثر من عامل من هذه العوامل.

اتجاهات دراسة القيم

بدأت دراسة القيم في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين ويعود الفضل في ذلك إلى اثنين من علماء النفس. هما ثيرستون وما قدمه من تصور لمعالجة القيم في إطار المنهج العلمي مستنداً في ذلك إلى مبادئ “السيكوفيزيقيا” المعاصرة. وسبرانجر أحـد العلماء الألمان، الذي حدد نظريته في الأنماط. والتي تمثلت في أن الناس يتوزعون بين ستة أنماط اعتماداً على غلبة أو سيادة واحـدة مـن القيم الآتية عليهم: القيمة النظرية، والجمالية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والدينية. وهي نفسها القيم التي صاغها كـل مـن الـبورت وفيرنون فيما بعـد إجرائياً في مقياس سمي باسميهما. وقد برز اتجاهان أساسان ينظر من خلالهما إلى مفهوم القيمة:

  1. الاتجاه الموضـوعي للقيم: ويقول هذا الاتجاه بأنه توجد قيمة كافية في الشيء، وكائنة فيه فعلاً، وتعبر عن طبيعته وهي مستقلة عن ذات الإنسان ومشاعره، ولهذا فإن القيم ثابتة لا تتغير، ومصدرها عالم المثل الذي يمتاز به عالم أبدى مطلق.
  2. الاتجاه الذاتي للقيم: وهـو الـذي يتمثل في الفلسفات الطبيعية والتي ترتبط بالخبرة الإنسانية والنزعة التجريبية، فقيم الأشياء من وجهة نظرها هي نتاج اتصال الإنسان بهـا وتفاعله معها وسعيه إليها، وتكون ميوله واتجاهاته نحوها، والأشياء ليست في حد ذاتهـا خـيرة أو شريرة، صحيحة أو خاطئة، بل إن هذه الأحكام نصدرها من خلال تأثيرنا في هذه الأشياء وتأثرنا بها.

تعريف القيم

مفهـوم القـيـمة مـن المفاهـيـم الـتي اهتم بها الكثير من الباحثين في مجالات مختلفة، كالفلسفة والتربية، والاقتصاد، وعلم النفس والاجتماع، وغيرها. وقد ترتب على ذلك نوع من عدم الوضوح والخلط في استعمال مفهوم القيمة من تخصص لآخر.

يعرف ببر القيمة بأنها أي شيء خيراً أو كان شراً، ويعرف بري القيمة بأنها الاهتمام أي الاهتمام بأي شيء، فإذا كان أي شيء موضوع اهتمام، فإنه حتماً يكتسب قيمة.

أما ثورندايك فيرى أن تفصيلات القيم الإيجابية السلبية تكمن في اللذة أو الألم الذي يشعر به الإنسان.

ويعرف باكمـان القيم بأنهـا أفـكـار حـول مـا هو مرغوب فيه، أو غير مرغوب فيه بالنسبة للأمور، ويشترك فيه أعضاء جماعة أو ثقافة معينة.

مما سبق يمكننا ان نستنتج بأن القيمة هي تنظيمات لأحكـام عقلية انفعالية معممة نحو الأشخاص والأشياء والمعاني وأوجه النشاط وتعد المعيار الذي في ضوئه يمكن الحكم بخبرية الخبر وحسن الحسن، وقبح القبيح، وما يجوز، وما لا يجوز وما هو مرغوب فيه، وما هو غير مرغوب عنه، وغير ذلك مما تبتدعه الجماعة لنفسها، ليربط بين أفرادها، ويقيم بينهم رأياً عاماً له أسس ثابتة ومستمرة بشكل نسبي يتحكم في سلوكهم وتصرفاتهم ويحدد شخصيتهم الجماعية.

تصنيف القيم

يمكن تصنيف القيم إلى عديد من التصنيفات:

  1. الروحية: مثل الإيمان بوحدانية الله، الإيمان بالوحي، والإيمان بالرسل والقرآن الكريم، الوفاء بالعهد، الإخلاص، الصبر، الاستعانة بالله.
  2. الاجتماعية: بر الوالدين، العـدل، الرحمة، الصدق، الإحسان، التواضع، العطف، الوفاء، الثقة بالنفس والمشاعر، الشجاعة.
  3. الاقتصادية: عدم الإفساد في الأرض، المشاركة في العمل، إتقان العمل.
  4. الفكرية: الفطانة، حسن الإدراك، تحريك الانتباه، الحكمـة في التعامل مع الآخرين.

السمات المشتركة لمفهوم القيم

  1. إنسانية: فالاهتمام واللذة والألم والأفكار جميعها ترتبط بالإنسان.
  2. ذاتية: أي يحس كل واحد منا بالقيم على نحو خاص به.
  3. تترتب القيم ترتيباً هرمياً فتهيمن بعض القيم على غيرها أو تخضع لها، فالمفروض أن الفرد في حياته يحقـق كـل رغباته التي يعتقد أن لها قيمة عنده، ولكن طبيعة الحياة نفسها وطبيعة الظروف التي تحيط به تحول دون ذلك، ولذلك نجد أن الفرد يحاول أن يخضع قيمة بعضها لبعض، فيخضع الأقل قبولاً عند الناس للأكثر قبولاً وفقاً لترتيب خاص بهم.
  4. تتضمن نوعاً من الرأي أو الحكم على شخص أو شيء أو معنى معين.
  5. تتضمن القيم الوعي بمظاهره الإدراكية والوجدانية والنزوعية.
  6. مثالية: لأنها ليست شيئاً بأية حال. وإن كانت الأشياء هي التي تحملها.
  7. القيمة تجربة: فوجـودها لا يكون إلا بشخص ولشخص، يجربها في فعل أصيل هو فعل التقدير ولكل نوع منها تقدير خاص به.
  8. القيمة ذات قطبين في الجملة: فهي إما هذا الوجود أو ذاك الوجود، إنها إما فعل حق أو باطل.

الفرق بين القيم والاتجاهات

  1. القيم أكثـر عمومية وتجريداً وشمولاً من الاتجاهات، فهي لا تحدد بموضوعاتها على نحو مباشـر، بـل تحدد بمثل مجرد، تتجاوز الأوضاع أو الحالات الجزئية، فموقف الفرد مـن علـم الفيزياء يحدد موضوعات هذا العلم بالذات، أما موقفه من العلم أثره في تطوير الحياة المجتمعة فيحدد القيمة العلمية التي يتبناها هذا الفرد.
  2. القيم أكثر ثباتاً مـن الاتجاهات وأقل قابلية للتغير منها، وقد يعود ذلك إلى مستوى عقيدة الفرد والمجتمع.
  3. تنطوي القيم عادة على جانب تفضيلي وأخلاقي، في حين يمكن أن تكون الاتجاهات سلبية، لذلك يتناول الباحثون عـادة مسألة الـقـيـم مـن خـلال بحثهم في السلوك الأخلاقي.

مكونات القيم

يرى كثيرون بأن مكونات القيم ثلاثة مثلما كانت مكونات الاتجاه وهذه المكونات الثلاثة مكون عقلي، مكون انفعالي، مكون سلوكي. وترتبط المكونات الثلاثة بعلاقات تفاعلية مستمرة ومتداخلة بتأثر من المجتمع وثقافته. ويوضح الشكل التالي العلاقات القائمة بين هذه المكونات والطريقة التي تتفاعل فيها معاً.

مكونات القيم
مكونات القيم

تعلم القيم

إن القيم نتاج لعمليات التعلم، وتحكمها مجموعة المبادئ السيكولوجية التي تحكم أشكال التعلم الأخـرى. فقـد يكتسب الفـرد قيمة، كمـا يكتسب أنماط سلوكه الأخرى، بالملاحظة والتقليد. وينطبق عليها في هذه الحالة ما ينطبق على أشكال التعليم الاجتماعي الأخـرى والناتجة من تفاعـل الفرد مع متغيرات بيئته. فالكثير من الأفراد، وبخاصة حديثي السن منهم، يقبلون بوجهات نظر آبائهم أو الأشخاص الهامين في بيئتهم. وقد يكتسب الفرد بعض القيمة نتيجة مبادئ التعلم الإشراطي وأثر عمليات التعزيز والعقاب في اكتساب بعض القيم دون أخـرى. حيث يؤدي التعزيز إلي تكرار سلوكيات مرغوب فيها، بينما يساهم العقاب في كبح وضعف السلوكيات غير المرغوب فيها.

ويرى باحثون آخرون أن اكتساب القيم يحدث عبر عمليات تذويب متسلسلة على نحو هرمي. وتتبدى في النشاطات السلوكية الدالة على مدى استغراق الفرد والتزامه بالقيم التي توجه هذه النشاطات وتـدعـم أحكامه القيمية. وتتكون هذه العمليات من خمس مستويات هي: مستوى الاستقبال، مستوى الاستجابة ومستوى التفضيل، ومستوى التنظيم، ومستوى الوسم بالقيم، وهو مستوى الذي يتضح باتفاق سلوك الفرد مع القيم التي ذوتها وتبناها.

أما كولبرك فيضع نموذجا هرمياً لتفسير تطور الأحكام الخلقية واكتساب القيم. يشير هـذا النموذج إلى انتقال تدرجـي مـن الاهتمامات الشخصية الإنسانية إلى الاهتمامات والمسؤوليات الاجتماعية. ومـن الاعتماد على مبادئ ومعايير خارجية، إلى الاعتماد على معايير خارجية، إلى الاعتماد على مبادئ داخلية ذاتية. ومن التفكير في النتائج المادية للسلوك إلى التفكير في القيم والمبادئ الإنسانية المطلقة. ويتم هذا الانتقال وفق ثلاثة مستويات هي المستوى مـا قـبل التقليدي، ويشير إلى تأثير الفرد بالقواعد والتسميات التي تنسبها الثقافة للخير أو الشر وبما ينتج عن سلوكه من آثار مادية ملموسة. والمستوى التقليدي ويشير إلى تأثـر الفـرد بتوقعات الأسرة وجماعات الأقران والمجتمع. بغض النظر عما يترتب عن سلوكه مـن نتائج مادية مباشرة. والمستوى ما بعد التقليدي والقيم المجردة، وذلك تقديراً للقيم في ذاتها ومن أجل ذاتها.

نظريات اكتساب القيم

حاولت بعـض المدارس الفكرية تفسير عملية اكتساب القيم، وسوف نستعرض بإيجاز إبراز ثلاثة أطر نظرية لاكتساب القيم:

نظريات ضمن منظور التحليل النفسي Psycho-Analysis Perspectives

ترى مدرسة التحليل النفسي، أن عملية اكتساب الأخلاق والقيم، تبدأ منذ مرحلة الطفولة المبكرة. حيث يكتسب الطفل أنا الأعلى، من خلال التوحد مع الوالدين، إذ يقـوم الوالدان بدور ممثلي النظام. فيتعلم الطفل منهم الأخلاق والعادات والتقاليد والمثل العليا للمجتمع الذي ينشأ فيه الطفل. ويتم ذلك عن طريق استحسان الطفل عندما يفعل ما يجب عليه أن يفعله، وإبداء عدم الرضا والانزعاج، عندما يخطئ فيما يجب أن يفعل. ومن هنا يتكون لدى الطفل نظام من القيم والقواعد الأخلاقية المتمثلة بالمحتويات والمرغوبات. فيكون ما سماه فرويد بالأنا الأعلى، وهو ما يقابل ما يسمى بالضمير.

المنظور السلوكي Behavioral Perspectives

ويرى أصحاب النظرية السلوكية، أن عملية اكتساب القيم تتم عن طريق التعزيز الإيجابي والتعزيز السلبي، ويتعاملون مع القيم على أنها إما إيجابية وإما سلبية. كما أنهـا ليست أكثر استنتاجات من السلوك الظاهر للفرد. وينظر السلوكيون إلى القيم كسلوك يتم اكتسابه نتيجة عملية تفاعل المتعلم مع المثيرات البيئية وتعزيز استجاباته لها. ومن الممكن أن يتعلم الفرد السلوك المرغوب فيه، والسلوك غير المرغوب فيه، اعتماداً على مبادئ التعلم ذاتها، وعلى القيمة وعلى تدعيم الاستجابات وتعزيزها.

المنظور المعرفي Cognitive Perspectives

تنظر المدرسة المعرفية التطويرية إلى اكتساب القيم على أنها عملية إصدار أحكام ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنمو التفكير عند الطفل. واكتساب القيم في نظر هذه المدرسة ليس محاكاة لنموذج اجتماعي او تكييف للسلوك الأخلاقي بمقتضى المثيرات البيئية أو الإذعان لقواعد معينة، وإنما تؤكد أنواع القيم.

أساليب تدريس وتعليم القيم

تنقسم أساليب تعليم القيم إلى ثلاث تصنيفات مختلفة وهي: الأسلوب التلقيني، الأسلوب المعرفي، والأسلوب التوضيحي.

أولا: الأسلوب التلقيني

  1. تلقين مباشر.
  2. بث القيم في المناهج.

إن الاعتقاد بضرورة تعليم القيم السائدة وتلقينها لطلاب المدارس هو قديم قدم المجتمعات الإنسانية.

يرى أصحاب هذا الاتجاه أن القيم الأخلاقية يجب أن تحتل المكانة الأولى في المناهج الدراسية. وأنه يجب أن لا تقتصر المناهج دور المدرسة على تزويد الطلاب ببعض المهارات المعرفية أو الحركية فقط.

يشير أحد أشكال هذا الاتجاه إلى أن هناك مجموعة من القيم والمعايير الأخلاقية المعينة ثبت صدقها وصلاحها، تبناها المجتمع ونبعت مـن تـراثه وثقافته، لذا يجب على المدرسة أن تنقل هذه المعايير إلى الأجيال الناشئة وتلقينهم إياها مباشرة كموضوعات تعليمية، لتطوير اتجاهات مرغوب فيها نحو التعلم والمواد الدراسية والعدل والنظام واحترام الآخرين.

ويشير شكل آخر من أشكال الاتجاه التلقيني إلى تضمين المعايير الأخلاقية في المناهج والنظم المدرسية على النحو غير المباشر. فالمؤسسات المجتمعة جميعها، والمدرسة واحدة منها، تقوم على عدد من القواعد التي يجب الخضوع لها، والالتزام بها في أثناء النشاط اليومي الذي يمارسه الفرد في هذه المؤسسات.

إن المدرسة يمكن أن تلقـن طلابهـا النظام والانضباط، وإطاعة القواعد والصدق والتعاون والإيثار عبر النشاطات المدرسية اليومية المختلفة. إن التزام الطالب بمواعيد الدروس والجلوس في مقاعد محددة وعدم الحديث إلا بعد الاستئذان، هي أمثلة تشير إلى دور المدرسة في تلقين الأنماط السلوكية المرغوب فيها عبر النشاط اليومي للطلاب. كما يشير إلى أن التربية هي في جوهرها عملية نقل القيم وتلقينها والمعايير المتفق عليها.

ثانيا: الأسلوب المعرفي

هو استراتيجية معرفية لتطوير القيم حيث يعترض بعض الباحثين والعلماء على الاتجاه التلقيني في تعليم القيم؛ لأنه يتجاهل خصائص الأطفال المعرفية. وينكرون الافتراض الأساسي القائل بإمكانية تدريب الأطفال على المبادئ الأخلاقية والمواطنة الصالحة وتعليمهم القيم السائدة لارتباط ذلك بمستوى نموهم المعرفي وتطور بنائهم المعرفي. وينحو بياجيه هذا المنحنى حيث يرى أن النمو الأخلاقي يتطور عبر نمط منطقي متسلسل على نحو هرمي. ويرتبط بصورة وثيقة جداً بمراحل النمو التي تسم تطور التفكير المنطقي. كذلك يعتقد بياجيه أن تعليم المفاهيم والأحكام الخلقية لا يختلف بشيء عن تعليم مفاهيم الوزن/ الحجم/ الكثافة. بل إن الأطفال يطورون مفاهيم خلقية ذات مستوى أعلى كلما ازدادوا في السن، ونتيجة تفاعلهم النشط والمستمر مع عناصر البيئة الاجتماعية التي يعيشون فيها، وأنهم يولدون مفاهيم الحق والباطل بتكريس جهودهم وتنظيم خبراتهم الاجتماعية في سبيل فهم العالم المحيط بهم.

خطوات الاتجاه المعرفي في تطوير القيم:

  1. تعريض الأطفال لمشكلات قيمية تتجاوز في طبيعتها مستوى نموهم الأخلاقي الراهن.
  2. إظهـار جـوانـب التناقض في الأفكار الأخلاقية والتي يطلقها هؤلاء الأطفال بصدد تلك المشكلات لتوفير فرص الشعور بعدم القناعة لمستوى النمو الأخلاقي المتوافر لديهم.
  3. إيجـاد مـنـاخ طـوري متسامح، يتيح للطفل مقارنة وجهات النظر الأخلاقية المتناقضة واختيار البديل الأفـضـل الـذي يتجاوز مستوى النمو الأخلاقي، ويمكنه من تعديل بنائه المعرفي الأخلاقي.
  4. إن الهدف الأساسي لهذه التقنيات هو قدرتها على استثارة حالة اللاتوازن عند الأطفال، وإتاحة فرص تعديل البنى المعرفية الراهنة وتكون بني معرفية جديدة، لذا يستحسن تكليف الأطفـال بـأدوار اجتماعية مختلفة تمكنهم من رؤية وجهات النظر المتناقضة، واستثارة حالات اللاتوازن في أحكامهم الأخلاقية.

ثالثاً: الأسلوب التوضيحي

استراتيجية توضيحية، يرى مؤيدو هـذا الاتجاه أن تعليم القيم الأخلاقية، يجب أن يقوم على استثارة وعي المتعلمين. مفترضين أن عملية تطوير الوعي الذاتي بالقيم المختلفة، هو الهدف من التربية الأخلاقية. وأن المربي الذي يأخذ بهذا الاتجاه لا يفرض وجهة نظر معينة – ولو كان يعرض بها- حيال المسائل الأخلاقية المتنوعة. بل يتقبل وجهات النظـر جميعها، ويتجنب إصدار أحكـام تفصيلية أو تقييمية على استجابات الطلاب أو أحكامهم الأخلاقية. ويعمل على معالجة وجهة نظر كل طالب بالاحترام ذاته، متيحاً فرصة حرية اختيار القيمة.

ويعتقد أصحاب الاتجاه التوضيحي أن القيم نسبية، وتختلف باختلاف الجماعات والمجتمعات والثقافات والأمم، ويرفضون عالمية القيم. كما يرفضون الاستراتيجية التعليمية الهادفة إلى تعزيز النمو الأخلاقي، والوصـول بالمتعلم إلى أعلى مستويات هـذا النمو. ويرون أن الأجيال الناشئة تواجه خيارات متعددة، وأن العديد من القيم ذات العلاقة الوثيقة بجوانب الحياة المختلفة ومعالجتها بالموارد لمناقشة التطوير للوعي الذاتي بها، واختيارها، واختيار الأفضل منها على نحو استقلالي وحر.

هناك عدة استراتيجيات لتكون القيمة:

أولاً: استراتيجيه المحاكاة والتقليد

تعرف المحاكاة والتقليد على أنها قيام المعلم ببعض الأفعال أو النشاطات، يرددها الطلاب مـن بعـده، أو يقلدون ما يفعله المعلم، ويتطلب هذا الأسلوب من الطالب الانتباه والمشاهدة والمتابعة الدقيقة لأفعال المعلم ونشاطاته. حتى يتمكن من تقليدها بإتقان.

ثانياً: استراتيجيه القصة

تعـد القصة أو سرد الحكايات من التقاليد التدريسية القديمة، ومن أبسط الأساليب لنقل المحتوى التعليمي ذي الطبيعة النفسية والوجدانية. ويهدف بسرد القصص إلى تمكين الطلاب من تطوير تصورات واضحة حول الأحداث والوقائع والمعايشة الداخلية لها.

ثالثاً: استراتيجيه الحوار والمناقشة (السامرائي)

هذه الاستراتيجية تعمل على غرس روح التعاون والانسجام والتفاهم، ففيها يتعاون الطلبة تعاوناً فكرياً ويتحملون المسؤوليات. فطبيعة الطريقة تتطلب المجهود التعاوني الجمعـي وهـذا يولد لديهم الحس الجمعي والعمل والإخلاص وتدرب الطلاب على روح القيادة الجماعية، وتنمي الجرأة والشجاعة على إبداء الرأي وذكر المعلومات واحترام آراء الطلبة ومشاعرهم.

رابعاً: استراتيجية تقديم الأقوال المأثورة وقرآن كريم، أحاديث، شعر …

إذا كـان مـوضـوع الـدرس عن الرحمة، وأراد المعلم أن يعزز هذه القيمة لدى الطلبة يأتي بآية قرآنية مثال: «قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (يوسف: 98)

خامساً: استراتيجيه القدوة الحسنة (الاستشهاد بشخصيات تاريخية)

القدوة الحسنة: تعني نماذج بشرية متكاملة تقدم الأسلوب الواقعي للحياة في مجالاتها المخلفة السلوكية والانفعالية والعلمية والاجتماعية. وبالتالي يكون المعلم قدوة حسنة لطلابه باتصافه بالصدق، الأمانة، العدل، المساواة.

وعوامل القوة في القدوة الحسنة هي:

  1. الاعتماد على الميول الفطرية، يميل المرء بطبعه إلى المحاكاة ويعزز هذا الميل بالمشاركة الوجدانية والقابلية للإيحاء، وهذه ميول ذات أثر كبير في تكوين النفس الإنسانية في المجالات الانفعالية والإدراكية والسلوكية، فالطالب الذي يشاهد سلوكاً معيناً يسهل عليه الإتيان بذلك السلوك.
  2. ارتباط القـدوة بالتطبيق العملي، القدوة تطبيق عملي لأنماط السلوك، فهي أسلوب يعتمد على إشراك الحواس في عملية التعلم ومعلوم أن التعلم الذي تشترك فيه الحواس أقوى من التعلم الذي يعتمد على التجربة.
  3. توفير الجهد.

سادساً: ضرب المثل

ضرب الأمثلة يبرز المعنويات في المحسوسات، وبالتالي يعمل على تجسيدها وتشخيصها؛ وذلك لأن الصورة المحسوسة أقرب تصوراً وأسرع فهماً وأثبت بقاء لأنها تحدد الأبعاد وتبرز الإجراء.

مثال: ترسيخ قيمة الجهاد في سبيل الله من خلال ذكر الآية الكريمة «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (البقرة:261).

سابعاً: استراتيجية الترغيب والترهيب

تعمـل هـذه الاستراتيجية على تعزيز القيم الإيجابية باستخدام أسلوب الترغيب والتعزيز واستبعاد القيم السلبية باستخدام الترهيب.

ثامناً: استراتيجية التعبير عن المشاعر أمام الآخرين للمشاركة في القضية

وفيها:

  1. تطهير الذات
  2. جعل الآخرين يتعاطفون معك ويأخذون دورك ويشعرون بشعورك.

مثال: لو كان معي فلوس لعملنا كذا وكذا إحدى الطالبات لصاحبتها بعد شرح لها صعوبة الأمور.

تاسعاً: استراتيجية التعزيز

تعمـل خبرات التعلم الممتعة على تقوية وتعزيز الكثير من الاتجاهات والقيم المرغوبة مثل المثابرة، التعاون، إنشاء صداقات. ولهذا يجب على كل المعلم توفير بيئة صفية ودية ومتسامحة بحيث تتيح للطلبة مشاعر عاطفية سعيدة تفيد في تعزيز اتجاهات إيجابية نحو التعلم والعملية التربوية ككل.

مقالات ذات صلة

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى