العلوم التربوية

مفهوم التربية التكنولوجية خصائصها وأهميتها في المنهج الدراسي

تسعي جميع الدول إلى تطوير مؤسساتها التربوية علي كافة المستويات والمراحل التعليمية. تلك المؤسسات المهتمة بإعداد وتهيئة الإنسان تهيئة صالحة، لأنها أول خطوة للحفاظ على نواة وقيم المجتمع وسط تحديات القرن الحادي والعشرين، والذي يبدو أنه يحمل الكثير من التحديات لدول العالم ومجتمعاتها. ولعل أكبر هذه التحديات التي تواجه التعليم اليوم هو كيفية الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات في إدارة مؤسساتنا التربوية وتوجيهها بشكل صحيح نحو التربية التكنولوجية الصحيحة والسليمة.

ظهر مفهوم التربية التكنولوجية لأول مرة في عام ١٩٢٠ للميلاد، كنتيجة للثورة العلمية والتكنولوجية. ويضم هذا المفهوم تخطيطا شاملا ومتكاملا للعملية التعليمية وما تحتاجه من إعداد وتطوير وتنفيذ وتقويم لكافة جوانبها بالاستعانة بوسائل تقنية منوعة، والتي تعمل بانسجام مع الكوادر البشرية من أجل تحقيق أهداف التعلم.

مفهوم التربية التكنولوجية

في عصرنا الحالي بما يتسم به من تطور مذهل في كل المجالات ظهرت الحاجة إلي إكساب فرد المجتمع مهارات ومعارف يعتمد عليها في حياته تعتمد علي أساليب التكنولوجيا ونظم التربية الحديثة.

ويعرف ماهر صبري التربية التكنولوجية بأنها “عملية هادفة ومنظمة يتم من خلالها تزويد الفرد بالقدر اللازم من الخبرات التكنولوجية من معارف ومهارات واتجاهات وسلوك وأخلاقيات والتي تعمل علي تنوير هذا الفرد وتثقيفه تكنولوجيا”.

كذلك يمكن النظر للتربية التكنولوجية علي أنها “نوع من الفكر يركز علي كفايات الفرد من حيث تناول المواد الدراسية وتبسيطها وتنويعها، وبالشكل الذي يتناسب مع كل متعلم ، ويهتم هذا الفكر بوسيلة نقل محتوي المادة العلمية والأجهزة والمعدات والمواقف التعليمية”  كما يعرفها أحمد اللقاني.

وتنظر منظمة اليونسكو لمفهوم التربية التكنولوجية على أنها “حاجات الانسان المعرفية والمهارية التي يعتمد عليها الفرد في الحياة، وهى ذاتها تعتمد بدورها على أساليب التكنولوجيا ونظم التربية.”

فالتربية التكنولوجية لها دور أساسي في سد الفجوة لمواجهة تحديات العصر وتطوراته، من خلال تدريب أفراد المجتمع علي مهارات التفكير وتطوير المهارات اليدوية للعمل بما يعود بالنفع علي الفرد والمجتمع، ويخدم أهدافه لمواجهة متطلبات واحتياجات التنمية البشرية المستدامة.

علاقة التربية التكنولوجية بالمنهج

علاقة التربية التكنولوجية بالمنهج مدونة وموقع تربية سليمة

بالنظر للشكل السابق يمكننا ملاحظة أن التربية التكنولوجية تمثل ركن أساسي من عناصر ومكونات التربية المهنية، وأحد أهم عناصر المنهج التعليمي ومكوناته بشكل عام.

ملامح التربية التكنولوجية

  1. من حيث محتوى المقررات:

يدور محتوي المقرر حول كل المعلومات ذات الصلة بالتكنولوجيا. بالإضافة للمفاهيم المتصلة بتطبيقات التكنولوجيا المتنوعة في مجال الاتصالات أو النقل أو نظم الإنتاج وما يتطلب هذا من تكامل بين الطاقة والنشاط الإنساني والبشري.

  1. من حيث التطبيق :

التربية التكنولوجية مجال تطبيقي بما تشتمل عليه من عمليات تكنولوجية تساعد في الوصول إلي حل مشكلات التطبيق. بالإضافة إلي التصميم والتطوير والبحث حيث كل تطبيق يعتمد علي أسس نظرية: كما يعتمد علي برامج تدريبية قائمة علي مهارات الأداء ومهارات التفكير الحرفية.

مخطط يوضح الحاجات البشرية المعتمدة علي نظم التربية التكنولوجية

  1. من حيث الارتباط بالعلوم الدراسية:

تعتمد علي قراءة الفرد الواعية وتفاعله مع ما يتعلمه من علوم ومعارف علي هيئة مواد ومناهج دراسية مختلفة داخل المدرسة.

  1. من حيث مبدأ العمل اليدوي:

تحترم التربية التكنولوجية العمل اليدوي وأهميته بل تحاول الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة واستخدامها لتطوير العمل اليدوي للتحول من الاعتماد الكلي علي الجهد البشري إلي الأتوماتيكي وتكنولوجيا التحكم عن بعد.

  1. من حيث الارتباط بالمجتمع:

تعمل التربية التكنولوجية علي تسليط الضوء علي نتيجة ومضمون التكنولوجيا ذات التأثير المباشر في المجتمع، لتحقيق أكبر استفادة وفرص تساهم في دمج الفرد بمجتمعه من خلال التكنولوجيا لتنشئة فرد مؤثر يعمل علي تنمية المجتمع وقادر علي مواجهة التحديات والتطورات التكنولوجية والعالمية التي تستجد علي المجتمع.

محاور التربية التكنولوجية

  1. تطبيقات الكمبيوتر في التربية التكنولوجية.
  2. توظيف الروبوت أو الإنسان الآلي.
  3. ممارسات صناعية- إضاءة- ليزر- ألياف ضوئية… إلخ.
  4. تكنولوجيا الاتصالات.
  5. التكنولوجيا والمنهج الأكاديمي.
  6. تكنولوجيا المستقبل (لاستشراف آفاق المستقبل).

أهداف التربية التكنولوجية

  1. إعداد مواطن لعالم موجه بالتكنولوجيا والتقنية.
  2. إصلاح النظام التربوي بجميع مدخلاته وعملياته ومخرجاته ومواجه التحديات التي أفرزتها تقنية المعلومات والاتصالات وتحول العالم من مجتمع صناعي الى مجتمع معلوماتي.
  3. العمل علي سد الفجوة الرقمية في مؤسسات التربية والتعليم وما تتطلبه تحديات العصر بما يتماشى مع استراتيجيات تطوير التعليم.
  4. تطوير برامج وأنظمة معلومات ملائمة واستخدامها بفاعلية وكفاءة لدعم عمليتي التعلم والتعليم والبحث العلمي، وتحسين جودة الخدمات المعلوماتية المقدمة لمكونات الوزارة والمجتمع الخارجي.
  5. وزيادة الوعي التكنولوجي للمساهمة في تنمية المجتمع.
  6.  التربية التكنولوجية أصبحت مطلبا ضروريا لمواكبة عصر المعلوماتية، وظهور مفاهيم وأدوات تكنولوجية جديدة.  سواء كان ذلك في التعليم والعمل ومختلف مجالات الحياة مثل: الانترنت والحاسبات الشخصية  والتعليم الالكتروني والجامعات الافتراضية والحكومة الالكترونية والتجارة الالكترونية وغيرها.
  7. محاولة تلافي سلبيات ومساوئ التكنولوجيا وما ترتب عليها من تغييرات خطيرة متلاحقة في العالم؛ أدت إلي اختفاء مهن قديمة وظهور تخصصات ومهن لم تكن موجودة من قبل. وظهور مفاهيم وآليات معاصرة كالتعليم عن بعد والحكومة الالكترونية يصعب التكيف معها الا علي الافراد الذي يملكون المهارات والمعارف اللازمة لمواكبة كل تحدي معاصر جديد واستثماره بما يخدم أهداف الفرد والمجتمع في ظل ظروف تنافسية شديدة.

وللتربية التكنولوجية أهداف متضمنة في التعليم النظامي تبني علي أربعة معايير هي:

أـ البنية التحتية والتكنولوجية للمؤسسات التعليمية.

ب- المعلم المعاصر وما يتحلى به من مهارات ومعارف وقيم تعطيه القدرة علي تربية الطلاب تكنولوجيا.

جـ- تحديد المفاهيم الأساسية التي تخدم أهداف كل من الفرد والمجتمع وتقديمها إلي الطلاب.

د- القضايا الأخلاقية والثقافية والمجتمعية المرتبطة بالتكنولوجي.

أهمية التربية التكنولوجية

برزت أهمية التربية التكنولوجية عندما أصبح العالم الحديث يعتمد علي التكنولوجيا اعتماد تام في جميع الاتجاهات والمجالات، وبالرغم من ذلك ألقت التكنولوجيا بظلالها مخاطر قد تؤدي إلي تدمير وتخريب المجتمع. والتحدي هنا يفرض علينا محاولة تلافي سليبات وعيوب التكنولوجيا مع تعظيم فوائدها ومنافع التكنولوجيا في حياتنا. بإلاضافة إلي ما تربية فرد قادر علي التكيف مع ما يواجهه من تحديات معاصرة وجديدة بسبب التطوير العلمي والتكنولوجي السريع في كل المجالات.

ويمكن تحديد أهداف “التكنولوجيا وتنمية التفكير” بالنظر لها كمادة دراسية كما يلي:

  1. تنمية التفكير الابتكاري في دراسة وتحليل المشكلات.
  2. ملاحقة تغيرات التكنولوجيا المتتابعة، وما مدي أثرها على المجتمع سواء سلباً أو إيجاباً ، وكيف يمكننا التحكم فيها.
  3. إكساب الأفراد معارف ومهارات التكنولوجيا الحديثة التي تنمي قدرتهم على التعلم عن بعد والبحث الذاتي.
  4. القدرة علي التعامل وصيانة وتطوير الأجهزة والمعدات التكنولوجية وتنظيم أدائها.
  5. كسب المهارات الأساسية في استخدام الأجهزة مع الحرص علي تطبيق قواعد الأمان والخصوصية عند الاستخدام.
  6. رفع الروح المعنوية وزيادة ثقة الفرد في نفسه ومشاركته في الإنتاج وتنمية المجتمع.
  7. إيجاد حل للمشكلات والوقاية من الأخطار الطارئة، وتجنب تأثيرات التكنولوجيا السلبية.
  8. زيادة الوعي باستشعار المشكلات والتحديات الجديدة واتخاذ الاحتياطات الوقائية لتلافي أثارها السلبية.
  9. عدم الاعتماد الكلي علي المعلم والكتاب المدرسي فقط، ومعرفة مصادر تعليمية مختلفة ومتنوعة.
  10. تنمية الفرد علي الديمقراطية وتقبل الرأي الأخر وزيادة قدرته علي المشاركة الفاعلة ضمن فريق: والتدريب علي المناقشة والتفكير النقدي.
  11. تقدير قيمة العمل اليدوي واحترام العاملين به.
  12. تطور مفهوم محو الأمية من عدم معرفة القراءة والكتابة، إلي عدم معرفة التعامل والتكيف مع الوسائل التكنولوجية الحديثة، إلي حل ما يجد من مشكلات تطبيقية أخري.

خصائص التربية التكنولوجية

  1. علم مستقل له أصوله وأهدافه ونظرياته.
  2. علم تطبيقي يسعى إلى تطبيق المعرفة.
  3. عملية ديناميكية بمعني أنها حالة من نشط مستمر وتفاعل بين المكونات.
  4. عملية نظامية تهتم بالمنظومات ومخرجاتها نظم كاملة أي أنها نظام من نظام.
  5. شاملة لجميع العمليات الخاصة بالتصميم والتطوير والإدارة.
  6. هادفة تهدف إلى الوصول إلى حل المشكلات.
  7. مستمرة ومتطورة ذاتيا تمر دائما بعمليات مراجعة وتعديل.
  8. مؤثرة وتمس حياة الناس.

ومن أهم المفاهيم التي تندرج تحت التربية التكنولوجية هي

  1. القدرة التكنولوجية

ونقصد بهذا المفهوم قدرة الفرد علي الاشتراك في العمليات النشطة للتكنولوجيا مثل:

  • معرفة الاحتياجات والفرص للحلول التكنولوجية.
  • استخدام الأجهزة والأدوات التكنولوجية وتصميمها وتصنيعها وصيانتها.
  • الاكتساب والتطبيق للمعرفة والفهم والمهارات.
  • الاختبار والتقييم للمنتجات التكنولوجية .
  1. مصادر التكنولوجيا

ونقصد بهذا المفهوم معرفة ومهارات الفرد العقلية والجسمية أثناء تنفيذ نشاط تكنولوجي مثل:

  • المهارات والطرق العملية.
  • المعرفة العلمية والنظرية وفهم الموارد والعناصر والأدوات.
  • مهارات الفرد العقلية وما تتضمنه من تحليل مشكلات وتطوير حلول وتقييم مخرجات.
  • قدرة الفرد علي التواصل الفكري الشفهي والجغرافي.
  • الصفات الشخصية للتضامن والتعاون والمرونة والادراك المطلوب.
  1. الوعي التكنولوجي

بمعنى أن التكنولوجيا تتضمن المسئولية الإنسانية تجاه القرارات والأحداث وضرورة معرفة أن وجود التكنولوجيا فى المنهج ليست هدفا في ذاتها ، بل ليمارسها الطلاب بأنفسهم

وسائل تحقيق التربية التكنولوجية

كما أن هناك متطلبات لتحقيق التربية التكنولوجية في المؤسسات التعليمية ومنها:

  1. اعداد معلم مدرب علي مواجهة تحديات العصر والتعامل مع ما كل تكنولوجيا حديثة وقدرته علي توظيفها في عمليتي التعلم والتعليم عن بعد وتقويم الطلاب والتواصل معهم.
  2. التحول إلى منظومة تعليمية أكثر حداثة وإعادة النظر في ثلاثية التعليم التقليدية (المدرس- الطالب- المنهج وعصرية تشتمل عناصرها على (المدرس العصري- الطالب الإيجابي- تكنولوجيا التعليم والإدارة- المناهج التعلم عن بعد) وهذا من شأنه أن يساعد في التخلص من ظاهرة استاتيكية التعليم ويجعله أكثر مواكبة – المطورة لمتغيرات الثورة التكنولوجية والمعلوماتية.
  3. تعلم اللغات الأجنبية وبالأخص اللغة الإنجليزية باعتبارها أحد أهم الوسائل للتواصل الفكري والثقافي مع العالم الخارجي وما يستحدث في تكنولوجيا المعلومات.
  4. ربط المنهج والمقرر الدراسي بموضوعات وقضايا مجتمع المعلوماتية مثل: علوم الفضاء والاتصال والمستقبليات والتكنولوجيا وإدارتها.
  5. الانتقال من أنشطة تعلم تقليدية إلي أخري أكثر تكنولوجية كالبحث علي الشبكة العنكبوتية والتعامل مع الحاسوب والمكتبات الرقمية وغيرها.

خاتمة

نهدف من خلال التربية التكنولوجية إعداد الفرد لكيفية التعامل مع التكنولوجيا المتجددة. وذلك بإكساب الفرد ما يحتاجه من معلومات ومهارات وأنماط تفكير تمكنه من التعامل الإيجابي مع تحديات العصر الحديث، بطريقة تمكن الفرد والمجتمع من الاستفادة بإيجابيات التكنولوجيا وتجنب سلبياتها.

 التربية التكنولوجية أصبحت مطلبا ضروريا لمواكبة العصر. ذلك العصر الذي يتسم بالسرعة الفائقة والاكتشافات العلمية المذهلة وهكذا أصبحت التربية التكنولوجية ضرورة حتمية. حيث أصبح المستقبل لمن يملك علوم وتكنولوجيا العصر، وبعد ظهور الفضاء المعلوماتي الذي لا يستند إلى واقع جغرافي.


المراجع

د. حسام الدين محمد مازن، تكنولوجيا التربية مدخل إلي التكنولوجيا المعلوماتية، دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع، 2014

عبد الجبار حسين الظفري، التربية التكنولوجية مفهوم_أهداف_أهمية وخصائص

مقالات ذات صلة

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى