قصة الذئب والعنزات الثلاث

تعد قصة الذئب والعنزات الثلاث من أشهر القصص الأطفال العالمية وتدور أهدافها حول أهمية التعاون ونتيجة العمل الشاق وعدم الثقة في الغدار الذي يتصنع اللطف من خلال الأحداث الحاصلة بين الذئب والعنزة الصغرى.

العنزات الثلاثة

العنزات الثلاثة مستعدون للسفر

يحكى أن ثلاث عنزات أخوات، كن يسكنن في بيت واحد. ذات يوم قالت المعزاة الكبرى لأختيها العنزتين الصغرى والوسطى:

– “يا أختي لقد ولدنا ونشأنا في هذا المسكن العزيز، ولقد كبرنا كما تريان وسمننا فصار المسكن لا يسعنا، فما رأيكما لو غيرنا مكان إقامتنا، واستبدلنا هذا المسكن العتيق بمسكن آخر يليق بنا؟”.

– قالت العنزتان الوسطى والصغرى: “هذه فكرة جميلة”.

– قالت الأخت الكبرى: “إذن ستكون هذه الأمسية آخر عهد لنا في هذا البيت، لنجمع أمتعتنا ونستعد للرحيل غداً”.

نامت العنزات الثلاث وهن يحلمن بالحياة الجديدة.

البحث عن مكان جديد

في الصباح نهضت العنزات الثلاث باكراً، حملن أمتعتهن وودعن أحبابهن وأقاربهن وخرجن للبحث عن مكان جميل ومريح، خصب وآمن.

فلما وجدن المكان الذي يناسبهن، فرحن ورقصن، ثم قالت العنزة الكبرى لأختيها: “هيا بنا للعمل قبل أن يداهمنا الليل، فالأرض واسعة، كل واحدة منا تختار مكاناً يعجبها، وتبني بيتاً لها كيفما تريد”.

– العنزة الكبرى: “سأبني بيتي هنا، عند سفح الجبل، قرب ضفة النهر”. وشرعت في الحال تجمع الأغصان والخرق وبعض الأشياء.

أما العنزة الوسطى فأشارت بأصبعها إلى منحدر وقالت: “أنا أبني بيتي هناك”. وبدأت تبحث عن جذوع الأشجار السميكة، وأشياء أخرى لسقف البيت.

أما العنزة الصغرى فقالت: “لو نتعاون ونبني منزلاً رحباً حصيناً وقوياً يجمعنا، خير لنا من أن تنفرد كل واحدة منا ببيت لها”. لكن الأختين رفضتا فكرتها، وشرعتا في العمل.

تأسفت العنزة الصغرى لتشتتهن وانصرفت كاسفة البال، دامعة العين، واختارت مكاناً آمنًا، وانهمكت في جمع الحجارة.

بعد ظرف وجيز كان بيت العنزة الكبرى جاهزاً فذهبت عند أختها مفتخرة بإنجازها السريع، فكانت العنزة الوسطى على وشك إتمام تشييد بيتها، أما العنزة الصغرى فما زالت تجمع الحجارة.

ضحكت الأختان عليها، وقالتا لها: “لم عليك هذا التعب كله؟ فالحجارة ثقيلة عليك، سيرهقك العمل”.

ردت عليهما:

“أريد بيتاً حصيناً ومتيناً، والعمل المتقن يتطلب جهداً ووقتا”.

استغرقت العنزة الصغرى وقتاً كبيراً في بناء بيتها، فلما أتمته كان بيتاً في منتهى الجمال والمتانة.

الذئب المكار

لما حل المساء وجاء الليل دخلت كل عنزة إلى بيتها لتنام. وفي سواد الليل، تحت ضوء القمر نزل ذئب إلى النهر لكي يشرب بعض الماء، فانتبه إلى المسكن الذي عند ضفة النهر، سأل نفسه مستغرباً: “ما رأيت هذا المسكن من قبل؟ إنه حديث الوجود، ومن يا ترى بداخله؟ سأبقى هنا ولن أبرح المكان حتى أعرف صاحبه”.

بقي الذئب ليلة كاملة متربصاً ليعرف صاحب المسكن الجديد.

في الصباح، مع شروق الشمس، فتحت العنزة الكبرى باب مسكنها، وخرجت تركض وتقفز في خفة ونشاط، سمعتها أختها الوسطى فانحدرت إليها وهي في سعادة ونشاط، ثم انضمت إليهما الصغرى، ورحن يستقبلن يومهن الجديد في سرور. قضين يومهن كاملاً وسط المروج والحقول الخضراء، في الجري والقفز والتسلق، والذئب مختف يُتابع حركاتهن بنظراته، لم يفارقهن لحظة، ولم تتفطن له العنزات الثلاث.

الذئب المكار
العنزات الثلاثة تبني بيوتها

في المساء لما بدأت الشمس تميل نحو المغيب، رجعت العنزات الثلاث إلى مساكنهن، بكروش منتفخة مليئة بالطعام والبرسيم، وجسم متعب من الحركات، دخلت كل عنزة إلى بيتها، فاستسلمن للنوم.

لكن الذئب لم ينم كان يستعد للهجوم.

الذئب والعنزة الكبري

اختار الذئب العنزة الكبرى لأن مسكنها قريب، وهش وضعيف، فدق على الباب دقات متتالية: طق.. طق.. طق…

نهضت العنزة من نومها مذعورة: “من يدق على الباب؟”.

– الذئب: “أنا صديق العائلة افتحي لي الباب”.

– العنزة: “أنا لا أذكر للعائلة صديقاً”.

– الذئب: ” لقد نسيتني. افتحي الباب فستعرفينني”.

نظرت العنزة من ثغر في الباب فعرفته فقالت له:

– “اذهب أنت عدو ولست بصديق”.

– الذئب: “قلت لكِ افتحي الباب فإن لم تفتحيه ركلت بيتك الهش ركلة واحدة”. لم ينتظر الذئب طويلاً، وركل البيت، فتناثر حطامه وهجم على العنزة وأكلها.

في الصباح خرجت الأختان وانتظرتا أختهما الكبرى فلم يظهر لها أثر، ظنتا أنها سبقتهما إلى المرعى، فبحثتا عنها في المرعى وفي كل مكان، ولكن دون جدوى، فتحيرتا عليها كثيراً وانتابههما قلق وخوف، فحزنتا عليها.

الذئب والعنزة الوسطي

في الليل وفي مثل ذلك الوقت، عاد الذئب وهو كله عزم فقصد بيت العنزة الوسطى فطرق على الباب: طق.. طق…

– العنزة: “من الطارق؟”.

– الذئب: “صديق جاء لزيارتك”.

– العنزة الوسطى: “ليس لي صديق”.

– الذئب: “بل صديق والدك وقد أتيت لزيارتك لأطمئن عليك”.

فنظرت العنزة من خرقِ الباب فعرفته فقالت له في تهكم:

– “أفي مثل هذه الساعة تزور الأصدقاء يا صديق؟”.

– الذئب بلهجة جادة وحادة: “قلت لك افتحي الباب وستتيقنين بأني صديق قديم للعائلة”.

فارتعدت العنزة الوسطى وارتبكت من الخوف، فتحت له الباب دون أن تفكر في العاقبة. فدخل الذئب الماكر وقام بالهجوم عليها ثم أكلها ورمى جلدها.

في الصباح، لما خرجت العنزة الصغرى وجدت جلد أختها فبكت بكاءاً مراً عليها، فحملته في خشوع وعادت به إلى بيتها ووضعته في الحديقة. تسرب الخوف إلى قلبها، وبدأت تفكر في كيفية النجاة، حتى لا يحصل لها ما حصل لأختيها.

الذئب والعنزة الصغرى

في الليل لم تنم العنزة الصغرى، بقيت تنتظر قدوم الذنب لأنها متأكدة من ذلك، عندما اشتد سواد الليل، جاء الذئب ووقف عند الباب، وطرق طرقات متتالية طق.. طق.. طق.

– العنزة: “من جاء يطرق على بابي في مثل هذا الوقت؟”.

– الذئب: “صديق حميم جاء مشتاقاً لرؤيتك”.

– العنزة: “لا أفتح بابي”.

– الذئب: “عيب عليكِ، أتردين صديقاً حميماً، قطع مسافة طويلة شوقا إليك؟!”.

– العنزة: “يا مكار، يا خبيث، أكلت أختي وجئت الآن متستراً في ظلمة الليل لتأكلني، اذهب وإلا..”

– الذئب: “قلت لكِ افتحي الباب وإذا لم تفتحيه فسأهدم بيتك وآكلك”.

– قالت العنزة: “إفعل”.

ركل الذئب البيت.. وركل.. وركل.. ثم نفخ.. ونفخ ولم يفعل شيئاً، ولما يئس غضب غضباً شديداً وانصرف.

في الغد وفي مثل ذلك الوقت عاد، دق على الباب، فردت عليه العنزة: “اذهب عني، لا أفتح لك الباب، يا محتال، يا مجرم”.

– الذئب: “لا تسيئي الظن بي، أنا تائب، عاهدت نفسي أن أتخلى عن أكل اللحم ولا أشتهيه مادُمت حيا”.

الذئب والعنزة الصغري

– العنزة: “أنت تكذب ولن أثق فيك يا دامي الأظفار”.

– الذئب: اللعنة على تلك الأيام. صدقيني إن قلت لك زهدت في أكل اللحم، ولن أمس بريئاً، وسأقنع بأكل الأعشاب”.

– العنزة: “قلت لك لا ولن أفتح الباب أنت عدو مبين”.

رد عليها الذئب بتودد: “أيتها العنزة الجميلة المحبوبة أريد مصالحتك، لأتعلم منك وأقتدي بسيرتك، هيا افتحي لي الباب”.

– اقتنعت العنزة، وقالت: “سأقبل مصالحتك ما دُمت تائباً عن أفعالك”.

– فرح الذئب ورد عليها بابتهاج: “هيا إذن افتحي لي الباب”.

– العنزة: “لا! ليس الليلة. ستبدأ المصالحة غداً، في الصباح عند شروق الشمس، تعال إلي ونخرج معاً للنزهة”.

– سر الذئب، وقال للعنزة: “لا تخلفي الميعاد يا صديقتي، سأحضر في الوقت”. وراح يقفز مغتبطاً، ونام نومة هنيئة يحلم بالغد الجميل.

خطة العنزة الصغرى الذكية

في اليوم التالي استيقظت العنزة الصغرى عند الفجر، قبل طلوع الشمس، ذهبت إلى المرعى أكلت.. وأكلت فوجدت العشب طرياً ندياً، فاستمرت في الأكل وقتاً طويلاً، وعندما نزلت تريد العودة إلى بيتها، رأت الذئب قادماً نحوها، تمالكت أنفاسها وتسلقت صخرة كبيرة، وشرعت تطل منها.

– الذئب: “صباح الخير والنور يا صديقتي، انزلي لنلعب ونمرح تحت أشعة الشمس الدافئة في هذا الجو المنعش”.

وبعد رد التحية قالت العنزة: – “لي لعبة مفضلة كنت ألعبها مع أختي، إذا شئت لعبتها معك”.

وفي الوقت نفسه كانت العنزة تضرب بحوافرها الأرض، وتلتقط الحصيات وترشقه بها.

– الذئب مستغرباً: “عجباً أهذه هي لعبتك المفضلة؟”.

العنزة مستمرة بضرب الأرض بحوافرها، حتى استطاعت أن تزعزع صخرة عظيمة، فدحرجتها فأصابت بها الذئب في رجله، فسقط على الأرض يتألم.

نزلت العنزة مسرعة من فوق الصخرة، وراحت تجري كأنها تسابق الريح، إلى أن وصلت إلى بيتها، وهي تلهث وقلبها يخفق، ولكن العنزة عرفت أن الذئب قادم إليها لا محالة، ففكرت في حيلة تخلصها منه، فاهتدت في الحين إلى حفر حفرة عميقة بجانب الجذع الذي عليه جلد العنزة الوسطى وفي رمشه العين كانت الحفرة جاهزة ومغطاة ببعض الأغصان وبعض البقايا من الخرق وأوراق الشجر.

ها قد وصل الذئب، يعرج ويئن. وقال للعنزة: لم جريت يا صديقة؟”.

الذئب والعنزة الصغري فوق الصخرة

– قالت: “تأسفت لما أصابك، فجئت مسرعة لأرجع إليك بالدواء”. ثم أردفت تقول له: “مرحباً بك في بيتي تفضل لتستريح من عناء الطريق”.

دخل الذئب وهو يتظاهر بالمحبة وحسن النية.

– قالت له العنزة: “انتظرني هنا، سأذهب لأحضر لك أكلة شهية تليق بمقامك”.

تهلل وجه الذئب، واستلقى مسترخياً.

أوهمت العنزة الذئب أنها تُحضر له غذاء، ثم ابتعدت عنه واختفت حتى يتسنى لها الهروب فتنجو بنفسها.

نهاية الذئب المكار وانتصار العنزة الصغرى

قام الذئب من مكانه يتسلل نحو المطبخ بعينين ثاقبتين زائغتين، يبحث عنها، فتراءى له جلد العنزة الذي على جذع الشجرة فوثب عليه وثبة قوية فوقع في الحفرة فانكسرت قوائمه، ولم يستطع الخروج من الحفرة. عَوى عُواء مرعباً سمعته العنزة فخرجت من مخبئها، فتنفست الصعداء.

نهاية الذئب المكار وانتصار العنزة الصغري

وقالت له: “ها قد انكشفت نواياك يا ذئب يا خبيث يا مكار متي كان الذئب صديقاً للمعز، ابق هناك تتألم “.

أخذت العنزة ما خف حمله وغادرت المكان في التو ورجعت إلى قريتها لتعيش مع أهلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى