قصة الحمار الوحيد

قصة الحمار الوحيد من أجمل قصص الأطفال الطويلة بالصور وتحكي عن جحش صغير اسمه فرهود يعيش حياة الوحدة بدون أسرة أو عائلة فيحاول تكوين صداقات حتى يجد سعادته بصحبة الولد سامر.

جحش صغير ووحيد

عاش فرهود، الجحش الرمادي، وحيداً على تلته، دون أن يكون له أي رفيق. كان قد عاش هناك بين الأشجار الصغيرة الشائكة، وقرب الساقية الصغيرة التي يجري فيها الماء بسرعة صيفاً وشتاءً، في الأيام الصاحية والممطرة.

وفي عصر أحد الأيام المشمسة، شعر بتعب وعطش، بعد أن قام بسباقات مع ظله، وبعد أن قفز فوق الساقية مراراً وتكراراً. فشرب كثيراً من الماء البارد، ثم تمدد فوق عشب الربيع القصير.

فرهود الحمار الوحيد يشعر بالوحدة

نهض بعد ذلك مفتشاً عن خروف. وكان هنالك عدد قليل من الخراف على التلة؛ وكانت تلك الخراف مشغولة جدا بالأكل في معظم الأوقات، بحيث لا تجد وقتاً للكلام. وأخيراً وجد خروفاً.

فسأله قائلاً: ((هل تشعر بالوحدة؟))

فرفع الخروف رأسه عن العشب، وقال: ((أشعر بالوحدة! ليس لدي وقت للتفكير فيها. هل تشعر أنت بالوحدة؟))

فأجابه فرهود: ((نعم، أظن أنني أشعر بها، وأرغب في أن أجد أحداً أتحدت إليه وألعب معه.))

فقال له الخروف: ((ليس لدي وقت لأمور كهذه، فأكل العشب يستغرق وقتي كله.)) وراح يواصل رعي العشب، كأنه لا يستطيع أبداً أن يرعى منه ما يكفيه.

الجحش فرهود يتحدث مع الخروف ويسأله عن الوحدة

فابتعد عنه فرهود متمهلاً، وقال لنفسه: ((لا أريد أن أواصل الأكل طول الوقت. فأنا أحب القيام بأعمال أخرى، فالأكل ليس كل شيء.)) وفي ذلك الحين التقى أرنبة مسرعة.

فناداها قائلا: ((انتظري قليلاً.)) فتوقفت الأرنبة والتفتت إليه قائلة: ((نعم، ماذا تريد مني؟ ليس لدي وقت للكلام.))

فسألها فرهود قائلاً: ((هل تشعرين بالوحدة؟))

فصاحت الأرنبة: ((هل أشعر أنا بالوحدة! لا؛ لأن لي زوجاً وثمانية أولاد، ولا يمكن أن أشعر بالوحدة مع أسرة كهذه! يجب أن أذهب؛ لأن الأولاد قد يتعرضون للخطر، وسيعود زوجي قريبا إلى البيت.)) ثم ابتعدت عنه.

الحمار فرهود يسأل الأرنبة هل تسأل بالوحدة

وحدة وحزن

بدأ فرهود يرجع إلى الساقية، وإلى الشجيرات الشائكة التي كانت تحميه من الريح ليلاً. ثم توقف فجأة؛ لأنه كاد يدوس زقزاقة (نوعا من الطيور) جالسة فوق عشها.

فقال لها: ((آه يا عزيزتي، أرجو أن لا أكون…))

فأجابته: ((إنك لم تؤذني، لكن يحب عليك أن تنظر إلى الطريق أمامك عندما تمشي.))

فقال لها فرهود: ((الحق معك؛ لأنني كنت أفكر.))

– ((في أي شيء كنت تفكر؟))

– ((كنت أفكر في أنني وحيد، وفي الطريقة التي تنقذني من تلك الوحدة.))

فأمالت الزقزاقة رأسها جانباً، ونظرت إليه بعينيها البراقتين، وقالت له: ((اذهب إلى البومة الحكيمة في الغابة المظلمة، وأسألها.))

طائر الزقزاقة تنصح الجحش فرهود بالذهاب إلي البومة الحكيمة

فأسرع فرهود في ذلك المساء، باحثاً في ضوء القمر عن البومة الحكيمة. فسمع في الغابة أصواتاً غريبة، ورأى أشباحاً مخيفة جعلته يقفز رعباً، ولكنه وصل سيره إلى أكثر الأماكن في الغابة كثافة. وهناك وقف وتسمع.

فسمع: ((هُو – هُو – وُو، هُو – هُو – وو!)) فسار فرهود ببطء وحذر خلال الأشجار والنباتات الصغيرة المتشابكة، حتى رأى أخيراً البومة الحكيمة جالسة على غصن من أغصان شجرة بلوط كبيرة. كانت البومة رمادية اللون، وذات عينين كبيرتين مستديرتين، فبدت حقا أنها حكيمة جداً.

نظرت البومة إلى فرهود، وسألته عما يريد.

الحمار فرهود يصل إلي البومة الحكيمة ليلاً في الغابة

فقال لها فرهود: ((جئت أطلب مساعدتك. إنني أعيش على التلة، بين الأشجار الصغيرة الشائكة، وقرب ساقية صغيرة. أرى أحياناً خروفاً، وأرى أرنبة أحياناً أخرى، ولكنهما ليس لديهما وقت يوفرانه للعب معي، مما يجعلني ألعب وحدي، وآكل وحدي، وأنام وحدي، فأنا أشعر بأنني وحيد، فكيف أنجو من تلك الوحدة؟))

فحدقت البومة إليه، ثم أغلقت عينيها لحظة، وقالت: ((إن أحسن شيء تعمله هو أن تجد واحداً يشعر بالوحدة أيضاً؛ لأنك إذا وضعت وحيدين معاً، يعودان غير وحيدين.))

فخفض فرهود رأسه علامة للموافقة، وقال لها: ((هذا صحيح، شكراً جزيلاً لك على هذه النصيحة.)) ثم خب (مشي بسرعة)، مبتعداً عنها.

الحمار الوحيد فرهود يطلب النصيحة من البومة الحكيمة

البحث عن عائلة

نزل الجحش الرمادي، في صباح اليوم التالي، راكضاً من التلة إلى المزرعة في الوادي. فبحث في جميع الحقول عن جحش مثله، ولكنه لم ير جحشاً واحداً، ولم ير سوى بقرات سود وبيض، فتحدث إليها، قائلا:

– ((ظننت أنني قد أجد جحشاً وحيدًا مثلي.))

فأجابته إحدى البقرات: ((لا أظن أنك ستجد أحدًا يشعر بالوحدة هنا، ويوجد هنا بقر كثير مثلنا.))

ثم ابتعدت البقر جميعا نحو مرجة عشبها شديد الأخضرار.

ثم رأى فرهود بعض الجواميس، فتحدث إليها، وما كادت تفتح عيونها لتراه، حتى أغلقتها ثانية.

الحمار الوحيد فرهود يحاول الاندماج مع البقر

ورأى فرهود في أحد الحقول حصانين بنيين، عليهما عدة الفلاحة. فسألهما قائلا: ((هل أستطيع البقاء في المزرعة؟)) فأجاباه: ((لا نظن أن في استطاعتك البقاء؛ لأن لكل واحد موجود هنا عملا يؤديه. وهذا هو السبب الذي يجعلهم لا يشعرون بالوحدة، ولكن ما الذي يستطيع الجحش أن يفعله هنا؟))

فقال فرهود بحزن: ((لا أظن الجحش قادرًا على القيام بأي عمل خاص هنا. ولا أستطيع أنا التفكير في أي عمل أقدر على القيام به بصورة كاملة. وأفهم تماماً أنني سأشعر بالوحدة هنا.)) ثم انحدر راكضًا على الطريق العام.

الحمار الوحيد فرهود يحاول العمل مع الأحصنة

وبعد زمن قصير لحق برجل عجوز حامل كيساً على كتفه. فقال له الرجل العجوز: ((مرحبا بك أيها الجحش الصغير، إنك أنت الذي أبحث عنه.)) ثم وضع حبلا حول رقبة فرهود، وقاده إلى كوخه.

فقال فرهود لنفسه: ((أعتقد أنني وجدت شخصا يشعر بالوحدة مثلي))، وشعر بسرور عظيم.

ربط الرجل العجوز فرهود إلى عمود البوابة، وفتح الباب. فجاءت زوجته لاستقباله، كما جاء كلبه، وقفزت قطة بيضاء إلى كتفه.

الرجل العجوز يفرح بوجود الحمار الوحيد فرهود

قال الرجل العجوز لزوجته: ((أنظري ما وجدت. تصوري كم سيكون نافعا لي، فأكياسي يمكن أن توضع في عربة صغيرة الآن.))

ثم وضع فرهود في حظيرة (بيت) ضيقة جداً. كان سرور الرجل العجوز بالحصول عليه عظيماً، ولكنه نسي تماماً أن يقدم له أي شيء ليأكله.

فقال فرهود لنفسه: ((لا يمكن أن يشعر الرجل العجوز بالوحدة، فله زوجته وقطته وكلبه، وأنا لا أحب أن أكون هنا.))

وراح يرفس باب الحظيرة رفسا شديدا، وعندما جاء الرجل العجوز ليرى ما الذي كان يريده، انطلق فرهود بقوة من الباب، واندفع راكضا على الطريق المنحدر.

فرهود الجحش الصغير يهرب من اصطبل الرجل العجوز

فرصة وآمل

وصل بعد فترة قصيرة من الزمن إلى حافة صخر عالِ، فنظر منه إلى البحر تحته.

فقال لنفسه: ((ما أكثر الماء هنا، وما أشد ازرقاقه!)) ثم رأى الرمل الأصفر، والأولاد يلعبون ويخوضون قرب الشاطئ.

فقال فرهود بأعلى صوت عنده: ((يبدو أنه ممتع جدا.)) فسمعه نورس (طائر بحري)، فقال له: ((حقا إنه ممتع جدا.))

كان فرهود ينوي أن يجيبه، ولكنه نسي كل شيء عن البحر والرمل والنورس؛ لأنه رأى مجموعة صغيرة من الحمير تحته تماماً.

فقال لنفسه: ((يا لحسن حظي، هؤلاء حمير مثلي، وربما يسمحون لي بالبقاء معهم، ولن أشعر بالوحدة بعد ذلك ثانية.)) ثم وجد ممرا صغيرًا معوجًا، فنزل عليه إلى الشاطئ.

الحمار الوحيد فرهود يصل إلي الشاطئ

ولكن الحمير ضحكت منه، لأنه جاء من الريف، ولا يعرف شيئاً عن حياة حمار الشاطئ. وقالوا له إن الركبة التالية ستكون من نصيبه، على أن يخبرهم إذا كانت تعجبه، ثم ركب على ظهره صبي كبير الجسم وسمين جداً، وراح يسير به. ما أثقل وزن الصبي، وما أشد حرارة الرمل وأكثر إزعاجه! كان يختلف كثيراً عن العشب البارد فوق تلته. ضحكت الحمير الآخر ثانية عندما عاد فرهود تعبًا، ونفسه يكاد ينقطع. وأخبروه أنه لن يصلح ليكون حماراً من حمير الشاطئ، ثم أداروا ظهورهم له، وراحوا يتحدث واحدهم مع الآخر.

يحاول الجحش الصغير فرهود يعيش حياة حمير الشاطئ

فتركهم فرهود، وعاد صاعدا فوق الصخر، والحزن يملأ قلبه، ثم فكر قليلا، وقال: ((يبدو أنني لن أجد أحدا يشعر بالوحدة مثلي. سأذهب إلى البومة الحكيمة، وأطلب منها التفكير في شيء آخر ينقذني من الشعور بالوحدة.)) لذا راح يركض عائدًا إلى الغابة المظلمة، وأخذ يتسمع صوت البومة الحكيمة لمعرفة مكانها.

سمع صوت البومة: ((هُو، هُو، وو)) وقد وجدها هذه المرة فوق غصن شجرة مران.

تحادثا مدة طويلة، ولكن البومة لم تستطع التفكير في أي شيء آخر. لذا عاد فرهود ببطء إلى تلته ليعيش كالسابق.

يعود الحمار الوحيد فرهود ليشتكي الي البومة الحكيمة الوحدة

نصيحة من صديق

راح فرهود في صباح اليوم التالي يتسابق مع ظله، ويقفز مرتين أو ثلاثاً فوق الساقية، ثم شرب حتى ارتوى. وبينما كان يرتاح على العشب البارد، هبط عقعق (طائر كالغراب) على حجر كبير قريب من فرهود، وقال له: ((سمعت ما كنت تقوله البومة الحكيمة في الليلة الماضية.))

فقال له فرهود: ((هل سمعتني؟ إنني لم أرك.)) فقال العقعق: ((كانت الغابة مظلمة. لقد كنت أفكر بك؟ هل لك أن تأتي معي؟ أريد أن أريك شيئًا.))

يتحدث طائر العقعق إلي فرهود ويحاول مساعدته

فنهض فرهود، وانحدر هو والعقعق عن التلة، واجتازا الحقول معًا. وسار فرهود بسرعة وخفة، والعقعق يطير جنبه. فوصلا بعد مدة من الزمن إلى طريق، فيها بوابة حديدية كبيرة.

فقال له العقعق: ((يجب أن تدخل من هذه البوابة.)) فاستولت الدهشة على فرهود فقال للعقعق: ((هل أدخل من هذه البوابة؟ ولكن إلى أين تأخذني؟))

فلم يقل له العقعق سوى: ((سترى حالًا.)) ثم صعدا طريقا طويلًا، تحيط به الشجيرات المزهرة من كلا جانبيه، ووراءه مرج أخضر. ثم رأيا رجلا يدفع عربة يد ذات دولاب واحد، بينما كانا يدوران حول أحد المنعطفات.

البستاني يطرد الحمار الوحيد فرهود من المنزل الكبير

ثم صاح الرجل: ((ويحك يا هذا!)) وأمسك فرهودا من شعر رقبته، وقال له: ((أدر ظهرك، واخرج من هنا، أيها الجحش، فأنت لا تعيش هنا.)) ثم قاد فرهود وعاد به إلى البوابة الكبيرة.

وقال له: ((لا أحب أن أتركك على قارعة الطريق، ولكنني أتوقع أنك ستجد الطريق إلى بيتك.)) ثم قاد الجحش الصغير إلى الخارج وأغلق البوابة وراءه.

أما العقعق الذي طار إلى شجرة عندما ظهر البستاني، فقد هبط إلى الأرض ثانية.

البستاني يترك الحمار الوحيد فرهود خارج البوابة ويغلقها

سامر والحمار

قال العقعق لفرهود: ((لا بأس عليك، إنني أعرف طريقًا آخر للدخول منه.))

ثم قاد فرهود مسافة قصيرة على الطريق، وطلب منه أن يشق طريقه خلال فتحة في السياج. وبعد ذلك بين الأشجار الصغيرة، إلى أن قال العقعق إنهما يحب أن يقفا. ثم قال لفرهود: ((أنظر إلى هناك، هل تستطيع أن تراه؟))

فنظر فرهود عبر مرج أخضر، فرأى البستاني مشغولاً بكنس الممر، وقال للعقعق: ((أتعني ذلك الرجل؟ نعم، إنني أراه. سوف يطردنا ثانية إذا رآنا.))

فقال العقعق: ((لا، لا أعني البستاني؛ انظر إلى هناك، في وسط المرج.))

طائر العقعق يدل فرهود علي مكان دخول آخر

فنظر فرهود ثانية، فرأى صبياً صغيرا جالسا على أحد كراسي الحديقة. كان يجلس وحده بهدوء تام، ويحدق (يشدد النظر) أمامه. وكانت على العشب لعب قليلة، دون أن تكون في يديه واحدة منها. فقال فرهود للعقعق: ((يبدو – يبدو أنه يشعر بالوحدة.))

فقال العقعق: ((إنه يشعر بالوحدة؛ لأن أمه وأباه غائبان عنه منذ مدة من الزمن، وليس عنده أحد لكي يلعب معه. آه، إنهم يعتنون به عناية حسنة، ولكنه يشعر بالوحدة، وهذا هو السبب الذي جعلني أحضرك إلى هنا.))

الحمار الوحيد فرهود يشاهد الطفل الوحيد سامر للمرة الأولي

فقال فرهود: ((آه، نعم أراه، طبعا أراه.)) وفي اللحظة التالية كان يركض إليه عبر المرج. أما الصبي الصغير، الذي كان اسمه “سامر”، فقد قفز من على كرسيه، وحدق في فرهود، ثم ركض إليه، ووضع يديه حول رقبته وعانقه.

ثم قال له بصوت عالِ: ((آه، هل جئت لتلعب معي؟ هل جئت لكي تعيش معي؟ هل يمكنني الركوب على ظهرك؟))

وصعد إلى ظهر فرهود، وأمسك بشعر رقبته بشدة، وراح فرهود يركض به حول المرج، بينما كان العقعق يراقبهما من شجرة قريبة. ثم رآهما البستاني، فرمى مكنسته، وأسرع نحوهما.

يفرح الطفل سامر بوجود الحمار الوحيد فرهود

فأمسك بذراع سامر، خوفًا من وقوعه من على ظهر فرهود، وقال بصوت عال: ((ما الذي يجري هنا؟ لمن هذا الجحش؟ قد أخرجته من البوابة قبل قليل من الزمن.))

فأجابه سامر متحمسًا: ((سيصبح جحشي، هيا بنا لكي نحضر له إصطبلا.))

عائلة جديدة

فظهر القلق على وجه البستاني، وحك لحيته، وقال: ((ولكن – ولكن سيطالب به شخص ما، أنت تعلم أنه ليس حمارك في الحقيقة.))

فقال سامر: ((سأحتفظ به إلى أن يطالب به أحد الأشخاص، ولكن آه، أرجو أن لا يطالب به أحد، أريده أن يكون لي وحدي. تعال ودبر له الإصطبل.))

يلعب كل من الطفل والحمار معاً في الحديقة

فقال البستاني، وهو يهز رأسه ويبتسم في آن واحد: ((حسنًا، حسنًا، أظن أنني يجب أن أحضر له إصطبلا.))

أخذ الجحش إلى حظيرة (بيت للحيوانات) مريحة في طرف الحديقة الآخر، وطار العقعق وهو يصيح قائلا إنه سيعود لرؤية فرهود ثانية. عمل البستاني وسامر بنشاط كبير، ووضعا العشب اليابس والماء لفرهود، وفرشا له الأرض بالقش، وبعد أن استراح فرهود، قفز سامر إلى ظهره، فمشى ببطء حول الحديقة الكبيرة مرارا.

أحس فرهود بشعور غريب، وقد عرف حقيقته ببطء. فقال لنفسه: ((إن البومة الحكيمة كانت مصيبة، إنني ما عدت أشعر بالوحدة، وأظن أن سامر أيضًا لا يشعر بها. لقد كانت الخيول مصيبة أيضًا بشأن القيام بعمل ما.))

يجهز سامر والبستاني الاصطبل للحمار الوحيد فرهود

أما الحالة العجوز التي كانت تعتني بسامر، فقد ثارت معترضة؛ لأنها كانت متأكدة أن لفرهود صاحبًا، ولكنها قالت في النهاية إنها ستبحت عن ذلك الصاحب، وأن فرهودا يستطيع البقاء إلى أن تجد صاحبه.

رأى فرهود أن المسألة مضحكة جدا، وقال لنفسه: ((كأنني كنت يوما ملكا لأي إنسان. لقد كنت وحيدا دائما.))

ولكنه عاد غير وحيد الآن، إذ إنه ظل وسامر معًا دائمًا، وأصبح فرهود أكثر سمنًا، ووجه سامر أكثر توردًا. ثم حدثت مفاجأة ثانية لسامر.

يهتم سامر بفراش وتغذية الحمار فرهود

في أحد الأيام، بينما كان يتسابق مع فرهود، أقبلت سيارة ببطء، ثم توقفت. كاد سامر يكذب عينيه عندما رأى أمه وأباه يخرجان منها. فركض هو وفرهود إليهما بأقصى سرعتهما، وفي اللحظة التالية كان خليط من ثلاثة أشخاص وجحش رمادي يعانق واحدهم الآخر. ثم ذكر سامر قصة فرهود، فقال له أبوه إنه يستطيع الاحتفاظ به لنفسه، إذا لم يدع أحد بأنه له.

حياة سعيدة

وهكذا عاش فرهود مع سامر، وفي أحد الأيام ذهب سامر إلى حافة الغابة المظلمة على ظهر جحشه. فرأت البومة الحكيمة فرهودا آتيًا، فطارت إلى شجرة قريبة، وقالت له: ((عدت لا تشعر بالوحدة أبدا، أليس كذلك؟))

يحضر أهل سامر ليشاهده ابنهم مع صديقه الحمار فرهود

فأجابها فرهود: ((شكرًا لك، عدت لا أشعر بالوحدة أبدًا، وسامر عاد لا يشعر بها أيضًا. أشكرك كثيرا على مساعدتك لي.))

وفي الليالي الطويلة، حين يكون سامر في فراشه، كان فرهود يستلقي على العشب، ويتحدث إلى العقعق الواقف على الشجرة فوقه. وكان العقعق يتحدث إلى فرهود عن التلة ذات الأشجار الصغيرة الشائكة، وعن ماء الساقية الذي يجري بسرعة، بينما يروي له فرهود جميع أخبار سامر.

يتحدث الحمار الوحيد فرهود إلي صديقه العقعق ليخبره أنه لم يعد يشعر بالوحدة بعد الان

المصدر
قصة فرهود جحش يشكو الوحدة - سلسلة قصص الحيوانات - محمد العدناني - مكتبة لبنان ناشرون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى