قصة لعبة التمساح

تهدف قصة لعبة التمساح لتعليم الأطفال الصغار قيمة استخدام الذكاء والعقل في النجاة من المخاطر وعدم الأمان للأشخاص المخادعين من خلال الأحداث التي تدور بين التمساح والسلطعون والثعلب الحكيم.

التمساح والسلطعون

كان على ضفة أحد الأنهار تمساح وسلطعون ينعمان بدفء الشمس فيما هما يتمرغان في أوحال ضفة النهر.

قال التمساح للسلطعون:

– ما رأيك يا سلطعون أن نعقد صداقة فيما بيننا، فتكون أنت صديقي وأكون أنا صديقك؟

أجاب السلطعون:

– نحن أصدقاء… ولا مانع عندي أن نعقدها مرة أخرى يا حامي حمى النهر.

أكد التمساح ذلك بقوله:

– للحقيقة يا سلطعون أنت المخلوق الوحيد الذي لا يخاف مني أنا التمساح بينما بقية الحيوانات تخاف أن ترد النهر لتشرب لئلا أفاجئها وألتهمها.

قال السلطعون:

– أنا للحقيقة أخاف منك يا تمساح التماسيح… ولكن الله حماني بأن جعل لي جسماً من العظم، وأنت لا تحب العظم، فلذلك لن تؤذيني.

ضحك التمساح وأكد له أنه قال الحقيقة، ثم ذكر له أن خوف الحيوانات منه جعلها لا تأتى إلى الماء. ولذلك اقترح التمساح على السلطعون أن يقوم بمهمة. قال السلطعون: ما هي؟

أجابه التمساح:

– أريد منك أن تذهب إلى الثعلب، فقد كان المسكين يعوي وهو عطشان… قل له أن التمساح يرحب به، فليأت إلى هذا المكان ويشرب من نهري كلما أراد.

أوضح له السلطعون أن الثعلب لا يمكن أن يأتي لأنه يخاف التمساح.

قال التمساح:

– أنا أعرف أنني أخيف. وحين أغضب أفتح فكي وأغلقهما كحجر الطاحون ويبدأ ذنبي يخبط الماء. ولكني اليوم غير غاضب، فلا خوف مني. هيا أذهب إلى الثعلب، ذكره بأنه عطشان. وسأبقى أنا هنا لآخذ قسطاً من الراحة بقيلولة تمتد حتى العشاء، وعندئذ آملَ أن يكون الثعلب قد حضر وارتوى وعاد أدراجه.

السلطعون والثعلب الحكيم

قام السلطعون بما طُلب منه، فوجد الثعلب يجلس خلف صخرة يلتهم طيرا أصطاده.

قال للثعلب:

– يا له من طعام يفرض عليك العطش فرضاً.

سعل الثعلب وسأله لماذا يقول هذا القول.

كان السلطعون صريحاً جداً معه فأخبره أن التمساح أوفده خصيصاً ليقول أنه يرحب به ليشرب من النهر كلما شعر بالعطش وخاصة بعد وجبة عارمة كهذه.

سعل الثعلب أكثر وقال:

– الواقع أن السبب للسعال يعود إلى الريش الذي دخل فمي.

قال السلطعون:

– أرأيت يا صاحبي؟!! كدت تختنق، فلماذا لا تذهب إلى النهر وتشرب؟؟

أشار الثعلب له أنه إن ذهب أكله التمساح.

عارضه السلطعون قائلاً:

– أنت مخطئ يا صاحبي، فأنا عشت عند ضفة النهر مع التمساح لمدة طويلة جداً، ومع ذلك لم يأكلني.

قال الثعلب:

– التمساح يا سلطعون لا يحب الصدف الحجري القائم فوق جسمك. عد إلى صديقك التمساح وبلغه سلامي وقل له أنني لست عطشان، ويمكنه أن يشرب مياه النهر الموحلة بكاملها.

– لا لا … هذا كلام ليس لائقا ليذكر أمام التمساح.

قال السلطعون ذلك واندفع إلى التمساح ليقول له:

– من يستطيع أن يخدع الثعلب إنه المخادع الأول في الدنيا! الثعلب عنيد وماكر.

هز التمساح رأسه وهو يقول:

– نعم، هذه هي الحقيقة. لقد انعدمت الثقة والمحبة في العالم. يجب أن أفكر في أشياء أخرى بحيث يتاح للشعب المسكين أن يشرب من نهري ويقضي على عطشه.

أطبق التمساح جفنيه الثقيلين على عينيه، وهدأ وكأنه قطعة من خشب مرمية عند الضفة، إلا أنه لم يكن نائماً، بل كان يفكر ويتأمل وفجأة فتح فكيه وتكلم:

– عندي فكرة يا صديقي السلطعون، ولكن عليك أن تساعدني لأحقق برنامج أعمالي. سأترك النهر وأذهب إلى الضفة. هناك سأستلقي تحت شجرة وأزعم أنني مت.

لعبة التمساح الخبيثة

شهق السلطعون وقال:

– تموت يا سيدي!! بعد الشر عنك يا سيد التماسيح.

– دعني أكمل أولاً… سأزعم أنني ميت فتذهب وتحضر الأزهار وأوراق الأشجار وتنثرها فوق جسدي. وتبدأ بالبكاء على والتأسف على صفاتي وأخلاقي وكأنك حزين حقاً من أجلي. وعندها سيأتي الثعلب ليشرب من النهر فآكله…

تلفظ التمساح بتلك العبارات وهو يأمل بصيد شهي.

ولم يكن السلطعون يحب الثعلب كثيراً. وهو في الحقيقة لم يكن يحب أحداً غير نفسه، ولذلك رغب في مساعدة التمساح لتحقيق فكرته. قال:

– يجب أن أحذرك مرة أخرى يا سيدي التمساح. الثعلب ماكر مخادع. ولو لم يكن كذلك لفقد حياته من زمن بعيد.

أجاب التمساح:

– لا عليك … أذهب أنت وافعل ما طلبته منك. غطني بالأزهار وأنثر أوراق الأشجار فوقي. هناك كومة من أوراق الأشجار حمراء اللون، أحضرها وأنثرها فوقي.

خرج التمساح من النهر وذهب إلى شجرة حيث استلقي وأغمض عينيه، فنثر السلطعون فوقه الأزهار والأوراق. وأقبل الذباب يحوم حوله وكأنه جيفة. ومع ذلك لم يحرك ساكناً، فهو تمساح، والتمساح معروف عنه أنه كسول بليد خامل.

توجه السلطعون بعد ذلك يبحث عن الثعلب فوجده في الحال، لأن الثعلب ذاته كان يتفرج على العملية ويضحك في أعماق نفسه.

وما أن شاهد الثعلب السلطعون يتوجه صوبه حتى قال له:

– ما جاء بك يا سلطعون النحس إلى هنا؟ لماذا ابتعدت عن النهر؟

أجاب السلطعون:

– جئت أحمل إليك أحلى الأخبار. أصبح بإمكانك الآن أن تذهب إلى النهر وتشرب.

سأل الثعلب:

– لماذا يا سلطعون.

أجاب:

– لأن هذا النهار حار؟ أولاً …

وقاطعه الثعلب:

– ولكنني لا أريد أن أشرب.

قال السلطعون مندهشاً:

– أما زلت تخاف؟

فأجاب الثعلب:

– طبعا، هل نسيت التمساح؟

هنا تذكر السلطعون وقال:

– آآ… التمساح … إنني جئت خصيصاً من أجل هذا السبب ونسيت. لقد جئت لأخبرك أن التمساح المسكين قد أعطاك عمره. مات، يا حسرتي عليه.

تمساح غبي وثعلب أذكي

ابتسم الثعلب وراح يغني:

– ترالالا… ترالالا.. يا له من مسكين.. هل حقاً مات التمساح يا سلطعون؟؟

فأكد له ذلك.

قال الثعلب:

– عجيبة… أنا لم أر تمساحاً ميتاً قبلاً. كنت أشاهده مستلقياً على الضفة دون حراك، ولكنه ما أن يشعر بحركتي حتى يهب ويحاول أن يلتقطني بين فكيه.

أجاب السلطعون:

– فهمت ما تقول، ولكن التمساح اليوم مات حقاً. إنه مثل قطعة من الخشب مطروحة تحت شجرة. وقد وضعت بيدي الأزهار فوق جثمانه الغالي ليكون وداعي له عظيماً وتكريمي له لائقاً. ولكن ما العمل يا صاحبي؟! الذباب بدأ يحط عليه ويأكل جسمه.

بكى السلطعون حين بلغ إلى هذا الحد من الكلام وتباكي. فقال الثعلب:

– هذا جميل جدا منك. أعني جميل أن تضع الأزهار عليه. كم أحب أن أفعل فعلك، سأذهب لأشرب من النهر على ذكراه، لأنني لن أراه بعد الآن. يا حسرتي عليك يا تمساح التماسيح.

ويتباكى الثعلب فيقول السلطعون:

– يا حسرة عليك يا تمساح… حتى الثعلب بكى عليك!!

توجه الثعلب إلى النهر وفي أعقابه السلطعون. وكان الثعلب منتبهاً حذراً لكل حركة وبادرة. وشاهد التمساح ساكناً، وما أن وصل السلطعون إلى الثعلب حتى قال له في دهاء بصوت مرتفع:

– أسمع يا سلطعون… الغرابة أن ذيل التمساح لا يتحرك مع أنني أعرف أن التمساح حين يموت يحرك ذنبه.

دهش السلطعون وقال:

– أحقا ما تقول؟

فأجابه الثعلب:

– طبعا ولذلك فأنا لا أعتقد أن تمساحك قد مات. فسأذهب من هنا حفاظاً على نفسي.

وحين سمع التمساح هذا الكلام، صدق لغبائه ما قاله الثعلب، فبدأ يحرك ذيله، فطار الذباب، وعندها قال الثعلب وهو يجري بعيداً كالريح:

– أرأيت … إنه غير ميت؟!!

فقال التمساح:

– ما أغباك يا سلطعون!! لم تحسن تدبير الأمور

أجابه السلطعون:

– أنا الغبي يا حضرة التمساح؟!؟ هل أنا الذي هززت ذيلي أم أنت يا أغبي الأغبياء؟!

قال التمساح:

– أتقول إنني غبي… خذها إذا ضربة من ذنبي.

لا ينجو إلا الحكيم

هرب السلطعون بسرعة ونجا بنفسه وترك التمساح وحده يعيش عند ضفة النهر ويحلم بصيد سمين، فيما انطلق الثعلب يراقب التمساح فما أن يراه راكناً للنوم حتى يهرع إلى الضفة ويشرب الماء حتى الارتواء.

ومرة فتح التمساح عينيه وقال: من يشرب من نهري… الثعلب؟ أنا سأريك.

قال له الثعلب:

– نعم أنا الثعلب، الحق بي إن استطعت أيها التمساح.

وجرى الثعلب منطلقاً كالسهم المارق، والتمساح ينظر إليه مشدوهاً ويقول:

– لابد أن تقع بين فكي في يوم من الأيام إن حياً أو ميتا.

ويجيبه الثعلب من بعيد:

– الحياة كلها مخاطر ولا ينجو فيها إلا الحكيم …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى