قصة سباق أرنوب وسلحوفة

قصة سباق أرنوب وسلحوفة هي قصة حيوانات جميلة تتحدث عن خطورة التهور والسخرية من الأخرين وأهمية المثابرة والتعاون من الأصدقاء.

أرنوب السريع وسلحوفة

“في التأني السلامة، يا «سلحوفة»، وفي العجلة الندامة!”

هكذا كان الأرنب «أرنوب» يخاطب السلحفاة «سلحوفة» كلما قابلها. كان يفعل ذلك ليغيظها ويسخر من سيرها البطيء.

كثيرا ما كان «أرنوب» أيضا يضع في طريق «سلحوفة» ورقة خس ويختفي وراء بعض النباتات. وكانت «سلحوفة» تقترب من ورقة الخس بمشيتها البطيئة.

لكن حين تكون قد أوشكت على الوصول إليها، يكون «أرنوب» قد قفز من وراء النباتات واختطف ورقة الخس من أمامها وركض بها ضاحكا.

في أحد الأيام تسلل «أرنوب» من وراء «سلحوفة» على مهل، ثم قفز فجأة أمامها فأفزعها عندما عرف «أرنوب» أن ذلك يخيفها صار يكرر فعلته مرة في الشهر أو مرتين.

لم تعد «سلحوفة» تحتمل تصرفات «أرنوب».

قالت لصديقتها الفأرة «سمارة»، وصديقها الطائر «رائد»: “إلى هنا وكفى! سأضع حدا لهذا كله.”

سألت الفأرة «سمارة» القليلة الكلام: “كيف؟”

فأجابت «سلحوفة»: “سأتحداه في سباق. هذا سيسكته!”

تمتم الطائر «رائد» قائلا: “ن … ن … نعم، لكن تسكتينه إذا سبقته، وأنت، كما تعلمين، أنت….”

أسرعت الفأرة «سمارة» تساعده وأكملت كلامه قائلة: “بطيئة.”

بدا الألم على وجه «سلحوفة» وقالت: “أنتما أيضا؟”

هكذا سكت الصديقان، الطائر «رائد» والفأرة «سمارة»، ولم يعودا يتحدثان فيما كان.

سلحوفة تستعد للسباق

بدأت «سلحوفة» تقوم بتدريبات شاقة. كانت تتمرن كل صباح، فتركض من أول الحقل إلى آخره.

كانت تبدأ ركضها مع الفجر ولا تصل إلى آخر الحقل إلا بعد الظهر. كان الطائر «رائد» يتأوه، وكانت الفأرة «سمارة» تتحسر، لكن لم يكن أي منهما ينطق بكلمة.

من ناحية أخرى، كان «أرنوب» كلما رأى «سلحوفة» تركض يضحك. ذات يوم قال لها: “أنت تتمرنين؟ لا بد أنك ستشتركين في سباق الأبطأ بين المتسابقين؟”

أجابت «سلحوفة» غاضبة: “هذا يكفي! أنا جاهزة. لنتسابق.”

ابتلعت الفأرة «سمارة» ريقها، وشهق الطائر «رائد». أما «أرنوب» فقد انقلب على ظهره من شدة الضحك.

قال «أرنوب» مستهزئا: “هل جننتي وتريدين السباق معي أنا أسرع أرنب في الغابة؟ أنا جاهز للسباق في أي وقت تشائين!”

تمتم الطائر «رائد» قائلا: “هل أنتِ متأكدة، يا «سلحوفة»؟، إن أرنوب …..”

أكملت الفأرة «سمارة» جملة «رائد» قائلة: “سريع.”

لكن بدا واضحا أن «سلحوفة» كانت قد اتخذت قرارها، وقالت: “الثبات يعوض عن المشي البطيء.”

يوم السباق

جاء يوم السباق. وكان على «سلحوفة» أن تبدأ سيرها فجرا لتصل إلى نقطة انطلاق السباق في الوقت المحدد.

هناك ترجاها صديقها الطائر «رائد» وصديقتها الفأرة «سمارة» أن ترجع عن رأيها، لكنها قالت هنا أيضاً: “الثبات يعوض عن المشي البطيء.”

تعين طريق السباق. كان على المتسابقين أن يتسلقا تلا، ويدورا حول غابة مجاورة، ثم أن يعودا بعد ذلك إلى نقطة الإنطلاق.

تذكر الطائر «رائد» والفأرة «سمارة» أن في طريق السباق حوضا من الجزر وبركة ماء. «أرنوب» سريع، لكنه أرنب أحمق وضجر (غير صبور) يسهل إلهاؤه.

قالت الفأرة «سمارة» بعد تفكير عميق: “«أرنوب» يحب مطاردة الذباب.”

وهكذا اتفق الصديقان على خطة.

خطة ذكية

عند نقطة الانطلاق كانت الحيوانات كلها قد اجتمعت لتفرج على السباق. لم يكن غائبا عن الجمع إلا الطائر «رائد» والفأرة «سمارة». كانت «سمارة» قد ركضت إلى حوض الجزر، وكان «رائد» يكلم ذبابة.

عين الثعلب حكما للسباق، وعندما حان الوقت صاح: “تهيؤ، استعداد، انطلاق! “

اندفع «أرنوب» بأقصى سرعة وقبل أن تكون «سلحوفة» قد مشت ثلاث خطوات كان هو قد بلغ نصف الطريق إلى أعلى التل.

صاح من هناك ضاحكا: “اعملي جهدك أن تصلي اليوم لا غدا!”

في خلال بضع دقائق كان «أرنوب» قد وصل إلى أعلى التل، وبدأ ينزل جانبه الآخر. أما «سلحوفة» فكانت لا تزال في مكان ما من أسفله.

في هذه الأثناء، كانت الفأرة «سمارة» في حوض الجزر تعمل بهمة ونشاط، نبشت الأرض واستخرجت عددا من الجزرات ووضعتها في طريق «أرنوب». كانت تعلم أن «أرنوب» لن يستطيع أن يمر بجوار الجزرات من غير أن يتوقف عندها.

هذا هو ما حصل بالفعل. وصل «أرنوب» وعندما رأى الجزرات توقف عندها فجأة.

صاح: “جزر! عندي وقت كثير!” ثم بدأ بالأكل. كانت الجزرات طيبات. فأكل وأكل. وبعدها أحس بالعطش.

ركض إلى بركة الماء وشرب كثيرا.

كانت الشمس عالية في السماء، والحرارة شديدة. وكان إلى جوار بركة الماء شجرة تين ممتدة الظلال، والجلوس تحتها لطيف ومنعش، وعنده وقت كثير، فلا بأس من أن يستريح هناك دقائق.

قال «أرنوب» في نفسه: “من المستحيل أن تصل هذه السلحفاة البطيئة إلى أكثر من نصف المسافة في أعلى التل.”

في هذه الأثناء، كان الطائر «رائد» قد طار في اتجاه «أرنوب» ليعرف أين وصل. رآه متمددا تحت الشجرة وقد أغمض عينيه وراح يبتسم ابتسامة منتصر. وقف «رائد» على الشجرة وأخذ يغرد بصوت لطيف هادئ.

مع النسيم المنعش والظل الممتد والمعدة الملآنة والأغنية الناعمة، شعر «أرنوب» بنعاس شديد، وسرعان ما غلبه النوم. وعندما استيقظ كانت الشمس قد أخذت في الغروب. لكنه لم يشعر بالقلق.

قال في نفسه: “سأركض بسرعة كبيرة. لا أزال قادرا على أن أهزم تلك السلحفاة البطيئة.”

الثبات أهم

ركض بأقصى سرعة. عندما اقترب من نقطة النهاية، رأى أن «سلحوفة» قد سبقته وأنها تبعد نهاية السباق مسافة أمتار.

لكنه كان يلهت من شدة الركض، فقال في نفسه: “عندي لحظة أستريح فيها. لا أزال قادرا أن أصل هناك قبلها.”

توقف «أرنوب» ليلتقط أنفاسه، فجاء أخذت ذبابة تزن في أذنه. كان «أرنوب» يحب مطاردة الذباب. طارت الذبابة إلى شجيرة قريبة واندفع «أرنوب» وراءها بأقصى سرعة.

راحت الذبابة تحط على الشجيرة وتطير عنها، و«أرنوب» يلاحقها ولا يقدر عليها. ثم اختفت فجأة مثلما ظهرت فجأة.

تلفت «أرنوب» حوله فرأى «سلحوفة» توشك أن تصل إلى خط النهاية! ركض بسرعة الريح، لكنه وصل متأخرا فـ«سلحوفة» كانت قد اجتازت الخط.

هتفت الحيوانات كلها: “نريد منك كلمة، يا «سلحوفة»!”

لكن «سلحوفة» اكتفت بأن نظرت إلى «أرنوب» مبتسمة، وقالت: “الثبات يعوض عن المشي البطيء.”

التفت الطائر «رائد» إلى الفأرة «سمارة»، وقال: “مع شيء من المساعدة من أصدقاء….”

وقالت «سمارة»: ” … ومن ذبابة.”

كانت «سلحوفة» راضية عن نفسها جداً، فلم يقل لها الصديقان شيئا عما قاما به وما فعلته الذبابة.

أما «أرنوب» فلم يضايق «سلحوفة» بعد ذلك أبدا، لكنه كان لا يزال سريعا وضجراً يسهل إلهاؤه، فهو في نهاية الأمر أرنب وليس سلحفاة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى