قصة الأرض الشحيحة

تعلم قصة الأرض الشحيحة أهمية السعي والاجتهاد ومساعدة الأخرين وتدور أحداثها حول مغامرة الشاب لمقابلة الحكيم للإجابة عن أسئلته.

أرض شحيحة

في إحدي بلدات الصين كانت هناك بحيرة عند سفح الجبل، ويسكن بقربها شاب صغير يعيش مع أمه العجوز، لا يمتلك في الدنيا إلا قطعة أرض صغيرة يشتغل في زراعتها ولكن بدون جدوي.

وكثيراً ما كان يعود إلى منزله مردداً لأمه:

– ما أصعب هذه المعيشة!! تصوري يا أمي أنا أشقى وأتعب وأتعذب: أنقب الأرض، أفلحها، أزرعها، وعند الحصاد لا تعطي غير القليل، فما السبب يا ترى؟

لم تكن أمه تدري سبباً لذلك، إلا أن الشاب بعد بحث طويل، وجد أن ماء البحيرة الذي يروي أرضه ليس صافياً بل إنه ملوث على الدوام. وتساءل: ما العمل لتكون الغلال كافية؟ وجاء من يهمس في أذنه قائلاً:

– ليس لك إلا الحكيم الذي يسكن في القمة القريبة من الجبل، فعنده الجواب الصحيح عن الطريقة المجدية التي تجعل أرضك خصبة معطائة.

الذهاب لمقابلة الحكيم

قرر الشاب أن يذهب إلى القمة ليسأل الحكيم، فرتب أمر رعاية أمه والعناية بالأرض ورحل.

سار مسافات طويلة ولم يصل. أحس بالتعب والعطش، وحين مر ببيت طلب منه جرعة ماء فسألته سيدة البيت:

– إلى أين أنت ذاهب يا بني؟!

أجاب:

– أنا ذاهب يا سيدتي إلى القمة من الجبل لأسأل الحكيم هناك عن سبب تعكر مياه بحيرتنا وعن سبب فقري رغم تعبي.

قالت له السيدة:

– أرجو منك يا بني خدمة. هل لك أن تطرح على الحكيم سؤالاً واحداً من أجلي؟

– ما هو سؤالك يا سيدتي؟

– قل للحكيم إن لي ابنة في الثامنة عشرة جميلة وذكية جدا. ولكنها في كل حياتها لم تنطق بكلمة واحدة. فهل يستطيع أن يعطيك السبب والعلاج؟؟

قال الشاب:

– سؤالك يا سيدتي قبل سؤالي.

استراحة في الطريق

سرت منه السيدة فآوته في بيتها ليلة، وفي الصباح واصل رحلته غرباً لمدة أسابيع أخرى وقد تعب خلالها فقرر أن يأخذ قسطاً من الراحة. دق باب بيت فإذا في الباب رجل عجوز يقول له:

– تفضل، أدخل يا بنى. أهلا وسهلا بك. ما الذي جاء بك إلى هنا؟

أجاب الشاب:

– أنا ذاهب يا سيدي إلى القمة الغربية لأسأل حكيمها عن سبب بقاء المياه الجارية من بحيرتنا عكرة. وعن سبب قلة غلال أرضي.

قال الشيخ العجوز: لدي أنا سؤال أيضا.

– ما هو يا عمي الجليل؟

أجاب الشيخ: في بستاني شجرة برتقال جيدة وقوية. ومع ذلك لا تثمر. أريد أن أعرف السبب.

قال الشاب:

– سأحاول أن أعرف الجواب يا سيدي.

وأمضى الشاب ليلته في بيت الشيخ العجوز ثم واصل رحلته حتى بلغ ضفة نهر كبير، فجلس يفكر في طريقة يعبر بها النهر ، وفجأة تساقط المطر وبدأ الرعد يقصف والبرق يلمع، وفجأة توقف كل شيء، فإذا بتنين يزمجر وهو من النهر قائلا في صوت مرعب:

– إلى أين أنت ذاهب أيها الشاب؟

أجابه الشاب عن سؤاله كما أجاب الآخرين ولكن في قليل من الذعر:

قال التنين:

– بإمكانك أيضاً أن تسأل الحكيم لماذا ما زلت أتعذب في حياتي. أريد أن أستريح. قضيت الكثير الكثير من أيامي في عالم الحركة، وأريد الآن أن أنتقل إلى دنيا الهدوء والسكينة.

أجاب الشاب وقد زالت مخاوفه:

– سأنقل سؤالك إلى الحكيم لو تؤمن لي اجتياز النهر.

قال التنين:

– هيا إعتل ظهري لأنقلك.

مقابلة الحكيم

حمله التنين فوق ظهره وعبر به النهر. ومن الضفة سار الشاب يوماً واحداً، فوصل إلى بيت الحكيم في القمة الغربية.

قابله الحكيم وقال معتذراً:

أنا يا بني لا أجيب إلا عن أسئلة مفردة. سؤال واحد أو ثلاثة أسئلة.

قال الشاب:

– معي أربعة أسئلة. واحد لي. والثاني لامرأة. والثالث لشيخ عجوز. والرابع لتنين ضخم.

أجاب الحكيم:

– آسف، لا أستطيع أن أجيب إلا عن ثلاثة فقط. فاتخذ القرار.

قال الشاب بعد تفكير قليل:

– حسنا يا سيدي سألغي سؤالي.

سر منه الحكيم وقال:

– هذه تضحية منك تشكر عليها. والآن لنبدأ. قل ما هو السؤال الأول؟

طرح الشاب الأسئلة الثلاثة، وأخذ معه الإجابات، وعاد أدراجه شاكراً.

العودة إلى المنزل

كان التنين ينتظر الشاب، وما أن شاهده حتى سأله في لهفة:

– ماذا قال لك الحكيم عن سؤالي؟

أطلعه الشاب على إجابة الحكيم قائلا:

– يقول الحكيم إن عليك أن تقوم بعملين إثنين من أعمال الخير حتى يسمح لك بالدخول إلى عالم الهدوء والسكينة. وأول العملين هو أن تحملني لأعبر النهر عائدا إلى بيتي والعمل الثاني هو أن تنزع الجوهرة التي تلمع فوق رأسك في الليل.

حمله التنين فوق ظهره وعبر به النهر، ثم انتزع الجوهرة التي تلمع فوق رأسه وقدمها هدية إلى الشاب قائلا:

– هذه الجوهرة حين تلمع تفعل ما لا يمكن لجوهرة أخرى أن تفعله، فإياك أن تبيعها.

قال التنين ذلك وغطس في النهر واختفى.

حمل الشاب جوهرته وواصل رحلته حتى وصل إلى بيت الشيخ العجوز الذي استقبله متلهفاً وهو يقول:

– أخبرني ما كان الجواب عن سؤالي؟

قال الحكيم إن تحت شجرتك كنزاً من الذهب والفضة يمنع وصول الرطوبة إلى جذورها.

دعا الشيخ ابنه وراح يعمل معه ومع الشاب على التنقيب عن الكنز. وبعد جهد تمكنوا من استخراج ثماني عشرة جرة من الذهب والفضة.

قال الشيخ:

– ثماني عشرة جرة نقتسمها فيما بيننا نحن الثلاثة. خذ أيها الشاب ست جرار حصتك ولترافقك السلامة.

مضى الشاب في طريقه ووصل بجوهرته وجراره إلى بيت السيدة التي ما إن رأته حتى استقبلته بالسؤال:

– أخبرني يا بني، ماذا قال لك الحكيم؟

أجابها:

– يقول لك الحكيم إن ابنتك حين تواجه الشاب الذي وجد ليكون زوجاً لها ستتكلم.

وفجأة!! حضرت الفتاة في تلك اللحظة، وما إن وقع نظرها على الشاب حتى نطقت كلاماً قالت فيه:

– أمي … أمي … بدأت أتكلم.

بيت سعيد

وهكذا تزوج الشاب من الفتاة، وبعد حفل العرس تابع رحلته مع عروسه والجوهرة والجرار الست. ولكنه حين وصل إلى بيته وجد أن أمه العجوز قد أعماها البكاء لغيابه، فقال لها:

– أسمعي يا أمي… إن النعمة حلت علينا من السماء … هذه عروسي … وهذه جراري المملوءة بالذهب والفضة، وأنظري جوهرتي التي تلمع في الليل. أنظريها يا أعز أم في الدنيا.

وحرك الجوهرة أمام عينيها … وكان الليل قد خيم في تلك اللحظة، فلمعت الجوهرة وأعادت البصر بسرعة إلى عيني الأم.

وبعد أن فرح الشاب بلقاء أمه وشفائها، حمل الجوهرة بيده وخرج مع زوجته إلى الضفة، وقذف بالجوهرة في البحيرة، فصفا ماؤها في الحال وأصبح نقياً.

وصارت أرض الشاب خصبة، كما عمت الخيرات في الأراضي المجاورة. وعاش الجميع بالهناء والنعيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
@media print{ #the-post .post-meta .meta-item.last-updated{display:none;} }