قصة ليلي والذئب

قصة ليلي والذئب من أشهر قصص الأطفال العالمية مليئة بالكلمات والصور وهي قصة جميلة للأطفال الصغار لكي تعلمهم ضرورة الاستماع إلى نصائح الام والأهل وعدم الثقة في الأعداء والغرباء.

قصة ليلي والذئب

ليلي تغادر المنزل

ليلى تحب جدتها من كل قلبها فهي عزيزة عليها كثيرا، وكلما كبرت زاد حبها وتعلقها بجدتها، حتى صارت لا تقوى على فراقها.

ذات يوم اشتد شوقها وحنينها إلى جدتها، فأرادت أن تزورها، فاستأذنت والديها، فأذنا لها.

قامت في الحال حضرت كعكا شهياً لأن جدتها تحب الكعك كثيراً وخاصة إذا كان من صنع حفيدتها ليلى، وبعد طهوه وضعته في السلة وغطته بمنديل وذهبت لتنام، كي تستيقظ باكرا.

ليلي تنام في السرير باكراً

في الصباح استيقظت ليلى مبكرة، والفرحة تملأ قلبها كأنها في يوم عيد، لبست ثيابها، وانتعلت حذاءها، وارتدت معطفها، ووضعت قبعتها الحمراء على رأسها فهي لا تستغنى عنها أبدا لأنها هدية من جدتها في يوم عيد ميلادها، حتى صارت تعرف بصاحبة القبعة الحمراء.

ليلي تستعد للخروج والذهاب إلي بيت الجدة

قبل خروجها من البيت طبعت قبلة على جبين والديها، ضمتها أمها إلى صدرها، ثم قالت لها:

– يا بنيتي أنت الآن كبرت وصرت تعتمدين على نفسك وأنا أثق فيك، ولكن مع ذلك سأزودك بنصائح مهما كان سنك.

ابتسمت ليلى لأمها وقالت لها: – أنا في الاستماع لك يا أمي ولا أستغني عن نصائحك أبداً.

الأم: – إذاً أنصيتي إلي واصغي لما أقوله إليك يا عزيزتي، أنت تعلمين أن بيت جدتك بعيد، والمسافة التي تفصل بيننا كلها أدغال وأحراش، كوني حذرة، إياك أن تتوغلي في الغابة، فهي غير آمنة، تسكنها الوحوش والحيوانات الضارة. خذي الطريق المحاذي لها، فهو الطريق الذي تسلكه المشاة لأنه آمن وسهل، لا تكلمي الغرباء ولا تضيعي وقتك في اللعب واللهو، لأن الوقت يمر بسرعة، وفي المساء تزداد خطورة الطريق.

كانت ليلى تصغي إلى كل ما تقوله أمها، ثم أجابتها:

– لا تخافي علي فأنا بنتك المطيعة سأعمل بوصيتك ولن أخالفها.

في طريق الغابة

ودعت ليلى والديها وخرجت مع بزوغ الشمس تشق الطريق المحاذي للغابة، والمؤدي إلى بيت جدتها. كما أوصتها أمها.

الغابة بأشجارها الخضراء الكثيفة عن يمينها، والنهر الرقراق عن يسارها. السماء صافية كأنها قبة زرقاء فوق رأسيها، والجو جميل، والهواء دافئ، وكل ما في البرية بديع، ينعش النفس ويدخل البهجة في القلب، وليلى في غبطة لا مثيل لها.

فترنمت أغنية خفيفة راقصة، فملاً صوتها كل أرجاء الغابة، فطرب كل من فيها.

سارت ليلى في الطريق المحاذي للغابة مدة، دون أن تتوقف عن السير، فكانت النشوة تدفعها. والفرحة للقاء جدتها تنسيها التعب. وبينما هي كذلك فإذا بفراشة مزركشة مرت حولها، بهرها لونها الجذاب فلاحقتها، محاولة إمساكها، والفراشة تطير من جهة إلى جهة أخرى، ومن حين إلى آخر تختفي وسط النباتات المتكاثفة، وليلى تبحث عنها وتود إمساكها.

ليلي غير مبالية ولا حذرة تجري وراء الفرشات

يئست ليلى من ملاحقة الفراشة، وعندما تفطنت إلى ضرورة الإسراع إلى بيت جدتها، وجدت نفسها، وسط أشجار عالية متشابكة الأغصان داكنة الخضرة تكاد تحجب النور عن الأرض. والأعشاب البرية الندية بلونها السندسي ذات الروائح الزكية كأنها بساط أخضر مفروش، موشى بالزهور وكان أروع منظر طبيعي شهدته ليلى في حياتها. فخطر ببالها أن تجني باقة لتقدمها لجدتها، فأنهمكت في قطف الأزهار وكانت تقتني منها ذات الجمال الرائع فصنعت باقة بديعة جذابة الألوان فيها الأبيض الناصع والأحمر القاني والأصفر الفاقع محفوفة بأوراق خضراء، نظرت ليلى إلى الباقة مخاطبة نفسها: – جدتي تحب الأشياء الجميلة ولا شك أنها ستفرح بهذه الباقة كثيرا، وستدخل البهجة والسرور على نفسها.

ليلي والذئب

سمع ليلي ذئب كان بالجوار، فخرج من عرينه، ووقف مختفياً خلف جذع سميك لشجرة الصنوبر يتجسس عليها، فأسعده منظر طفلة وديعة بقبعة حمراء، وسط الغابة مسرورة غير مبالية، ابتسم ابتسامة عريضة، انفتحت شهيته وسال لعابه غزيراً، أخرج لسانه الأحمر الكبير فمسح به شفتيه وهو يحدث نفسه: (ما أحلاها وما أطيب لحمها! ياله من غذاء شهي إنه لنادر! ولم يكلفني أي عناء، ولكن! كيف الوصول إليها؟ أأنقض عليها دفعة واحدة وأفترسها وأكلها؟ لا.. لا إنها فريسة ثمينة ونادرة يجب أن أنفذ خطتي بتأن ودون أخطاء)، وهكذا فضل أن يتريث بدل أن يتعجل في افتراسها، عملا بالمثل: في التأني السلامة، وفي العجلة الندامة.

الذئب يجد ليلي في الغابة

خرج إليها وتقدم نحوها، صانعاً ابتسامة كبيرة على شفتيه، فبادرها بالتحية:

– صباح الخير يا صغيرتي يا صاحبة القبعة الحمراء الجميلة. إلى أين تنوين الذهاب؟

– ليلى: صباح الخير. وقالت وهي تشير بأصبعها إلى موقع بيت جدتها: أنا ذاهبة إلى هناك، وراء تلك التلال، لزيارة جدتي.

استغرب الذئب أمرها، وبلهجة وديعة رد عليها:

– لكن المسافة بعيدة يا صغيرتي. سأدلك على أقصر وأسهل طريق بدلاً من هذه المسالك الوعرة، لتصلي إلى جدتك في أقرب وقت.

ليلى: شكراً لك. كم أنت طيب ولطيف.

الذئب يواصل حديثه مع ليلى مستفسراً: أجدتك وحدها في ذلك المنزل الرحب؟

– ليلى: نعم هي وحيدة فيه.

– الذئب: ألا يوجد معها كلاب؟

– ليلى: ليس لجدتي كلاب.

الذئب يحدث نفسه وهو مسرور: يا للصدفة الجميلة غذاء شهي لمدة أيام متتالية، ولكي أنفرد بهذه الوجبة الشهية، ولا يشاركني فيها أحد، سأتركها تذهب وفي عقر دار الجدة أحتفل وأقيم مأدبة لم يسبق أن أقمت مثلها في حياتي سأجعل الطفلة ذات اللحم الطري للغداء. والجدة ستكون لي منها عدة وجبات لكبر حجمها وصلابة لحمها.

الذئب يستفيق من ذهوله ويواصل حديثه مع ليلى متصنعاً الخشوع، وبنغمة ظريفة فيها الكثير من الشفقة:

– مسكينة جدتك، ولا شك أنها تقاسي مرارة الوحدة، هيا أسرعي. سيرى إليها..، وبلغي لها سلامي.

في بيت الجدة

سلكت ليلى الطريق الذي دلها الذئب عليه، وكان طريقاً ملتوياً وشاقاً وبعيداً، أما هو فقد اختصر الطريق، وفي وقت قصير وصل إلى دار الجدة، فوقف على بعد أمتار من سياج الحديقة يمعن النظر في الحديقة الواسعة، المحيطة بالبيت، وقف طويلاً وهو يتفحص مداخل الدار، وفي هذه الآونة كانت الجدة في الحديقة، من الجهة الخلفية للدار، تقلم أغصان شجرة الورد، وكم زادت فرحته وانفتحت شهيته لما رأى الجدة متقدمة في السن، وبرغم قامتها الفارعة وجسمها البدين، تأكد من ضعف مقاومتها وعدم القدرة على الدفاع عن نفسها وعن ليلى أثناء هجومه عليهما.

أما الجدة التي ظنها الذئب منهمكة في العمل ولم تنتبه إليه، فكانت حذرة، تراقبه عن كثب وتتظاهر كأنها لم تر شيئاً. ولما تأكد الذئب من عدم التفاتة الجدة إليه تأهب للدخول، فاستعد لمغامرته.

تسلل الذئب إلى الدار، وجد ثيابها معلقة على المشجب فلبس جبتها، ذات الأكمام الطويلة، ولف خمارها حول رأسه، ووضع نظارتها على عينيه، ثم تمدد على السرير وتغطى بلحاف، ظاناً أن الجدة مشغولة في حديقتها، ولا تدخل الدار إلا بعد حين، وبقي ينتظر قدوم ليلى الفريسة الأولى.

الذئب في سرير الجدة يحاول خداع ليلي

الذئب يخدع ليلي

ها هي ليلى وصلت وأنفاسها تكاد تتقطع من شدة العناء وما تعرضت إليه من مشقة الطريق. وجدت الباب الخارجي للدار مفتوحاً فتعجبت لأنه ليس من عادة الجدة ترك الباب مفتوحا، فاندفعت تجري وتبحث عن جدتها في الغرف، سمعت صوتا مبهما يناديها من الغرفة المجاورة، دفعت ليلى الباب ودخلت، فارتمت مباشرة على السرير باكية، وبصوت حزين تردد:

– ما بك يا جدتي؟ لماذا أنت في الفراش؟ ليس من عادتك الاستلقاء على السرير.

الذئب متكلف في صوته، مستعملا خشرجة:

– أنا مريضة يا بنيتي.

– ليلى: آه يا جدتي كم تغير صوتك وصار خشناً جداً؟

– الذئب: آه يا بنيتي! لقد تغير صوتي من المرض، يخرج الذئب من تحت اللحاف يديه ليضمها إليه، فتندهش ليلى لما رأته، ذراعين مكسوتين بالوبر، وأظافر طويلة فتسأل مستغربة:

– ما هذا الشعر الكثيف على ذراعيك؟ وما هذه الأظافر الطويلة، يا جدتي؟

الذئب: يخرج زفرات ويتأوه قائلا:

– إيه .. وآه يا بنيتي المرض عدو للجسم يفعل به ما يشاء.

ترفع ليلى رأسها فتحدق في وجهه، وهي ما زالت في غفلتها، ولم تنتبه للحيلة، فتسأل مرة أخرى:

– جدتي لقد تغيرت كثيرا، قد استطال فكك، وكبر فمك، وصارت لك أنياب حادة وأسنان كبيرة، ووجهك مكسو بالشعر؟

في هذه اللحظة كشر الذئب عن أنيابه وفتح فاه، قائلا:

– لأبتلعك يا غبية يا بلهاء. ما أن تلفظ بالكلمة الأخيرة، حتى دخلت الجدة ومعها رجال بعصي، فهووا على الذئب ضرباً ورفساً وركلاً، إلى أن فاضت روحه وسقط جثة هامدة، ثم جروه جراً بين الصخور وألقوه في شعاب الغابة لتنهش الجوارح لحمه، ويكون عبرة لأمثاله.

الرجال تضرب الذئب بالعصي لكي تنقذ ليلي

نجاة ليلي من الذئب

وهكذا نجت ليلى بأعجوبة من أظفار وأنياب الذئب الماكر. هرعت إلى جدتها تبكي بدموع غزيرة، ممزوجة بدموع الفرح لنجاتها من الذئب الخبيث، وبلقاء جدتها العزيزة ضمتها جدتها إلى صدرها في حنو كبير، وقبلتها بقبلات حارة، ثم أجلستها في حجرها تداعبها وتحتضنها وتضمها إلى صدرها وتمسح شعرها الناعم. محاولة أن تهدئ من روعها حتى تسترجع أنفاسها وتعود إليها قوتها وحيويتها، وهي تردد من آونة لأخرى حمدا لك يا إلهي، لقد نال الماكر المحتال جزاءه وهذه هي عاقبة الغدار.

ليلي تجتمع مع جدتها في المنزل وتشكرها علي إنقاذها من الذئب

مكثت ليلى عند جدتها، تؤنسها وتسليها وتساعدها في أعمال البيت، فكانت أياما ممتعة وكلما تذكرت قصتها مع الذئب تغمض عينيها وتعض شفتيها وتضرب بيديها على صدرها، فتبقى منقبضة وهي تتألم أسفاً لسذاجتها بل لغبائها وسوء تصرفها وتردد لو عملت بنصيحة أمي لما جرى لي ما جرى، فالطفل المهذب البار لا يخالف نصائح مربيه، والعاقل لا يطمئن لعدوه.

المصدر
قصة ليلي والذئب - سلسلة حكت لي جدتي - المكتبة الخضراء للطباعة والنشر والتوزيع - الجزائر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى