قصة الأرنب المسكين

تدور أحداث قصة الأرنب المسكين حول الطفلة الصغيرة سميرة وأرنبها المفضل في أسلوب قصصي تربوي وتعليمي يحث على أهمية الرأفة بالحيوان والإحساس بهم وحسن معاملتهم.

زيارة بيت الخالة

كان عند سميرة لعب كثيرة، وضعتها في ملعبها (حجرة لعبها). وكان من تلك اللعب أرنب صغير، حول رقبته شريط أحمر، يحب أصدقاءه من اللعب، ويساعد كل لعبة تحتاج إلى المساعدة. وكانت سميرة تحب ذلك الأرنب الصغير حباً كثيراً، وتضعه بجانبها في سريرها وهي نائمة. وتلعب معه قبل أن تنام، وتعجب بذوقه وشفقته، وحبه لزملائه.

وذات يوم ذهبت سميرة مع أمها لزيارة خالتها، وأخذت معها أرنبها، ليتناول الشاي معها. وكان لخالتها ابنان صغيران، هما منير وفريد، وفيهما شيء من القسوة. يحبان استماع الروايات التي فيها مغامرات، وتمثيل روايات فيها لصوص ومجرمون وشرطة (رجال البوليس).

وكانت سميرة ابنة خالتهما على العكس منهما، تكره هذا النوع من المغامرات، وهذا النوع من الروايات والألعاب. وتحب أن تلعب بدميتها (عروسها) أو تهتز بالأرجوحة (المرجيحة)، أو تلعب على البيانو، أو تسلى نفسها بتكوين بعض الحيوانات أو الطيور من لعب تكوينية لها صور وأجزاء عندها. ولهذا كله كانت لا تحب اللعب مع منير وفريد.

وحينما رأى منير وفريد الأرنب الأصفر الصغير مع سميرة خطفاه من يدها، وأخذاه من غير استئذان، ورمياه إلى أعلى في الهواء. وقالا: سنلعب بالأرنب لعبة اللصوص، وسنربطه في الشجرة الصغيرة التي في حديقة البيت، وسندعى أنه سرق ثروتنا من المغارة.

قالت سميرة: أرجو ألا تفعلا ذلك، ولا تربطاه في الشجرة، لأنه أرنب صغير، ولا يحتمل هذا النوع من اللعب، ولا يحبه مطلقاً.

قال منير: إنه لعبة من اللعب، ولا يحس شيئاً، ولا يفهم، ولا يبالي أي نوع من اللعب، ولن يصيبه أي أذى أو ضرر.

قالت سميرة: إني لن ألعب معكما لعبة اللصوص، وسأخذ أرنبي، وألعب وحدي في الناحية الثانية من الحديقة.

طفلان قاسيان

لم يبال منير وفريد ما قالته سميرة، وجريا ومعهما الأرنب الصغير، وربطاه بالحبل في الشجرة. وادعيا أنه لص، واستمرا في لعبتهما، ولم يهتم الأرنب كثيراً بما حدث له. فقد كان متأكداً أن صاحبته سميرة ستحضر بعد قليل، وستأخذه معها إلى بيتها. ولكن سميرة قد نسيت أرنبها، ولم تذهب إليه لتأخذه معها، فقد أحضرت لها خالتها هدية جميلة. وهي صندوق صغير للأشغال فيه كثير من الإبر، والخيوط الملونة، والصوف الملون، وما تحتاج إليه الفتاة للخياطة والتطريز. وقد فرحت سميرة فرحاً كثيراً بهديتها الجميلة، وأخذت تلعب بها طول الوقت، ونسيت أرنبها المسكين كل النسيان.

وحينما أتى المساء، وقامت أمها للرجوع إلى بيتها لم تتذكر سميرة أرنبها الأصفر الجميل. وأخذت صندوقها الجميل تحت ذراعها، وودعت خالتها، وشكرت لها هديتها. وذهبت إلى البيت مع أمها، ونسيت أنها تركت أرنبها وحيداً مع منير وفريد.

وعندما أرادت الذهاب إلى سريرها لتنام تذكرت أرنبها الصغير؛ فقد اعتادت أن تأخذه معها دائماً إلى فراشها، وقد تألمت كل الألم حينما بحثت عنه فلم تجده. وتضايقت كثيراً، لنسيانه وتركه مع منير وفريد، وهما طفلان قاسيان، ولا يعاملان الحيوانات بالرأفة والشفقة.

وقد رجت أمها أن تسمح لها بأن تلبس ثانية وتذهب وتحضر أرنبها الأصفر الجميل. فقالت لها أمها: طبعاً لن أسمح لك باللبس والذهاب الآن، فلن يمس أرنبك بضرر، ولن يحدث له شيء مطلقاً. وهو مع فريد ومنير، وإنك لا تحتاجين إلى التفكير فيه.

لهذا اضطرت سميرة أن تنام في سريرها، وليست لعبتها معها. وقد تألمت كثيراً، ونامت وهي حزينة؛ لنسيان أرنبها العزيز مع منير وفريد.

وقد انتظرت اللعب الأخرى حضور الأرنب صديقها وزميلها، وتألمت كثيراً لتأخره. وحزنت حزنا شديداً عندما سمعت أن سيدتها سميرة قد نسيته في بيت خالتها.

ليلة حزينة

أخذت سميرة تفكر في أرنبها وهي في سريرها. وقد بكت حينما تذكرت ما قاله منير وفريد إنهما سيربطانه في الشجرة، ويعاملانه كما يعامل اللص. وقالت: أرجو أن يتذكرا، ويفكا الحبل الذي ربطاه في رقبته، ويأخذاه معهما إلى البيت، ولا يتركاه في الحديقة، والجو بارد، وقد تمطر السماء، ويبتل جسمه، ويأخذ بردا شديدا.

نامت سميرة حزينة، واجتمع رفقاء الأرنب من اللعب، وأخذت تتشاور سراً في أمر الرفيق الغائب، وسألت لعبة من اللعب: ماذا يمكننا أن نفعل لإنقاذ رفيقنا الصغير؟ إنه قد ربط في شجرة كأنه لص، وترك وحده في الحديقة. وسيموت من الخوف والبرد إذا تركناه طول الليل. ولم يذنب حتى يعامل هذه المعاملة القاسية. إن منير وفريد لا يعرفان معنى الرفق بالحيوان. وهما في الحقيقة في نهاية القسوة.

استمرت اللعب تفكر في الطريقة التي بها تخلص الأرنب المسكين من ألم الخوف، وشدة البرد، ولم تصل إلى الحل الذي ينبغي أن يفعل. وفي النهاية سمع صوت عميق، وهو صوت الطائرة الموضوعة وراء دولاب اللعب.

قالت الطائرة: إن الليلة قمرية، والريح شديدة، فإذا استطاع الدب أن يدفعني خارج النافذة أمكنني أن أطير إلى بيت خالة سميرة، وأبحث عن الأرنب في الحديقة حتى أجده وأرجعه ثانية إلى حجرته هنا.

قال الدب: إنه مربوط بحبل في الشجرة، ولا يمكنك أن ترجعيه إلا إذا فك الحبل.. وكيف تفكين عقدة الحبل؟

أجاب الفأر – وهو لعبة من اللعب -: سأذهب أنا مع الطائرة؛ لأقرض الحبل الذي ربط به الأرنب. ومن السهل على أن أقرضه وهو مربوط في الشجرة وأنا صغير الجسم، ووزني خفيف. ويسرني أن أعمل كل ما في وسعى لأنقذ صديقا مخلصا، ورفيقا لنا.

خطة إنقاذ

وافقت اللعب على هذا الحل، ودفع الدب الأصفر الكبير الطائرة خارج النافذة. وتعلق الفأر الصغير بالجزء الأسفل منها، وأمسك بالطائرة جيدا. وذهبت الطائرة والفأر معاً في مغامرتهما، لإنقاذ صديقهما. ودفعت الريح الطائرة، وارتفعت في السماء، وطارت وذيلها من أشرطة الورق معلق تحتها. واستمرت حتى وصلت إلى البيت الذي فيه الأرنب، ونزلت الطائرة في الحديقة. وقالت للفأر بصوت عميق: اذهب وابحث عن الأرنب الصغير في كل مكان في الحديقة، حتى تجده. وسأنتظركما هنا حتى تأتيا.

ذهب الفأر، وأخذ يبحث في الحديقة عن الأرنب الأصفر، وينادى وهو يمشى: أيها الأرنب الأصفر، أين أنت؟ واستمر ينادى طول الوقت: أيها الأرنب الأصفر، أين أنت؟

وأخيراً أجابه صوت حزين ضعيف من بعيد: إنني هنا مربوط بالحبل في هذه الشجرة الصغيرة.

جرى الفأر جهة الصوت. وبنور القمر رأى الأرنب المسكين مربوطاً ربطاً متيناً بالحبل في شجرة صغيرة، وهو وحده والبرد شديد.

فرح الأرنب المسكين عندما رأى الفأر. وقال له: أنا مسرور برؤيتك يا صديقي، وأشكر لك حضورك للبحث عني في هذا الليل، والجو بارد، والناس نائمون. إنني هنا منذ ربطني منير وفريد وتركاني وحدي.

فتألم الفأر لحاله، وقال له برفق: إنني آسف لما حدث لك، وأرجو أن تصبر ولا تخاف. وسأقرض هذا الحبل بأسناني؛ حتى أستطيع أن أطلق سراحك وآخذك معنا. فلا تؤاخذني إذا لم أكلمك دقيقة أو دقيقتين، حتى أنتهي من قرض الحبل، فإن من الصعب جداً أن أتكلم وأقرض الحبل في وقت واحد.

بدأ الفأر يقرض الحبل. وبعد قليل قرضه، وجعله قطعتين، وخلص الأرنب المسكين، وأطلق سراحه.

فرح الأرنب كثيراً، وسأل الفأر: ماذا سنفعل لنذهب إلى بيتنا؟

أجاب الفأر: سنذهب بالطريقة التي أتيت بها إلى هنا. وسآخذك إلى المكان التي نزلت فيه الطائرة. وسنطير إلى البيت بالطائرة.

ذهب الأرنب والفأر إلى الطائرة؛ وعدلاها في الريح، وأمسكا بذيلها جيداً، فارتفعت ثانية، وطارت بهما. حتى رجعت إلى البيت، ودخلت من نافذة حجرة اللعب، فوجدت رفيقاتها من اللعب تنتظر رجوعها.

عودة بالسلامة

صفقت اللعب فرحاً وسروراً، لرجوع أصدقائها بالسلامة، وحيت الطائرة النشيطة والفأر الشجاع تحية طيبة. وأخذت تقبل الأرنب وهو يقبلها، وفرحت اللعب كلها برجوع صديقها الأرنب المنسي المسكين. وقالت اللعب الذكية: أرجو ألا نرفع صوتنا، ولا نحدث كثيراً من الضوضاء؛ كي لا نزعج النائمين في البيت. وأرى من المستحسن أن يذهب الأرنب العزيز إلى سيدتنا سميرة، وينام على السرير بجانبها، فقد بكت كثيراً الليلة بسببه.

وافق الجميع على هذا الرأي، وزحف الأرنب الأصفر، وذهب إلى سرير سميرة، ونام بجانبها ولم تحس به؛ لأنها كانت نائمة. وحيما استيقظت سميرة في الصباح وجدت الأرنب الصغير بجانبها، فلم تصدق عينيها. وفرحت كثيراً برؤيته.

جلست سميرة في سريرها، وأمسكت أرنبها بين يديها، وصاحت: مامي، مامي. هذا هو أرنبي الصغير. لقد رجع ثانية. هل أحضرته لي في الليلة الماضية وأنا نائمة؟

أجابت أمها – وهي في حيرة وعجب -: لا، إنني لم أحضره ولابد أنك أرجعته بنفسك من غير أن تحسي. وهو لا يستطيع أن يرجع إلى البيت وحده.

قامت سميرة، وذهبت إلى حجرة لعبها، فوجدتها جالسة، منتظرة حضورها لتلعب معها كعادتها. وأشارت لها اللعب بعيونها، ففهمت منها ما تريد، وعرفت أن الطائرة والفأر هما اللذان خلصا الأرنب، وأرجعته الطائرة إلى البيت: وأخبرت أمها بهذا. فقالت أمها: إن هذا غير معقول، ولكن هل هو غير معقول؟

وعاشت سميرة فرحة بلعبها، ولعبها تحبها، وهي سعيدة بها، وبحبها ووفائها وإخلاصها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى