تعليم سليم

كيف تراعي الفروق الفردية بين الطلاب مفهومها وأسبابها

لقد خلقنا الله مختلفين وقال في كتابه العزيز:”وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا”، فالإختلاف هو سنة الله في الكون التي خلقنا الله عليها لنكمل بعضنا بعضًا. فالبشر يختلفون في طريقة تفكيرهم واستيعابهم وتتفاوت قدراتهم ومعارفهم. وسمي هذا الإختلاف في علم التربية بـ الفروق الفردية، فما هي الفروق الفردية بين الطلاب؟

مفهوم الفروق الفردية بين الطلاب

هي السمات التي تميز كل طالب عن الآخر في الشكل والسلوك والتفكير. ولا تعني الفروق الفردية أن هناك شخص أفضل من الآخر. بل بالعكس فنحن في حاجة لوجود تلك الفروق ليستطيع المجتمع أن يجد أشخاصًا فعالين في كل المجالات.

ويمكن تعريف الفروق الفردية بأنها هي إنحرافات الأفراد عن متوسط المجموعة التي ينتمي إليها الفرد في أي صفة يراد قياسها سواء كانت هذه الصفة جسمية أو نفسية بحيث يتم توزيع الأفراد ما بين أقل درجة وأعلي درجة في الصفة المراد قياسها.
وأيضاً هي إنحراف درجة الفرد عن المتوسط العام للمجموعة التي ينتمي إليها الفرد في سمة محددة من السمات الشخصية سواء كانت عقلية، إنفاعلية، جسمية.

وأهم العناصر التي يتضمنها تعريف الفروق الفردية.

  1. التعبير الكمي في السمة المقاسة (الإختبارات والمقاييس النفسية).
  2. مدي درجات الفرد علي السمة (الفرق بين أعلي درجة وأقل درجة).
  3. مقارنة درجة الفرد بالمتوسط العام في المجتمع.
  4. الإنحرافات الفردية عن متوسط المجموع. علي سبيل المثال، قياس صفة الطول لمجموعة من الأفراد عن طريق حساب المتوسط الحسابي لهذه المجموعة ويكون هذا المتوسط الأساس المشترك للمقارنة فالزيادة أو النقصان عن المتوسط يسمي بالفروق الفردية ويسمي بالإنحرافات الفردية عن المتوسط.

ما هي أسباب الفروق الفردية بين الطلاب؟

وأسباب الفروق الفردية مختلفة منها:

  1. البيئة وأسلوب التنشئة

فالبيئة تؤثر بشكل كبير في شخصية الطفل، وأسلوب التربية الذي يتلقاه منذ الصغر، فالطفل الذي يعيش في بيئة محفزة وإيجابية يصبح طالبًا مقدامًا وإيجابيًا. أما الطفل الذي يعيش في بيئة تقلل من شأنه يكون طفلًا خجولًا وسلبيًا، والطفل الذي يعيش في بيئة هادئة يكون مختلفًا عن الطفل الذي يعيش في بيئة صاخبة مليئة بالضجيج.

  1. الوراثة

فالأطفال يرثون طريقة التفكير والقدرات المعرفية كالذكاء والتذكر والإدراك والقدرات الجسمية والشكلية كالشكل والطول والوزن من الوالدين والعائلة. وتؤثر تلك الخصائص بين كل طفل والآخر لتتشكل شخصية كل إنسان حسب قدراته العقلية والجسمية التي وهبها الله له ورثها من والديه.

  1. إختلاف الجنس

لكل من البنت والولد صفات مختلفة، فيتميز الولد بالحركة والإندفاع وتتميز البنت بالعاطفة والهدوء، ويؤثر كل ذلك في تحصيلهم الدراسي فلذلك ينبغي ألا تتم المقارنة بينهما.

أنواع ومظاهر الفروق الفردية

غالباً ما يتم التمييز بين الفروق الفردية إلي نوعين أساسين:

  1. الفروق في النوع: هي فروق فردية في الصفة.مثال عند قياس صفة الطول تقاس بوحدة المتر وعند قياس صفة الوزن تقاس بوحدة الكيلوجرام فنجد أن الفرق بين صفة الوزن وصفة الطول هو اختلاف في وحدة القياس أي فرق في النوع.
  2. الفروق في الدرجة: تكون في سمة واحدة مثل وحدة قياس واحدة، وعلي سبيل المثال عند قياس صفة الطول لدي الأفراد نجد القصير والطويل والوحدة المقاس بها هي المتر وهي وحدة مشتركة. وعند قياس سمة الذكاء نجد ان هناك اختلافات في الذكاء ما بين ذكي جداً ومن هو متوسط الذكاء من ضعيف الذكاء. أي هناك درجات مختلفة ومتفاوتة من درجة لأخري في سمة الذكاء.

ويميز العلماء بين مظهرين رئيسين للفروق الفردية:

  1. الفروق بين الأفراد: وهي فروق في درجة السمات وليس في النوع. مثال نسبة الذكاء مختلفة بين الأشخاص حيث نجد شخص ذكي جداً وأخر متوسط وأخر ضعيف الذكاء.
  2. الفروق داخل الفرد نفسه: فالفرد ليس متفوقاً في جميع السمات وليس ضعيفاً في جميعها. مثال نجد التلميذ متفوقاً في الرياضيات وضعيف في اللغة العربية.

ولأن الفروق الفردية كما تم تعريفها بأنها التفاوت في القدرات والصفات، فإن مظاهرها كثيرة، ومنها الاختلاف في:

  • الصفات الجسمية كالطول والشكل ولون البشرة والصوت والوزن.
  • القدرات العقلية كالذكاء، الإدراك، المعرفة، التذكر، التركيز.
  • الصفات الوجدانية، كالعصبية والهدوء، العاطفة الجياشة والتبلد.
  • المهارات كالمهارات الفنية، الرياضية، اللغوية، اليدوية، وغيرها.

ومن الضروري اكتشاف الفروق الفردية بين الطلاب ليتم اعداد المناهج بشكل يناسب جميع إمكانيات الطلاب. فإن اكتشاف الفروق الفردية يساعدة الطالب على التحصيل. كما يساعده على معرفة توجهه الدراسي والتخصص الذي يريده فيما بعد، وهو ما يجعله شخصًا ناجحًا في المجتمع الذي يعيش فيه.

خصائص الفروق الفردية

  1. توزيع الفروق الفردية: توزع بين الأفراد علي أي سمة مقاسة. مثل قياس ذكاء فصل معين نلاحظ وجود مجموعة قليلة فوق المتوسط ومجموعة كثيرة متوسطة الذكاء ومجموعة قليلة ذكائها تحت المتوسط.
  2. مدي الفروق الفردية: يقصد بها الفرق بين أعلي درجة وأقل درجة في توزيع درجات أي سمة مقاسة من السمات.
  3. معدل ثبات الفروق الفردية: يعني سرعة أو بطأ التغير الذي يحدث للسمة أو القدرة. فبعض السمات والقدرات يكون معدل ثباتها عالياً عن الأخر. مثال سرعة التغير في الذكاء أو القدرات العقلية الأخري أقل من التغير في السمات الشخصية.

أهمية مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب

من اهم المقومات وإرشادات السيطرة علي فصلك الدراسي أن تجذب انتباه جميع التلاميذ إلي الدرس. وصرف المعلم بعض التلاميذ عن الدرس عن دون قصد أو بقصد ( نتيجة إهمالهم من قبل المعلم باعتبار أنهم ضعفاء ولن يفيد معهم التعليم). فلابد أن يؤدي هذا إلي الإخلال في ضبط الفصل الدراسي واضطراب سير العمل الصفي وهل ينتظر من الطالب المتروك بلا محاولة لتعليمه إلا يتحرك وإلا يلهو وإلا يشاكس؟

قد يقول البعض بأن المعلم مضطراً إلي الاشتغال مع قسم من الطلاب وترك القسم الأخر، كأن يدور عليم لتفتيش الدفاتر وتصحيحها أو أن يصرف اهتمامه لتفهيم الضعفاء منهم ما يصعب عليه فهم الدرس أو من يعاني من صعوبات التعلم.

إن مثل هذه الحالات يمكن تلافيها بسهولة، إذ يستطيع المعلم الماهر أن يكلف الطلاب جميعاً قراءة موضوع الدرس أو كتابته (وتكون القراءة صادقة)، أو يكلفهم حل بعض المسائل والتمارين ثم يستغل وقت انشغالهم فيصحح واجباتهم أو يفتشها. أما لتفهيم الطلاب (فالمستحسن أن يشرك المعلم الجميع في الدرس مستكيناً بالأقوياء لتفهيم الضعفاء أو أن يحدد للضعفاء موعداً بعد الحصة الدراسية يشرح فيه ما يريد.

مثال علي مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب

ومن لوازم تشغيل الطلاب أن يراعي المعلم الفروق الفردية بين طلابه. فيعرف المصابين بقصر النظر أو طول النظر، أو المصابين بثقل السمع أو شرود في التفكير. ويميز بين المتخلفين عقلياً وبين المتأخرين دراسياً. ليعالج كلا منهم معالجة تمكنه من استغلال ما عنده من مهارة وقابلية وتشجيعه علي الاندفاع إلي العمل. لأن فعل التعليم يحتاج إلي نصب مفعولين، فإذا قلنا المعلم يعلم خالد الحساب، ففعل التعليم هذا ينصب مفعولين هما خالد والحساب. ولأجل أن ينجح المعلم في تعليم خالد الحساب يجب أن يكون المعلم علي علم ومعرفة بكل من خالد والحساب. وفوق هذا يكون واقفاً علي طريق إيصال الحساب إلي ذهن خالد.

ومعني هذا أن المعلم لا يستطيع الاهتداء إلي الطريق التي تكفل له إيصال الحساب إلي ذهن خالد إذا لم يكن مطلعاً علي نفسية خالد وعقليته ومستواه الدراسي، ثم ما يميز خالد عن أصدقائه ورفاقه من فروق وقدرات.

فإذا كان خالد مصاباً بضعف في البصر أو ثقل في السمع، قام المعلم بأجلسه في مكان ملائم داخل الفصل الدراسي. وإذا كان شارد الذهن وموزع الفؤاد يكثر له من توجيه الأسئلة حتي يجذب انتباهه إلي الدرس بشتي الأساليب. وإذا كان من المتخلفين عقلياً يقدم إليه ما يناسبه من المادة الدراسية بعد أن يسهلها له ويجعلها في متناول إدراكه. وإن كان متأخر دراسياً يحاول معرفة أسباب ذلك التأخر والعمل علي تلافيها. وحينما ينجح المعلم في إيصال الحساب إلي ذهن خالد يكون قد نجح في مهمته. وجعل خالد يندمج مع زملاءه داخل الفصل الدراسي.

إقرأ أيضاً:

كيف أراعي الفروق الفردية بين طلابي؟

ينبغي على المعلم أن يكون واعيًا بأهمية مراعاة الفروق الفردية بين تلاميذه وأن يولي هذا الموضوع قدرًا كبيرًا من تركيزه. فإن اتباع طريقة واحدة في التدريس لن تعود بالفائدة على جميع الطلاب لإختلاف قدراتهم على الاستيعاب، ولذلك عليه اتباع طرق تدريس متنوعة. كما ينبغي على المعلم أن يقوم بإثارة رغبة الطلاب في التعلم تحفيزهم وخلق بيئة تحفيزية لكل الطلاب لتشجيعهم على إظهار أفضل ما لديهم من قدرات.

نصائح لمراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ

  • إعرف تلاميذك جيدًا وقم بتقسيمهم لمجموعات عمل تتناسب مع قدراتهم على التفكير والذكاء.
  • استخدم أساليب تدريس متنوعة كأسلوب الحوار، حل المشكلات، التمثيل، العصف الذهني.
  • إخلق أنشطة مختلفة تناسب كل طالب، كنشاط الرسم، الإذاعة، التمثيل، الكتابة، الغناء.
  • لابد أن يحتوي الدرس على ركائن أساسية تناسب استيعاب كل طالب، وهي: الأسلوب السمعي والحركي والبصري.
  • اتبع الأسلوب التدريجي من السهل إلى الأصعب فالأصعب، لتشجيع الطلاب الضعفاء على الإندماج بالدرس.
  • شجع الطالب الضعيف وقم بإشراكه مع آخر ذكي في حل بعض المسائل ليكتسب منه بعض المهارات.
  • الابتعاد عن الدور السلبي للمتعلم و تجنب الاعتماد الكامل علي طرق التدريس التقليدية مثل طريقة المحاضرة.
  • ألا يعتمد المدرس بشكل رئيسي علي طريقة استراتيجية واحدة، وإنما يجب التنويع في استخدام أكثر من استراتيجية تدريسية.
  • أن يشجع المدرس طلابه علي الاهتمام ومناقشة وجهات النظر المتعارضة والأراء المخالفة حتي الوصول إلي الحل الأمثل.
  • اهتمام المدرس بالعمل علي مكافأة وتعزيز روح المبادرة والأصالة.
  • إبداء الحب والاهتمام بالمتعلم.
  • تدريب الطلاب علي أساليب التعلم الذاتي المستمر وتعويده علي مواصلة القراءة والتفكير.
  • الاهتمام بتصميم بيئة تعليمية قادرة علي استثارة وتحفيز المتعلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى