مرحلة المراهقة

كيفية التعامل مع بلوغ الولد في سن المراهقة

تربية الأطفال مسؤولية تحتم على الآباء و الأمهات التركيز في كل مرحلة من مراحل نمو أبنائهم. بالأخص مرحلة البلوغ، حيث يحتاج الأولاد إلى من يأخذ بيدهم و يساعدهم. و على الآباء الحرص على معرفة كيفية التعامل مع بلوغ الولد. وذلك لبناء رجل متوازن فكريا و جسديا في المستقبل لتجنب الكوارث والعقد في فكر الولد و سلوكه.

تمثل الحياة مع المراهق تحدياً لكل منا. فالمعاملة مع المراهق تتطلب قدرة عالية من الصبر والتحمل والفهم. فماذا تفعل حيال بعض المواقف التي تستثير الغضب والانفعال الدائم أثناء تعاملك مع ابنك المراهق. ومن المؤكد أنه إذا تعامل الآباء بطريقة غير صحيحة وبدون إدراك للحقائق السلوكية في التعامل مع أبناء وفتيات مرحلة المراهقة، فإن النتائج قد تكون وخيمة العواقب. وربما تكون من العوامل المساهمة في تفاقم المشكلات بدلاً من حلها، وفي خلق مناخ ملئ بالتوتر والضغوط التي قد تكون سبباً من أسباب التدهور النفسي لدي الآباء والأمهات أنفسهم.

صفات المراهق

وفيما يلي سنذكر بعض النماذج لأنواع من السلوك التي تثير قلق الأباء والأمهات:

  • ابنك يخرج من المنزل غاضباً ويوصد الباب بعنف قائلاً ” إنك لن تستطيع أن تمنعني من رؤية أصدقائي”.
  • ابنك (أو ابنتك) يسد أذنيه عن أي نصيحة تسديها له، مكتفياً بإظهار علامات الامتعاض والضيق أو السخرية مما تقول.
  • ابنك (أو ابنتك) يعود مرتدياً ملابس غريبة أو يظهر بتسريحة شعر غير مقبولة.
  • ابنك (أو ابنتك) ينام طوال اليوم في المنزل مهملاً القيام بالواجبات الدينية والمنزلية.
  • ابنك (أو ابنتك) يعود متأخراً بالليل، وإذا سألته يبدي التأفف والتذمر ويتحجج بأنه لا يجد شيئاً مشوقاً يفعله في البيت.
  • ابنك (أو ابنتك) ينتقد طريقتك أو طريقة أمه في التفكير والحديث واللبس وصداقاتكم المشتركة.
  • ابنك (أو ابنتك) يرفض مواصلة الحديث والنقاش وينهي أي محاولة لذلك بإظهار الغضب أو الانسحاب أو الخروج ثائراً من المنزل.

تمثل هذه التصرفات السابقة نماذج مألوفة ومتوقعة للمشكلات التي تواجه الأسرة يومياً في تعاملها مع المراهقين. ومن المؤكد أن الأباء أو علي الأقل نسبة كبيرة منهم يعجز عن التعامل مع تلك المشكلات. ولعل أهم سببين لهذا العجز هما:

  1. عدم إلمامهم بالطرق الصحيحة في التعامل مع المراهق وبلوغ الولد وكيفية التواصل معه.
  2. عدم إلمامهم بالتطورات والتغيرات الفسيولوجية والاجتماعية والسلوكية التي تظهر مقترنة مع انبثاق مرحلة المراهقة وتطورها.

لماذا يجد الآباء صعوبة في التعامل مع المراهق؟

إن الصعوبات التي يشكو منها الآباء والمربون في التعامل مع المراهقين لا تعود بكاملها لأخطاء في سلوك المراهقين بقدر ما تعود إلي عوامل وظروف خارجية من أهمها:

  • التغيرات الجسمية المفاجئة التي تظهر في هذه الفترة من العمر، وما يصحب ذلك من إدراكات صدمية من قبل أفراد الأسرة والأبوين.
  • التغير في العلاقات الاجتماعية وما يصحب ذلك من تأثر بمعايير الرفاق والأصدقاء، مع التضاؤل النسبي لتأثير الوالدين والمعايير الأسرية التي كانت في هذه الفترة في موضع القوة.
  • تنوع الأساليب الشخصية التي يعبر بها المراهقون عن مشاعرهم وسلوكهم في هذه المرحلة.
  • الأخطاء التي يرتكبها الآباء والبالغون أنفسهم بسبب قصورهم في إدراك الطبيعة المختلفة للنمو في سن المراهقة.

مفهوم البلوغ في الاسلام

التكليف في اللغة : هو طلب أو إلزام بما فيه كلفة. أما التكليف شرعا : هو الوصول إلي حد التكليف بالأحكام الشرعية وإلزام المكلف بمقتضي خطاب  الشرع بما فيه من تعاليم وعبادات وأوامر ونواهي وأحكام فقهية

فيما يلي نصائح عملية في التعامل مع بلوغ الولد، تسهل على الوالد الحفاظ على علاقة صحية ومتوازنة مع ابنه. كما أنها تساعده على بناء ولد واعِ ومتقبل للتغيرات الجسدية والنفسية التي تحدث معه.

كيفية التعامل مع بلوغ الولد في سن المراهقة

  1. حاور ابنك و اختبر معلوماته

يعتبر الحوار الطريقة الأفضل للتعامل مع بلوغ الولد. بادر في الحديث مع ابنك عن موضوع البلوغ واختبر معلوماته، من خلال طرح أسئلة عليه و أخذ فكرة عما يعرفه عن البلوغ. يسهل الحوار المتمثل في الأخذ و العطاء، في كسر الجليد. فتجد نفسك في نفس مستوى الإبن الذي يحس بدوره بالتقبل و بحرية التعبير.

يمكنك إتباع أسلوب القصة و القدوة، كأن تحكي لإبنك عن نفسك عندما كنت في نفس عمره ثم انتظر منه الأسئلة. بعدها، قم بالمناقشة والحوار معه، ثم اختتم باستخلاص دروس و قواعد من تجربتك الشخصية وبمساعدة من ولدك.

  1. وضح التغيرات التي تطرأ على جسده

تكلم بشكل مباشر وواضح مع ولدك عن التغيرات التي تطرأ على جسده. بين أنها تنقسم إلى قسمين: تغيرات ظاهرة و تغيرات باطنة. التغيرات الظاهرة تبدو من خلال خشونة الصوت، تغيير البنية الجسدية كظهور عضلات، الشعور بالعصبية لكثرة إفراز الهرمونات في جسم الولد و اختلاطها و تغير رائحة العرق. أما الباطنة فهي تلك التغيرات الداخلية المتخفية كالاحتلام.

دون أن تنسى الإعتناء بأسلوبك في الحديث مع إبنك، فالمراهق في هذه المرحلة من عمره يزداد لديه الشعور بالحساسية و التوتر. فمن الأفضل التوضيح و من البداية، أن البلوغ و التغيرات الجسدية هي أمور طبيعية. و لا داعي للخجل أو الإستحياء من شكل الجسم، الذي يبدو غير مستقر ولا واضح المعالم.

  1. تفهم ولدك واصبر على تغير مزاجه

لا تفقد أعصابك على ولدك المراهق، بل إصبر عليه فهو يمر بمرحلة إنتقالية في حياته. يفرز جسم الولد في مرحلة البلوغ الكثير من الهرمونات تسبب له التوتر، العصبية و القلق. و قد تجده متقلب المزاج وغير مستقر على رأي.  لا تقلق من ذلك و لا تبدي انزعاجك منه، بل احرص على الإستماع إليه و أشعره بأهميته.

اشرح لابنك أن الفترة التي يمر بها مثيرة و طبيعية جدا، و حاول طمأنته و تشجيعه على اللجوء إليك كلما دعت الحاجة. وضح إلى ابنك أهمية النظافة الشخصية في هذه الفترة، و ادعمه بتوفير ملابس داخلية قطنية، ملاءات سرير جديدة و مزيل عرق. لا تغضب و لا تصرخ في وجه ولدك المراهق، عند قضائه وقتا طويلا في الحمام أو أمام المرآة، بل حافظ على هدوئك و حدد له وقتا يجب احترامه.

إقرأ أيضاً:

  1. صاحب ولدك في سن مبكرة

تساعد مصاحبة الولد في سن مبكرة على التواصل معه بسهولة و بلا قيود. كما يمكن فتح مواضيع مختلفة و التحاور  معه بكل ثقة. عود ابنك على الحديث معك عن مشاكله و استشارتك في قراراته البسيطة. و ذلك بطرح الأسئلة عليه عن يومه و شعوره، و عن رأيه في كل أمر يخصه. هذه الطريقة تعود الطفل على الكلام والحوار معك، و تغنيك عن سحب الكلام منه في مرحلة البلوغ.

إذ أن الأسئلة الكثيرة تزعج الولد المراهق و تشعره أن الوالد يحقق معه، و أنه متهم أو غير موثوق به. ثق في إبنك و ساعده على اللجوء إليك، و افتح له سمعك و امنحه صبرك بالحفاظ على هدوئك و عدم إطلاق الأحكام عليه.

  1. تحدث مع إبنك المراهق عن أبرز المفاهيم التي تهمه

خذ إبنك في نزهة على شاطئ البحر أو مطعم، و حاول في سياق حديثكما مفاتحته عن مواضيع حساسة و مهمة للمراهق. كالحب، وحدود العلاقات مع الجنس الآخر. إن مبادرتك للحديث عن هذه المواضيع و إبراز المفاهيم السوية و المتزنة تضمن كسب فكر ابنك و تبعده عن الفكر الشاذ. كما تجنبه ملايين الأفكار و المعلومات المغلوطة التي يسمعها في الخارج، و التي تحث على الجموح و الحرية المزيفة.

بين لولدك البالغ أن الجنس عبادة إن صرف في الحلال، و علمه ضبط نفسه عن طريق توضيح طبيعة الشهوة. بأن تخبره أن شهوة الجنس هي رغبة إنسانية مثلها مثل الطعام، يجب ضبطها و إشغال النفس بممارسة الرياضة مثلا.

خاتمة

بلوغ الولد هو مرحلة حساسة تتطلب من الوالد تفعيل الكثير من الصبر و الهدوء أمام انفعالات المراهق. كما تفرض عليه التركيز على انشغالات و اهتمامات الولد الذي يودع الطفولة و يستقبل مرحلة البلوغ و التكليف.

مقالات ذات صلة

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى