قصة زوجتان من الصين

قصة زوجتان من الصين هي حكاية وقصة شعبية من بلاد الصين تحكي عن زوجتان تخدمان حماتهم ولكن تقرر الحماة إعطاء كل واحدة منهم لغز من المستحيل حله عقاباً لهم ولكن بالتفكير والذكاء يتغلبون على خدعة حماتهم.

زوجتان مخلصتان

كانت السيدة شو تعيش في مدينة من مدن الصين، ولها ابنان من أحسن الشبان. وقد حدث أن سافر الابنان إلى مدينة أخرى، وعاشا بها مدة من الوقت حتى تزوجا أختين من الأخوات. تسمى إحداهما، (شجرة الورد) والأخرى، (زهرة القمر)، ثم رجع الاخوان بعد ذلك إلى بلدتهما للمعيشة مع أمهما، ومع كل منهما زوجته.

وكان من العادات الصينية أن تطيع زوجة الابن حماتها وتنفذ أوامرها، وتعمل ما يجعلها مستريحة راضية. وكانت شجرة الورد وزهرة القمر من أحسن الزوجات في طيبة القلب، والأدب والطاعة، وعاملتا حماتهما معاملة حسنة، كلها عطف وشفقة، ومحبة وإخلاص، تعدان لها ما تحب من الشاي وتقدمانه لها، وتطبخان لها ما تريد من الطعام، وتنظفان لها حجرة نومها، وترتبانها، وتخدمانها خدمة صادقة بإخلاص.

وكانت الأسرة كلها سعيدة في حياتها؛ فالأم تحب ابنيها، وهما يحبانها، وشجرة الورد وزهرة القمر تحبان حماتهما، وهي تحبهما، والحنان متبادل بين الجميع، وروح الوفاء يرفرف على الأسرة جميعها.

وبعد أن مكثت الزوجتان الصغيرتان المخلصتان ستة أشهر مع حماتهما شعرنا بالشوق إلى أهلهما، فذهبنا إلى السيدة شو، وقالت الأخت الكبيرة لها: أمي العزيزة، لقد مضى علينا الآن نصف سنة منذ مجيئنا إلى هنا. وإننا نحس بالسعادة والسرور في حياتنا معك، ولا يعكر صفونا وهناء تنا شيء، ولكن هناك أمرا واحدا نرجو أن تسمحي لنا به.

قالت الحماة: وما هو هذا الأمر يا ابنتي؟

أجابت شجرة الورد: لقد اشتقنا كل الشوق لرؤية أمنا وأبينا وإخوتنا، وأخواتنا وزيارة بلدتنا التي ولدنا فيها. وإننا في اشتياق إلى أسرتنا وأهلنا، ونرجو أن تسمحي لنا بالذهاب لرؤيتهم والاطمئنان عليهم. ولن نغيب هناك كثيرا.

قالت الحماة: إني لا أستطيع أن أسمح لكما بالسفر الآن، ولا أريد أن تبتعدا عني؛ لأني كبيرة السن كما تريان. ولا يمكنني أن أفعل شيئا لنفسي. وإذا سمحت لكما بالذهاب فمن يعد لي الشاي؟ ومن يطبخ لي طعامي؟ ومن ينظف حجرتي ويرتبها؟

طلب السفر

اقتنعت الأختان بهذا الكلام. وتركتا موضوع السفر مدة من الوقت، ثم أعادتا الرجاء من حماتهما لتسمح لهما بزيارة أهلهما وبلدتهما، وكررنا الطلب عدة مرات ولكن الحماة كانت ترفض السماح لهما بالسفر في كل مرة.

وبعد أن انتهت سنة طلبت الزوجتان من حماتهما السماح لهما بزيارة أسرتهما وأهلهما، فسمحت لهما، وقالت: يمكنكما أن تذهبا، ولكنى أشترط عليكما شرطين، يجب أن تعملا على تحقيقهما وتنفيذهما، ولا ترجعا إلا إذا نفذتما هذين الأمرين؛ لأني أريدهما أكثر من أي شيء في العالم.

فسألت زهرة القمر: ما الشيطان اللذان تريدين تحقيقهما، وتتمنين تنفيذهما أكثر من أي شيء آخر في العالم يا أمي؟

أجابت الحماة: إني أتمنى شيئين بكل قلبي، وأريد أن تحضراهما معكما عند رجوعكما من السفر. وهما: ” أريد نارا في ورقة ” و ” أريد هواء في ورقة “. وإذا لم تستطيعا إحضارهما معكما فلا ترجعا.

وقد أرادت العجوز بهذين اللغزين منعهما من السفر، ومنعهما من طلب الذهاب إلى أهلهما مرة أخرى، وظنت أنهما من المستحيلات التي لا يمكن تنفيذها، وأن الأختين إذا سمعتاهما – مع التهديد بعدم الرجوع إذا عجزتا عن الإتيان بما طلبت – فلن تفكرا في ترك حماتهما مرة أخرى.

ولكن الزوجتين الصغيرتين لم تنتظرا حتى تفكرا في الشرطين اللذين اشترطتهما حماتهما، أو اللغزين اللذين طلبت منهما حلهما. وقد فرحتا فرحا كثيرا حينما سمحت لهما بالذهاب لزيارة أسرتهما وبلدتهما. وخرجتا في الصباح نفسه، بعد أن ودعتا حماتهما، وبدأتا الرحلة.

سارت الأختان في الشارع، وهما فرحتان، مسرورتان بذهابهما لرؤية أمهما وأبيهما. واستمرتا في المشي حتى خرجتا من المدينة ومشتا بين الحقول الخضراء، والطرق الزراعية. حتى أتى وقت الظهر، فاستراحتا قليلا لتناول شيء من الطعام تحت شجرة من الأشجار، وبعد الاستراحة استمرتا في سيرهما حتى وصلتا قبل غروب الشمس إلى بلدتهما التي ولدتا فيها. وذهبنا إلى بيت أسرتهما، وسرت الأم والأب والإخوة والأخوات سرورا كثيرا برؤيتهما، ورحبوا بهما كل الترحيب. وأكرموهما كل الإكرام؛ فقد كانوا جميعا في شوق إليهما.

لغز مستحيل

مكثت الأختان مع أسرتهما خمسة عشر يوما. وزارهما الأهل والأقارب، وردتا الزيارة لكل من زارهما، ومضى الوقت بسرعة حتى انتهت المدة، وأتى موعد الرجوع إلى بيت زوجيهما وحماتهما.

وفي المساء جهزتا كل شيء للسفر صباحا. وفي الصباح المبكر استيقظتا، ولبستا ملابسهما، وتناولتا طعام الفطور، وودعتا أمهما وأباهما وأسرتهما وأخذتا في الرحيل والسفر.

تركتا بلدتهما، وسارتا في الطريق، وحينما كانتا ماشيتين تذكرت (زهرة القمر) الشيئين اللين طلبتهما حماتهما منهما، والتهديد الذي هددتهما به. وفكرت فيما يجب أخذه معهما، ولكنها لم تنجح في الحل.

فوقفت في الطريق، وجلست تحت شجرة وبدأت تبكي.

فسألتها أختها شجرة الورد: ماذا حدث لك يا زهرة القمر؟ ولماذا تبكين؟

أجابت زهرة القمر: ألا تتذكرين ما طلبته حماتنا منا؟ ألا تذكرين ما هددتنا به؟ لقد أرادت منا شيئين، وهما: (نار في ورقة)، و (هواء في ورقة). فإذا لم نجدهما فإننا لا نستطيع الرجوع إلى بيت زوجينا. ولا أدري كيف تكون النار في ورقة، وهي تحترق بسرعة إذا لمستها النار. ولا أعرف كيف يكون الهواء في ورقة، وأعتقد أنها طلبت منا أمرين يستحيل تنفيذهما.

فجلست شجرة الورد بجانب أختها؛ لأنها عجزت عن الحل. وأخذت تبكي مثلها.

وحينما كانت الأختان تبكيان تحت الشجرة مرت بهما فتاة فلاحة تركب جاموسة، ورأتهما وهما تبكيان، فتألمت لهما، وحيتهما، وقالت لهما: صباح الخير، ماذا حدث لكما؟ ولماذا تبكيان؟ وهل أستطيع أن أساعدكما؟

أجابت الأخت الكبيرة: إنا نبكى لما نحس به من شدة الحزن، فقد طلبت منا حماتنا أن نأخذ معنا ونحن راجعتان إليها (نارا في ورقة) و (هواء في ورقة) وهما شيئان لا نستطيع الحصول عليهما. ولا ندرى كيف نأتي بهما، أو نصل إليهما، وإذا لم نحصل عليهما فلن نستطيع الرجوع إلى زوجينا، وهما ابناها.

ضيافة في بيت الفلاحة

فقالت لهما الفتاة الفلاحة: إنه لا فائدة من البكاء، ولن تصلا إلى حل هذين اللغزين، والحصول على ما ترغبان بهذه الطريقة. ولن يحضر لكما البكاء ما تريدان. تعاليا معي، واركبا خلفي؛ لتذهبا معي إلى بيتي؛ لأقدم لكما فنجانين من الشاي، وأفكر معكما، ونستعمل عقولنا جيدا، حتى نجد حلا لهذين الشيئين.

فاقتنعت الأختان بهذا الرأي، وشكرتا للفتاة شعورها الرقيق، وركبتا جاموسة البحر خلفها، وسارت الجاموسة ببطء شديد؛ حتى وصلت بهن إلى بيت الفتاة الفلاحة.

أدخلت الفلاحة الأختين في حديقة بيتها، وأجلستهما بها، واستأذنت منهما لتدخل إلى المطبخ، وتعد الشاي وتحضره. وبعد أن أعدت الشاي جاءت به، وشربن جميعا، ثم وضعن أيديهن على رؤوسهن، وبدأن يفكرن في حل المسألتين تفكيرا عميقا.

وسألت زهرة القمر: هل يمكننا أن نجد (النار في ورقة؟)، ثم سألت شجرة الورد: وأين نستطيع أن نجد (الهواء في ورقة؟) وعجزت الأختان عن معرفة الحل، وأخذتا تبكيان مرة أخرى.

فقالت لهما ابنة الفلاح: إنه لا فائدة من البكاء. ويجب ألا يصل اليأس إلى نفسيكما، واستمرت الفلاحة تفكر تفكيرا عميقا حتى وصلت إلى طريقة لحل اللغز الأول، وقامت تجرى وهي فرحة مسرورة، ودخلت بيتها. وبعد قليل رجعت إلى الحديقة وهي تحمل في يدها فانوسا مصنوعا من الورق، والنور في داخله. وقالت لهما: أنظرا إلى هذا المصباح، وستريان (النار في ورقة).

فصاحت زهرة القمر مبتسمة: إني أرى حقا (النار في ورقة).

وقالت شجرة الورد – وهي مملوءة فرحا وسرورا -: بكل تأكيد، هنا (النار في ورقة). وقد وصلنا بذكائك ومهارتك إلى حل المشكلة الأولى. ولكن مازال أمامنا مشكلة أخرى، أرجو أن نتغلب عليها، ونعرف حلا لها، وهي (الهواء في ورقة).

العودة للمنزل

قالت الفلاحة الذكية: إن اليأس لن يصل إلى نفسي، ومازال عندي أمل كبير في حل المشكلة الثانية. ووضعت يدها على رأسها، وأخذت تفكر تفكيرا عميقا، وتبذل جهدها للوصول إلى الحل، وبعد قليل وفقت إلى معرفة الحل، وصاحت وكلها فرح وسرور: لقد عرفت طريقة الحل. ففرحت الأختان كثيرا، وجرت الفلاحة الذكية. ودخلت البيت ثانية، وبعد قليل رجعت إلى الحديقة وهي تحمل في يدها اليمنى مروحة مصنوعة من الورق، وتحركها وتهوى بها على وجهها، فتحس بالهواء. وبهذه الطريقة استطاعت أن تصل إلى الجواب، وتحل المشكلة الثانية، وصاحت ضاحكة فرحة بالنجاح: هذا هو: الهواء في ورقة.

صاحت شجرة الورد وهي فرحة مسرورة: حقا هذا هو (الهواء في ورقة) ولا شك في هذا. وقالت للفلاحة الذكية: أرجو إعطاني هذه المروحة من فضلك، فأعطتها المروحة. وفرحت الزوجتان بها كل الفرح، وسرتا كل السرور. فقد وصلتا إلى ما طلبته حماتهما منهما بمساعدة ابنة الفلاح، وذكائها: وحسن تفكيرها، وصبرها، وشكرتاها شكرا جزيلا، واعترفتا لها بفضلها ومعروفها، وعطفها عليهما، وإنقاذهما من الورطة التي كانتا تحسان بها. وكررتا لها الشكر والثناء، واستأذنتا منها، وخرجتا شاكرتين مسرورتين، وودعتهما الفلاحة إلى الباب، وتمنت لهما عودا حميدا، ورحلة سعيدة.

استأنفت الزوجتان السفر إلى بلدة زوجيهما وحماتهما، وسارتا في الطريق المعتاد، حتى وصلتا إلى البيت، وهما مسرورتان. وأخذت زهرة القمر معها المصباح المصنوع من الورق، وأخذت شجرة الورد المروحة، ووضعتها في جيبها.

كانت حماتهما السيدة شو تنظر من النافذة، فرأتهما، فعجبت كل العجب، وخرجت من الحجرة لمقابلتهما. وقد كانت تظن أنهما لن تصلا إلى حل المشكلتين، ولن ترجعا ثانية إلى البيت.

وقالت لهما: لقد طلبت منكما شيئين وهما: (النار في ورقة) و (الهواء في ورقة) وقلت لكما: لا ترجعا بدونهما، فهل استطعتما إحضارهما معكما؟

كانت زهرة القمر قد أخفت الفانوس المصنوع من الورق خلف ظهرها، فلما سمعت حماتها تسأل عن: (النار في ورقة) و (الهواء في ورقة)، رفعت زهرة القمر الفانوس في يدها، والنور في داخله.

مقابلة الزوجتان والحماة

فلما رأته السيدة شو عجبت كل العجب، وتألمت كل الألم، وقالت: لقد حل هذا اللغز شخص ذكي جدا، قد فكر تفكيرا عميقا، وانتفع بعقله وذكائه، حتى وصل إلى هذا الحل، ولكن هذا شيء واحد، وقد طلبت منكما شيئا آخر، وهو: (الهواء في ورقة) فأين هو؟

فرفعت شجرة الورد المروحة المصنوعة من الورق في يدها اليمنى، وأخذت تحركها، وتهوى بها على وجه حماتها، حتى استطاعت الحماة أن تحس بالهواء المنبعث من الورقة التي صنعت منها المروحة.

وقالت شجرة الورد: في هذه المروحة يا أمي تجدين (الهواء في ورقة).

فقالت حماتها: لقد قام بحل هذه المشكلة شخص ذكي جدا، فكر تفكيرا عميقا، وانتفع بعقله وذكائه وحسن تفكيره، حتى وصل إلى الحل الصحيح.

وبمساعدة الفلاحة الذكية انتصرت الزوجتان على حماتهما التي أرادت عقابهما على تركها وحدها.

اقتنعت الحماة، ورضيت عن الزوجتين الصغيرتين، وضحك الجميع، وقالت الحماة لهما: ادخلا يا ابنتي البيت، وجهزا الشاي كالعادة لنشرب معا.

ذهبت الزوجتان إلى المطبخ، وقامت زهرة القمر بإحضار الأطباق والفناجين، وأعدت شجرة الورد الشاي. وجلست السيدات الثلاث يتحدثن ويشربن الشاي معا. وأخذت السيدة شو تهوى بالمروحة على وجهها، وهي مبتسمة. وعلقت زهرة القمر الفانوس المصنوع من الورق في حجرة الطعام بالقرب منهن: والنور في داخل الفانوس.

وعاشت الأسرة متعاونة سعيدة هانئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى