قصة محاولة المستحيل

قصة محاولة المستحيل هي قصة تربوية وتعليمية تهدف إلى تعليم الصغار أهمية الاستمرار في المحاولة والتعلم والتكرار حتى يتحول الصعب إلي سهل والحلم إلى حقيقة.

جدول ضرب السبعة

أسامة تلميذ في السنة الثانية الابتدائية. وقد حاول أن يحفظ جدول الضرب في المدرسة، وحفظ منه إلى جدول 6 ✗ 12 = 72. وحينما وصل إلى جدول 7 اعتقد أنه صعب، مع أنه سهل. جلس أسامة على الدرج وأخذ يكرر في نفسه ويقول: 7 ✗ 1 =7، 7 ✗ 2=14، 7 ✗ 3=21 إلى آخر جدول سبعة. ولم يكن تفكيره في الدرس عندما كان يعيد ويكرر، بل كان يشغل نفسه بالنظر إلى الأشياء التي حوله، ولم ينتبه إلى عمله كل الانتباه، وكان كأنه في حلم من الأحلام.

فسألته المدرسة: هل حفظت جدول سبعة يا أسامة؟

أجاب أسامة: نعم حفظته جيدا.

سألته المدرسة: كم ٧✗٧؟

أجاب أسامة: ٧✗٧ يساوى ٤٣، واعتقد تمام الاعتقاد أنه أجاب إجابة صحيحة، ولم يعتقد أن إجابته كلها خطأ فسألته المدرسة: هل أنت متأكد مما تقول؟

أجاب أسامة: نعم، أنا متأكد مما أقول، وهز رأسه وقال: أنا أعرف أن إجابتي صحيحة.

فسألته المدرسة: كيف عرفت أن إجابتك صحيحة؟ هل حاولت جدول سبعة بطريقة عملية محسة بالحصى أو الفول؟ كيف عرفت أن الجواب 43؟

أجاب أسامة: أنا لم أستعمل العداد، ولم أستعمل “الحصى” في معرفة الجدول وحفظه. ولكني متأكد أن إجابتي صحيحة.

فقالت له المدرسة: ستعرف بعد قليل إن كانت إجابتك صحيحة أو غير صحيحة. ثم أعطته صندوقا صغيرا فيه ٤٣ فولة من الفول، وقالت له إن في الصندوق ٤٣ فولة، فأخرجها، وحاول أن تكون منها سبع مجموعات، وضع في كل مجموعة سبع فولات، وإن استطعت أن تفعل ذلك سأسمح لك باللعب في الحديقة نصف ساعة. ولكن أعتقد أنك لن تستطيع أن تكون سبع مجموعات.

تلميذ عنيد

كان أسامه تلميذا عنيدا، يعارض بغير حق. ويعتقد أنه على صواب، في الوقت الذي يكون فيه مخطئا. ولا يحسن هذا من التلميذ. وقد أخرج أسامة الفول من الصندوق، وأخذ يكون منه مجموعات، ويضع في كل مجموعة سبع فولات. ولكنه لم يستطع أن يكون منه سبع مجموعات. حاول كثيرا فلم يستطع. حاول كثيرا، وعد كثيرا بدون فائدة، لم يستطع لأن ٧ ✗ ٧ = ٤٩. وقد أخطأ في قوله، ولم يصب في إجابته.

طبعا كان أسامة مخطئا، وقد أحس بغلطته، فقد عارض مدرسته، واعتقد أن إجابته صحيحة في حين أنها كانت خطأ. وأضاع نصف الصباح وهو يحاول أن يكون سبع مجموعات من ٤٣ فولة، بشرط أن تكون كل مجموعة سبع فولات. حاول المستحيل. حاول أن يفعل شيئا يستحيل تنفيذه. وقربت الدموع تسقط من عينيه حينما ذهب إلى المدرسة ليخبرها أنه لم يستطع أن يكون سبع مجموعات متساوية من ٤٣ فولة بشرط أن يضع في كل مجموعة سبع فولات.

قالت المدرسة: لا تتألم، ولا تبكي يا أسامة، فإن الوقت لم يضع كما تظن؛ فقد عرفت بطريقة عملية أن ۷ × ۷ ليست كما قلت. وقد تنفعك هذه التجربة التي جربتها اليوم صباحا. وأعتقد أنك لن تعاند مرة ثانية، ولن تحكم على شيء إلا بعد دراسته وتجربته والتأكد منه.

رجع أسامة إلى البيت في ذلك اليوم متألما متضايقا، عابس الوجه. وحينما كان ماشيا في الطريق الزراعي سمع فجأة صوت شخص يبكي بكاء مرا، فأصغى، ثم نظر حوله ليرى من الذي يبكي، فوجد قزما صغير الجسم، يلبس بدلة حمراء من الحرير، وهو جالس على الحشيش الأخضر.

عجب أسامة عندما رآه، وسأله بأدب: لماذا تبكي؟ وماذا حدث لك؟ هل أستطيع أن أساعدك في أي شيء؟

أجاب القزم: لقد طلب منى أن أسأل عن شي ء لا يمكن تنفيذه، أو أرغب رغبة

لا يمكن تحقيقها.

قال أسامة: إنك سعيد الحظ بهذا الطلب. ويمكنني أن أخبرك بأشياء كثيرة لا يمكن تنفيذها.

عفريت الأمنيات

قال القزم: إنك تظن أن هذا أمر سهل، ولكنك مخطي في ظنك، فالأمر صعب، وليس بسهل.

جلس أسامة معه، وقال له: وضح لي الشي الذي طلب منك، وأنا مستعد للإجابة عنه.

مسح القزم عينيه وخديه من البكاء، ثم قال: منذ ثلاث سنوات وجدت صندوقا في حفرة عميقة تحت الأرض، ففتحت الصندوق، فخرج منه عبد من العبيد، فخفت منه في الأول، ثم اطمأنت وفرحت كثيرا حينما قال لي: لا تخف. إنني سأكون عبدا وأسيرا لك، وسأحقق لك رغبة من الرغبات التي تحبها وتتمناها في كل ساعة من ساعات الليل والنهار. فاعتقدت أن سأكون غنيا كل الغنى، وسأكون سعيدا كل السعادة.

قال أسامة: إذا تحققت لك رغبة من الرغبات في كل ساعة فإنك ستكون غنيا وسعيدا. ولا شك في ذلك.

قال القزم: قد يعتقد الإنسان هذا حينما يسمع الخبر لأول مرة، وقد حققت لي مئات ومئات من الرغبات، ولكنى لا أحس بالسعادة مطلقا. وقد انتهت رغباتي ولا أستطيع أن أفكر في أي شيء آخر بعد اليوم. وقد تضايقت من ذلك العبد، ولا أحب أن أراه. وأتمنى أن أتخلص منه.

فسأله أسامة: إذا كنت تريد التخلص منه فلماذا لا تطرده من عندك؟

أجاب القزم: إني لا أستطيع أن أطرده إلا إذا طلبت منه شيئا وعجز عن تحقيقه وتنفيذه.

قال أسامة: أطلب منه أن يبني لك حصنا من الذهب والحجارة النفيسة. أو يحضر لك ألف صندوق من الذهب. وبكل تأكيد لن يستطيع تحقيق هذه الرغبة وتنفيذها.

قال القزم: إنه يستطيع أن يعمل أكثر من هذا. فقد بنى لي خمسين حصنا وقلعة من الذهب والحجارة النفيسة، وأحضر لي مقادير كبيرة من الذهب لا يمكنني أن أنفقها كلها مهما أنفق كل يوم، وأتمنى أن أطلب منه شيئا لا يستطيع تنفيذه، كي أتمكن من طرده والتخلص منه.

محاولة المستحيل

فصاح أسامة وقال: إني أستطيع أن أخبرك بشيء لا يمكنه تحقيقه وتنفيذه، مهما يحاول. إنه شيء حاولت اليوم صباحا أن أقوم به، ومكثت نصف الصباح أحاول تنفيذه فلم أستطع مطلقا. وأنا متأكد تمام التأكد أنه لن يستطيع القيام به.

شك القزم فيما قاله أسامة، وسأله: هل أنت واثق أن العمل لا يمكن تنفيذه؟ إنك لا تعرف أن عبدي يستطيع أن يقوم بالمستحيل.

أجاب أسامة: إني متأكد تمام التأكد من كل ما أقول. أصبغ إلى؛ لأخبرك بما تفعل. أعطه صندوقا فيه ٤٣ فولة أو حصاة، ثم اطلب منه أن يضعها في سبع مجموعات، ويضع في كل مجموعة سبعاً. وستجد أنه لن يستطيع أن يكون سبع مجموعات أو سبعة صفوف متساوية إذا كان عنده في الصندوق ٤٣ فولة أو حصاة.

وافق القزم، وأحضر صندوقا، ووضع فيه ٤٣ فولة، ثم صفق بيديه مرتين، ونادى: “تعال في الحال أيها العبد المسحور! “.

فظهر دخان كثيف في الجو، وتضاعف الدخان، ثم خرج منه مخلوق غريب المنظر، طويل القامة، نحيف الجسم، له جناحان، وعينان براقتان واسعتان، وانحنى أمام القزم، وقال: بماذا تأمرني يا سيدي؟ وماذا ترغب؟ فعجب أسامة كل العجب حينما رآه.

فقال القزم: خذ هذا الصندوق، وستجد فيه ٤٣ فولة. وإني آمرك أن تكون من الفول سبع مجموعات، بشرط أن يكون في كل مجموعة أو صف سبع فولات.

أخذ العبد الصندوق، وقال هازئاً: إن هذا سهل جدا.

محاولات فاشلة

جلس العبد في الظل تحت الشجرة، وأخذ يكون مجموعات صغيرة، ويجعل في كل مجموعة سبع فولات، وأخذ أسامة والقزم ينظران إليه ويلاحظانه وهو يكونها. فكون ست مجموعات، ووضع في كل مجموعة سبع فولات، وبقيت معه فولة واحدة، وأخذ يعد كل مجموعة ليتأكد أنها مكونة من سبع فولات. فوجد كلا منها يتكون من سبع فولات، وبقيت عنده واحدة، فتضايق منها، وحاول عدة مرات، وكانت النتيجة واحدة، وأخيرا قال للقزم: لقد كونت ستة صفوف وبقي معي فولة واحدة.

فقال له القزم: لقد طلبت منك أن تكون سبع مجموعات لا ست مجموعات، وأن يكون في كل مجموعة سبع فولات. ويجب ألا يبقى معك شيء من الفول مطلقا.

حاول العبد أن يكون هذه الصفوف السبعة ثانية، وكان عابس الوجه، حائرا، لا يدري ماذا يفعل. وقد أحس أسامة بما كان العبد يحس به. فقد جرب هذا العمل في الصباح من قبله.

وأخيرا سلم العبد الصندوق للقزم وهو فارغ. وقد عجب أسامة كل العجب حينما وجد أمامه ست مجموعات من الفول. ولم يبق معه شيء منه وظن أن في كل مجموعة سبع فولات.

تألم العبد، واشتد غيظه، وقال: لقد قمت بالعمل، وكونت المجموعات.

فنظر القزم إلى أسامة، وقال له: لقد أخبرتك أنه يستطيع أن يقوم بأشياء لا يستطيع غيره أن يقوم بها. وأخذ يبكي.

خداع وكذب

حار أسامة في أمره حيرة شديدة، وأخذ يعد المجموعات فوجدها ستاً وليست بسبع مجموعات. وأخذ يعد كل مجموعة بدقة وعناية، فوجد في المجموعة السادسة ثماني فولات لا سبعاً كما طلب منه.

فقال أسامة: إنك لم تقم بالعمل كما طلب منك. فقد طلب منك أن تكون سبع مجموعات من ٤٣ فولة، وتجعل في كل مجموعة سبع فولات فكونت ست مجموعات. ولم تكون السابعة، وجعلت في المجموعة السادسة ثماني فولات بدلا من سبع. فأنت مخطئ، ولم تستطع القيام بما طلب منك بدقة، ولم يمكنك التنفيذ، وأعتقد أنك لم تنجح في عملك.

فأشار القوم بإصبعه إلى العبد، وقال له: لقد أخبرتني بغير الحقيقة، وادعيت أنك قمت بالعمل، وإني آسف لأنك كذبت فيما قلت، وما كنت أنتظر منك الكذب والغش كنت أنتظر منك أن تقول الحق، وتعترف بأنك عجزت عن القيام بهذا العمل. وإنك تعلم هذا حق العلم، وتعرفه جيدا، وأنا لا أحتفظ بأي شخص يكذب أو يغش. لهذا كله لا أريدك، ولا أريد أن أراك بعد اليوم. اذهب إلى حال سبيلك. واحذر أن تكذب ثانية، فجزاء الكذب الطرد من هنا. أخرج.

ندم العبد، لأنه لم يصدق في قوله، ولم يصدق في عمله: وخرج باكيا، وقفز على قدميه، وتحول ثانية إلى دخان كثيف، وارتفع بعيدا في الجو، حتى غاب عن الأنظار، واستراح القزم منه، وأصبح متمتعاً بالحرية، لا يضايقه أحد، ولا يصادق أحدا.

نصيحة صادقة

وفي النهاية قال القزم لأسامة: أشكر لك مساعدتك أيها الغلام الصغير شكرا جزيلا. وأنى مستعد لأن أكافتك بما تحب.

قال أسامة: إني لم أفعل شيئاً أستحق عليه هذا الشكر. وأنى أريد شيئاً واحداً هو أن أحفظ جدول الضرب جيدا، وخاصة من جدول ٧ إلى جدول ١٢.

قال القزم: انتبه إلى درسك كل الانتباه. ولا تشغل نفسك بغير الدرس، وجربه بطريقة عملية حسية بما عندك من الفول أو الحصى، وأعده عدة مرات مع الفهم؛ حتى تحفظه عن ظهر قلب.

نفذ أسامة النصيحة، فوجد جدول الضرب سهلا، وحفظه جيدا من أوله إلى آخره، وعرفه حق المعرفة، وتحققت رغبته. ولا عجب؛ فبالاجتهاد والعمل، يسهل كل صعب. ولا صعوبة في أي علم من العلوم ما دام هناك عمل وإخلاص في العمل، ورغبة فيه، وميل إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى