قصة الكرة الذهبية

قصة الكرة الذهبية هي حكاية وقصة تعلم الأطفال الصغار أهمية الحفاظ على الوعد وتنفيذه في أسلوب قصصي مسلي وجذاب من خلال الأميرة والكرة الذهبية وضفدع النهر المسحور.

ضياع الكرة الذهبية

في ليلة مقمرة من ليالي الصيف، خرجت أميرة إلى الغابة، وهي قريبة من قصر أبيها، للرياضة على شاطئ النهر. وبعد أن سارت مسافة، جلست على الشاطئ، وأخذت تلعب بكرتها الذهبية، وهي لعبتها المحبوبة. ومكثت تسلى نفسها وهي وحدها، فترمي الكرة في الهواء، ثم تتلقفها وتتناولها بسرعة، وتتلقاها وتمسك بها وهي نازلة، محاولة ألا تقع على الأرض.

وقد حدث في مرة من المرات أن رمت الكرة الذهبية بشدة إلى أعلى، ثم مدت يديها كالمعتاد لتمسك بها؛ فأخطأتها الكرة، ووقعت بعيدة عنها، وتدحرجت على الأرض بسرعة، حتى وقعت في النهر.

فتأسفت الأميرة، وتألمت ألما شديدا، وأخذت تنظر في النهر؛ لتبحث عن الكرة وترى أين هي، فلم تر لها أثراً، لأن النهر عميق جدا، ولم تستطع أن ترى قاع النهر.

فحزنت الأميرة كثيرا، وبكت بكاء مراً، لضياع لعبتها التي تحبها كل الحب، وقالت: وأسفاه! هل أستطيع أن أحصل على كرتي ثانية؟ إني مستعدة أن أعطى كل ملابسي الجميلة، وجواهري الثمينة، وكل ما أمتلكه في هذا العالم هدية لمن يعيد إلى كرتي المحبوبة.

فسمع هذا الكلام وهذا الوعد ضفدع على شاطئ النهر، فأخرج رأسه من الماء. وقال لها: أيتها الأميرة، لماذا تحزنين هذا الحزن، وتبكين هذا البكاء؟

فأجابت الأميرة: وأسفاه! ماذا تستطيع أن تفعل لي أيها الضفدع؟ إنني حزينة حزناً شديداً؛ لأن كرتي الذهبية قد وقعت مني في الماء. والماء عميق في النهر. ولم أستطع النزول للبحث عنها.

فقال الضفدع: لقد سمعت ما قلته، وما وعدت به، وإني لا أريد شيئا من ملابسك الجميلة وجواهرك الثمينة، وأملاكك الواسعة، ولكي أريد منك شيئاً واحداً، هو أن تحبيني، وتسمحي لي أن أعيش معك في قصرك، وأكل من إنائك الذهبي الصغير، وأنام فوق سريرك الجميل، وأنا مستعد أن أحضر لك كرتك الذهبية المحبوبة.

وعد الأميرة

ففكرت الأميرة فيما قاله الضفدع، وظنت في نفسها أنه لا يمكنه أن يترك النهر، وأنه قد يستطيع أن يخرج لها الكرة المحبوبة من النهر، ولا مانع أن تعده بما يشاء. ولهذا قالت للضفدع: إذا أحضرت لي كرتي ثانية فإني اعدك أن أفعل كل ما تحتاج إليه. فلما سمع الضفدع هذا الوعد، أدخل رأسه في النهر، وغطس تحت الماء، وأخذ يبحث عن الكرة في قاع النهر حتى وجدها.

وبعد قليل خرج من الماء، والكرة في فمه، ورماها على الشاطئ بالقرب من الأميرة. فلما رأت الأميرة كرتها فرحت فرحاً كثيراً، وجرت بسرعة وأخذتها من الأرض، ثم جرت وهربت لترجع إلى المنزل بأسرع ما تستطيع. ولم تنظر إلى الضفدع، ولم تفكر فيه، ولم تقل له كلمة شكر واحدة. ونسيت أو تظاهرت بنسيان ما وعدت به.

وقد رآها الضفدع وهي تجري، فنظر إليها وقال لها: انتظري أيتها الأميرة، وخذين إلى قصرك؛ لأعيش معك، واكل من إنائك الذهبي كما وعدت. ولكن الأميرة لم تنتظره، ولم تفف لتسمع أي كلمة منه، وجرت مسرعة، ورجعت إلى قصرها. فتألم الضفدع؛ لأن الأميرة نسيت ما وعدت به، وصمم على أن يذهب إليها في قصرها. وفي اليوم التالي كانت الأميرة جالسة تتناول عشاءها على المائدة مع أبيها، فسمعت صوتاً غريباً فوق السلم، يدل على أن هناك شيئاً آتياً.

وبعد قليل سمعت من يدق برفق على الباب ويقول: افتحي أيتها الأميرة العزيزة. افتحي الباب فإن حبيبك المخلص هنا، وتذكري الوعد الذي وعدتي به في الظل على شاطئ النهر بالغابة الخضراء.

فجرت الأميرة لترى من يتكلم بالباب، وفتحت باب الحجرة، فرأت الضفدع الذي وعدته أن تعمل كل ما يحتاج إليه، ثم نسيته، ونسيت وعدها كل النسيان وخافت خوفاً شديداً، وأغلقت الباب بعنف وسرعة بقدر استطاعتها، وتركت الضفدع خارج الحجرة، ثم رجعت وجلست على كرسيها بالمائدة.

الوفاء بالوعد

فسألها أبوها عن السبب في خوفها واضطرابها، وإغلاق الباب بشدة. فأجابت: عند الباب ضفدع كريه، قبيح المنظر والصورة، قد أخرج لي كرتي الذهبية في الليلة الماضية من النهر بعد أن وقعت فيه، ولم أستطع أن أخرجها بنفسي. وقد وعدته أن أسمح له أن يعيش ويأكل معي هنا. وكنت أعتقد أنه لا يقدر أن يترك النهر، ويأتي إلى هنا. ولكنه قد أمكنه أن يخرج ويأتي بنفسه. وهو واقف بجانب الباب، ويريد أن يدخل.

وفي الوقت الذي كانت تذكر فيه الحكاية لأبيها دق الضفدع على الباب مرة ثانية وقال: افتحي الباب يا أميرتي العزيزة. افتحي الباب لمحبك المخلص، وتذكري الكلام الذي قلته، والوعد الذي وعدته في الليلة الماضية على شاطئ النهر، بالغابة الخضراء.

وقد سمع الأب ما قاله الضفدع العجيب، فقال لابنته: لقد وعدت، ويجب أن تفي وعدك، وتعملي على تنفيذه، وتسمحي له بالدخول.

فأطاعت الأميرة نصيحة أبيها، وفتحت الباب للضفدع، فدخل الحجرة، واقترب من المائدة، وقال للأميرة: أرجو أن تضعيني فوق الكرسي، وتسمحي لي أن أجلس بجانبك. فرفعته الأميرة ووضعته فوق الكرسي، وسمحت له بالجلوس بجانبها.

فقال الضفدع: ضعي إناءك بالقرب منى على الكرسي، حتى أستطيع أن أكل منه.

فوضعت إناءها الذهبي أمامه، وأخذ يأكل حتى شبع. وبعد أن انتهى من تناول الطعام شكر لها عطفها، وقال لها: إنني الآن متعب، فأرجو ان تأخذيني معك إلى حجرتك وتضيعني في سريرك لأنام قليلا.

فأخذته الأميرة في يدها، ووضعته على المخدة في سريرها الذي تنام عليه، ونام مستريحاً طول الليل.

ضفدع مسحور

وحينما ظهر نور الصباح، وطلعت الشمس استيقظ، وقفز من السرير، ونزل من السلم، وخرج من القصر. فظنت الأميرة أنه خرج، ولن يرجع إلى القصر ثانية، ولن تتضايق منه مرة أخرى ولكنها كانت مخطئة في ظنها وتفكيرها.

فحينما غربت الشمس، وأقبل الليل، سمعت من يدق على باب حجرة الطعام، ففتحته فدخل الضفدع، وتناول معها العشاء. ثم أخذته معها إلى حجرة النوم، ووضعته فوق مخدتها، فنام في سريرها حتى الصباح. ثم خرج ورجع في المساء ففتحت له الأميرة، وتناول معها العشاء، ثم وضعته في يدها، وأخذته إلى سريرها. فنام ليلته الثالثة على وسادتها (مخدتها)، حتى طلع النهار، فاستيقظ، وحدث ما لم يحدث من قبل. فقد تحول من ضفدع قبيح الصورة إلى أمير شاب، معتدل القوام، جميل المنظر، كريم الخلق.

فلما استيقظت الأميرة نظرت حولها فعجبت كل العجب. إذ رأت بجانب سريرها شاباً وديعاً ينظر إليها بعينيه الجميلتين، فسألته: من أنت؟ وكيف حضرت إلى هنا؟ ومن سمح لك بالمجيء؟

فأجابها: أنا أمير مسحور، قد سحرتني ساحرة شريرة مؤذية، لا تخاف الله. وحولتني إلى صورة ضفدع، وحكمت على أن أبقى كذلك، وأعيش في النهر ضفدعاً. وألا يزول السحر إلا إذا رضيت أميرة أن أكل من طعامها، وسمحت لي أن أنام في سريرها ثلاث ليال. وإنك بوفائك بوعدك، ورضاك أن أتناول الطعام معك على المائدة، وأنام على سريرك قد أنقذتني من تأثير السحر. والآن لا أتمنى إلا شيئاً واحداً هو أن تكوني زوجة لي. وأنى أعدك وعدا صادقا أن أكون مخلصا وفياً لك طول الحياة.

فسرت الأميرة سرورا كثيرا، وأخذته وعرفته بأبيها، فهنأه بسلامته، ورضي به زوجا لابنته، وهنأه بها، وهنأها به. ودعا لهما بالسعادة، والهناءة والتوفيق.

واحتفل بزواج العروسين احتفالاً كبيراً يليق بهما. وعاشا عيشة سعيدة طول حياتهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى