الطفولة المتوسطة (سن المدرسة)

حتى لا يصبح مصروف الطفل سبباً في ضياعه

مصروف الطفل عادة متبعة منذ زمن طويل. هدفها أن نجعل الأطفال يعرفون مسؤولية المال منذ صغرهم. ولكن رغم هذا فهي تخلق متاعب كثيرة للأب والأم.

فالطفل عندما يطلب المصروف ويقول له الأب أو الأم أن البيت يمر بأزمة مالية، لا يقدر هذا الكلام بل يصر على طلباته. وقد يتسبب المصروف أيضاً في إثارة الغضب والصراع المستمرين بين الأب والأم والطفل، عندما يطالب الطفل في كل فترة بزيادة المصروف دون أن يفهم الظروف المالية لوالديه.

ولكن ليس معنى هذا الكلام أن نلغي المصروف. ذلك أن بقاءه حتى الآن هو أحسن طريقة لتعليم الطفل قيمة المال وكيف يحافظ عليه. وكيف يقوم بعمل ميزانية صغيرة. وكيف يضع أولويات لاحتياجاته.

وإنما المطلوب من الآباء والأمهات أن يتجنبوا هذه الأشياء التي سنقدمها في هذا الموضوع عند إعطاء أولادهم المصروف.

مصروف الطفل بين الاعتماد والاتكالية

أول شيء أن يوضع في الاعتبار بألا يتحول المصروف الى رشوة.. بمعنى ان يعطى مقابل تنظيف حجرة أو فرش الأسرة أو أن يقوم بإطعام قط أو كلب. أو أن يقوم بغسل السيارة. أو بعد أن تقوم مشادة بين الأب والأولاد ويحاول الأب ارضاءهم بإعطائهم المصروف.

وذلك أن اعطاء المصروف على هذه الصورة يجعل الطفل لا يشعر بانتمائه للأسرة. وإنما يشعر بأنه يأخذ مصروفه كأجر مقابل عمل. وربط المصروف بعمل يقوم به الأولاد ويجعلهم ماديين لا يشعرون بأي نوع من العاطفة. يضاف الى ذلك أنه في بعض الأحيان يعتمد الأطفال على بعض في بعض الأعمال. وتكون النتيجة أن بعضهم يحصل على المال دون أن يفعل شيئاً على الاطلاق. فيشعر بأنه يستطيع أن يهزأ بمجتمعه الصغير وأن يحصل على مال دون عمل.

ويقول علماء النفس: إذا كان لا بد من تكليف الأطفال بالعمل، فيجب أن يكون واضحاً في ذهن الأولاد أن المبلغ الذي يأخذونه كمصروف والمبلغ الزائد هو لشيء يقومون به. فالنظريات الحديثة تقول إنها تعطي الأبن مصروفاً سواء فعل شيئاً أو لم يفعل. ثم بعد ذلك عندما تكلفه بأعمال تعطيه الأجر الذي وعدته لهذا العمل. وبهذه الطريقة يشعر الطفل بالانتماء العاطفي للأسرة حتى ولو لم يعمل شيئاً.

شيء آخر وهو أن المصروف احياناً يعطى كمكافأة عندما يحسن الابن أسلوبه في المنزل أو أن يحصل على تقدير جيد في الامتحان أو أن يتصرف بأدب.

فالمعروف أن الأولاد كالكبار يريدون أن نشعر بهم… ولكن إذا كان المال هو الوسيلة الوحيدة التي يترجم بها هذا الإحساس فتنشأ حياتهم كلها معتمدة على هذا الأسلوب. وهو المادة في الحياة.

مشاكل يجب تجنبها

ولكن الحقيقة أن المشكلة تتطور بحيث أن الأبن يمكن أن يسيء التصرف كلما اراد الحصول على مصروف زيادة. فهو مثلاً يتشاجر في المنزل حتى يقال له إذا لم تتشاجر فسنعطيك كذا. وأحياناً يحاول اثارة المتاعب أو يحاول أن يفاصل على كل درجة من درجات المدرسة. بحيث أنه إذا لم يعط المكافأة لا يبذل أي جهد في المدرسة. أو أن يفتعل الأحداث التي تضايق والديه للحصول على المكافأة نظير الكف عنها. وتكون النتيجة في هذه الحالة ألا يستطيع الأبوان السيطرة على ابنهما. وهكذا تأتي هذه الطريقة على عمل جيد الى نتيجة عكسية.

أيضاً من الأشياء التي يجب الابتعاد عنها كما يقول علماء النفس هو استخدام المصروف كنوع من العقاب. ذلك أن هناك بعض الآباء والأمهات يستخدمون المصروف كنوع من العقاب. بحيث إذا تصرف الأبن تصرفاً غير لائق أو أنه لم يحصل على درجات جيدة في دراسته أو شيء آخر لا يعجب الأب أو الأم. ففي هذه الحالة يمنع عنه المصروف.

نصيحة وإرشاد

وينصح علماء النفس والتربية بألا يكون العقاب بالمصروف ولكن بالحرمان من عدم مشاهدة التليفزيون أو الاستماع إلى الموسيقى مثلاً فاستخدام المال كمقياس للعقوبة يجعل الابن يعرف أنه يستطيع أن يشتري رضاك عنه فالأب الغاضب الذي يمنع المصروف عن ابنه هو في الحقيقة يجعل الابن يشعر بعدم الحب أو إنكار الحب. وفي هذه الحالة يختلط معنى المال ومعنى الحب في عقل الابن.. ويصبح تفكيره وعلاقته بالأسرة علاقة مادية بحتة لا يربطها أي نوع من الحب..

شيء آخر وهو محاولة منع المصروف عن الابن إذا تصرف فيه بطريقة غير سليمة. وهذه المحاولة لا يجب أن يلجأ اليها الآباء لأنها تخلق في الابن شعوراً بأنه لا يوثق فيه.. وأنه طماع وأناني وأن مطالبه غير معقولة ومحاولة فرض تصرفات مالية يتحكم فيها العقل وحده في سن المراهقة هي محاولة فاشلة.

ولكن، يجب أن يكون النصح دون عقاب وبشيء من الحب.

وأخيراً يقول لك علماء النفس: انه من المهم جداً أن تعرف كيف تعطي المصروف لابنك وما هي اللهجة التي تتحدث بها وأنت تعطيه المصروف. وما هي الطريقة التي يمكن تغطية مصروفه.

المصدر
د. محمد رفعت ومجموعة مؤلفين، تربية الطفل صحيا ونفسيا من الولادة حتى العاشرة، دار البحار للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى