التبول اللاإرادي في النهار عند الأطفال مشكلة شائعة تواجهها بعض الأسر. حيث تهتم الأسر بتربية أبنائها على العادات الصحية السليمة. فتعليم الطفل على استعمال الحمام عملية مهمة وضرورية. وقد اختلف الكثيرون في تحديد السن الملائم للبدء في تدريب الأطفال على استعمال الحمام. وبعض الشعوب في أفريقيا تفرض هذا النوع من التدريب بعد سن السادسة من العمر بينما نجد أن المجتمعات الغربية تبدأ هذا النوع من التدريب في سن بكرة يصل أحيانا إلى سن 5 شهور. إن التدريب على استعمال الحمام هو لاشك عملية صحية وأيضاً محكومة التطور الاجتماعي للمجتمع.
جدول المحتويات
ولكن على الرغم من هذا التدريب المستمر – وإن اختلف السن من مجتمع إلى آخر – فقد يخفق أحياناً في المحافظة على بقاء الطفل نظيفاً دون أن يبلل نفسه سواء في الليل أو النهار. فنجد أن التبول اللاإرادي قد يوجد عند الأطفال أثناء الليل أو أثناء النهار ولكل وضع أسباب لابد من معرفتها ومناقشتها ومعرفة طريقة حلولها.
لقد بلغت أمينة السادسة من عمرها وقد دخلت المدرسة الابتدائية هذا العام. ولكن لم تجر الرياح بما تشتهى السفن فأمينة من الأطفال التي تعاني من مشكلة التبول اللاإرادي في الليل والنهار. فمنذ شهر واحد حضرت أمينة مع والديها إلى عيادة الأخصائي النفسي. وقد اشتكت والدتها من أن أمينة تتبول على نفسها في الليل. وقد حاولت معها بشتى الطرق حتى تكف عن ذلك. وتفيد أم أمينة بأنها مشغولة معظم الوقت في العناية ببقية الأبناء وكذلك في تنظيف البيت. وتضيف ربما كان هذا السبب تقول أم أمينة : فعندما كانت أمينة صغيرة كنت دائما مشغولة في عملي بالمدرسة. وعندما أعود انشغل مع الأولاد وفي الاعتناء بالبيت. ريما أهملت أمينة بعض الوقت فتطور لديها هذا السلوك. وليت الأمر توقف عند هذا الحد فقد بدأت أمينة بالتبول على نفسها حتى أثناء النهار. وبعد مراجعة الطبيب المختص أفاد بأن ليس هناك أي سبب عضوي لهذه المشكلة، لذا فهي تطلب المساعدة.
تعريف التبول اللاإرادي
يعرف التبول أو السلس البولي بأنه التفريغ اللاإرادي للبول في حالة غياب سبب عضوي وذلك بعد أن يصل الطفل سن السادسة من العمر.
سوف نبدأ الحديث هنا عن التبول اللاإرادي عند الأطفال أثناء النهار وتبليل الملابس والذي يحدث أثناء صحو الطفل ووجوده في المدرسة أو في المنزل. على الأم أو المعلمة أن تدرك بأن هذا السلوك لا يصبح مشكلة تستدعي الحل والبحث، إلا بعد أن يتكرر هذا السلوك بشكل ملفت للنظر كأن يحدث كل يوم ولمدة أسبوع أو لفترات مختلفة أو ضمن ظروف معينة تستدعي البحث والاهتمام.
أسباب التبول اللاإرادي عند الأطفال في النهار
تنقسم الأسباب إلى نوعين، الأول منها أسباب عضوية تتعلق بإصاية الجهاز البولي بالعيوب أو الالتهابات أو غيره، والتي يتم علاجها بالأدوية أو بالجراحة. وأسباب أخرى (بيئية ونفسية) نجملها تحت الأسباب التي تخلقها البيئة المحيطة بالطفل، ونطلق عليها الأسباب البيئية والنفسية. وهى التي تؤدي إلى ذلك السلوك. وقد يكون العلاج بسيطرتنا وتخلصنا من هذه الأسباب البيئية.
الأسباب البيئية والنفسية للتبول اللاإرادي في النهار
- محاولة الطفل جلب اهتمام وانتباه الأسرة له. كثيراً ما نرى سلوكات مختلفة يقوم بها الأطفال كي يقولوا لذويهم بأنهم موجودون وأن عليهم أن يهتموا بهم (حيث تنسى الأسرة ذلك، نظراً لوجود الكثير من المشاغل) ويجب التحدث مع الطفل واللعب معه وتزويده بما يحتاج من حب وحنان.
- انشغال الأم أو المعلمة وعدم سماع نداءات الطفل. ففي كثير من الحالات يحاول الطفل إشعار أمه أو معلمته بأنه بحاجة للذهاب إلى الحمام ولكن نجد الأم تصرخ به قائلة تعرف بأني مشغولة دون أن تسمع لما يريد أن يقوله. فلا يوجد مفر آخر فيتبول الطفل على ملابسه.
- الظروف المستجدة على حياة الطفل : ربما يحدث سلوك التبول نتيجة ظروف صعبة يمر بها الطفل كسفر أو وفاة، أو مرض أحد المقربين له، فنجد أن الطفل يستغرق في عملية التفكير والابتعاد عن الواقع فيبلل نفسه. أو قد تكون ولادة طفل جديد للأسرة سبباً مهماً يجعل من الطفل الشعور بالخوف على مستقبله داخل الأسرة وأنه لابد وأن يبقى محور الاهتمام فيلجأ إلى هذا السلوك.
- انشغال الطفل في اللعب لفترات طويلة : يستغرق لعب الأطفال أحياناً فترات طويلة حيث يندمج الأطفال بها باللعب دون الإحساس بمضي الوقت أو دون الوعي بضرورة الذهاب إلى الحمام فينسى الطفل نفسه ونتيجة لذلك يحدث التبول.
- الخوف الشديد أثناء العقاب : يتعرض الأطفال أحيانا لمواقف صعبة شديدة. فعند إخافة الطفل من قبل الراشدين أو حتى من قبل زملاء اللعب تجد أنه يتبول دون وعى.
- الخجل والشعور بالحرج : قد يشعر الأطفال بالخجل المفرط عند سؤال الكبار السماح لهم بالذهاب إلى الحمام، هذا الخجل قد يكون سبباً في التبول.
إذن على المهتمات (سواء الأسرة أو المدرسة) دراسة هذه الأسباب بشكل جيد. فعلى الأسرة توفير الرعاية والاهتمام والحب للطفل والاستجابة لنداءاته عندما يتحدث مع الأم ودراسة الظروف المستجدة في حياة الطفل وإشعار الطفل بالأمن وبأنه مرغوب فيه داخل الأسرة وكذلك عدم إخافة الطفل وخلق الرعب المستمر له. وتعويده على عدم الخجل من الاستئذان والذهاب إلى الحمام.
أثر التبول اللاإرادي على الوالدين
غالباً ما يسبب هذا السلوك الحرج للوالدين. ويعيق مشاركة الأسرة في الكثير من النشاطات الاجتماعية، هذا إضافة إلى تضايق الوالدين من نظرة الآخرين لهم حول هذه المشكلة. وغالباً ما يخفي الوالدان هذا الأمر عن الأصدقاء والأقرباء حتى لا يتعرضوا للانتقاد.
أثر التبول اللاإرادي على الطفل
يصاب الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة بظاهرة الانسحاب من المشاركة مع الأطفال باللعب. وقد يرفض الأطفال قضاء الليل عند الأصدقاء أو الأقرباء بسبب هذه المشكلة. ويعانى الكثير من الأطفال من الحرج والخجل عندما يتكلم أحد عن هذا الموضوع. وفي الغالب يكون الطفل الذي يعاني من هذه المشكلة محط انتقاد أخوته بل ويطلقون عليه ألقاباً تذكره بمشكلته التي يعاني منها. لهذا فهو يعانى من كثير من الإحباطات والمعاناة النفسية بسبب هذا الموضوع.
إقرأ أيضاً:
علاج التبول اللاإرادي في النهار
المرحلة الأولى
- مراقبة الطفل : على المهتمين بالطفل سواء كانوا في المدرسة أو البيت أن يراقبوا الطفل لمعرفة عدد مرات حدوث هذا السلوك، ومتى يحدث. إذ أن الإجابة على هذين السؤالين مهمة جداً لتحديد المشكلة. فربما نجد أن هذا السلوك يحدث في أوقات معينة مثلاً قبل الأكل أو النوم أو عند غياب الأم أو الأب أو في حالة دخول الطفل المدرسة لأول مرة أو نتيجة ضغط أو الخوف من الرقابة. على الأسرة أو المعلمة أن تفرق بين كون هذا السلوك عرضي كأن يحدث من حين لآخر كنسبة حدوثه مع أي طفل آخر وبين حدوث هذا السلوك بشكل مستمر. إن تحديد كون هذا السلوك مشكلة أو لا يعتمد على المعلومات التي نجمعها بعد مراقبة الطفل.
- ضرورة معرفة الظروف التي تسبق حدوث هذا السلوك. فقد يحدث هذا السلوك أثناء تواجد الطفل في الحمام أو أثناء التغسيل أو عند انشغال الطفل بلعبة ما أو عند اللعب بالماء.
- معرفة ما يحدث نتيجة لهذا السلوك. فالسؤال المطروح هنا ماذا يعمل الطفل بعد الانتهاء من التبول على ملابسه؟ هل يبقى الطفل صامتاً بانتظار قدوم الأم لمساعدته في تغيير ملابسه؟ أم يذهب بمفرده إلى الحمام دون أن يعلم الآخرين حتى يتجنب الحرج من زملاءه أو أخواته.
- بعد أن ندرك أن هذا السلوك هو مشكلة وتحتاج إلى حل، نجد أنه علينا استبعاد الأسباب العضوية أولاً. فيجب عرض الطفل على طبيب أخصائي لمعرفة فيما إذا كان الطفل مصاباً بأي التهابات تؤدي إلى ذلك السلوك المرضي. وفي حالة استبعاد الأسباب العضوية فعلينا استشارة أخصائي تعديل السلوك للمعاونة والمساعدة على تقديم الطريقة السليمة للعلاج.
المرحلة الثانية: وهي مرحلة التعامل المباشر مع الطفل الذي يعانى من المشكلة
- على الأم أو المعلمة أن تذكر الطفل بين الحين والآخر بالذهاب إلى الحمام. وربما يكون عمل جدول معين للطفل طريقة مفيدة في متابعة الطفل وليكن ذلك مثلاً كل خمسين دقيقة. وإذا كان هذا الوقت كثيراًً فربما نبدأ بفترة أقل مثل ثلاثين دقيقة. بحيث تعمد الأم إلى تذكير الطفل بالذهاب إلى الحمام.
- مراقبة حركات الطفل بشكل واضح. فهناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى أن الطفل بحاجة للذهاب إلى الحمام، منها انقضاء فترة طويلة من اللعب. فعلى الأم أن تعرض على الطفل الذهاب إلى الحمام كما أشرنا سابقاً. وهناك دلائل جسمية واضحة تبدو على الطفل كمحاولته وضع يده على أعضاثه التناسلية بشكل عفوي دائم وذلك أثناء اللعب خصوصاً عند شعوره بالضرورة إلى التبول ولكن انشغاله باللعب يجعله يؤجل ذلك. وقد تنطبق نفس الدلائل على وضع الطفل في المدرس. فعلى المعلمة أن تدرك أن الطفل في السنوات الأولى من العمر يحتاج للذهاب إلى الحمام وتذكيره أكثر من الكبار.
- أن تشجع الأم وتعزز سلوك النظافة عند الطفل. فكلما وجدت الطفل غير مبلل تشجعه وتشكره على انتهائه وسيطرته على تلك المشكلة وتحتضنه أو تعطيه حلوى أو أن تأخذه معها إلى مكان يحبه. وهكذا.
- على الأم متابعة الطفل بعد ذلك وتستمر على عملية التعزيز بين الحين والآخر. وإذا حدث أن عاد الطفل إلى التبول مرة، مثلاً كحادثة عرضية، فعلى الأم أن لا تركز على تلك الحادثة بل وتستمر في تعزيز الطفل عندما يكون غير مبلل.
أبو حميدان، يوسف عبدالوهاب. (2001). العلاج السلوكي لمشاكل الأسرة والمجتمع. العين، دار الكتاب الجامعي.