قصة عصفور الكرز

تعلم قصة عصفور الكرز الاطفال الصغار خطورة حسد النعمة في يد الأخرين ونهاية الحقد الدفين في القلب وسوء خاتمته على صاحبه الحسود.

الكنز وعصفور الكرز

كان في إحدى قرى الصين فلاح يعيش مع زوجته في أمان وسلام. وعندهما عصفور جميل يسليهما بتغريده وشدوه. فإذا ما خرج الزوجان في نزهة أخذا معهما في العصفور.

وفي إحدى المرات خرج الزوجان في نزهتهما المسائية والعصفور على كتف صاحبه. ولكن ما أن توغلا قليلاً في البرية حتى طار العصفور وحط عند جذع شجرة كبيرة، وراح ينقر الأرض بمنقاره ويصفر.

حار الزوج بأمر العصفور وبنقره الأرض… فحفر بيديه ولم يجد شيئاً.

ولكن العصفور استمر ينقر الأرض بمنقاره، فأحضر الرجل عصا وراح ينكش بها الأرض، فإذا بكنز يبرز له.

فرح الزوجان كثيراً وقبلا العصفور ثم حملا أموال الكنز وعادا إلى بيتهما، والعصفور يغرد طرباً.

فكر الزوجان طويلاً، إنهما رزقا بهذا المال ولكنهما لا يحتاجان إليه كله. فقررا مساعدة المعوزين من أهل القرية.

وبعد أيام، بدت بطبيعة الحال مظاهر النعمة على الزوجين، فطفقا يوزعان الأطعمة والهدايا والمنح المالية على المعوزين والمحتاجين والمتقدمين في السن والمرضى من أهالي قريتهما.

التفتت الزوجة بعد ذلك إلى العصفور وقالت:

– أما أنت يا أيها العصفور الطيب فسيكون لك أجمل وأفخم قفص تسكنه وتلجأ إليه..

أكرمت الزوجة العصفور إكراما لائقاً به، وتعهد الزوج بخدمة العصفور وإطعامه. وأقاما له قفصاً ذهبياً علقاهُ في غصن شجرة الكرز في الحديقة. راحت الألسن تغلظ في القرية وتتحدث عن الزوج والزوجة والكنز الذي طالعهما.

قال الزوج لزوجته في أحد الأيام أن المال قد أخذ منهما كل اهتماماتهما حتى لم يعد عندهما وقت لأخذ العصفور في نزهة في البرية.

جار حسود

سمعهما جار حسود فقرر أن يقوم بعمل ما. ولذلك ما أن ترك الزوج البيت إلى عمله حتى أقبل يدق باب البيت ويقول:

– جئت أهنئكما على الحالة التي وصلتما إليها، ولاحظت أن لا وقت عندكما لأخذ العصفور في نزهة فأقبلت أقدم نفسي للقيام بهذه المهمة.

لم تكن المرأة تعرف سوء النوايا. فأعطته العصفور لينزهه… وقالت له:

لا تتأخر به أرجوك …

حين عاد زوجها من عمله في المساء أخبرته أنها أعطت العصفور للجار ليأخذه في نزهة. قال لها:

– حسنا فعلت.

ولكن المساء أقبل ولم يعد الجار لهما عصفورهما. في تلك اللحظة تذكر الزوج أن الناس يقولون عن جاره “أبي الهمم” أنه إنسان شرير، فذهب إليه يسأل عن العصفور، فقال له:

العصفور؟!! يا له من عصفور غليظ الذهن.

شدد الزوج علي أخذ عصفوره، فقال له الجار:

– مات عصفورك.

طار صواب الزوج، وكاد يشتبك مع جاره في قتال، ولكنه ضبط نفسه وسأله: “كيف مات العصفور؟” أجاب الجار الشرير:

– أخذته إلى الغابة وقلت له: أنت دللت صاحبك إلى مكان الكنز فأرشدني إلى كنز يكون لي وحدي… فلم يتحرك. وأخيراً بعد أن ألححت عليه دلني، فحفرت فإذا في الحفرة، حية لسعتني، فقتلته وقتلت الأفعى.

قال الزوج في حزن:

– أعطني عصفوري جثة هامدة أريد أن أكرمه…

أخبره الجار أنه ترك العصفور عند الشجرة في البرية.

بكى الزوج والزوجة على عصفورهما الحبيب. وفي اليوم الثاني ذهب الزوج إلى البرية باكراً، وأحضر جثة العصفور ودفنها تحت شجرة الكرز، فأنبتت في الحال وفي غير موسمها، وأثمرت ونضج ثمرها.

وصار الناس كلما مروا بحديقة الرجل وزوجته يندهشون لهذه الظاهرة الغريبة في الشجرة.

جرن الأرز

لاحظ الزوج أن الشجرة راحت تنمو بسرعة زائدة، وأنها ارتفعت فوق سقف بيته، فخشي أن تسقط أغصانها وتهدم بيته. ولذلك قطع الأغصان التي تهدد البيت. وقالت له زوجته:

– هذا غصن جذعه كبير… ويصلح لأن يكون جُرناً لدق الأرز… ونحن ليس عندنا جُرن لدق الأرز، فأصنع لنا واحداً منه.

صنع الزوج من جذع الغصن جُرناً جميلاً للأرز. وصدف أن كان موسم الأرز تلك السنة شحيحاً جداً ففرغت المستودعات ولم يبق من الأرز غير النذر القليل. وتعرض الكثيرون من السكان للجوع.

قالت الزوجة مرة لزوجها:

– تعال يا زوجي ندق ما عندنا من أرز في جُرننا ثم نوزع ما باستطاعتنا توزيعه على الجيران المساكين.

أثني زوجها على عاطفتها الرقيقة وروحها الطيبة، ووضع قليلاً من الأرز في الجُرن، وأخذت الزوجة تدقه، فإذا الجُرن يمتلئ بالأرز المدقوق ويندلق على الأرض ويتكاثر بسرعة غريبة.

قال الزوج:

– إنه لأمر غريب حقاً… إن كل ما نضعه في الجُرن يتكاثر ويتزايد بشكل مدهش.

قالت الزوجة:

– أرأيت… إن العصفور كان بركة علينا، لقد أعطانا الكنز ثم أعطى شجرة الكرز نمواً هائلاً، وجعل الجُرن الذي هو من شجرة الكرز يمتلئ دائما بالأرز.

تأكد للزوج أن مشكلة القرية قد حُلت فقد قرر أن يوزع الأرز المدقوق على الأهالي، وبذلك لن يشعر أحد بالمجاعة.

نقل الزوجان الأرز إلى جميع سكان القرية ولم يبق أحد منهم في عوز للأرز وهو المادة الغذائية الأولى بالنسبة إليهم كما هو القمح بالنسبة إلينا.

بدأ الناس يتحدثون عن أعمال الزوجين وكرمهما، وعن الجُرن الذي يتدفق الأرز منه كلما دقوهُ فيه.

حسد لا ينتهي

رأى الجار ما يجري عند الزوجين.. فقال في نفسه:

– لماذا لا يكون عندي أرز فائض، سأذهب إلى جيراني وأستعير جُرنهم لدق الأرز.

لم يكد يقرع الباب ويعلن أنه الجار حتى بادرته الزوجة قائلة:

– أهذا أنت يا قاتل العصفور؟ أرجع من حيث أتيت.

بدأ الجار يستغل طيبة قلب المرأة، ويقول:

– يا جارة، أنتم جماعة من خيرة الناس الطيبين، وقد تعودنا نحن على فضلكم، أعيروني جُرنكم لأدق الأرز.

حن قلبها عليه، فأعارته الجُرن وهي تقول:

– اسمع يا جار… سأعيرك الجُرن شرط أن تعيده بعد الظهر. إياك أن تفعل به ما فعلت بالعصفور!!

وعدها وعداً جازماً ولكنه كما فعل بالعصفور فعل بالجرن… وانتظر الزوجان أن يعاد إليهما الجرن بعد الظهر ولكن على غير طائل.

عند المساء ذهب الزوج إلى الجار فشاهده يشعل ناراً. فقال له:

أين الجرن يا جار؟!

أجابه قائلاً:

يا له من جُزن خبيث… لقد وضعت فيه الأرز فملأ دارتي بالحجارة… فأحرقته.

صاح الزوج:

هل أحرقت جُرني؟! يا لك من لص لئيم.

واندفع الزوج إلى رماد الجرن وجمعه في قطعة من قماش، ثم أخذ ينثر منه على شجرة فنمت بسرعة.. ونثره على أشجار القرية فنمت في غير مواسمها.

وعرف في كل أنحاء البلد أن لهذا الرجل قدرة غريبة على رش الرماد فوق الأشجار فتنمو بسرعة.

استدعاه والى البلاد فرش الرجل جنائن القصر فأينعت وتلقى مُكافأة مالية كبيرة من الوالي.

سمع الجار الحسود بالأمر فقال: أنا سأذهب إلى الوالي، فما زلت أحتفظ ببعض رماد الجرن. وطبعاً سيكافئني الوالي بأموال كثيرة.

عقوبة الحسد

في موعد الموسم الثاني، ذهب الجار الحسود إلى الوالي يقول:

– مولاي الوالي، جارنا مريض وقد أرسلني لكي أنثر الرماد على أشجاركم لتنمو وتغطي الغلال الوافرة.

سمح له الوالي بذلك ولكن ما أن نثر الرماد على الأشجار حتى ذبلت ويبست ومانت، فغضب الوالي عليه وأمر بجلده.

ارتفع صراح الجار الحسود عاليا وهو يصيح:

– آخ… إيخ …. أوخ… أنا أستحق أكثر من هذا … يا لشقائي… هذه نتيجة الحسد.

عاد الجار الحسود إلى بيته باكياً شاكياً… ومنذ ذلك الحين امتنع عن شروره، وعاش جيرانه بالهناء والنعيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى