قصة حذاء الطنبوري

تعلم قصة حذاء الطنبوري الأطفال والصغار عاقبة البخل وأثره على صاحبه من خلال أحداث قصة جعفر الطنبوري البخيل على نفسه.

بخل الطنبوري

كان في مدينة تاجر غني جدا يعتبر من أغني تجار البلد واسمه جعفر الطنبوري…

كان جعفر يملك الأموال والسلع والمستودعات والمباني والمزارع والأراضي والينابيع، ما لا يخطر على بال إنسان.

ولكنه رغم كل ثرائه كان بخيلاً شحيحاً إلى درجة أن أفقر فقراء المدينة يعيش حياة أفضل من حياته.

حين يأكل.. يتناول حبتين أو ثلاث حبات من التمر ويكتفي، لأنه مقتنع بأن على الإنسان ألا يكون شرهاً فإن أكل فعليه أن لا يشبع. وإذا أراد جعفر الطنبوري أن يأكل أكلة تذكر. فإنه ينتظر نهاية النهار ليمر على باعة السمك ويشتري سمكة بائتة نتنة بأبخس الأثمان.

وجرت العادة في مثل هذه الحالات – وهي قليلة – أن يقول جعفر للبائع:

– هات أعطني هذه السمكة يا ابن أخي، أنا للحقيقة لا أكل كثيراً… ولكن لا بد للإنسان أن يأكل من وقت لآخر، أنا يا ناس، لا أحب الطعام، صدقوني!!!

ويأخذ الطنبوري السمكة الفاسدة ويضعها فوق النار دون زيت أو سمن، إمعاناً في التوفير… وهو يقول:

– السمك يؤكل هكذا… وهذا أفضل للصحة.. لأن الزيت والسمن مضران بالمعدة، صدقوني يا ناس…

ولشدة بخله فهو يرتدي ثيابه الداخلية خمس سنوات متعاقبة على الأقل قبل أن يغيرها.. وإن اتهم بالبخل أجاب:

– لست بخيلاً ولكنني لا أستطيع أن أغير ثيابي خوفاً من أن أخذ برداً، وجسمي حساس.

أما قميصه.. فكان يستعمله عشر سنوات على الأقل. وثوبه عشرين سنة. ويبرر ذلك بقوله:

– صدقوني يا ناس، إذا تعرضت لأقل نسمة هواء تتملكني أوجاع عصبية مؤذية، ولذلك لا أخلع ثيابي.

حذاء الطنبوري

ولكن المشكلة الكبرى تركزت في حذائه، فقد بقي يستعمله أكثر من خمسين سنة ولم يغيره.. وإن نوه أحد بحذاء الطنبوري، أجاب:

– كيف أغيره، لا يمكنني ذلك، أنا لا أرتاح إلا فيه… فقدماي حساستان إلى درجة أنني إذا انتعلت أي شيء آخر غير هذا الحذاء لا أعود أقوى على السير.

وكان إذا تقب الحذاء.. أخذه إلى الإسكافي وطلب منه أن يرقعه ويضع له نعلاً فوق نعل فوق نعل، حتى صار الحذاء رقعة فوق رقعة ونعلاً فوق نعل، ومسماراً فوق مسمار. وأصبح حذاء الطنبوري أضخم حذاء في البلد.

وإذا ما سار جعفر الطنبوري بين الناس صاحوا منادين:

– انظروا ها هو جعفر الطنبوري، نصفه إنسان ونصفه حذاء!!

ويجيب الطنبوري مدافعا عن نفسه:

– صدقوني يا ناس… قدماي لا ترتاحان إلا إذا انتعلت هذا الحذاء.

ومرة رثى لحاله أحد أصدقائه، حين شاهد الناس يسخرون منه لشدة بخله، فقرر أن يفعل شيئاً ليرد اعتبار هذا الرجل في عيون الناس. لذلك أشترى له حذاء جديداً مُوَشىً بخيوط من الذهب والفضة.

ولحق بجعفر إلى أن خلع حذاءه ودخل يصلي، فأخذ الحذاء القديم وترك مكانه الحذاء الجديد.

حذاء جديد

وحين أقبل جعفر لينتعل حذاءه، وجد أن الحذاء المشهور مفقود … فغضب كثيراً وحزن وبدأ يصرخ:

– صدقوني يا ناس تركت حذائي هنا… حذائي تركته هنا … وخرجت فلم أجده…

ضحك الناس وقالوا له مازحين:

– تقصد أن نصفك الآخر قد ضاع منك!!!

وأخذ الطنبوري يصرخ قائلاً:

– أعيدوا لي حذائي… أتوسل إليكم إنه رفيقي.

وضحك الناس أكثر فأكثر.. وسرهم هذا الخبر… وتركوه ولم يبق معه في الفسحة غير الحذاء الجديد المُوَشى بالذهب والفضة، ولم يأت أحد ليطلبه… فانتعله وسار به وهو يعلل ذلك بقوله:

– لا شك أن أحدهم أخطأ بحذائي فانتعله ونسي حذاءه…

تهمة سرقة

ومن ناحية أخرى، كان الصديق القديم قد أخذ حذاء جعفر الطنبوري وسار في الطريق، فوجد رجلاً فقيراً حافي القدمين، فعرض عليه الحذاء وقدمه له، ولكن الرجل الفقير رفضه بإباء وشمم.

طبعاً، لا يمكن أن يرضى إنسان به إلا الطنبوري! ولذلك أضطر الصديق أن يأخذ الحذاء ويقذف به فوق جدار عالِ إلى حديقة في طرف البلد، ويعود إلى بيته مرتاح البال.

ولكن من أين للطنبوري أن يستريح، فالناس كل الناس في المدينة يعرفون أن هذا الحذاء هو حذاء جعفر الطنبوري، فما أن دخل صاحب الحديقة إلى أرضه حتى شاهد الحذاء فاعتقد أن أحداً دخل الحديقة، وسرق من بيته المال.

وأسرع الرجل إلى بيته، فإذا ماله مسروق!! ومن يسرقه غير صاحب الحذاء جعفر الطنبوري. فرفع دعوى عليه. وطار صواب الطنبوري وراح يصرخ أمام الناس:

– أنا أسرق أموال الناس حاشا وكلا!!

وحين واجهوه بوجود حذائه في حديقة الرجل قال:

– صدقوني يا ناس، أنا لا أسرق… عندي من الأموال ما لا تحلمون به….

وعاد الناس يهددونه قائلين:

– الخسيس… يقترف كل شيء ليجني المال، أنت السارق يا طنبوري.

رد الطنبوري:

– أنا لست بسارق… صدقوني.

ولم يصدقه أحد… فأدين وحكم عليه بأن يجلد مئة جلدة … وأن يدفع ألف قرش ذهباً.

وبعد أن جُلد، أعطي حذاءه القديم لينصرف به لأن أحداً لا يريد أن يرى هذا الحذاء المشؤوم.

بكى جعفر لما أصابه من أذى وألم وخسارة من المال… ولكنه أخذ حذاءه القديم إلى خارج البلد ورماه في إحدى الحفر العميقة.

ولكن كلباً شم رائحة الحذاء… فالتقطه وأعاده على دفعتين بفطرة تعقب الرائحة إلى بيت جعفر الطنبوري صاحب الحذاء… فكلاب المدينة أيضاً تعرف حذاء الطنبوري المشهور.

عودة حذاء الطنبوري

استيقظ الطنبوري في صباح اليوم التالي، فوجد لدهشته الحذاء القديم قربه.

فطار صوابه… وصرخ قائلا:

– مستحيل… أنا أخذت الحذاء بيدي إلى خارج المدينة وقذفت به إلى الحفرة العميقة، فهل يمكن أن يكون قد عاد لوحده سيرا على نعليه؟!!

أوقد الطنبوري ناراً ليحرق الحذاء… فاشتعل البيت، واحترق كله… وتهددت بيوت المنطقة بالحريق. إلا أن الناس تمكنوا من إخماد الحريق ليفاجئوا جميعاً بالنتيجة، فالحذاء ما زال كما هو ولم يحترق.

نهاية بخل الطنبوري

حار جعفر الطنبوري كيف يمكنه أن يتخلص من حذائه. وبعد تفكير عميق، أخذ الحذاء إلى خارج أسوار المدينة، وحين وجد حفرة وضعه فيها وردم فوقه التراب.

وكان تاجران غريبان قد وضعا في تلك الحفرة كيساً من الذهب وراقبهما أحد اللصوص، فما أن ذهبا حتى أقبل اللص وحفر، وأخذ كيس الذهب تاركاً الحفرة مفتوحة. ولما عاد التاجران… لم يجدا مالهما، بل وجدا الحذاء في مكانه… فأقاما دعوى على صاحب الحذاء المشهور التاجر البخيل، جعفر الطنبوري الذي أندفع في الشوارع يصرخ:

– يا ناس صدقوني… لم آخذ شيئاً… ولكن حذائي يجني علي..

وأدين جعفر الطنبوري، وصودرت أملاكه واعتبر لصا فقطعت يده… وضاقت به الدنيا، فقرر مغادرة البلد.. ركب قارباً وأراد أن يجذف فلم يتمكن من ذلك وهو بيد واحدة، فمال به القارب وانقلب، أراد أن يسبح لينقذ نفسه ولكنه لم يتمكن من السباحة بيد واحدة. ومنذ ذلك الحين، لم يعد أحد يعرف شيئاً عن الطنبوري غير قصة حذائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى