قصة النافذة الذهبية

تعلم قصة النافذة الذهبية الصغار أهمية القناعة وتقدير الجمال في حياتنا اليومية وعدم النظر لحياة الأخرين فمن ينظر إلي حياة غيره تفسد عليه حياته

بيت نوافذه من ذهب

تعب الصبي لكثرة ما عمل في الحقل طول النهار في جد ونشاط.

أبوه فلاح عادي ليس في وسعه أن يدفع أجرة عامل ليساعده في أعمال الحقل. ولذلك كان على الابن الصغير أن يعمل من الصباح حتى الغروب.

كان يعتلي دائماً مرتفعاً يشرف على الحقول والتلال البعيدة ويوجه نظره إلى تلة على بعد أميال، يقوم عليها بيت تشع نوافذه بالذهب والجواهر فتبهر بصر الصبي.

ولكن لم تكن الشمس لتغيب حتى يغلق سكان البيت مصاريع نوافذهم فيبدو بيتاً عادياً متواضعاً في إحدى المزارع المنتشرة في الحقول والروابي.

اعتقد الصبي أن سكان ذلك البيت يغلقون النوافذ لأن موعد العشاء قد حان، فيتوجه إلى بيته ليتناول عشاءه المؤلف من كسرة خبر مع كوب صغير من الحليب، ثم يأوي بعدئذ إلى فراشه ليسترسل في نومه قرير العين.

استكشاف البيت البعيد

وفي أحد الأيام استدعى الوالد ابنه وقال له:

– أثبت لي في كل مرة أنك صبي نشيط ومطيع، ولذلك فإنك تستحق يوماً من الراحة، فخذ إجازتك اليوم وأفعل ما تشاء. ولكن تذكر أن عليك ألا تضيع هذا النهار سدى. بل عليك أن تتعلم أشياء مفيدة في هذا النهار.

شكر الصبي أباه وودع أمه وأخته بعد أن وضع قطعة من الخبر في جيبه، وسار باتجاه البيت الذي تشع شبابيكه بالذهب والفضة عند المغيب ليستطلع حقيقته.

شعر الصبي في طريقه بالجوع، فجلس بجانب نبع صغير، ثم تناول الخبز من جيبه، فأكل وشرب من ماء النبع العذب. وأخيراً نشر ما بقي معه من فتات الخبز على الأرض طعاماً للعصافير وتابع سيره.

بعد وقت قصير وصل الصبي إلى تلة خضراء، وما أن اعتلاها حتى وجد بيتا فوق قمتها مغلق النوافذ ولا يشع منها الذهب كما كان يراها من بعيد.

طاف الصبي حول البيت فلم يجد على النوافذ غير ألواح من الزجاج العادي هي في الحقيقة كأي نافذة أخرى من نوافذ البيوت العادية. ولم يجد أي أثر للذهب أو الفضة عليها.

بيت مثل بيتنا

في هذه الأثناء أطلت امرأة من الباب، ونظرت إلى الصبي في حنان وسألته:

– ماذا تريد يا صغيري؟

أجاب:

– عفوا يا سيدتي. شاهدت من التلة التي يقوم عليها بيتنا نوافذ ذهبية في هذا البيت فجئت لأراها عن قرب… فإذا هي زجاج عادي كزجاج بيتنا.

ضحكت المرأة وقالت:

– نحن فلاحون عاديون يا صغيري ولا يمكن أن يكون لنا نوافذ من ذهب. ولكن الزجاج الصافي هو أفضل من الذهب ومن أي شيء آخر فهو يرد عنا الهواء ومياه الأمطار، وعبره يدخل نور الشمس إلى المنزل. ونستطيع من خلاله أن نرى كل شيء في الخارج على أحسن وجه.

دعت المرأة الصبي للجلوس على حجر قرب الباب، وأحضرت له فنجاناً من الحليب مع كعكة لذيذة، وقالت له:

– كل على مهلك يا صغيري، وستأخذ ابنتي الصغيرة مكاني في استقبالك والترحيب بك، فأنا – إن سمحت – مشغولة بأعمال المزرعة.

نادت المرأة ابنتها لتبقى مع الصبي، وتوجهت هي إلى شأنها.

كانت الفتاة في عمر الصبي، وقد سارت حافية القدمين مثله، ترتدي فستاناً بنياً وتتدلى على وجنتها خصلات شعرها الذهبي، تلمع كما كانت نوافذ بيتها تشع بالذهب عند المغيب وكان لون عينيها أزرق كلون السماء الصافية.

دعت الفتاة ضيفها الصغير إلى جولة في مزرعة أهلها وأطلعته على الإسطبل وعلى عجل أسود يتميز بنجمة بيضاء تزين جبهته.

وأخبرها الصبي في المقابل عن عجل عند أهله في البيت كستنائي اللون يتميز بلون أبيض يكسو قوائمه الأربع.

قدمت الفتاة تفاحة للصبي، فتقاسماها وأكلاها معا. واغتنم الصبي الفرصة فسألها عن سر النوافذ الذهبية في بيتها.

هزت الفتاة رأسها وقالت:

– أنا أعرف كل شيء عن هذه النوافذ المشعة بالذهب ولكنها ليست هنا. لقد أخطأت المكان، إذ جئت في الاتجاه المعاكس يا صديقي. تعال معي وأنا أريك البيت المميز بالنوافذ الذهبية، وسترى ذلك بنفسك.

بيتنا يلمع بالذهب للأخرين

مشى الصغيران إلى هضبة صغيرة خلف البيت، وفيما هما يسيران أخبرته الفتاة أن النوافذ الذهبية لا يمكن أن تراها العين إلا قبيل الغروب.

قال الصبي:

– نعم أنا لاحظت ذلك.

وحين بلغا قمة التلة كانت الشمس تطلق أشعتها على زجاج أحد البيوت المواجهة. فالتفتت الفتاة وأشارت إلى بيت بعيد تشع نوافذه كالذهب.

وقالت:

– هذا هو البيت الذي نوافذه من ذهب.

حدق الصبي في البيت وصاح:

– هذا هو بيتنا يا صديقتي.

وتطلع الأثنان إلى بعضهما، وقال الصبي متابعاً كلامه:

– يبدو أن بيوتنا جميعها تلمع كالذهب عند انعكاس نور الشمس على زجاجها.

ضحك الاثنان أمام هذه الحقيقة، ثم استأذن الصبي من الفتاة ليعود إلى بيته قبل حلول الظلام، وعاهدها بأن يعود ويزورها في وقت قريب، ثم قفل راجعاً إلى بيته، فلم يبلغه إلا عند حلول الغروب.

كان بيت الصبي يتلألأ بالأنوار التي تنعكس من نوافذه الزجاجية فتجعلها مشعة مشرقة بلون الذهب.

القناعة أغلي ما نملك

استقبلته أمه وأخته بالترحاب. وسألته أمه ما إذا كان قد أمضي وقتاً طيباً، فأجاب:

– إنه يوم عظيم فعلاً.

وسأله أبوه إن كان قد تعلم شيئاً جديداً من رحلته، فأجاب الصبي:

– تعلمت أن كل بيوت القانعين في الحياة متساوية، وأن بيتنا كبيوتهم تماماً، نوافذه تشع بالذهب والجواهر وراحة البال.

ومضت سنوات بعدد أصابع اليد فإذا بالصبي وقد أصبح شاباً، يتوجه مع أهله إلى الفتاة الشابة التي تشع نوافذ بيتها بالذهب، ليطلب يدها. وتقام الأفراح ويعيش الأثنان معاً في هناء ونعيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
@media print{ #the-post .post-meta .meta-item.last-updated{display:none;} }