يعد المحتوى التعليمي أحد أهم عناصر المنهج الدراسي، فهو الأكثر تأثيراً في تحقيق الأهداف التربوية التي يسعي إليها المنهج. ويعرف بأنه مجموع المعارف المختارة والتي يتم تنظيمها وترتيبها علي نسق محدد، سواء كانت تلك المعارف حقائق أو مفاهيم أو أفكار.
جدول المحتويات
مفهوم المحتوى التعليمي
يعد المحتوى التعليمي جزءاً لا يتجزأ من المنهج الدراسي، وترجع أهميته إلي حقيقة أنه العنصر الأكثر تحديداً ووضوحاً مما يجعله يلقي الكثير من الاهتمام عند الاختيار والتنظيم والتطبيق. ويقصد بالمحتوى التعليمي كأحد عناصر المنهج الدراسي بأنه مجموعة الخبرات التربوية التي تقدم من خلال المقررات الدراسة التي تعدها المؤسسة التربوية (المدرسة) للمتعلمين من اجل دراستها ومساعدتهم على النمو المتكامل.
يشتمل المحتوى علي المعرفة المنظمة والمتراكمة عبر تاريخ البشر من التجارب والخبرات، بالإضافة إلي القضايا اليومية التي لم يتم تنظيمها بعد في مجال معرفي معين، مثل قواعد السير والمشكلات الإجتماعية المعاصرة وغيرها. وبهذا نري أن المحتوي أوسع وأكثر شمولية من المعرفة كما في الشكل التالي.
و كذلك المعارف المنظمة لها عدد من المستويات، فأوسعها هو المجال، مثل: مجال العلوم الطبيعية، وأصغرها هو الموضوع الذي نتعامل معه في الحصة الصفية.
عناصر المحتوى التعليمي
يتضمن المحتوي اختبار وتنظيم معرفة محددة (مثل الحقائق والمعلومات والمفاهيم وغيرها)، أو مهارات (مثل تعلم مجموعة مهارات في سلسلة من الخطوات المتلاحقة)، أو ظروف ومواقف محددة حول موضوع دراسي معين. وهذا ما يفعله المعلم عادة عند التحضير للدروس اليومية، أو وضع خطة تدريسية لوحدة دراسية معينة. وبذلك فإن المحتوي يتكون من عدة عناصر، من أهمها:
- خبرات خاصة بالمتعلم: ويتم تقديمها في شكل مقررات دراسية تترجم فيها الخبرات السابقة والمنشودة إلى أنساق تدريسية تقدم بما يتفق مع الإطار الفكري للمجتمع، وبما يساعد علي تحقيق أهداف المنهج.
- خبرات خاصة بالمعلم: تقدم غالباً في صورة كتيب يعرف باسم “دليل المعلم” يشتمل علي منظومات تدريسية متكاملة توجه أداء المعلم مع التلاميذ، بالإضافة إلي إمكانية تقديمها في صورة برامج تدريسية للمعلم أثناء الخدمة وبما يساعد المعلم على تحقيق أهداف المدرسة.
- خبرات خاصة بالموجهين والتربويين: وعادة ما تقدم في شكل برامج تدريبية تساعد الموجهين علي القيام بدورهم وتوجيه المعلمين بما يحقق اهداف المنهج الدراسي.
- خبرات خاصة بإدارة المدرسة: وتكون في صورة برامج تدريبية تقدم بما يخدم إدارة المدرسة ويحقق أقصى استثمار واستفادة بالطاقات البشرية والمادية في المدرسة.
ومحتوى المنهج لا يشير إلي الأجزاء المنظمة في طريقة منهجية لصنع المواد الدراسية المختلفة فحسب، بل ويشير كذلك إلي الوقائع والظواهر التي تحدث عبر حدود المواد الدراسية المختلفة، حيث يمكن لأحدنا أن يدرس أنظمة المواصلات، والتلوث، ……. إلي أخر هذه المواضيع التي تعتبر من محتوى المنهج.
ويمثل المحتوى نقطة البداية التقليدية لتدريس المعلمين، وخاصة تدريس المقررات التي تركز على محتوى المادة الدراسية وغالبا ما تكون الكتب الدراسية المقررة هي المصدر الأصلي لنشاط التدريس والتعلم. فمنها يحدد المعلم أهدافه والمحتوى وترتيب خطوات التدريس، وهذا لا يعنى أن الكتاب المدرسي هو المصدر الوحيد لمحتوى المادة الدراسية، فالمحتوى في معظم مجالاته يتسم بالدينامية والتغير، ويمكن إعادة تنظيمه وتشكيلة كما في حالات ضم بعض المقررات التقليدية معا أو بناء مقررات جديدة يتناول فيها المحتوى موضوعات عريضة معاصرة مثل التكنولوجيا والقيم الاجتماعية، البيئة وغيرها.
تصنيفات المحتوى التعليمي
يتم تصنيف المحتوى على أنه تصنيف للمعرفة والمعلومات المنظمة فيه بالاعتماد على معايير للتصنيف هي:
- معيار الأهداف وهنا نصنف المعرفة المنظمة أربعة أنواع هي:
- معرفة إدراكية.
- معرفة قيمية
- معرفة أدائية.
- معرفة اجتماعية.
- حسب المجالات والحقول.
- معرفة طبيعية.
- معرفة إنسانية.
- معرفة شكلية (رياضية).
- معرفة تطبيقية.
- معرفة حاسوبية.
- حسب نتاجات التعلم: وهذه المعارف تتخذ شكلاً هرمياً يبدأ بالحقائق وينتهي بالقيم والاتجاهات وتصنف إلى:
- الحقائق والبيانات.
- المفاهيم.
- المبادئ والتعميمات
- الفرضيات والنظريات.
- المهارات.
- القيم والاتجاهات.
- حسب وسائل إدراكها وتصنف إلى:
- الإدراك بالوحي.
- الإدراك بالإلهام.
- الإدراك بالحواس.
- الإدراك بالتجريب.
- الإدراك بالعقل.
- الإدراك بالحدس.
اختيار المحتوى التعليمي
هناك ثلاث خطوات في اختيار محتوى المنهاج التعليمي وهي مرتبة على التوالي كما يأتي:
- اختيار الموضوعات الرئيسة: ويجب أن تتناسب هذه الموضوعات مع الأهداف.
- اختيار الأفكار الرئيسة التي تحتويها الموضوعات: وهذه الأفكار يجب أن تحتوي على المعلومات الكافية بالنسبة للمتعلم، ويجب اختيارها في مواقف تعليمية مختلفة، وتعديلها إذا لزم الأمر، ويتم اختيارها من قبل المدرسين ذوي الخبرة.
- اختيار المادة الخاصة لكل فكرة رئيسة في ضوء الأهداف.
معايير اختيار المحتوى التعليمي
تتطلب عملية اختيار المحتوى التعليمي معايير عدة يمكن أتباعها وهي:
- هدف المحتوى: ويعني الدقة والارتباط بالأهداف ومواكبة للتقدم العلمي المعاصر.
- الملائمة للواقع الاجتماعي: يعني أن يكـون مرتبطاً بالمنظومة القيمية الاجتماعية والواقع الاجتماعي والثقافي.
- التوازن: ويكون بين العمق والشمول، وبين النظري والعملي، وبين الأكاديمي والمهني وبين احتياجات الفرد والمجتمع.
- ان يكون منسجماً مع ما توصل إليه علم نفس الطفل من مبادئ ونظريات، حيث يتم اختيار المحتوى بشكل يتناسب مع مستوى تفكير الأطفال.
- أن يراعي ميول واحتياجات الطلاب.
- مراعاة المحتوى لتعلم الطلبة السابق.
تنظيم المحتوى التعليمي
تعرف عملية تنظيم المحتوى التعليمي، بأنها هي طريقة تتبع لتجميع أجزاء المحتوى التعليمي ثم تركيبها وفقاً لنظام وترتيب معين، بحيث يربط بين أجزاءه علاقات داخلية كما يرتبط مع موضوعات أخري بعلاقات خارجية، بهدف تحقيق الأهداف التعليمية التي وضع من أجلها في أقصر وقت وجهد ممكنين وبأقل تكلفة اقتصادية.
إن المحتوى التعليمي بنيتان هما:
أولاً: البنية المنطقية
ويتم تنظيمها بعدة طرق هي:
- بنية مفاهيمية: وهي عبارة عن حقائق ومفاهيم ومبادئ وتعميمات ونظريات.
- تنظيم المحتوى زمنياً حسب الأهداف، أي على شكل قديم وحديث.
- حسب بؤرة الاهتمام: مثل الأفكار الرئيسة، ومشكلات الحياة ورغبات المتعلمين والظواهر الطبيعية ووظيفتها للإنسان والعمليات.
- حسب مجالات البيئة: طبيعية مثلاً أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية.
- حسب أبعـاد البيئة: على مستوى محلي أو مستوى الدولة أو مستوى الأمة، وعلى مستوى العالم.
- حسب تدرج المتطلبات السابقة: المتطلبات السابقة البعيدة، والمباشرة ومتطلبات موضوع التعلم.
- حسب المنطق الرياضي: مثل المسلمات والفرضيات والمطلوب والبرهان والنظرية.
- حسب قيمة المعرفة: معرفة خاصة بالإنسان كمخلوق على الأرض، ومعرفة خاصة بالبيئة، ومعرفة خاصة بأساليب تفاعل الإنسان مع البيئة.
- حسب درجة عمومية المادة: عامة للجميع، عامة لفئة معينة، تخصصية.
ثانياً: البنية النفسية
ويتم تنظيمها بعدة طرق كما يلي:
- حسب المبادئ الخمسة وهي:
- من المعلوم إلى المجهول.
- من البسيط إلى المركب.
- من المحسوس إلى المجرد.
- من الملاحظ إلى تعليل وجوده.
- من الكل إلى الجزء.
- التنظيم الاستقرائي.
- التنظيم الاستنتاجي.
- مراحل النمو (طفولة، مراهقة، راشدين).
- جوانب النمو: العقلي والاجتماعي والانفعالي والنفسي.
- نتاجات التعلم: كالاتجاهات والقيم.
معايير تنظيم المحتوى التعليمي
أجمع التربويون على أن هناك مبادئ لتنظيم المحتوى وهي:
- التتابع: أي تكون كل خبرة مبنية على الخبرات السابقة.
- الاستمرار: وتعني وجود علاقة مستمرة بين عناصر المحتوى الرئيسة.
- التكامل: وتعني علاقات الاتصال بين عناصر المحتوى وبين الخبرات التعليمية.
- التراكم: ويهتم بتنظيم الخبرات بحيث يفرز بعضها بعضاً.
- التوازن: أي التوازن بين التنظيم المنطقي للمادة والتنظيم السيكولوجي للمتعلم.
- التمركز: أي وجود نقطة ارتكاز يتمركز حولها المحتوى والخبرات.
فوائد تنظيم المحتوى التعليمي
يمكن تحقيق الفوائد التالية عن طريق تنظيم المحتوى التعليمي:
- يستطيع التربويون تطبيق نظريات التعلم ونظريات التعليم لتحسين العملية التربوية.
- يستطيع مصمم المنهاج بالتعاون مع خبير المادة التعليمية إعداد كتاب مدرسي، وبرنامج تربوي جيد.
- يستطيع المعلم استخدام طرق تعليمية فاعلة.
- إن تنظيم المحتوى هو مفتاح لاسترجاع المعلومات من الذاكرة واستخدامها.
- إن تنظيم المحتوى وسيلة جيدة لفهم ذلك المحتوى واستيعابه.
استراتيجيات تنظيم المحتوى
- الاستراتيجيات المعتمدة على المعلم: ومنها الإلقاء، المحاضرة، الشرح، الوصف، القصة والعرض.
- الاستراتيجيات التي يتفاعل فيها المعلم والمتعلم: ومنه المناقشة، الطريقة الحوارية، المشاريع الجماعية، التعليم الخصوصي.
- الاستراتيجيات المعتمدة على المتعلم: ومنها التعليم المبرمج، الحقائب التعليمية، الحاسوب التعليمي وجميع أشكال التعلم الفردي.
- الاستراتيجيات التجريبية بإشراف المعلم: العرض العملي في المختبر، التمثيل.