العلوم التربوية

مفهوم وأهمية التخطيط للتدريس ومستوياته

يقول المثل إن الفشل في التخطيط هو التخطيط للفشل، فلا يستطيع إنسان تجاهل أهمية التخطيط عند التفكير في مهمة أو مشروع. فبدون التخطيط لا يتبقي إلا العشوائية والتخبط والارتجال. فالإنسان قديماً ومنذ النشأة يستخدم التخطيط للتغلب علي مشكلة محدودية الموارد في مواجهة احتياجاته المتعددة. ولعل أول تجربة للتخطيط يتذكرها التاريخ هي تلك التي نفذها سيدنا يوسف عليه السلام عندما قام بتوزيع المحصول في سنين الرخاء علي السنوات العجاف. فالتخطيط السليم بوصلة تمكن من يستعملها في تحديد الاتجاه والإجراءات المطلوبة لنجاح أي عمل، فهو الدليل إلي المستقبل وحتي تحقيق الأهداف المرغوبة. ولعل هذا ما جعل التخطيط للتدريس (الدراسي) محل اهتمام لكثير من التربويين.

فالتخطيط في مفهومه العام، عملية مقصودة وواقعية تسعي إلي خلق توازن بين الأهداف والموارد والزمن بهدف الاستخدام الأمثل للموارد من خلال محاولة تحقيق أكبر قدر من الأهداف بأفضل استخدام للموارد وفي أقصر وقت ممكن.. مما يعني أن التخطيط عملية تتضمن محاولة توقع الأحداث المستقبلية والاستعداد لها، مما يجعل عنصر الزمن في صالحنا، بدلاً من إتباع أسلوب الانتظار والملاحظة.

مفهوم التخطيط للتدريس

يري عدس (٢٠٠٠) أن التخطيط هو عملية ينظر فيها الفرد إلى المستقبل بعين بصيرة، وعقـل نافذ، وفكر ثاقب، ليضع في ضوء ذلك إطاراً للعمل يقوده إلى هذا المستقبل، ويؤدي به إليه.

وقد يقول: إنه عملية يرى فيها المعلم المستقبل، ويعمل إطاراً يسير على هديه إلى ذلك المستقبل.

ويعرف أخرون التخطيط الدراسي بأنه عملية تصور مسبق للمواقف التعليمية التي يهيئها المعلم لتحقيق الأهداف التربوية قوامها: تحديد الأهداف واختيار الأساليب لتحقيقها، وتقويم لمدى تحققها، في فترة زمنية معلومة، ولمستوى محدد من الطلاب.

وتكون الخطط الدراسية من حيث فترة تنفيذها على مستويات متعددة، فمنها ما يكون بعيد المدى كالخطط السنوية والفصلية، ومنها ما يكون قصير المدى كخطط الوحدات والدروس.

أهمية التخطيط للتدريس

إن أهمية التخطيط للطلاب يتمثل في أنه يتناول أبعاداً تربوية هامة يؤثر فيها ويتأثر بها، أهمها ما يأتي:

  1. يحفز الطلاب على التعلم ويشوقهم إليه.
  2. يحمي الطلاب من أضرار التعليم المشوش.
  3. يطور شخصية الطالب من جميع الجوانب المعرفية، قدراته، مهاراته، قيمه…
  4. تطوير أساليب تعلم الطلاب وتخطيط التطوير التدريجي لكفايتهم الاجتماعية.
  5. يوضح التخطيط للمعلـم الـرؤية لما يريد تحقيقه لدى الطلاب يقوم بالإعداد المسبق للوسائل والأدوات التي يحتاج إليها.
  6. يهيئ للمعلم سيراً منظماً في عرض الدروس ونشاطاته؛ مما يؤدي إلى ثقة المعلم بنفسه وثقة طلابه به فشعر بالنجاح.
  7. يوفر للمعلم استراتيجية للتعليم، وأسلوب عمل في التدريس.
  8. يمكـن المعلم من السيطرة على مجرى التدريس والتعاطي المرن مع المواقف التدريسية غير المتوقعة.
  9. يعمل التخطيط على تسهيل عملية التعلم ويجعل لها معنى في نفوس الطلاب.
  10. تيسر على المعلم مهمـة الامتحان اليومي والشهري والسنوي وتضمن الشمولية للامتحانات.
  11. يساعد التخطيط في تنظيم الوقت وإدارته.

مستويات التخطيط للتدريس

توصـف الخطة التدريسية بأنهـا خـطـة مرشـدة وموجهة لعمل المعلم، وهي قواعد جامـدة أو تعليمات تطبق بصورة حرفية، بل هي وسيلة وليست غاية، لذا يجب أن تتصف بالمرونة والاستعداد للتغيير والتطوير.

تختلف أنواع الخطـط مـن مـعلـم إلى آخـر حسب فلسفته التربوية وطريقة تدريسه، وبشكل عام هناك ثلاثة أنواع من الخطط التدريسية وهي:

  1. الخطة الفصلية (السنوية).
  2. خطة الوحدة الدراسية.
  3. الخطة اليومية.

أولاً: الخطة الفصلية

ويقصد بها خطـة التدريس طويلة الأمد، ويفضل أن تبدأ عملية التخطيط تلك قبل أن تبدأ الدراسة بوقت كافي، كما يجب أن تتضمن الخطة الفصلية المبادئ العامة والخطوط العريضة. ومثال علي ذلك:

  1. عناوين الوحدات التدريسية المتضمنة في المقرر الدراسي وتوزيعها وتواريخ تدريسها، وعدد الحصص لكل وحدة تدريسية.
  2. الأهداف العامة لتدريس الموضوع.
  3. تحليل مختصر لمحتوى الوحدات التدريسية وخصوصاً المفاهيم والمبادئ.
  4. استراتيجيات التدريس والنشاطات والوسائل التعليمية المناسبة لتحقيق الأهداف.
  5. تصور عام لأدوات التقويم وأساليبه.
  6. المراجع الأساسية والثانوية المعتمدة.

وعند وضع الخطة الفصلية يؤخذ أحد مستويات الطلاب وخبرات المعلم السابقة بعين الاعتبار، وكذلك خبرات زملائه، كما ينبغي الاطلاع على المنهاج من حيث أهدافه العامة، ومحتواه، وطرائق تدريس المادة والإمكانات المتاحة، والفئة المستهدفة.

يساعد المعلم في بناء خطته: المنهاج، وكتاب الطالب، ودليل المعلم، والخطة الفصلية القديمة، وفي هذه المرحلة يقوم المعلم بتوزيع محتوى كتاب الطالب على مدار أسابيع الفصل، آخذا بعين الاعتبار ما يأتي:

  1. طبيعة المادة التعليمية ومحتواها.
  2. الإمكانات المادية والبشرية المتوافرة في الدراسة والبيئة المحلية
  3. حاجات الطلبة وخصائصهم النفسية.
  4. تحديد العطل الرسمية والمناسبات المختلفة.
  5. تحديد تواريخ الاختبارات الشهرية والفصلية.
  6. توزيع المادة التعليمية على عدد الأيام الفصلية للتدريس.

وفيما يلي نموذج لخطة فصلية:

نموذج علي التخطيط للتدريس كل فصل دراسي - خطة دراسية فصلية

ثانياً: خطة الوحدة الدراسية

وهي خطـة متوسطة المدى، وتستند إلى تصور المعلم المسبق للمادة الدراسية وتنظيمها وأسلوب تدريسها، والنشاطات التي سيقوم بها وطلابه على مدى أسبوعين أو شهر تقريباً، ويتضمن التخطيط للوحدة الدراسية ما يأتي:

  1. عنوان الوحدة الدراسية والزمن التقريبي الملازم لتنفيذها.
  2. تحديد الأهداف العامة والخاصة للوحدة.
  3. تحليل محتوى الوحدة إلى مفاهيم ومبادئ.
  4. التوزيع التتابعـي الـزمني لوحدات المنهاج وموضوعاته وتحديد عدد الحصص لكل موضوع.
  5. تحديد النشاطات والأدوات والمواد المطلوبة لدراستها.

ثالثا: تخطيط الدروس اليومية

وهي خطـة تدريسية قصيرة المدى، وتوصف بأنها خطة لدرس يقوم بها المعلم قبل التدريس، وتهدف إلى رسم صورة واضحة لما يمكن أن يقوم به هو وطلابه، وتعد من أهم واجبات المعلم ومسؤولياته، وتشمل الخطة الدراسية العناصر الآتية:

  1. المعلومات الأولية: وتتضمن الموضوع، عنوان الدرس، الصف، التاريخ، الشعبة.
  2. الأهداف التدريسية الخاصة.
  3. تحليل محتوى الدروس إلى أشكال المعرفة العلمية.
  4. الأساليب والأنشطة والوسائل.
  5. التقويم.

ولضمان تحقيق فوائد التخطيط الدراسي، لا بد للمعلم مراعاة المبادئ الآتية:

  1. الإلمام بمحتوى الدروس.
  2. فهم الأهداف التربوية وأهداف تدريس مادة الكتاب بخاصة.
  3. معرفة طبيعة الطلاب وقدراتهم وحاجاتهم وميولهم.
  4. معرفة أساليب التقويم المناسبة.
  5. أخذ الأمور التالية بعين الاعتبار وهي:
  6. توضع الخطة في ضوء الإمكانات المتوفرة في المدرسة.
  7. أن تكون الخطة قابلة للتحقيق والتنفيذ.
  8. أن تتصف بالتجديد والتطوير والابتعاد عن الروتين.
  9. أن تكون شاملة للعناصر والمتغيرات التي تحيط بالمواقف المختلفة.
  10. أن تراعـي مبدأ تكامـل الخـبرات، والوحدة بين أنـواع الخطط الدراسية والنشاطات التعليمية المختلفة.

وفيما يلي نموذج خطة دراسية يومية:

نموذج علي التخطيط للتدريس اليومي - خطة دراسية يومية

ويذكـر عـدس (۲۰۰۰) بعض العوامل التي ترفع من مستوى التخطيط للتدريس لدي المعلم وهي:

  1. أن يكون التخطيط كتابياً قدر الإمكان.
  2. أن يكون المعلم على تطوير اتجاهاته في التخطيط.
  3. أهمية تخصيص المعلم الوقت الكافي للتخطيط بالرغم مما قد يحيط به من صعوبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى