العلوم التربوية

الشراكة بين الاسرة والمدرسة في التربية

الاسرة والمدرسة هي المؤسسات التربوية الأولية التي تشكل لبنة المجتمع الحاضر ومستقبله. ونجاح الاتصال والشراكة بين الاسرة والمدرسة عملية ضرورية في التربية والتنشئة الاجتماعية.

تعريف الأسرة

الأسرة أو البيت هي البيئة التربوية الأولى للطفل وهي التي تشكله حسب الـروح السائدة بين الأفراد المكونين لهذه الأسرة. وكثيراً ما يؤثر بالطفل كل من يحيط به من شكل المنزل، طريقة العيش، ومحتوياته، وموقعه، الحي الموجود فيه، ومستوى الأسرة الاقتصادي والاجتماعي.

يرى يستالوتزي: أن الأسرة هي مصدر كل تربية صحيحة يتأثر بها الطفل.

هربارت يرى أن التربية تبدأ في البيت وكل تربية تعود للبيت وكانت الأسرة في المجتمعات البدائية تقوم بجميع الوظـائف التربوية، وكان الطفـل يتلقى دروسه في الحياة وأساليبها من والديه أو من كبار العائلة بطرق مختلفة منها (المشاهدة، المحاكاة، التقليد).

أهمية الأسرة

وتكمن أهمية الأسرة للطفل بما يلي:

  • الحاجة إلى الطمأنينة فهو في مأمن ما دام مع أسرته.
  • حاجة الطفل إلى المغامرة واعتماده علي الذات واكتسابه الخبرات.
  • الحاجة إلى التشجيع واكتساب الثقة بالنفس.
  • الحاجة إلى الحب المتبادل بينه وبين أفراد أسرته.

وظائف الأسرة

هناك عدة وظائف تربوية للأسرة كانت ولا تزال مجال اهتمام رجال الفكر والتربية على مر العصور وهي:

  1. التربية الجسمية أو الجسدية: وتهدف إلى الحفاظ على الطفل من خلال تهيئة طعامه وشرابه والاهتمام بصحته وملبسه ومسكنه. كما تغرس لديه بعض السلوكيات والعادات الصحية للاهتمام بنفسه مستقبلاً.
  2. التربية العقلية: وذلك من خلال اهتمام الأسرة بالمؤثرات التي يمكن أن تؤثر سلباً على عقل الطفل سواء أثناء الحمل أو الولادة أو ما بعد الولادة. وتعمل الأسرة على تنمية القوى العقلية لدى الطفل وتنشيط تفكيره وتدريبه على حل مشكلاته.
  3. التربية الخلقية: حيث تقوم الأسرة بتعليم أفرادها الصغار كيف يعيشون حياة فاضلة تتناسب مع قيم وعادات وتقاليد المجتمع وتعرفهم بحقوقهم وواجباتهم نحو الآخرين.
  4. التربية الدينية: تقوم الأسرة بإرشاد أفرادها وتوجههم نحو عقيدتهم وتعلمهم المطلوب منهم من عبادات وأمور دينهم وكل ما يقربهم من خالقهم وترك النواهي التي نهى عنه الدين الحنيف.
  5. التربية الروحية: حيث تقوم الأسرة بتعليم أطفالها التمتع بأوقات الفراغ واستغلالها بما يعود عليهم بالنفع وتوجههم إلى أنواع اللعب المفيد وغير المؤذية. كما تنمي لديهم بعض القدرات الهامة في حياتهم العامة.

تعريف المدرسة

مع تقدم العلوم في المجالات المختلفة وظهور التكنولوجيا كان لازما على المجتمعات التماشي مع هذا التطور. وبذلك تعددت وتنوعت وتشعبت واتسعت متطلبات الحياة اليوميـة وأصبحت الأسرة غير قادرة على تربية الأطفال وسد حاجاتهم وتلبية رغباتهم المتعددة. كما أن التراث الثقافي المتراكم والغزيـر يحتاج إلى آلية لنقله إلى الأجيـال القادمـة. فأصبح من الضروري وجود مؤسسة أخرى تساعد الأسرة في تربية الطفل وتنقل إليه الـتراث الثقـافي وتساعده على التكيف مع الحياة الجديدة وتعلمه في نفس الوقت التقاليد والعـادات والـنظم والقيم والسلوك الثقافي الذي يرضى عنه مجتمعه.

ومن هنا جاءت المدرسة كمؤسسة اجتماعية أوجدها المجتمع لتحقيق أهدافه وغاياته. وتقوم المدرسة بمهمة التربية إلى جانب البيت وتتعاون معه في خلق جيل جديد يؤمن بثقافـة المجتمع المحلي ويسير في ظلالها.

أهمية المدرسة

فالمدرسة هي مؤسسة نشطة، وخلية حية في المجتمع العام الذي تتوافر فيه.

  • يقول بسمارك: إن من يدير المدرسة يدير مستقبل البلاد.
  • ويقول جون ديوي: المدرسة بإمكانها تغير المجتمع ونظامه إلى حد معين وهذا عمل تعجز عنه سائر المؤسسات الاجتماعية الأخرى وقد مرت المدرسة بعدة مراحل إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه الآن.
  • كانت المدرسة بداية داخل الأسرة وكانت الأسرة تعلم أبنائهـا وتـربيهم تارة بطريقة مباشرة ومقصودة وتارة بطريقة أخرى غير مقصودة وغير مباشر.
  • انتقلت إلى حيز أكبر حيث كانت القبيلة تعلم أبنائها.
  • جاء دور المدرسة ذات المعلم الواحد المنفرد والبناء المكون من غرفة واحدة فيها مجموعة من التلاميذ تختلف مستوياتهم العقلية وأعمارهم أيضاً.
  • تطورت المدرسة شيئا فشيئا فنشأت المدارس الخاصة ثم المدارس العامة.
  • تطورت المدارس بعد ظهور الكتابة وازدهرت عند اختراع الطباعة وتجـددت نتيجة للتقدم العلمي في العصر الحاضر وتحسنت أساليبها وطرق تدريسها ومبانيها ومناهجها.
  • الآن أصبح هناك أنواع مختلفة من المدارس منها الصناعية، المهنية، الأكاديمية، وهناك المدارس المنتجة، المدرسة المجتمعية، المدرسة الذكية.

وظائف المدرسة

ساهمت المدرسة مساهمة فاعلة في التعامل مع التغير السريع والتكيف معه. وهي بذلك تقوم بدور مزدوج فهي من ناحية تحمل لواء التغيير والتطوير والتجديـد، ومن ناحية أخرى تعمل على إعداد جيل المستقبل وتدربهم على استيعاب المتغيرات والمستجدات في الحياة العامة. ويمكن تلخيص وظائف التربية كما يلي:

  1. نقل التراث الثقافي: حيث تقوم المدرسة بنقل ما تراكم من تراث الأجـداد ومخلفـاتهم الفكرية التي بقيت محفوظة في سجلات وكتب ووثائق فترة طويلة حيث تقوم المدرسة بانتقاء عناصر التراث الفكري الذي يمكن تقدمه إلى الجيـل الحاضر وبالتالي تعمل على توسيع آفاق ومدارك التلاميذ وزيادة خبراتهم.
  2. الاحتفاظ بالتراث: ففي الوقت الذي تنقل فيه المدرسة التراث فإنها ترصد وتسجل ما يبتكره رجال الفكر من معارف وعلوم مفيدة وتضيفه إلى التراث. وبذلك تربط حاضر الأمة بماضيها وترسم خطة المستقبل.
  3. تبسيط التراث الثقافي: حيث تعمل المدرسة على تبسيط ما تراكم من تراث الأمة. وتصنفه على شكل مبادئ وقوانين يسهل استيعابها وتعلمها وتتناسب مع قدرات الأطفال واستعداداتهم وقدراتهم ونموهم.
  4. تصفية وتنقية تراث الأمة من الشوائب والمظاهر السيئة (إن وجدت) والتـي قد توثر بشكل أو بآخر على سلوك الأفراد مثل المعتقدات والخرافات والأساطير المتوارثة عبر الأجيال.
  5. تزيل المدرسة الفوارق الاجتماعية بـين الطبقات وتجمع بين أهـدافها ومصالحها وولاءاتها وانتماءاتها.
  6. تتيح المدرسة عرض المشكلات من خلالها وإيجاد الحلول المناسبة لها بشكل يساهم في تطوير المجتمع ونقله إلى حالة أفضل باستمرار.
  7. تعتبر المدرسة أداة استكمال لما تقوم به الأسرة في البيت كما أنها أداة تـصحيح للأخطاء التي ترتكبها مؤسسات اجتماعية مثل السينما والمجلات أو بعض محطـات التلفزة، كما أنه تعتبر أداة تنسيق للجهود التي تبذلها سائر المؤسسات لإرشادها إلى أفضل الأساليب التربوية.

الشراكة بين الاسرة والمدرسة

هناك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى التعاون والشراكة بين الاسرة والمدرسة ومنها:

  1. جعل خطة العمل التربوي مشتركة بحيث يساهم الآباء في وضع بعض التصورات التي يأملها من تعليم أبنائه. ووضع خطة تكاملية بـين البيت والمدرسة بما فيه مصلحة الأبناء.
  2. التنسيق بين المدرسة والبيت في شأن ما يعطى للطالب من واجبـات في بيته تحتم عليه أخذ معظم الوقت في حل واجباته. وضرورة التنسيق لإبقاء بعض الوقـت للطالب للقيام ببعض الأنشطة الأخرى خارج المنهاج المدرسي.
  3. التعاون مهم وذلك لدمج ثقافة الأسرة وثقافة المدرسة معاً مما يؤدي إلى ارتقاء تطلعات كل منهما. والاستجابة لمتطلبات العصر بما يحمله من تغيرات سريعة لأن هناك بعض الآباء يرفض التغيير ويخاف التجديد.
  4. زيادة التعاون يجعل المدرسة أكثر تفهما لأوضاع وحاجـات الأطفـال الاجتماعية والاقتصادية والنفسية. وبالتالي العمل على حل المشكلات الـى تعترض طلبتها ومساعدتهم على التكيف مع مجتمع المدرسة.
  5. التعاون ضروري ومهم وذلك للتخلص من بعض السلوكيات السلبية مثل الرسوب، والتسرب، والفشل في الاختبار، والهروب من الحصص أو الغياب عن المدرسة وكل ذلك لا يتم بمعزل عن الأسرة.
  6. التعاون بين الأسرة والمدرسة ضروري لأنه يجعل الطالب دائما تحت المحك بأنه متـابع ومراقب. بحيث يهتم بدراسته أكثر ولا ينساق وراء رفاق السوء.

أشكال الاتصال بين الاسرة والمدرسة

هناك أشكال مختلفة ومتعددة تمكن الاتصال والشراكة بين الاسرة والمدرسة ومنها:

  1. دعوة أولياء الأمور من خلال وجود بعض المشكلات الفردية لأبنائهم لمناقشتها مع الإدارة أو المرشد التربوي لوضع الحلول المناسبة لها.
  2. إصدار نشرة تربوية بشكل مبرمج بحيث تكون أسبوعية أو شهرية او فـصلية. يتم خلالها طرح الكثير من الأنشطة المدرسية والمسابقات والمشكلات التي تحتاج لحل توزع على أولياء الأمور للمشاركة فيها والرج عليها.
  3. عمل معارض وحفلات وندوات وورشات عمل في مناسبات وطنية أو داخليـة تقيمها المدرسة. ويشترك فيها بعض أولياء الأمور مما يعمق علاقة الأسرة بالمدرسة.
  4. الدعوة إلى اليوم المدرسي المفتوح الذي يلتقي خلاله أولياء الأمور بالمعلمين للوقوف على المستوى التحصيلي لأبنائهم. وكذلك فيما يتعلق بأخلاقياتهم وسلوكهم داخل وخارج المدرسة.
  5. تكوين مجالس الآباء والمعلمين وذلك من خلال اختيار مجموعة من أولياء الأمور الممثلين عن المجتمع. وتعمل هذه المجالس على مناقشة مشروعات وخطط المدرسة وأنشطتها والمشكلات الي تواجهها من نقص معلمين أو حاجة المدرسة للصيانة أو بعض الأثاث يتم تأمينه من قبل بعض مؤسسات المجتمع المحلـي أو التبرعات من الأهالي من خلال هذه اللجان أو المجالس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى