الوقت يسير في اتجاه واحـد، والوقت الذي يمضي لا يعود (يفني)، أي أن هذه الفلسفة تنظر للوقت على أن له بداية وربما يكون له نهاية، وهذه النظرة للوقت تتفق مع نظرة الأديان الثلاثة له. وللوقت أهمية ومكانة خاصة في الشريعة الإسلامية، إذ أقسم الله سبحانه وتعالى بالوقت، قال تعالى: «والعصر إن الإنسان لفي خسر، …آخـر الـسورة»، وقال تعالى: «والفجر وليال عشر، … آخـر الـسورة»، وقال تعالى: «واليل إذا يغشى، … آخر السورة». وقد ربط الله سبحانه وتعالى عبادتـنـا لـه بالوقت، إذ نجد أنفسنا نصلي في أوقات محددة، ونصوم في وقت محدد، ونحج في وقت محدد، …. إلخ، هـذا الفكـر والـذي يربط العبادة بالوقت، يعكس الأهمية للوقت بالنسبة للإنسان. إذن الوقت هو الوجود، وهو يتعلق بذاتية الأشياء، ومـن لا يهتم بالوقت لا يهتم بذاته، وقديماً قيل: (الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك). ولذلك كان الاهتمام باستراتيجيات إدارة وتنظيم وقت الحصة بفعالية داخل الفصل الدراسي.
جدول المحتويات
يستطيع المعلـم الواعـي أن يعلـم طـلابـه كيفية إدارة الوقت بالممارسة والتوضيح. ففي الصف وقتاً للهدوء والإصغاء، ووقتاً للعمل بصمت وتركيز، ووقتاً آخر للنشاط والحركة وتبادل الحديث والمناقشة والآراء والأفكار، ووقت الحصة يتسع لكـل ذلك، كما يتسع للعمل الفردي والزمـري والجماعي التعاوني، ويستطيع المعلم أن يوضح لطلابه أن كل ذلك يتوقف على الوعي والإدراك لأدوارهـم. ويظهـر كـل ذلـك مـن خـلال وعي المعلم لدوره وسلوكه وحسن إدارة وقت الحصة وتنظميه من خلال استخدام استراتيجيات وطرق لتقليل الوقت المهدر داخل الغرفة الصفية والفصل الدراسي.
مفهوم الوقت
يعـد مفهـوم الـوقـت مـن المفاهيم المجردة التي لا يوجد لها تعريف محدد، إذ ظهرت تعريفات كثيرة، ولكنها قاصرة عن إعطاء صورة واضحة لهذا المفهوم. فالبعض يعد الوقت مـادة صنعت منها الحياة، ومن وجهة النظـر العلمية لا يعد الوقت مادة. وهناك من يعد الوقت مورداً محدداً يملكه جميع الناس بالتساوي، وهذا التعريف أيضاً يبدو غامضاً، إذ يحتاج إلى تحديد طبيعة هذا المورد، وكيف يمكن للناس جميعاً أن يملكوه بالتساوي؟
وتصنف الوقت من حيث طبيعته إلى أربعة أصناف هي:
- وقت تحضيري، وهو الوقت التي يسبق فترة تنفيذ العمل.
- وقت إنتاجي، وهو الوقت المستغرق في أثناء تنفيذ العمل.
- وقت إبداعي، وهو الوقت الذي يتم تخصيصه لعمليات التفكير والتحليل.
- وقت غير مباشر، وهو الوقت الذي يخصص لنشاطات فرعية أخرى.
كيفية تنظيم وقت الحصة وإدارته في الصف
إن إدارة الوقت تعني توجيه إدارة الفرد الذاتية نحو الأداء المطلوب وفقاً للزمن والوقت المحدد. ويعرف الوقت على أنه تنظيم الوقت والتحكم الذكي بتنفيذ مخططه ليكون فاعلاً. وتأكيداً على دور المعلـم كـمـوجه وضابط لعملية التعليم، ينبغي أن يتقن أساليب واستراتيجيات التعامل مع الوقت لإدارة وقت الحصة وتنظيمها. والمقصود هنا بالوقت، بأنه الوقت المخصص للحصة التي تتراوح عـادة مـن 35-50 دقيقة. أو الوقت المخصص لليوم الدراسي أو الأسبوع أو الشهر أو الفصل الدراسي أو العام الدراسي كله. يقوم المعلم في بداية العام الدراسي بوضع خطة سنوية لكل مادة دراسية يقوم بتدريسها. وتبين هذه الخطة غالباً توزيع مواضيع المادة الدراسية على أشهر العام الدراسي، وعلى أسابيع كل شهر. أما التخطيط لوقت اليوم الدراسي فيتم تدريجياً خلال العام الدراسي. وتبقى مهمة تنظيم الوقت في كل حصة صفية، والتي تتم يومياً عند القيام بالتحضير اليومي للدروس.
ونظراً لأهمية تنظيم الوقت وتوزيعه، فإنه لا يترك الأمر كله للمعلمين بل يتم تحديد النسب مـن الساعات لكل مادة دراسية في اليوم الدراسي أو خلال أسبوع. ويترك للمعلم حرية توزيع هذه الحصص على أيام الأسبوع. أما وقت الحصة فإنه يتحدد عادة من خلال معرفة أعمار الطلاب، ونوع المدرسة ومتطلبات المادة. كما أن عملية تنظيم الوقت ترتبط بالمكان والإمكانات المادية أو البشرية المتوافرة. فإذا كانت الغرفة تحتوي على عدد من المراكز أو الزوايا التي تعالج موضوعات مختلفة. فإنه يمكن أن يترك للطلاب حرية اختيار المركز أو الموضوع الذي يرغب المشاركة فيه تحت إشراف المعلم.
ويبدو من المناسب هنا أن نميز بين وقت الانشغال والوقت المخصص للتعليم. إذ يشير وقت الانشغال إلى: الوقت الذي يقضيه الطالب في المهمات التعليمية. فقد يخصص المعلم 30 دقيقة لطلابه لقراءة مادة ما، إلا أنهم قد لا ينشغلون بالقراءة أكثر من ٢٠ دقيقة. ويرتبط مفهـوم وقت الانشغال بمفهوم الانتباه، إذ إن الانشغال يعني توجيه انتباه الطالب للمهمة التي يقوم بها. كما ويرتبط بكمية المحتوى الذي ينشغل به، بحيث يقطع كمية محتوى أكبر كلمـا كـان وقـت الانشغال أكبر. ويرتبط وقت الانشغال كذلك بمفهوم دافعية الطالب للتعلم. وتشير بعض الدراسات أن الكثير مـن الـوقت يضيع في أمور غير أكاديمية، مثل الاستراحات، والمناقشات التي لا ترتبط بموضوع الدرس، وأحلام اليقظة والسرحان…الخ.
استراتيجيات إدارة وقت الحصة
وقد أجريت العديد من الدراسات من أجل التعرف إلى طرق التقليل من الوقت الضائع. وتوصلت هذه الدراسات إلى مجموعة من الاستراتيجيات والإجراءات المناسبة لإدارة وقت الحصة والتي يؤدي إتباعها إلى التقليل من الوقت الضائع وهي:
- أهمية تحرك المعلم في جميع أنحاء الفصل لكي يتمكن من مراقبة عمل الطلاب.
- على المعلم أن يتأكد أن الطلاب مستمتعون بما يقومون به من نشاطات، وأنهم قادرون على القيام به.
- يكتب المعلم الإرشادات والتوجيهات على السبورة.
- ينوع النشاطات فيعطي الطلاب ذوي التحصيل العالي نشاطات أكثر تجريداً من الطلاب ذوي التحصيل المتدني الذين يفضلون أن يتم تعليمهم من خلال الألعاب والمواد المحسوسة.
- لا يترك المعلمون طلابهم يقومون بالأخطاء لمدة طويلة، بل عليهم أن يقدموا لهم تغذية راجعة مستمرة عن عملهم كي يقوموا بإجراءات التعديلات المناسبة دون هدر كبير من الوقت.
استراتيجية التعليم المباشر
وهي استراتيجية في زيادة وقت الانشغال الأكاديمي وضبطه، وهي ترتكز على الأمور التالية:
- يضبط المعلم الأهداف التعليمية.
- يختار المعلم مادة تعليمية مناسبة لمستوى طلابه.
- ينظم المعلم النشاط التعليمي خطوة خطوة.
- تكون الأهداف واضحة للمتعلمين.
- يكون الوقت المخصص لتحقيق الأهداف كافياً.
- توجيه الطلاب في أدائهم.
- يكون التفاعل الصفي منظماً. يكون الجو العام أكاديمياً وحيوياً.
استراتيجية توزيع المهمات على المجموعات وتحديد نقاط لكل مجموعة
تركز هذه الإستراتيجية على التعلم بطريقة المجموعات، شريطة الإشراف والتوجيه المباشـريـن مـن المعـلـم. لأن في ذلك زيادة لوقت الانشغال الأكاديمي، وبالتالي زيادة التحصيل لدى هؤلاء الطلاب.
استراتيجية توزيع وقت الحصة
يكون توزيع وقت الحصة كما يقترح ديفز Davies كما يلي:
- في النموذج التقليدي للدرس الذي يتناول مهارة ما: 15% لشرح المهارة، 25% لعرض المهارة، 60% من الوقت يمارس فيه المتعلمون المهارة.
- في درس المعرفة الجديدة يقترح أن يخصص: 10٪ من الوقت كمقدمة، 65% لتنمية المعرف والأفكار الرئيسة، ٢٥٪ لربط وتجميع الأفكار.
استراتيجية التدريب على الإحساس بالوقت
هي أحد استراتيجيات إدارة وقت الحصة وفيها يطلب المعلم مـن طلابه ممارسة النشاط التالي لتدريب طلابه على الإحساس بالوقت:
- تسجيل الوقت الحالي على ورقة بجانبك.
- ابدأ في الدراسة.
- في نهاية الساعة الأولى من بدئك للدراسة سجل عدد الصفحات التي قرأتها.
- وهكذا في نهاية الساعة الثانية، الثالثة، والرابعة.
- صـف الخـط البياني الذي يمكن أن يمثل العلاقة بين عدد الساعات، وعدد الصفحات.
- صف العلاقة بجملة خبرية.
إن تدريب الطلاب على الإحساس بالوقت وتقديره يزيد من الأهمية التي يدركها الطالب في معالجة الأشياء، وإنجاز المهمات. والطالب الحريص على إدارة وقته، يحرص على وجـود سـاعة أمامه في كل موقف. وينظر إلى الساعة، لكي يرى مدى تقدمه في تنفيذ برنامجه اليومي. فلا تحكمه الظروف بل هو الذي يحكم بالظروف ويسيطر عليها.
استراتيجية السجل الزمني
وفي هذه الاستراتيجية، يقوم المعلـم بالاحتفاظ بسجل خاص(أجندة)، يسجل فيها المهمات التي سيقوم بهـا مـثـل التاريخ، واليوم، وساعة البدء المهمة أو النشاط، والوقت المتوقع للانتهاء من المهمة، وهكذا لبقية المهمات والأنشطة التي يتوقع القيام بها. وهي تشمل ثلاث مراحل أساسية هي:
- تسجيل الوقت وتحليله.
- تنظيم الوقت.
- تجميع الوقت، أي توفير فترات زمنية متصلة.
استراتيجية فيرنر
وتتضمن هذه الإستراتيجية إدارة الوقت في ثلاث خطوات:
- التحليل، ويتم خلاله الاحتفاظ بسجل خاص لمعرفة أين يضيع الوقت.
- التخطيط المتوسط والطويل المدى، وتشتمل وضع خطط تنفيذية لتحقيق الأهداف الموضوعة.
- التخطيط قصير المدى، ويشمل إدارة الوقت يومياً، ويتضمن تنفيذ خطط قصيرة بشكل يومي بالتتابع من خلال خطة زمنية محكمة.