سرحان الطفل قد يكون مؤشراً لالتهابات الأذن
أرسلت إحدي الأمهات إلي أحد أطباء جراحة الأذن والأنف والحنجرة تقول فيها: “طفلي عمره عامان يرافقني في كل مشاويري، عندما أذهب الى مدرسة شقيقه، أو عندما أزور أمي وأبي، وحينما أشرب فنجان القهوة مع جارتي، وأشد ما يقلقني أنه دائماً سرحان، وكأنه طفل أهبل، وإذا ناديت عليه فإنه لا يجيب، وعندما أنادي على اسمه، يستجيب فزعاً… ماذا أفعل؟ هل طفلي سرحان؟ أم هو يحاول أن يكون مكاراً”.
وقد حمل هذا الأخصائي إجابته علي الأم وسرحان الطفل من داخل المؤتمر الدولي لجراحة الأذن والأنف والحنجرة الذي عقد في ميامي بولاية فلوريدا الأميركية، والذي حضره ٤٠٠٠ طبيب من ٨٠ دولة.
ما دار في إحدى جلسات المؤتمر هو في الحقيقة رد على رسالة الأم القلقة على ابنها. وندوة المائدة المستديرة ناقشت علاقة التهابات أذن الأطفال بمضاعفات الأذن في الكبار.
مناقشة المؤتمر للرسالة وسرحان الطفل
وفي بداية الندوة كانت هذه الجملة (إن كل التهابات الأذن في الكبار، بلا استثناء هي عائدة لالتهابات الأذن في الأطفال. أي أن إهمال التهابات الأطفال يدفع ثمنها الطفل بعد البلوغ). وهذا يقودنا بالضرورة إلى أهمية التشخيص المبكر، وحتمية العلاج تفادياً للمضاعفات.
ويقول الأخصائي: أن المائدة المستديرة اعلنت هذه الحقيقة شرطاً مسلماً به. وعندما يهاجم الطفل في عمر سنة التهاب.. ويهمل فإن مضاعفاته تبدأ بعد سنتين، والطفل المعرض لهذه الالتهابات هو طفل مناعته ليست كاملة. وقد يعاني من سوء التغذية، أو يكون من عائلة مسرفة في التدخين. وثمة عامل وراثي وراء هذه الالتهابات فضلاً عن عوامل أخرى ضارة تجهلها الأم مثل التدفئة الزائدة..
ويطرح رأياً يقول: قبل المسارعة في اتهام الطفل بأنه «يستهبل»، أو يدعي المكر، فإنه ينبغي أن نكشف عليه أولاً من التهابات الأذن، ففي بدايتها ليس لها أعراض سوي السرحان وقد يكون بداية لضعف في السمع.
ولكي تفطن الأم الى هذه المشكلة عليها أن تراقب موسمين تصل فيهما الاصابة إلى قمتها. أول هذه المواسم من أكتوبر / تشرين اول، إلى شهر ديسمبر / كانون أول، والموسم الثاني من شهر فبراير / شباط وحتى إبريل / نيسان. وكل أعراض هذه الالتهابات بدايتها نزلة برد فيروسية. تتغير بتغير المواسم. وإن أبرز اسبابها التدفئة في فصول الشتاء، هذه التدفئة تقلل من مقاومة الأنسجة الهوائية للالتهابات. وقد دلت إحصائية أعلنت في أوروبا أثناء ازمة الطاقة بأن تخفيف شدة التدفئة في الشتاء للاقتصاد في الوقود أدى الى هبوط معدلات الاصابة بأمراض البرد.
مضاعفات التهابات الأذن
وفي رأي أخصائي جراحة الأذن، أن التهابات الأطفال إذا عولجت في وقتها عاد الطفل طبيعياً. وإذا أهملت فإنها تتطور في مضاعفاتها من ثقب في الطبلة الى ضعف في السمع الى التهاب مزمن في الأذن إلى تسوس في عظام الأذن… وعندما تتطور مثل هذه الحالات عند البلوغ فإن عودة المريض الى حالته الطبيعية أمر غير مؤكد في كل الحالات. وقد ساعد التطور الجراحي مع مهارة الجراح ومثابرة الوالدين الى تحقيق نتائج فاعلة. لأنها تحتاج الى عدة مراحل، بداية من تكوين النسيج الذي دمره المرض، وحتى تجري الجراحة ذات المراحل الثلاث.
ولعل من أبرز ما أعلنه المؤتمر من حقائق، أنه لم يثبت وجود علاقة بين عملية استئصال اللوزتين واللحمية والتهابات الأذن، ولا يعني استئصال اللوزتين أن تختفي التهابات الأذن، كما أن الادعاء بأن التهابات الأذن في الأطفال يرجع سببها الى حساسية من الأكل هو قول مبالغ فيه، فقد دلت نسبة حساسية الأكل لدى الأطفال أنها لا تتعدى 15% ولكن لا تصل الى %۸۰ بأي حال من الأحوال، وحساسية الأكل هنا لا تعني طعاماً معيناً.. ولكنها تعني الاستمرار في تناول طعام بعينه مدة طويلة…
وتطرق الحديث في المؤتمر الى كل متاعب الأذن… وثبت أن الأكل أيضاً له دور في احداث الدوار كذلك المشروبات. وحتى بعض أدوات التجميل مثل: الشامبو الذي قد يسد الأذن ويؤدي الى الوجع.
وثبت أن الدوار مرض مثل الصداع، ويصيب ١٠٠٪ من البشر. بينما الصداع لا يصيب أكثر من ٧٠٪ من البشر. والدوار قد يكون مصدره الأكل، أو الشراب، أو السفر بالبحر والجو، وقد يكون مصدره الدواء.
نتائج المؤتمر
وقد عرض المؤتمر ١٥٠ سبباً للدوار. لعل من أهمها: اختلال جهاز التوازن في الأذن الداخلية، وإذا كان شديداً كان السبب مطمئناً. والقائمة طويلة بأسماء الأدوية، والمشروبات، ولعل الأسبرين، والمضادات الحيوية، ومدرات البول، وعقاقير الملاريا، تؤثر على التوازن.
ثم تأتي بعد ذلك التهابات الأذن وأدوار البرد والاصابات وزيادة الضغط في الأذن الداخلية، وإصابة العين بالمياه الزرقاء (الغلوكوما). والتهابات عصب التوازن، وأي شيء يؤدي إلى سحب الماء من الجسم يؤدي الى الدوار الذي يعالج عادة باطنياً. ولا يعالج جراحياً سوى ١٠٪ من الذين يعانون من الدوار، وما زالت عقاقير مشتقات الهيستامين هي العلاج الحاسم.
وطرح المؤتمر استخدامات شعاع الليزر لإزالة الأورام الحميدة، والخبيثة، سواء في الحنجرة أو الفم، أو اللسان، أو حتى جلد الوجه.
أما أبحاث عودة السمع الى فاقدي السمع، فما زالت في طي التجارب، وداخل المعامل وعلى حيوانات التجارب. ولعل زراعة قوقعة الأذن، بوضع اقطاب كهربائية، داخل تجويف الأذن الداخلية، لتنبيه عصب السمع، دون المرور على الأذن الفاسدة، بحيث تصل عن طريق عصب الوجه هي التي تشد انتباه الدوائر العلمية مع شرط ضرورة توفر سلامة عصب السمع. أما الذين يعيشون في الصمت، فإن ٣٠% من نسبة الذين يعانون من فقد السمع تعوضهم السماعة، بعد شحنها كل عامين.
ويقدم الاخصائي النصيحة، قبل بداية موسم الاصابة بالتهابات الأذن، فأطفالنا في الأعمار التي تبدأ من العام الأول بضرورة المبادرة بحسم العلاج حتى لا تؤدي الى مضاعفات تهدد الصغير بمتاعب في السمع.