تعليم سليم

كيفية تطبيق استراتيجية المحاضرة النشطة لتحقيق التعلم الفعال

إن المتأمل في مخرجات التعلم (الطلاب) في وطننا العربي، يجد أن الكثير من مهارات الطلاب ليست في المستوي المرغوب، فهناك ضعف عام نتج عن تضافر عوامل ثقافية وسياسية واقتصادية. وعلي الرغم من الجهود الضخمة المبذولة من قبل المعلمين ومؤسسات الدولة فإنها لم تحقق النتائج المطلوبة. ولذلك يجب أن يكون هناك علاج مختلف للعوامل المؤثرة ومنها نوعية التدريس المقدم للطلاب. فالتدريس الفعال له قدرة كبيرة علي إحداث التغيير المطلوب. وباعتبار استراتيجية المحاضرة هي أحد أكثر استراتيجيات التعليم المستخدمة في وطننا العربي، زادت الحاجة لتطبيق التعلم الفعال في استراتيجية المحاضرة النشطة لتحقيق نتائج التعلم المأمولة.

التعلم الفعال

هو نمط من التدريس يكون فيه دور الطالب فعال ولا يتوقف علي تلقي المعلومات فقط، بل يشارك ويبحث عن المعلومة بشتي الوسائل الممكنة. فهو تدريس يقوم علي نشاط المتعلم الذاتي ومشاركته الإيجابية من خلال البحث والأنشطة والتجارب العملية والملاحظات العلمية كالملاحظة ووضع الفروض والقياس والاستنتاج، حتي يتوصل إلي اكتشاف المعلومة بنفسه وبمجهود ذاتي تحت إشراف المعلم.

الأنشطة المقترحة في الدقائق العشر الأولى من وقت المحاضرة

هناك بعض النشاطات ينبغي علي المعلم إدراجها في أول زمن المحاضرة لتحقيق استراتيجية المحاضرة النشطة وهي:

  1. في نشاط كتابي فردي أطلب من الطلاب عمل ملخص للأفكار الهامة التي تضمنها الدرس السابق (الحصة السابقة) وعمل افتراضات/ توقعات عن طبيعة المادة لذلك اليوم.
  2. أطلب من الطلاب تحديد سؤال هام من التعيين البيتي (قراءة، مثلاً) الذي يودون الإجابة عنه بصورة فردية. بعد ذلك يمكن أن يتبادل ويشارك الطلبة أسئلتهم مع عدد من الزملاء. ويتبع ذلك اختيـار سـؤال واحـد هـام يـودون طرحه على المدرس للاستفاضة في شرحه (الأسئلة مولدة من قبل الطلبة بدل فرض أسئلة من المدرس).
  3. نظم الطلاب في مجموعات صغيرة مـن (3-4) أشخاص وناقشوا القضايا التي يتوقعون طرحها في محاضرة ذلك اليوم. أو ماذا يتوقعون من ناحيـة الاستفادة مـن المحاضرة وكيفية تطبيقهم المعرفة المكتسبة الجديدة في حياتهم العملية.
  4. زود الطلبة بمخطط هيكلي للمحاضرة، وابدأ الدرس بالطلب منهم كتابة تأملاتهم الشخصية/ الذاتية حول سؤال عن القضية في المادة الجديدة التي ستعرض من خلال المحاضرة في ذلك اليوم. بعد الانتهاء من كتابة التأملات يتوجه كل طالب إلى زميلـه لمناقشة تأملاتهم.
  5. نظم الطلبة في مجموعات صغيرة (3-4) وأطلب منهم تطوير مجموعة من الإجابات الإجماعية (يجمع الطلبة على صحتها/ دقتهـا) لعـدد مـن الأسئلة تتعلق بموضـوع محاضرة ذلك اليوم. بعد تزويد الطلبة بالإجابات الصحية أتبع ذلك بجلسة مناقشة تعزز فيها المجموعة التي اقترحت أفضل الإجابات.
  6. يمكن للطلبة أن يعلموا في مجموعات صغيرة في جلسة عصف فكـري. بالإضافة إلى إمكانية تنظيم خبرات تعليمية لها علاقة بأهداف الدرس في ذلك اليوم.
  7. قدم مفهوماً أو مجموعة من المفاهيم للطلبة في بداية الدرس، وعليهم القيام بالعصف الفكري لأفكار لها علاقة بالمفاهيم المقدمة.

المنظم المتقدم/ أسلوب تدريس

يمكن أن يسهم المعلم في تطوير معارف الطلاب وخبراتهم وتحقيق استراتيجية المحاضرة النشطة وفق الأساليب الآتية:

  • الإسهام في تهيئة فرص الاكتشاف وبخاصة الاكتشاف الموجه الذي يحاول فيه الطفـل أن يجد إجابات لأسئلة في ذهنه على أشياء موجودة في البيئة أو أشياء يلاحظها أو يستعملها.
  • تقدم مواد لفظية محددة منظمة سهلة يستطيع استعمالها أو فهمها أو نقلها أو توظيفها لأن ذلك يسهم في زيادة مخزونـة مـن الأبنية المعرفية التي تسهم في زيادة فهمـه واستيعابه للعلاقات بين الأشياء وربطها بمـا لـديـه مـن خـبرات ومـواد، وعلاقات ومفاهيم وقضايا.
  • إن عرض خبرات لفظية ذات معنى لدى الأطفال، يسهل أمامهم صور استعمال هذه الخبرات، ويزيد من فرص استعمالها في ابنية مختلفة، ويسهل عليهم أساليب ربط هذه الخبرات بما لديهم من خبرات وإدماجها في أبنيتهم المعرفية، وبالتالي يسهل عليهم احتفاظها واسترجاعها في مواقف مناسبة مستقبلاً.
  • تشكل الخبرات اللفظية ذات المعنى ابنيـة معرفيـة وهـي في الوقـت نـفـسـه وحـدات التفكير التي تم تخزينها في البناء المعرفي للفرد، حيث إنه بزيادتهـا تـزداد قـدرة الطفـل على معالجة الخبرات والقضايا والمواقف الجديدة التي يواجهها.
  • إن الطفل عضو، مفكر حيوي، ونشط في إجراء علاقات ومواقف ربط بما يحقق لديه من أهداف ويطور لديه ذخيرة ومخزونا معرفياً يمكن أن يكون قد خطط له الطفـل ويتم له ذلك وفق تعلم ذي معنى.

إن استخدام الأساليب السابقة في التعلم الصفي – بحيث يكون ذا معنى ويسهل إدخاله وإدماجه في البنى المعرفية لدى المتعلم- يساعده على تطوير مخزونه المعرفي وخبراته.

إن تقديم خبرات لفظية ذات معنى يسهم في تطوير البنـاء المعـرفي لـدى المتعلم، ويسهم في تطوير خبرات جديدة، وزيادة مفاهيم جديدة بضيفها إلى مخزونه، وكل ذلك يسهم بالتالي في تحسين استراتيجيات تعليمية في المواقف التي يواجهها.

نموذج أوسويل التدريسي في المنظم المتقدم

طور أوسوبل نموذجه التدريسي في المنظم المتقدم، معتمداً على اهتمامه بالموضـوع الدراسي، والبناء المعرفي، والتعليم الاستقبالي، ويتم تقديم المنظم المتقدم في نشاط وفق ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى:
تقديم المنظم المتقدم
– توضيح هدف الدرس
– تقديم المنظم
– تحديد تعريف الصفات
– إعطاء أمثلة
– التزويد بالسياق
المرحلة الثانية:
تقديم المهمة التعليمية أو المواد
– جعل التنظيم واضحاً
– جعل المتعلم منظماً تنظيمياً منطقياً
– المواد واضحة
– الحفاظ على الانتباه
– تقديم المادة
المرحلة الثالثة:
تقويم التنظيم المعرفي
– استخدام مبادئ التوثيق التكاملي يساعد على ارتقاء التعلم الاستقبالي النشط

مراحل المنظم المتقدم

إن المنظم المتقدم الحقيقي، هو الذي يبني اعتماداً على المفاهيم الرئيسة، أو القضايا في أحد جوانب المعرفة، أو الموضوع الدراسي، ويتم كالآتي:

المرحلة الأولي

أولاً: ينبغي أن يتم بناء المنظم بأسلوب يستطيع المتعلم معـه إدراك هدفه، أو الفكرة المتميزة عن المعلومـات الـشاملة الموجـودة في موقف التعلم نفسه، إذ إن المنظم يتصف بدرجة عالية من التجريد، وهذا ما يميز المنظم عن النظرة التمهيدية العامة، والتي يتم نقلها عن طريق الشرح أو الكتابة بمستوى التجريد نفسه، مثـل المـادة التعليمية لأنهما في الحقيقة تعدان مراجعات سابقة للمادة الدراسية.

المرحلة الثانية

ثانياً: ينبغي شرح الملامح الرئيسة للمفهوم أو القضية وتوضيحها بعناية، كذلك فإن على المعلم والطلبة أن يكتشفوا بالإضافة مهمة التعلم.

وهذا يتضمن:

  • صيغة الملامح الرئيسة للمفهوم أو القضية.
  • توضيح هذه الملامح.
  • تزويد الطلبة بأمثلة عن ذلك.

وينبغي أن لا يكون عرض المنظم طويلاً، ويجب أن يستطيع المتعلم إدراكه (أن يكون المتعلم على وعـي بـه) وفهمـه بوضوح. ويتم ربطه باستمرار مع المـادة التعليمية التي تم تنظيمها. ويقتضي ذلك من المتعلم أن يكون على معرفة واعيـة باللغة والأفكار التي تضمنها المنظم والتي تعد مفيدة لتوضيح المنظم في سياقات متعددة. وينبغي أن يقوم المتعلم بتكراره مرات عديدة، وبشكل خاص المصطلحات الجديدة والمتخصصة.

المرحلة الثالثة

ثالثاً: من أجل تطوير بناء معرفي متكامل، وتحقيق استراتيجية محاضرة نشطة وفعالة فإن ذلك يستدعي استشارة الوعي لدى المتعلم لاستدعاء المعارف والخبرات السابقة. والتي يمكن أن تكون مرتبطة ومتعلقة بمهمة التعلم المنظم. وفي المرحلة الثانية، تزود المحاضرات والمناقشات والأفلام والتجـارب أو القراءة بمواد التعلم (مهمة التعلم). والتي تم تقديمها في المرحلة الأولى في المنظم المتقدم.

ويجدر ذكر إجراءين، وهما:

  1. المحافظة على تركيز انتباه الطلبة.
  2. جعل تنظيم المادة التعليمية واضحاً للطلبة، وبالتالي يصبح لديهم إحساس عام بالاتجاه. ومن خلال ذلك ينبغي أن يتضمن العرض التنظيم المنطقي للمادة وأن يظهر ذلك بوضوح. وبذلك الإجراء يتسنى للطلبـة أن يدركوا كيف ترتبط الأفكار بعضها ببعض.

إن الهدف في المرحلة الثالثة هو ربط المادة التعليمية الجديدة بالبنـاء المعرفي الموجـود لدى الطلبة وبطريقة سير طبيعية عادية للتعلم. فإن بعض هذه الإجراءات يمكن لها أن تندمج في المرحلة الثانية. وعلى ذلك فإنه لا بد من تركيز على إعادة تنظيم المادة الدراسية الجديدة. والتي تعد مهمة تعليمية منفصلة بما تتضمنه من مجموعة مهمات وأنشطة. ويحدد اوسوبل أربعة أنشطة في هذا المجال، وهي:

  1. رفع عملية التوفيق التكاملي.
  2. رفع التعلم الاستقبالي النشط.
  3. مراعاة الاتجاه المفاهيمي للموضوع الدراسي.
  4. التوضيح.

وهناك طرق متعددة لتسهيل توفيق المواد مع البناء المعرفي الموجود لدى المتعلم، إذ يمكن للمعلم أن:

  1. يذكر الطلبة بالأفكار (الصور الكبرى).
  2. يطلب إلى الطلبة تلخيص الصفحات الرئيسة للمواد التعليمية .
  3. إعادة التعريفات الدقيقة وتكرارها.
  4. يسأل عن الفروق بين ملامح المواد الدراسية.
  5. يطلب إلى الطلبة وصف عملية تدعيم المواد التعليمية للمفهـوم أو القضية والتي تستخدم عادة كمصنف.

كيف يمكن تحسين استراتيجية المحاضرة النشطة

إن استراتيجية المحاضرة النشطة يمكن أن ترتقي باستخدام الإجراءات التعليمية الآتية:

  1. الطلب إلى الطلبة وصف عملية ربط المادة التعليمية بأحـد ملامح المعرفة الموجـودة لديهم.
  2. الطلب إلى الطلبة إعطاء أمثلة إضافية للمفهوم أو القضية في المواد التعليمية.
  3. الطلب إلى الطلبة أن يتلفظوا بجوهرة المادة، باستخدام مصطلحاتهم الخاصة وأطـرهم المرجعية.
  4. الطلب إلى اختيار المادة التعليمية من وجهات نظر مختلفة.
  5. ربط المواد التعليمية بالمواد المتناقضة، والخبرات أو المعارف.

يمكن أن يتم البدء بمشاركة المعلم لطلابه أولاً. وعليه أن يستجيب لحاجات الطلاب لتوضيح مجال الدراسة في الموضوع. وكذلك في ربط المواد الجديدة مع المعرفة الموجودة لديهم.

وبالإضافة إلى عرض المعلم لمواد التعلم، فإن عليـه القيام بوظائف متعـددة عنـد استخدامه للمنظم المتقدم. وعليه أن يقرر تحت أي من المفاهيم أو القضايا يمكن أن تنـدرج الموضوعات الجديدة. وأن يقوم في أثناء تدريسه – وباستمرار – بإعادة تنظيم المعرفة في علاقة المفاهيم الأكثر شمولاً.

وبكلمات أخرى فإن على المعلم أن يقوم بتنظيم المعرفة في العلاقة هرميـاً حسب الموضوع الدراسي. ومن ثم اتخاذ قرارات حول التعاريف والمعاني واعتماداً على هدف هذه التعاريف. كما وإنه ينبغي على المعلم أن يشير إلى نقاط التناقض والصراعات والتشابه بين المعرفة الموجودة لدى الطالب والمعرفة الجديدة.

وأخيراً ينبغي على المعلم أن يقوم بترجمة المادة الجديدة إلى إطـار مرجعي لـه معـان مذوتة ومشخصنة لدى الطلبة والـتي مـن خلالهـا ينبغي للمادة عكس تجارب الطلاب وخلفياتهم الذهنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى