قصة صبي من الغابة

في قصة صبي من الغابة، يسعى سالم لتحقيق حلمه في التعليم والنجاح رغم فقر أسرته، فيكتشف أن الاجتهاد هو السبيل لتحقيق أهدافه.
جدول المحتويات

تحكي القصة عن سالم، طفل ذكي يعيش في قبيلة إفريقية فقيرة مع أسرته. والده يعمل بجد، يذهب للصيد وبيع الأخشاب ليعيلهم، لكن سالم يحلم بمستقبل أفضل. كان معجبًا بجاره عبد الله، المدرس الذي يعيش حياة مريحة. على الرغم من أن والده لم يكن مهتماً بالتعليم، أصر سالم على الدراسة ليصبح مدرسًا مثل عبد الله.

بدعم والده، التحق سالم بالمدرسة، واجتهد في دراسته حتى أصبح الأول في صفه. كان يقرأ كثيرًا حتى في العطلات، محققًا نجاحات باهرة. وفى سالم بوعده لوالده، حيث أصبح مدرسًا وساعد والده ماديًا، ما مكنهم من شراء بيت جديد.

القصة تؤكد أن الاجتهاد والبر بالوالدين يحققان الأحلام، وأن التعليم هو السبيل لتغيير الحياة نحو الأفضل.

قصة صبي من الغابة مكتوبة

تعيش بعض القبائل الإفريقية في أكواخ صغيرة مكونة من أغصان الشجر. وفي كثير من الأحيان، ينام جميع أفراد الأسرة في كوخ واحد، بسبب ضيق ذات اليد وشدة الفقر. كان سالم طفلاً ذكياً يحب والديه كثيراً، وكان معجباً بأبيه الذي يزاول العديد من الأعمال لكي ينفق على أسرته ويحميهم من قسوة الجوع.

كان والد سالم يذهب إلى الغابة ليصطاد بعض الحيوانات ويبيع فراءها وجلودها، أو يتغذى هو وأسرته على لحومها إن كانت من الحيوانات التي تؤكل. فالمعروف أن لحوم الحيوانات المفترسة، كالأسد والضبع والنمر، لا تؤكل. أما الغزلان، الوعول، الأبقار الوحشية، والأرانب البرية، فلحومها طيبة المذاق.

أنشطة الأب اليومية

إلى جانب الصيد، كان والد سالم يقطع الأشجار ويبيع خشبها، كما كان يفلح قطعة صغيرة من الأرض بجوار كوخه ليزرع فيها القمح، الذرة، وبعض الخضراوات. كان الأب يخرج من الكوخ عند شروق الشمس ولا يعود إلا بعد الغروب، فيعمل طوال اليوم.

كان سالم يتمنى لو أن والده ينال قسطاً من الراحة. وكان يُقارن بين حال والده وحال جاره عبد الله، الذي يعيش بالقرب منهم. كان الفرق بين الاثنين شاسعاً، فعبد الله كان مدرساً في مدرسة أولية يتقاضى راتباً شهرياً يكفيه ويكفي أسرته. إذا عاد من المدرسة كان يرتاح في منزله أو يخرج مع أسرته للتنزه في الغابة.

رغبة سالم في التعليم

والد سالم لم يكن متعلماً، ولم يكن مهتماً بالتعليم. فلم يرسل ابنه إلى المدرسة، بل كان يرغب في أن يتبع ابنه خطاه ويعمل في الصيد والزراعة. لكن سالم كان مصمماً على التعلم حتى يصبح مدرساً مثل جاره عبد الله، وبذلك يمكنه أن يساعد أسرته ويخفف عن والده. عندما أخبر سالم والده برغبته في التعليم، شجعه الأب على ذلك، وذهب معه إلى عبد الله الذي تكفل بإدخال سالم المدرسة.

بداية رحلة التعليم

غيّر والد سالم رأيه نظراً لما كان يعانيه من التعب والشقاء، وأشفق على ابنه حتى لا يمر بنفس المعاناة. بدأ سالم في الدراسة بحماس شديد، فكان عندما يعود من المدرسة يستقبله كلبه الوفي الذي يجري أمامه نحو الغابة، ظناً منه أن سالم سيأخذه في نزهة كعادته. لكن سالم كان يقول لكلبه:

– “كلا، نزهتي الآن بين الكتب التي أدرسها ولا أفضل منها ولا أجدى. تعال امكث معي وأنا أستذكر دروسي.”

كان الكلب يجلس بجانب سالم بهدوء بينما يدرس، دون أن يتحرك.

علاقة سالم بالحيوانات

كان سالم يحب الحيوانات بشدة، وكانت الحيوانات تبادله هذا الحب. فقد كان رحيماً بها، لا يقسو عليها ولا يضربها. كان يهتم بها اهتماماً كبيراً، فيحضر طعامها بنفسه، ويجد في صحبتها الكثير من السرور والطمأنينة. أطلق سالم أسماء على كل حيوان يملكونه. سمى الجمل “صبور”، لأن الجمال معروفة بالصبر وطول الاحتمال، ولقد سميت بحق “سفن الصحراء”.

أما الحمار الأسمر فكان يسميه “حمول”، نظراً لقدرة الحمير على حمل الكثير من الأثقال دون شكوى. أما الحصان السريع فقد سماه “برق” بسبب سرعته الكبيرة التي تشبه البرق.

اجتهاد سالم وحب والده له

كان سالم في بعض الأوقات يحمل مقعداً ويخرج من الكوخ ليستذكر دروسه، بينما يقف أمامه الحمار “حمول” وخلفه الجواد “برق”. سر والد سالم باجتهاده سروراً عظيماً، لكنه أشفق عليه لأن سالم كان يحرم نفسه من النزهات ويقضي معظم وقته في الاستذكار. فقال له والده يوماً:

– “إني مسرور يا بني من اجتهادك واهتمامك بدروسك، لكن يجب أن تريح نفسك بين الحين والآخر. لقد أحضرت لك كرة لتلعب بها مع ابن السيد عبد الله، وإذا نجحت في الامتحان هذا العام، سأحضر لك هدية ثمينة.”

رد سالم:

– “أشكرك يا والدي من أعماق قلبي. سأبذل كل ما في وسعي لأحقق النجاح هذا العام، ليس من أجل الهدية، بل لكي أدخل السرور على قلبك.”

تردد سالم ثم سكت. فسأله والده:

– “ماذا كنت تريد أن تقول؟”

قال سالم:

– “أريد أن أنجح كل عام لكي أصبح مدرساً مثل السيد عبد الله، وأعطيك راتبي كل شهر لتشتري لنا بيتاً أكبر من هذا البيت، وتستريح من العمل الشاق.”

نجاح سالم وتفانيه

عندما سمع الأب كلام ابنه البار، أخذه بين ذراعيه واحتضنه وقبله بحرارة قائلاً:

– “يا لك من ابن عظيم. إن الله سيجعلك من أسعد الناس لأنك بار بوالديك.”

وبالفعل، نجح سالم في الامتحان نجاحاً باهراً، وكان الأول على صفه. في العطلة الدراسية، كان يقرأ الكتب المقررة للعام المقبل ليكون على دراية مسبقة بالدروس، مما يسهل عليه استذكارها لاحقاً.

تحقيق أحلام سالم

واصل سالم دراسته بنجاح حتى أصبح مدرساً مثل السيد عبد الله، ووفى بوعده لوالده. كان في أول كل شهر يسلم راتبه لأبيه، مما أراح الوالد من عناء العمل الشاق. بدأ الوالد يخرج للصيد مع ابنه سالم في أوقات الفراغ، وكانا يقضيان أجمل أوقاتهما معاً.

حياة جديدة للعائلة

تمكن الأب من شراء دار كبيرة مبنية بالحجر، وكان بالقرب منها بئر محاطة بحاجز حجري. كان سالم في طفولته يتمنى أن يكون لديهم بيت مثل هذا، وأخيراً تحقق حلمه.

بفضل اجتهاد سالم ورضاء والده عنه، تحقق له ما كان يسعى إليه. ففي قبيلته يقولون: “رضاء الأب من رضاء الرب”. وهكذا، فإن من يأمل ويجتهد ويحوز على رضا والديه يصل إلى أهدافه المنشودة، وتكلل جهوده بأفضل النتائج في الحياة.

معرض الصور (قصة صبي من الغابة)

المصدر
قصة صبي من الغابة - حكايات وأساطير للأولاد - منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر - بيروت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى