اختلف علماء التربية في نظرتهم إلي مفهوم المنهج الدراسي، مما أدي إلي ظهور عدة تعريفات لهذا المفهوم التربوي في فترة زمنية قصيرة بدأت في أوائل القرن العشرين ويرجع التفاوت في التعريفات إلي التطور في ميادين العلوم والتربية وعلم النفس، ومطالب المجتمع المتغيرة والمتجددة ورغم تعدد تعريفات المنهج الدراسي وتنوعها إلا انه من السهل تصنيفها إلي مجموعتين كبيرتين هما المنهج القديم والحديث.
جدول المحتويات
المجموعة الأولي تدل علي المنهج بمفهومه القديم الذي يهتم فقط بالمحتوي بما فيه من حقائق ومفاهيم ومبادئ وحفظ المادة الدراسية، بينما المجموعة الثانية تشير إلي المنهج بمفهومه الحديث ليشمل الاهتمام بالمهارات الحياتية والجوانب الوجدانية للطلاب مع عدم إهمال الجوانب المعرفية.
المفهوم القديم (التقليدي) للمنهج
جاء المفهوم التقليدي نتيجة طبيعية لنظرة المدرسة التقليدية أو إلى وظيفة المدرسة، حيث كانت تنحصر وظيفتها في تقديم ألوان مختلفـة مـن المعـارف للطلاب، ثم تخضعهم للاختبارات وخصوصاً الحفظ والتسميع للتأكـد مـن استيعابهم للمعلومات فقـد قـدمت المدرسة قديما المعرفة باعتبارها حصيلة التراث الثقافي الثمين الذي تتوارثه الأجيال جيلاً بعـد جيل.
وقـد جـرت العـادة بتنظـيـم المـادة الدراسية (المعـارف والمعلومـات والحقائق والإجراءات) في موضوعات، وتوزيع تلك الموضوعات على السنوات الدراسية للمراحـل التعليمية المختلفة، وكان تعرف المواد الدراسية قديماً بالمقررات الدراسية، حيث كان الكتب الدراسية هي المصدر الوحيد الذي يتلقى منه الطالب علومه المختلفة.
أما عن إعداد المناهج بمفهومها التقليدي، فقد كانت تنـاط بلجـان مـن المتخصصين بالمواد الدراسية، أو بلجان معظم أعضائها من هؤلاء المتخصصين وكان المسؤولون في جهـاز التعليم يشددون على ضرورة التقيد التام بالموضوعات التي يتم تحديـدهـا مـن قبـل تـلـك اللجان، وعلى عدم إدخال أي تعديل أو تغيير فيها وتحت أي ظرف من الظروف لان ما بها من معلومات ومعارف يمثل الهدف الأسمى والغاية المتوخاة.
مفهوم المنهج الدراسي وعناصره وأسس بناء المنهج
موقف المنهج القديم (التقليدي) من المادة الدراسية
- ركزت المادة الدراسية اهتمامها على الناحية العقلية، وأغفلت جميع النواحي الأخـرى في الفرد مثل النواحي الجسمية والاجتماعية والانفعالية.
- أكد المنهج المدرسي على المنفعة الذاتية للمعارف والمعلومات وألزم المتعلم بضرورة تعلمها وحفظها.
- يقتصر فيه اختيار المقرر الدراسي علي انتقاء مجموعة من المتخصصين في المواد الدراسية المراد تدرسيها.
- انصب الاهتمام على حفظ المادة الدراسية وأصبح ذلك غاية في حد ذاته بغض النظـر عن جدواه واهميته بالنسبة للطلبة.
- استعبد تنمية الاتجاهات النفسية السليمة، واكتساب طرق التفكير العلمية.
موقف المنهج التقليدي من المتعلم والمعلم
- الاعتماد على المعلم في تبسيط المادة الدراسية وتقريبها إلى أذهان الطلاب.
- على المتعلم حفظ المادة الدراسية والنجاح فيها لان ذلك يعد أساساً لنقله إلى الصف الأعلى.
- يهمل المعلم في المنهج التقليدي ميول ورغبات وقدرات التلاميذ.
- يعتقد المعلمون أن عملهم قاصر على إيصال المعلومات المقررة إلى أذهان التلاميذ.
- اعتماد طرق التدريس على الآلية إذا أصبح عمل المعلم التقليـد للمعلومات وعمـل المتعلم الحفظ والتسميع دون فهم.
- التعامل مع المقررات الدراسية باعتبارها مواد منفصلة لا علاقة بينهم.
- تجاهل طبيعة التلاميذ ومستوياتهم والفروق الفردية بينهم.
- عدم تشجيع الطلبة على البحث والاستطلاع أو إتاحة الفرص المتنوعـة بيـنهـم علـى أساس أن المواد الدراسية ثابتة.
العوامل التي ساهمت في تطوير مفهوم المنهج
- التغير الثقافي الناشئ عن التطور العلمي والتكنولوجي.
- التغير الذي طرا على أهداف التربية وعلى النظرة إلى وظيفة المدرسة بسبب التغيرات العلمية والتكنولوجية.
- الدراسات الواسعة التي جرت في ميادين التربية وعلم النفس التي غيرت الكثير مـن المفاهيم التي كانت سائدة عن طبيعة المتعلم وسيكولوجيته وخصائصه ورغباته وقدراته وميوله.
- نتائج البحوث التي أظهرت قصور المنهج التقليدي.
- طبيعة المنهج التربوي نفسه، فهو يتأثر بـالمتعلم وبالبيئة والمجتمع والثقافة والنظرية التربوية.
المنهج الحديث
جاء المفهوم الحديث للمنهج كرد فعل للمفهوم القديم والتقليدي للمنهج، ويقصد به كل دراسة أو نشاط أو خبرة يكتسبها أو يقوم بها المتعلم تحت إشراف المدرسة وتوجيهها سواء كان داخل الصف أو خارجه.
أو هو جميع أنواع النشاطات التي يقوم بها الطلبة، أو جميع الخبرات التي يمرون بها تحت إشراف المدرسة وبتوجيه منها سواء داخل أبنية المدرسة أو خارجها.
وقد عرفه آخرون على انه مجموع الخبرات التربوية والثقافية والاجتماعية والرياضية والفنية والعلمية التي تخططها المدرسة وتهيؤها لطلبتها ليقوموا بتعلمها داخل المدرسة أو خارجها بهدف اكسابهم أنماط من السلوك، أو تعديل أو تغيير أنماط أخرى من السلوك نحو الاتجاه المرغوب، ومن خلال ممارستهم لجميع الأنشطة والمصاحبة لتعلم تلـك الخبرات نساعدهم في إتمام نموهم.
فالمنهج الحديث مخطط تربوي يحتوي على مجموعة عناصر مكونـة مـن نتاجـات ومحتوى وخبرات تعلمية، وتدريس وتقويم مشتقه مـن أسـس فلسفية واجتماعية ونفسية ومعرفية، مرتبط بالمتعلم ومجتمعه ومطبقة في مواقف تعلمية تعليمية داخل المدرسة وخارجها وتحت إشراف منها، بقصد الإسهام في تحقيق النمو المتكامل لشخصية المتعلم بجوانبها العقلية والوجدانية والجسمية، وتقويم مدى تحقق ذلك كله لدى المتعلم. (سعاد وابراهيم، 2004)
المبادئ المتضمنة في المفهوم الحديث للمنهج
- المنهج هو جميع النشاطات التي يقوم بهـا الطلبة أو الخبرات التي يمرون بهـا تحـت إشراف المدرسة.
- التعلم الجيد هو الذي يساعد المتعلم على التعلم من خلال توفير الشروط والظـروف الملائمة لذلك.
- التعلم الجيد يهدف إلى مساعدة المتعلمين على بلوغ الأهداف التربوية المراد تحقيقها.
- ينبغي أن يتكيف المنهج مع حاضر الطلبة ومستقبلهم.
- يجب أن يراعـي ميـول الطلبـة لاتجاهاتهم واحتياجاتهم ومشكلاتهم وقدراتهم واستعداداتهم ويساعدهم على النمو الشامل، وعلى إحداث تغييرات في السلوك.
مزايا المنهج التربوي الحديث
- يساعد الطلبة على تقبل التغييرات التي تحدث في المجتمع وعلى تكيـف أنفسهم مع متطلباتها.
- ينوع المعلم في طرق التدريس وتكون أكثر ملاءمة لطبيعة المتعلمين.
- يستخدم المعلم الوسائل التعليمية المتنوعة والمناسبة.
- تمثل المادة الدراسية جزءاً من المنهج فهي وسائل وعمليات لتعديل سلوك المتعلم.
- يعتمد فيه دور المعلم علي تنظيم التعلم وليس الحفظ والتلقين للطلاب.
- يهتم بتنسيق العلاقة بين المدرسة والأسرة من مجالس الآباء والمعلمين.
- يهتم بإتاحة فرص اختبار الخبرات والأنشطة التعليمية للمتعلم.
- يركز علي تنمية جميع جوانب شخصية المتعلم لمواجهة العقبات التي في طريقه.
المنهج التربوي باعتباره نظاماً
معنى النظام: هو الكل المركب من عدد من العناصر، ولكل عنصر وظيفة وعلاقات تبادلية وأي تأثير في أحد العناصر ينتقل إلى بقية العناصـر الأخـرى، وللنظـام هـدف يسعى لتحقيقه وله حدود، ويوجد في بيئة يؤثر فيها وتؤثر فيه، وله مدخلات ومخرجات وعمليـات تعمل ضمن قوانين، ويكون النظام جزءاً من نظام كلي أكبر منه، ويكون كل عنصر فيه نظاماً وأكبر النظم المخلوقة هو الكون نفسه.
وبذلك يكون المنهج التربوي باعتباره نظاماً مكوناً من الأهداف والمحتوى والأنشطة والتقويم موضحة في الشكل التالي:
تدل الأسهم على وجود علاقات تبادلية أي أن كل عنصر يتأثر ويؤثر في العناصـر الأخرى.