الطفولة المبكرة (مرحلة اللعب)

هذا البطل الخارق يجب أن يختفي من حياة أطفالنا

لعبت شخصيات البطل الخارق دورا هاماً في ثقافة الأطفال لعقود، وباتت رمزًا للخير والعدالة. لكن، مع ذلك، هناك بعض المخاطر والآثار السلبية التي قد تنتج عن هذه الشخصيات على سلوك ونمو الأطفال. في هذا المقال، سنناقش بعض أضرار شخصية البطل الخارق مثل الرجل الأخضر والسوبرمان وطرزان في قصص الأطفال:

يجب أن يختفي هذا البطل الخارق من حياة أطفالنا.. ولا بد من وضع قصص الأطفال المترجمة تحت الرقابة.. فهي القصص الأكثر رواجاً. لكن يؤكد تقرير اليونسكو أن المطبوعات بشكلها الحالي تأتي في الدرجة الثانية من الوحي والالهام. فضلاً عن خلوها من الأفكار الجديدة وتساعدها في سبيل إرضاء ذوق الطفل الذي يزداد ميله الى المغامرات. ويتضاءل ميله إلى بذل أي مجهود ذهني.

سلبيات قصص الأبطال الخارقين

وتضيف اليونسكو أن المؤلفين يخترعون قصصاً خيالية دون مراعاة السند العقلي أو الأساس العملي لها.. فأسطورة الرجل الأخضر.. يجب أن تستبعد، لتحل محله مخلوقات إنسانية معقولة قريبة من الواقع…

إن قصص السوبرمان والرجل الأخضر وباتمان تلجأ إلى تبسيط الشخصيات. بحيث تجعل بعضها مثالاً للخير المطلق وبعضها مثالاً للشر المطلق رغم مخالفة هذا الطبيعة للبشر. مما يؤدي بالأطفال الى فهم مجتمعهم والمجتمعات الأخرى بشكل خاطئ ويعتبر لديهم دوافع التعصب والعدوان.

والكثير من هذه القصص تدور حول سلسلة متصلة من حوادث العنف الجنونية أن ينتصر البطل. وهذه القصص لا تشبع من نفوس الأطفال احترام القانون ونظم الدولة.

فعندما يكون الطفل صغيراً يجب أن نطلب منه أن يحتكم لوالديه في الخلاف بينه وبين أشقائه وابن الجيران وفي المدرسة نطلب منه الاحتكام الى المدرس أو الناظر…

وفي الحياة اليومية يلجأ الى سلطات الأمن والقضاء.. بينما الرجل الخارق للطبيعة هو الذي يجسد الخير والشر ويحتكم لنفسه وينفذ بنفسه ما ينتهي اليه من أحكام حتى ولو كانت الحكم بالإعدام على الآخرين وبهذا تلغي هذه القصص كل ما قدمته الحضارة من نظام للدولة.

بالإضافة الى أن قصص الرجل السوبرمان تزييف للحياة عندما نجعل في متناول يده الثروة والسيارات والطائرات وكل وسائل الراحة.. دون ابراز أي جهد بذله للحصول على هذه الوسائل حتى أنه يحطم كل يوم ما يساوي عشرات الآلاف من الجنيهات بغير أسي أو ندم ثم يجد غيرها بنفس البساطة في حين أنه من أسس التربية السليمة تربية الأطفال على تقدير قيمة ما يملكون أو ما يتطلعون إلى امتلاكه.

ويؤكد الطبيب أن من أخطر ما يقابلنا في كتب الأطفال والمجلات المترجمة تلك القصص التي تمجد العنف كوسيلة لحل المشاكل وتجعل القوة البدنية هي العامل الأقوى في حسم المواقف… وهي سمة اساسية في قصص المغامرات والجاسوسية والسوبرمان وطرازان.. في حين أن تاريخ الحضارة هو إحلال العقل محل القوة.

أضرار شخصية البطل الخارق علي الأطفال

تعتبر قصص الأبطال الخارقين أحد العناصر الأساسية في ثقافة الأطفال منذ عقود، حيث تقدم لهم شخصيات باعتبارها قدوة ملهمة تجسد القوة والعدالة والانتصار على الشر. وبينما قد يكون لهذه القصص فوائد عديدة ، إلا أنها قد تخفي أيضًا مخاطر قد تضر بنفسية الطفل وتطوره الصحي السليم.

تعزيز العنف

غالبا ما تظهر قصص الأبطال الخارقين العنف باعتباره الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل. فنجد معظم قصص الأبطال الخارقين، تستخدم المعارك العنيفة كوسيلة رئيسية لحلّ المشاكل والقضاء على الشر. وهذا قد يشجع الأطفال على تقليد هذا السلوك في حياتهم اليومية، مما قد يؤدي إلى تفاقم مشاعر العدوانية والسلوك العنيف.

خلق توقعات غير واقعية

في الأعم الأغلب يتم تصوير الأبطال الخارقين كرجال ذو قوة جسدية من المستحيل قهرهم، يستطيعون مواجهة أي خطر دون خوف ويحققون انتصارات ساحقة. وهذا النمط غير الواقعي قد يسبب لدى الأطفال شعورا بالنقص وعدم الثقة بالنفس. وقد تؤدي هذه الصورة إلى تكوين توقعات غير واقعية لدى الأطفال مما قد يسبب لهم شعورًا بالإحباط والدونية عند مواجهة صعوبات في حياتهم الواقعية.

إهمال قيم التعاون والعمل الجماعي

معظم قصص الأبطال الخارقين تركز على الفردية والبطولة الشخصية وتهمل ضرورة العمل الجماعي. وقد يؤدي ذلك إلى تهميش قيمة التعاون والعمل الجماعي لدى الأطفال. مما قد يعيق هؤلاء الأطفال عن التعاون مع الآخرين وشعورهم بعدم أهمية التواصل الاجتماعي أو العمل في فريق.

إهمال القيم الأخلاقية

حيث نلاحظ تركيز بعض قصص الأبطال الخارقين على القوة والانتصار أكثر من اهتمامها بالقيم الأخلاقية مثل قيم كالتعاطف والرحمة والعدالة. وقد يؤدي ذلك إلى إهمال الأطفال لتطبيق هذه القيم في حياتهم الواقعية مما ينتج عنه تشويه بعض القيم الأخلاقية، كتبرير استخدام العنف لتحقيق العدالة، أو إهمال قواعد السلامة العامة.

الإدمان وإهمال الواقع

قد تسبب قصص الأبطال الخارقين لدى الأطفال الإدمان علي قرائتها أكثر من اللازم، مما قد يُعيق قدرتهم على التركيز على الأنشطة الأخرى مثل الدراسة واللعب مع أصدقائهم. مما يساهم في انعزال الأطفال عن الواقع وانسحابهم من عالمهم الحقيقي. وبالتالي يشكل ذلك صعوبة تفاعلهم الاجتماعي مع الآخرين أو تكوين علاقات اجتماعية صحية.

تغذية ثقافة الاستهلاك

حيث أننا نجد أغلب شخصيات الأبطال الخارقين مرتبطة بمنتجات تجارية مثل الألعاب والأفلام والملابس. وذلك قد يشجع الأطفال على ربط السعادة باقتناء هذه المنتجات، مما قد يؤدي إلى سلوكيات استهلاكية غير سليمة.

خاتمة

وفي الختام، بينما تقدم قصص الأبطال الخارقين فوائد جمة، إلا أنها قد تخفي أيضًا مخاطر على نفسية الطفل وتطوره. ومن واجب الآباء والمعلمين التنبيه لهذه المخاطر، وتوجيه الأطفال نحو قصص أخرى تعزز القيم الإيجابية مثل التعاون والعدالة والتفكير النقدي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الاستفادة من قصص الأبطال الخارقين بشكل إيجابي من خلال: مناقشة القيم الأخلاقية التي تُقدمها هذه القصص مع الأطفال. وتشجيع الأطفال على التفكير النقدي في مضمون هذه القصص. وبالتالي، يمكن تحويل مخاطر شخصيات البطل الخارق إلى فوائد جمة للأطفال من خلال التوجيه والإرشاد المُناسب من قبل الآباء والمعلمين.

ولا نقصد بهذا المقال إدانة شخصيات الأبطال الخارقين بشكلٍ مطلق، بل نؤكد على أهمية التقليل منها والوعي بأضرارها وتقديم بدائل إيجابية للأطفال.

المصدر
د. محمد رفعت ومجموعة مؤلفين، تربية الطفل صحيا ونفسيا من الولادة حتى العاشرة، دار البحار للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى