كيفية التعامل مع الطفل سريع البكاء؟ يعتبر البكاء الاستجابة الأولى للطفل والتي يعبر بواسطتها عن وجوده لحظة ولادته. لهذا فالبكاء وسيلة اتصال مهمة خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة بين الطفل والعالم المحيط به من حوله. ويستمر تعلم الطفل للكثير من الاستجابات والسلوكات التي تساعده على تحقيق رغباته وطلباته. إلا أن سلوك البكاء يبقى الوسيلة الفعالة والمهمة للتعبير عن حاجاته الفسيولوجية والبيولوجية كالحصول على الطعام، والماء والدفء. وكذلك في التعبير عن انفعالاته الداخلية، كالغضب، والألم، والإحباط، والحزن. فمن خلال المواقف الكثيرة التي تحدث للطفل، يدرك الطفل أن الوالدين يهرعان لمجرد سماع صوت بكائه للاطمئنان عليه. إليك القصة التالية:
جدول المحتويات
سحر طفلة جميلة جداً، بلغت الخامسة من عمرها ولكنها ما زالت تتصرف وكأن عمرها لا يتعدى سنتين. فهى تبكي لأقل الأسباب بل قد تستغرب لو قلت لك أنها لا تعرف كيف تطلب الحصول على شيء، إلا عن طريق البكاء. فهي وسيلة اتصالها مع الآخرين. لقد أدركت من خلال كثير من المواقف المتكررة أنه من الممكن أن تحقق الكثير من خلال البكاء و لاسيما أن والديها يضعفون بسرعة أمام دموعها وذلك بسبب الحب الزائد والحماية أو بسبب رغبة الوالدين في التخلص من الإزعاج الذي تسببه سحر عند البكاء. فكلما أعجبت سحر بلعبة جميلة في السوق فإنها تبكي للحصول عليها. وكذلك الأمر عندما تريد مشاهدة التلفزيون رغم معارضة والديها. لذلك فبمجرد بكائها ينتهي إصرار الوالدين ويضعفوا مرة أخرى وتحقق الطفلة ما تريد ويضيع جهد الوالدين في إجبارها على النوم سدي.
تعريف الطفل سريع البكاء
يعتبر هذا السلوك غير مقبول عندما يلجأ الإنسان إليه كنوع من وسائل الاتصال مع الآخرين ولا سيما مع والديه. فالبكاء هنا ليس وسيلة للتعبير عن الانفعال سواء الألم أو الفرح. لقد تعدى البكاء ذلك ليصبح هذا السلوك الطريقة الوحيدة لحصول الطفل على ما يريد على الرغم من معارضة الآخرين لطلبه. ويستمر الطفل سريع البكاء في هذا السلوك حتى يحصل الطفل على ما يريد دون أن يشعر بالتعب والكلل.
أسباب كثرة البكاء
يرجع سبب سلوك الطفل سريع البكاء في الأصل إلي ضعف الوالدين وتساهلهما أمام إصرار الطفل في الحصول على ما يريد بغض النظر عن الدافع. فقد يكون الدافع وراء تساهلهما هو في كون هذا الطفل الوحيد للأسرة، أو هو الطفل الذكر الوحيد، أو هو الطفل الأخير المدلل. أو أن الطفل جاء بعد فترة طويلة من الزواج، أو أن هذا الطفل قد عانى من الكثير من الأمراض والمشاكل الصحية قبل أن يصل إلى هذه المرحلة. فلقد شاهدت في أحد المواقف التي حدثت أمامي أن أخذت الأم جميع قطع البيتزا من صحون أخوة الطفل لأنه أصر على ذلك ووضعتها في صحنه وحرمت إخوانه من الأكل. والسبب في ذلك أنها لا تود أن ترى هذا الطفل وهو يبكى. وكذلك يستغل الطفل البكاء كوسيلة للحصول بها على اهتمام الكبار من حوله وذلك في سبيل تحقيق رغباته، أو لتنبيههم أحيانا بوجوده عندما ينشغل الوالدان لفترة طويلة ويحرمان الطفل من حنانهما وحبهما.
أثر بكاء الطفل على الوالدين
لقد رأيت الكثير من المواقف التي يستغل بها الطفل سريع البكاء ذويهم في تحقيق مآربهم عن طريق المبالغة في البكاء. واعتقد أن هذا هو إساءة الأطفال في معاملة والديهم. ولهذا السلوك آثار سيئة على الوالدين حيث تعلمهم أما العنف الشديد مع الطفل، أو التساهل الشديد وتحقيق رغبات الطفل بغض النظر عن عواقب ذلك. هذا بالإضافة إلى أن تساهل الوالدين قد يؤدي إلى ضعف تأثيرهما على الطفل، وبالتالي عدم احترام الطفل لرغبات الوالدين. قد يدفع هذا السلوك بقية الأطفال في الأسرة إلى تقليد ذلك الطفل للحصول على ما يرغبون. ويجب تذكير الآباء بأن ما يفعلونه ليس في مصلحة الطفل لأن إرضاءه وإعطاءه ما يريد لتجنب بكائه لن يحل المشكلة، حيث سيعمم الطفل هذا السلوك على مواقف كثيرة يبكي بها ليحقق ما يريد.
أثر هذا البكاء على الأطفال
إن الطفل سريع البكاء الذي يمارس مثل هذا السلوك هو في الأغلب من حظي بتربية غلبت عليها اللين، والتساهل. فأصبح الطفل لا يهتج إلا برغباته فتعلم الأنانية، لذلك فهو لا يهتم إلا بنفسه. ومن هنا يتعلم الطفل أن يكون كثير المطالب، وغير مؤدب في الأسلوب الذي يتبعه للحصول على طلباته. لذلك فهو طفل مكلف ومجهد للأسرة، عندئذ لا بد أن يشعر بقية الأطفال في الأسرة تجاهه بالغيرة والكراهية.
إقرأ أيضاً:
- التبول الليلي عند الأطفال الأسباب والعلاج
- مشكلة التبول اللاإرادي عند الأطفال في النهار
- احذر أساليب تربوية خاطئة في تربية الأبناء
كيفية التعامل مع الطفل سريع البكاء
- كما هو الحال فإنه يجب علينا مراقبة الطفل في البداية لمعرفة الأسباب التي تدفعه للبكاء. فينبغي أن نتأكد من عدم وجود أسباب عضوية تدفعه للبكاء كالمرض بأنواعه المختلفة. وعند التأكد من عدم وجود المرض فإنه لا بد من تحديد أسباب البكاء.
- إذا كانت أسباب البكاء من أجل حصول الطفل على اهتمام وعناية وحب الوالدين الذي افتقده. فيجب علي الوالدين الاعتراف بهذا ومحاولة تعويض الطفل عن ما يحتاجه من حب. ولكن دون أن يكون ذلك التعويض عند بكاء الطفل. ويجب على الوالدين إفهام الطفل بأنهم يحبونه ويهتمون به دون لجوئه إلى البكاء.
- أما إذا كان البكاء وسيلة للحصول على طلباته أو أن البكاء هو الطريقة التي يستعملها للاتصال مع الآخرين. عندئذ على الوالدين وضع قوانين داخل الأسرة تحدد بها أساليب الطلب. وأن يتفق الوالدان على عدم تلبية طلبات الأطفال إذا لم تكن بالطريقة المؤدبة التي نصت عليها قوانين الأسرة. وفرط حالة استمرار الطفل في البكاء عندها يلجأ الوالدان إلى إهمال هذا السلوك (البكاء). ونعنى بذلك أن نترك الطفل يبكى دون الانتباه والاهتمام به (لاحظ أن بكاؤه هنا يهدف إلى حالة الحصول على مآربه) حتى يتوقف ويلجأً إلى الأساليب المؤدبة في الطلب.
- يجب أن يتعلم الطفل أن البكاء ليس الوسيلة الصحيحة للاتصال مع الآخرين وأن هذه الطريقة مرفوضة وغير مقبولة، ويجب أن يسعى لتبديلها.
- على الوالدين التحلي بالصبر والتحمل. ففي البداية قد يستمر الطفل في البكاء لساعات إلى أن يتأكد بأن أسلوب البكاء لم يعد يحقق له ما يريد. عندها سيرفع صوته في البكاء ويحاول أن يطيل مدة البكاء. وربما يسكت برهة ويعود إلى البكاء مرة أخرى وقد تجدون أنه وقع في سبات عميق وهو يبكى. وفي اليوم التالي، ربما يلجأ للبكاء مرات عديدة في سبيل التأكد من أنه ما زال لسلاح البكاء أثر في معركة تحقيق الرغبات. وعندما ينهزم أمام إصرار الوالدين في تجاهل قوة هذا السلاح فإنه يدرك عندها بأن هذا السلاح أصبح غير ذي فائدة وأن مقاومة الوالدين له فاقت قوة هذا السلاح. عندها يقتنع بأن هناك أساليب أكثر إقناعاً ولها وقع محبب على النفس. وتحظى هذا الأساليب بقبول الوالدين ولا سيما أنهما كانا أساس المشكلة في المرة الأولى. حيث أن الوالدين لم يكلفا نفسيهما في البداية عناء تدريب الطفل على اتباع الطرق السليمة في طلب وتحقيق ما يريده بشكل اجتماعي مقبول.
- وفي استعمال تكلفة أو تعزيز الاستجابة للطفل أمر ضروري ومهم. وهذا الإجراء ينص على أن الطفل سوف يخسر مما لديه من معززات (مصروفه، أو الوقت المخصص للعب) عند قيامه بالبكاء. ويجب على والدي الطفل إفهامه هذا الأمر والتقيد من قبل الجميع – الطفل والوالدان – بهذا الأمر.
أبو حميدان، يوسف عبدالوهاب. (2001). العلاج السلوكي لمشاكل الأسرة والمجتمع. العين، دار الكتاب الجامعي.