كان في قديم الزمان يا أولاد يا كرام كان يوجد حمار وإوزة وبطة وحمامة يعيشون قرب البحيرة في أهنأ حال، يشربون من البحيرة ويرعون حولها. وفي يوم من الأيام وجدوا كيسا من الحنطة، فقال بعضهم لبعض: “إذا أكلنا ما في هذا الكيس فإنه لا يكفينا إلا بضعة أيام، ولكن إذا زرعناه في الأرض فسنحصل على كمية كبيرة من الحنطة تكفينا زمنا طويلا، خاصة أن المراعي أخذت تخف حول البحيرة.” فوافقوا جميعهم على ذلك، وتعاهدوا على ألا يمسوا الزرع الذي ينبت حتى ينضج ويحصدوه.
وهكذا زرعوا الحنطة في الأرض وصاروا يسقونها بالماء، فنبتت وطال الزرع، وصار في رأسه سنابل.
خيانة الجحيش للعهد
ولكن الجحيش (الحمار) استيقظ في إحدى الليالي جائعا، ولم يجد حول البحيرة ما يأكله غير هذا الزرع، واشتد به الجوع، فقال لنفسه: “سآكل هذا الزرع وأقول لهم: أنا لم آكله!” وصار يأكل الزرع طول الليل حتى لم يترك منه إلا القليل، ثم ذهب ونام.
وفي الصباح استيقظت البطة والإوزة والحمامة فوجدوا الزرع قد ذهب أكثره، فقالوا: “لم يأكله إلا الجحيش.” فأيقظوه وسألوه، فأنكر ذلك وقال: “لم آكله.”
فقالوا: “إذن نحلف على هذه البحيرة، والذي يكذب يسقط في البحيرة.” فوافقوا على ذلك.
ظهور الحقيقة وعقاب الكاذب
فتقدمت الحمامة وقالت: “حم حم أنا الحميمة، حم حم أكلي حبيبة، حم حم إن كني أكلته ولا شربته يرميني ربي بهالبحيرة.” ثم طارت إلى الشجرة ولم تقع في البحيرة.
ثم تقدمت البطة وقالت: “بط بط أنا البطيطة، بط بط أكلي حنيطة، بط بط إن كني أكلته ولا شربته يرميني ربي بهالبحيرة.” ثم طارت إلى الشجرة ولم تقع في البحيرة.
ثم تقدمت الإوزة وقالت: “وز وز أنا الوزيزة، وز وز أكلي رزيزة، وز وز إن كني أكلته ولا شربته يرميني ربي بهالبحيرة.” ثم طارت إلى الشجرة ولم تقع في البحيرة.
ثم تقدم الجحيش وقال بصوت غليظ: “حيء حاء أنا الجحيش، حيء حاء أكلي شعير، حيء حاء إن كني أكلته ولا شربته يرميني ربي بهالبحيرة.” ثم قفز فوقع في البحيرة فغرق فمات. وهذا جزاء الكذاب.