مفهوم المنهج الدراسي وعناصره وأسس بناء المنهج
تعرف علي مفهوم وأنواع المنهاج الدراسي وعناصر بناء المنهج الدراسي
لقد بنيت المدارس ونظمت، وتعلم الأفراد، وتبارى المدرسون حول مـا يدرس وكـيف يدرس … ولكن يمكننا القول بأن هناك اهتماما متزايدا من قبل التربويين وعلماء النفس. لكى يحللوا عمليات التعلم بهدف تحديد الأسس العامة، التى تصمم عليها جميع أوجه العملية التعليمية. والتى تساعد على تعلم الأفراد وتوجيههم، ولهذا ظهرت الضرورة لتحديد مفهوم المنهج الدراسي وزاد الاهتمام بعمليات تصميم المناهج الدراسية.
جدول المحتويات
مفهوم المنهج الدراسي
هناك عديد من التعاريف لكلمة المنهج، بين بعضها تشابه، وبين بعضها الآخر تناقضات. وقد تسفر هذه التعريفات عن مناقشات لفظية ومجادلات. ولكن لعل أشهر هذه التعريفات وأكثرها استعمالاً، هو :
المنهج الدراسي : هو تنظيم وتخطيط لأنشطة المتعلمين بطريقة منظمة مقصودة. سواء كانت هذه الأنشطة داخل المدرسة أم خارجها، وسواء كانت مرتبطة بجوانب تعليمية أم تدريبية. وينطبق هذا التعريف على تنظيم الأنشطة لوحدة تعليمية صغيرة فى إطار إحدى المواد الدراسية. أو على الأنشطة المتعددة المرتبطة بعدة مواد دراسية، والتى تستغرق عذة سنوات متتالية.
ولتوضيح وتبسيط مفهوم المنهاج الدراسي هذا .. يمكننا أن نقول إن:
- المنهاج الدراسي هو مجموعة نوايا، أو خطط. وقد تكون هذه الخطط ذهنية، ولكن – وكما هو حادث فى معظم الأحوال ـ تكون خطط المنهج مكتوبة.
- المنهاج الدراسي ليس الأنشطة التعليـمية فى حد ذاتها، ولكنه تخطيط لهذه الأنشطة. وقد يفضل استخدام كلمة «برنامج» للإشارة إلى أنشطة المتعلم، التى تظهر أو تحدث عند تنفيذ أو تطبيق «المنهج».
- يتضمن مفهوم المنهج الدراسي عديدا من النوايا، فهو يتضمن مايراد للتلاميذ أن يتعلموه، ويتضمن وسائل وطرق الحكم التى تستخدم لقياس وتقييم التعلم. كما يتضمن الشروط أو المدخلات الواجب توافرها فى التلاميذ ليقبلوا فى البرنامج، ويتضمن كذلك الوسائل والأدوات والأجهزة التى ستستعمل، وقد يتضمن مواصفات المدرس المطلوبة.
- يحتوى مفهوم المنهج الدراسي على النوايا المنظمة المقصودة، والتى تستهدف تشجيع وإحداث التعلم، ولا يتضمن الأنشطة العفوية غير المخططة أو غير المقصودة.
- مفهوم المنهج الدراسي يركز على توضيح العلاقة بين مجموعة النوايا المنظمة التى يتضمنها. أى بمعنى آخر توضيح العلاقات بين مكوناته المختلفة كالأهداف والمحتوى والتقييم.. الخ، ويتضح من هذه العلاقات مدى تداخل هذه الأجزاء فى كل واحد متكامل؛ أى إن المنهاج الدراسي فى جملته هو «نظام».
أنواع المنهج الدراسي ومستوياته
بداية يجب التوقف عند استخدام مصطلح «المناهج الدراسية» عند الحديث عن العـملية التعليمية ومن أكثر العبارات التى نسمعها تتردد على ألسنة الناس من كافة المستويات والمواقع: إن مناهج التعليم تحتاج إلى تغيير جذري أو إن المناهج الدراسية صعبة أو بإن المناهج الدراسية غير مناسبة وغيرها من مثل هذه التقارير. فولى الأمر الذى يشعر بكثرة الواجبات المدرسية المكلف بها ابنه، يقول: المناهج ثقـيلة ومليئة بالحشو وولى أمر آخر يعلق على «المناهج» إذا رسب ابنه فى الامتحان بقوله: «المناهج» صعبة وغير مناسبة وقد يشكو المعلم أن «المناهج» طويلة وقد يشكو التلميذ من صعوبة «المناهج» وعدم جاذبيتها أو ارتباطها بحياته
وإذا دققنا النظر وحللنا هذه المقولات، لاكتشفنا أن كل فرد من هؤلاء المعلقين يتكلم عن «شىء» ، يختلف تماما عما يتكلم عنه الآخرون. أن أيا منهم لا يعنى «المنهج المدرسى« بمفهومه العلمى والتربوى، ولذلك نقول إن «المناهج» أنواع ومستويات، ولابد للمتحدث أن يحدد ما الذى يقصده بالضبط فى تعليقه هذا أو ذاك. ولتوضيح هذه الفكرة أعرض التصور التالى لأنواع ومستويات «المنهج»
المنهج الدراسي المأمول
هو المنهج الذي يحلم به المسنولون والتربويون بمعنى أنه عند التفكير فى ماذا نقدم لأبنائنا وبناتنا فى مرحلة تعليمية ما، وكيف نقدمه لهم. تتسابق طموحات المربى والمسنول إلى أنبل وأعظم ما يمكن تقديمه لأبنائه، ويحلم أن تصل المدرسة إلى أعلى مستوى فى العالم.
المنهج الدراسي المكتوب
وعندما تبدأ عمليات تخطيط المناهج، تنكمش الأحلام السابقة لترتبط بأرض الواقع: حيث الإمكانات المحدودة، والكثافة فى الفصول، ونوع المعلم، ومستوى التلاميذ وبيئاتهم.. .. ويتنازل المخطط عن بعض أحلامه؛ ليضع مناهج يمكن تحقيقها على أرض الواقع. ويحدد لها الأهداف، ويتخير المحتوى وينظمه، ويقترح أساليب التنفيذ والوسائل والأنشطة، وكذلك أساليب التقييم، ويصبح «المنهج» معدا للتنفيذ.
المنهج الدراسي المنفذ
يتحول المنهج المكتوب فى هذه المرحلة إلى شيء حى يدب بالحركة والنشاط فى شكل إعداد للكتب المدرسية وأدلة المعلم، ويخطط المعلم لدروسه، ويعد وسائله، ويقف مع التلاميذ ليدرس …. وهنا تتدخل شخصية المعلم وإمكاناته وقدراته بالإضافة إلى النظام المدرسى والإمكانات المتاحة ـ لتحول المنهج إلى شىء آخر، يختلف بعض الشيء عما كان مخططا.
المنهج الدراسي الذى يتعلمه التلميذ
وهو يختلف عن كل ما سبق؛ حيث تتدخل قدرات التلاميذ وميولهم واهتمامهم بمادة ما أكثر أو أقل من غيرها، كما تتدخل أنماط التعلم وسرعته والفروق الفردية يين التلاميذ. ونتيجة لذلك يختلف «المنهج» الذى يتعلمه التلميذ عن «المنهج» الذى قدمه المعلم.
المنهج الدراسي الذي يقيسه الامتحان
وتأتى أساليب التقييم والامتحانات لتركز على بعض الجوانب، وقد لاتركز بالقدر نفسه على جوانب أخرى. والامتحان هنا هو سيد الموقف التعليمى، وما يأتى فى الامتحان يعبر عن «منهج خامس» يختلف أيضا عما سبق..
ولهذا السؤال: عندما يستخدم مصطلح «منهج دراسي» من أحد المعلقين على العملية التعليمية، فماذا يقصد بالتحديد؟؟
المقرر الدراسي، أم الامتحان، أم الكتاب، أم المعلم، أم تحصيل التلميذ، أم كل ذلك ؟؟؟
وهذا يذكرنا بقصة الفيل والعميان الستة، الذين التفوا حوله فى محاولة لتعرف خصائصه، ليصفه كل واحد منهم على حدة. فوصفه أحدهم بأنه يشبه الخرطوم، ووصفه الثانى أنه كجزع شجرة، ووصفه الثالث أنه حبل رفيع خشن. وهكذا وصفه كل واحد من الزاوية التى لمسها.. ولكن لم يصف أحد منهم «الفيل».
هذا الخلط فى المصطلحات واستخدامها يثير البلبلة، كما أنه لايعطى المؤشرات الفعلية والموضوعية لجوانب القصور أو الخلل. وتحديد هذه المؤشرات بدقة هو أولى خطوات التطوير والإصلاح.
إقرأ أيضا:
ولكي نصل إلى تعريف إجرائي لمفهوم المنهج الدراسي؛ فإننا نبدأ بالإشارة إلى ما ليس مفهوما سليما أو صحيحا عن المنهج الدراسي:
الفرق بين المنهاج الدراسي والبرنامج الدراسي
المنهج الدراسي ليس هو البرنامج الدراسي. حيث يعد البرنامج الدراسي جزءاً من المنهج ويتضمن مجموعة من الموضوعات الدراسـية الإجبارية والاختيارية تقدم لفئة معينة من الدارسين بغية تحقيق أهداف تعليمية مقـصودة في فترة زمنية محددة، مع بيان عدد الساعات الى تقابل كل موضوع مثل: برنامج إعداد المعلم الجامعي، برنامج تأهيل معلمي المرحلة الابتدائية للمستوى الجامعي، برنامج محو الأمية، وبرنامج تدريب معلمي العلوم والرياضيات لتنفيذ مشروع “TIMSS”، وغيرها من البرامج.
الفرق بين المنهاج الدراسي والمقرر الدراسي
المنهج الدراسي ليس هو المقرر الدراسي. حيث يعد المقرر الدراسي جزءاً مـن البرنامج الدراسي ويتضمن مجموعة من الموضوعات الدراسية التي يلزم الطـلاب بدراستها في فترة زمنية محددة، قد تتراوح بين فصل دراسي واحد، أو عام دراسي كامل وفق خطة محددة، ويؤدي إلي الحصول علي درجة علمية.
الفرق بين المنهاج الدراسي والخطة الدراسية
المنهج الدراسي ليس هو الخطة الدراسية. إذ تشير الخطة الدراسـية إلى التوصيف الشامل للمقرر الدراسي الذي يدرسه الطلاب من حيث: تحديد القائم على تدريسه وساعاته المكتبية، الفئة الطلابية المستهدفة، مجموعة الأهداف التعليمية التي يسعى إلى تحقيقها من خلاله، الموضوعات التي يتناولها وتوزيعها على مدة الدراسة، أهم المتطلبات التعليمية التعلمية اللازمة له، فنيات التقويم التي تستهدف قياس مدى التقدم الذي يحرزه هؤلاء الطلاب، وكذلك المراجع التي تفيد في دراسة هذا المقرر.
الفرق بين المنهاج الدراسي والمادة الدراسية
المنهج الدراسي ليس هو المادة الدراسية. إذ تشير المادة الدراسية إلى مجموعة الحقائق والمفاهيم والمبادئ والقواعد والقوانين والنظريات التي تخص مجالا دراسيا معينا (الفيزياء – الكيمياء، الرياضيات، النبات، الحيـوان، الأدب، التاريخ، الجغرافيا، النحو، الخ) والتي سيقوم المنهج بترجمتها إلى واقع محس؛ أي تجسيدها في الكتاب المدرسي بغية تعليمها للطلاب فيما بعد.
الفرق بين المنهاج الدراسي والمحتوي الدراسي
المنهج الدراسي ليس هو المحتوى الدراسي. إذ يشير المحتوى الدراسـي إلى مجموعة المعارف والمهارات والاتجاهات والقيم المراد إكسابها للمتعلمين، وبعبارة أخرى إنه كل ما يضعه مخطط المنهج من خبرات سواء أكانت خـبرات معرفية، أم مهارية، أم وجدانية بهدف تحقيق النمو الشامل المتكامل للمتعلم؛ أي ان المحتوى هو مضمون المنهج، ويجيب عن التساؤل: ماذا ندرس؟
الفرق بين المنهاج الدراسي والكتاب المدرسي
المنهج الدراسي لـيس هو الكتـاب المدرسي. إذ يشير الكتـاب المدرسي إلي الشكل التقليدي للكتاب الذي يوزع على الطلاب، ويضم محتوى أحد المقررات الدراسية. أي أنه الوعاء الذي يتضمن المادة الدراسية المطلوب تقديمها للطلاب وفي ضوء هذا السياق نجد أن اليونسكو تعرف الكتاب بأنه كـل مطبوعة غير دورية تحتوي على (49) صفحة على الأقل باستثناء الغلافين.
والمنهاج الدراسي في رأينا هو منظومة فرعية من منظومة التعليم تتضمن مجموعة عناصر مرتبطة تبادليا ومتكاملة وظيفيا. وتسير وفق خطة عامة شاملة يتم عن طريقها تزويد الطلاب بمجموعة من الفرص التعليمية التعلمية الـتي من شأنها تحقيق النمو الشامل المتكامل للمتعلم الذي هو الهدف الأسمى والغاية الأعم للمنظومة التعليمية.
عناصر المنهج الدراسي
يتضح من المنهج الدراسي أنه يتكون من مجموعة من العناصر المرتبطة فيما بينها ارتباطا عضويا يؤثر كل منها في الآخر ويتأثر به. وهذه العناصر قد حددها رالف تايلر في أربعة تساؤلات هي:
- ما الأهداف التربوية التي ينبغي أن تسعى المدرسة إلى تحقيقها؟
- ما الخبرات التربوية الممكن توفيرها لتحقيق هذه الأهداف؟
- كيف يمكن تنظيم هذه الخبرات التربوية حتى تكون فعالة؟
- كيف يمكن معرفة ما إذا كانت الأهداف قد تحققت؟
وهذه التساؤلات توجه الانتباه إلى عناصر المنهج الأربعة وهي:
- الأهداف: التى ينبغي تحديدها أو وصوغها لتتناسب مع حاجات الطلاب وقدراتهم واهتماماتهم من جهة، ومطالب المجتمع وحاجاته ممن جهة أخرى.
- المحتوى: الذي يتضمن مجموعة الحقائق والمفاهيم والتعميميات التي يرجى تزويد الطلاب بها. وكذا الاتجاهات والقيم الي يراد تنميتها لديهم وأخيرا المهارات الي يراد إكسابهم إياها، بهدف تحقيق النمو الشامل المتكامل لهم في ضوء الأهداف التربوية المتفق عليها.
- نشاطات التعليم والتعلم: التى ينبغي أن يمر بها الطلاب داخل المدرسة أو خارجها تحت إشراف معلمهم، بقصد تسهيل عملية التعلم وتحقيق الأهداف المنشودة.
- التقويم: الذي من خلاله يتم التأكد من مدى تحقق الأهداف الموضوعة منذ البداية للمنهج المدرسى ذاته.
هذا، وقد قامت هيلداتابا Hilda Taba بإعادة صوغ عناصر المنهج الدراسي وتقـديمها في الشكل التخطيطي التالي:
أسس بناء المنهج الدراسي
هي الأطر والمبادئ والقواعد التي ينبغي مراعاتها عنـد بناء المنـاهج الدراسـية. وهي -أيضا- المعايير الي يتم في ضوئها تقويم تلـك المنـاهج. وتـصنف في: الأسس الفلسفية، والأسس الاجتماعية، والأسس النفسية، والأسس المعرفية.
- الأسس الفلسفية: وتعني الأطر الفكرية التي تقوم عليها المناهج الدراسية بما تعكس خصوصية المجتمع والمتمثلة في عقيدته، وتراثه، وحقوق أفراده وواجباتهم.
- الأسس الاجتماعية: وتعني الأسس التي تتعلق بجاجـات المجتمع وأفراده وتطورها في المجالات الاقتصادية، والعلمية التقنية، وكذلك ثقافة المجتمع، وقيمه الدينية، والأخلاقية، والوطنية، والإنسانية.
- أسس نفسية: وتعني الأسس التي تتعلق بطبيعة المتعلم وخصائصه النفسية والاجتماعية، والعوامل المؤثرة في نموه بمراحله المختلفة. وينبغي أن تبرز هذه الأسس قدرات المتعلمين وحاجاتهم ومشكلاتهم وربطها بالمنهج بما ينسجم مع مبادئ نظريات التعلم والتعليم، واحترام شخصية المتعلم.
- أسس معرفية: وتعني الأسس التي تتعلق بالمادة الدراسية من حيث طبيعتها، ومصادرها ومستجداتها، وعلاقاتها بمجالات المعرفة الأخرى، وتطبيقات التعلـيم والـتعلم فيها، والتوجهات المعاصرة في تعليم المادة، وتطبيقاتها. وينبغـي هنا تأكيد تتابع مكونات المعرفة في المواد الدراسية الأخرى، وعلى العلاقة العضوية بمين المعرفة والقـيم والانجاهات والمهارات المختلفة
المراجع
- د. محمد السيد علي، إتجاهات وتطبيقات حديثة في المناهج وطرق التدريس، دار المسيرة للنشر والتوزيع، 2011
- أ.د. كوثر حسين كوجك، اتجاهات حديثة في المناهج وطرق التدريس التطبيقات في مجال التربية الأسرية، عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، 2001
- Curriculum, Definitions and interpretations
- Curriculum Definition – The Glossary of Education Reform