مع مطلع القرن الحالي ظهر مفهوم اقتصاد المعرفة، وصار يعبر به عــن نـوع جديد من أنواع الاقتصاد. فبعد أن كانت الأرض، والعمالة، ورأس المال تعد العوامل الأساسية الحاسمة للإنتاج في الاقتصاد التقليدي. أصبحت العوامل الأساسية في الاقتصاد الجديد تتمثل في المعرفة الفنية، والإبداع، والذكاء، والمعلومات التي هي نتاج العقل الإنساني. وصار للذكاء الذي يتجسد في برامج الكمبيوتر والتكنولوجيا على نطاق واسع في صورة منتجات معرفية أهمية كبيرة يتقدم بها على أهمية رأس المال، أو المواد أو العمالة. وبذلك أصبح اقتصاد المعرفة يمثل: قطاعاً اقتصادياً جديداً بعدما كان المفهوم التقليدي للاقتصاد يتضمن الاقتصاد الزراعي، أو الصناعي، أو الخدماتي.
جدول المحتويات
ولما كانت التربية المدخل الفعال في إعداد الإنسان لمواجهة المتغيرات الحياتية ومواكبة ما حصل في مجالات الحياة من تطور. وما سيحصل فإن دخول مفهوم اقتصاد المعرفة في مجال التعليم يجب أن يكون من بين أولويات الأنظمة التعليمية ومصممي مناهج التعليم. وأن يعاد تشكيل البرامج التعليمية بطريقة تضمن أفضل نوع من الاستثمار للقدرات العقلية في اقتصاد المعرفة من حيث إنتاج المعرفة، ونشرها واستثمارها في المجالات المختلفة.
وعلى هذا الأساس ظهر هذا المفهوم في المجال التربوي وغير من الاتجاهات الحديثة في بناء المناهج التعليمية. وبدأنا نسمع بمصطلحات تعكس هذا التوجه مثل: ثورة المعلومات، ومجتمع المعلومات، واقتصاد المعرفة، واقتصاد التعليم، وغيرها. وعلى هذا الأساس وإذا أردنا تحقيق الجودة في التدريس فإن الأمر يتطلب أن تستجيب عمليات التعليم لهذا المتغير الجديد في حياة الناس. وأن تهتم بإعداد المتعلمين للتعامل مع هذا التوجه الجديد.
أنواع المعرفة وأشكالها
قبل الحديث عن تحديدات مفهوم اقتصاد المعرفة يمكن القول إن المعرفة تقسم على أربعة أشكال هي:
- معرفة المعلومة (معرفة ماذا – Know what). وهي تشتمل على الحقائق وهي أقرب ما تكون إلى معرفة المعلومات التقليدية. كما هي الحال في معرفة الحقائق الطبية من الطبيب ومعرفة الحقائق الكيماوية من الكيمياوي وهكذا.
- معرفة العلة (معرفة لماذا – Know why). وهي التي تتضمن معرفة أسباب الظواهر الطبيعية ومعرفة كيفية استثمارها لخدمة الإنسان. وتتوقف هذه المعرفة على التقدم العلمي والتكنولوجي والتطور الصناعي وإنتاج السلع المختلفة. وتتركز مصادر هذا الشكل من المعرفة في وحدات التعليم العام والخاص ووحدات البحث والتطوير كذلك.
- معرفة الكيفية (معرفة كيف Know how). وتتضمن الخبرة في عمليات تنفيذ الأشياء كإدارة الأفراد، وإجراء العمليات، وتشغيل الأجهزة والآلات، واستخدامات التكنولوجيا بشتى المجالات.
- معرفة أهل الاختصاص (معرفة من Know who). وتشير إلى معرفة من يستطيع عمل شيء من الأشياء أو عملية من العمليات بشكل سليم اقتصادي. وتعد هذه المعرفة أمراً ضرورياً لتفعيل الاقتصاد، وتسريع تنفيذ المشاريع بشكل أكيد وسليم.
ولا بد من السيطرة على هذه الأنواع والتمكن منها. من خلال أخذ النوع الأول (معرفة المعلومة) والثاني (معرفة العلة) من الكتب والمؤسسات التعليمية والتدريبية ومن قواعد المعلومات. أما النوع الثالث (معرفة الكيفية) والرابع (معرفة المتخصصين) فإن التمكن منها يقتضي الممارسة والتطبيق.
مفهوم وتعريف اقتصاد المعرفة
أما مفهوم الاقتصاد المعرفي فقد عرف تعريفات عديدة منها:
- هو الاقتصاد المبني أساساً على إنتاج المعرفة والمعلومات، ونشرها واستخدامها.
- هو الاقتصاد الذي ينشئ الثروة من خلال عمليات المعرفة وخدماتها والتحسين والتقاسم والتعليم والتطبيق والاستخدام للمعرفة بأشكالها في القطاعات المختلفة. من خلال الاعتماد على الأصول البشرية والغير ملموسة تبعاً لخصائص وقواعد جديدة.
- هو الاقتصاد الذي يدور حول الحصول على المعرفة، وتوظيفها وابتكارها بهدف تحسين نوعية الحياة بمجالاتها كافة عن طريق الإفادة من خدمة معلوماتية ثرية، وتطبيقات تكنولوجية متطورة، واستخدام العقل البشري رأس مال، وتوظيف البحث العلمي لإحداث مجموعة من التغيرات الإستراتيجية في طبيعة المحيط الاقتصادية، وتنظيمه ليصبح أكثر استجابة، وانسجاماً مع تحديات العولمة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وعالمية المعرفة، والتنمية المستدامة.
- من المنظور التربوي هو الاقتصاد الذي يعتمد على بناء معارف اكاديمية عميقة لدى الفرد وقدر كبير من توجهه نحو مهنة بعينها في أثناء حصوله على المعرفة.
- عرفه الهاشمي والعزاوي (2007) بأنه: نظام تعليمي قائم على الوسائل التقنية والبحث العلمي للإفادة من قدرات الأفراد بأعمارهم المختلفة. بوصفها الثروة الاقتصادية الفاعلة للتمكن المعرفي الوظيفي تطويراً للحياة الوطنية والإنسانية باكتساب المعرفة واستخدامها وإنتاجها.
وفي ضوء ما تقدم فإن اقتصاد المعرفة في الأساس يقصد به أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي. وبذلك يتحول مركز الثقل من المواد الأولية، والمعدات الى التشديد على المعلومات، والمعرفة، ومراكز التعليم والبحث وصناعات الأدمغة المصنعة بشرياً. وكما كانت الأرض عامل الإنتاج الرئيسي في الاقتصاد الزراعي والآلة عامل الإنتاج في الاقتصاد الصناعي، فإن المعرفة هي عامل الإنتاج في الاقتصاد المعرفي. وعلى هذا الأساس أصبح قطاع المعرفة قطاعاً اقتصادياً جديداً يضاف إلى القطاعات الاقتصادية التقليدية ويؤثر فيها.
أنواع الاقتصاد المعرفي
إن المعرفة في الاقتصاد الجديد تعد المكون الأساسي في عمليات الإنتاج والتسويق. وهذا يعني أن النمو الاقتصادي يزداد بازدياد المعرفة. ولكن نمو هذا النوع من الاقتصاد يتوقف على تكنولوجيا المعلومات والاتصال بوصفها القاعدة التي ينطلق منها.
فالاقتصاد المعرفي هو الاقتصاد الذي تحقق فيه المعرفة الجزء الأكبر في القيمة المضاعفة. وقد أشار الهاشمي والعزاوي (2007) إلى أن هناك نوعين من الاقتصاد الجديد:
- الأول: هو اقتصاد المعرفة (Knowledge economy) وهو ذلك النوع من الاقتصاد الذي يقوم كلياً على المعلومات. بمعنى أن المعلومات تمثل العنصر الوحيد في العملية الإنتاجية، وهي المنتج الوحيد فيه. وأن المعلومات وتقنياتها هي التي تشكل أساليب الإنتاج، وفرص التسويق ومجالاته. وقد تكون هذه المعلومات مجرد أفكار، وبيانات، وقد تشمل على البحوث العلمية والخبرات والمهارات. وهذا يعني أن هذا النوع من الاقتصاد هو تقنية اقتصاد المعلومات، أو الاقتصاد الرمزي.
- الثاني: الاقتصاد المبني على المعرفة، وهو ذلك النوع من الاقتصاد الذي تؤدي فيه المعرفة دوراً في خلق الثروة. ويتسم بالسعة والأهمية الكبيرة لأن دور المعرفة في الاقتصاد ليس جديداً والجديد هو ازدياد هذا الدور واتساعه وعمقه. فبعد أن كانت المعرفة في ظل الاقتصاد التقليدي تستخدم في تحويل الموارد المتاحة الى سلع وخدمات في حدود ضيقة، أصبحت في ظل هذا النوع من الاقتصاد لا يقتصر استخدامها على تحويل الموارد إلى منتجات سلعية. إنما أصبحت تخلق موارد جديدة زيادة على تحويل الموارد المتاحة. رد على ذلك أنها أصبحت تؤدي دوراً مهماً في التسويق.
ومن الجدير بالذكر أنه على الرغم من الاختلاف بين هذين النوعين من الاقتصاد. فقد شاع إطلاق مصطلح اقتصاد المعرفة أو الاقتصاد الجديد للدلالة على النوعين معاً. وكلا النوعين به حاجة إلى توافر ما يمكن أن يطلق عليه رأس المال البشري الذي يتمثل بالقدرات والمهارات العقلية والخبرات التي يمتلكها العنصر البشري. وكلا النوعين ينطوي على المكون المعرفي ولكن نسبة هذا المكون في اقتصاد المعرفة أوضح منها في الاقتصاد المبني على المعرفة.
أهمية اقتصاد المعرفة ودوره في التنمية الاقتصادية
تعد المعرفة مورداً اقتصادياً أو سلعة ذات قيمة في الاستهلاك والإنتاج. فهي سلعة لأنها تنتج وتعبأ في أوعية متعارف عليها وتسوق وتستخدم من دون أن تنقص أو تضمحل. كما هو شأن عوامل الإنتاج في الاقتصاد التقليدي بل تنمو وتزداد وتتجدد كلما استعملت وسوقت. بمعنى أن المعرفة تبقى موجودة وإن أخذت واستعملت.
وتأسيساً على ذلك أصبحت المعرفة محرك الإنتاج والنمو الاقتصادي. وأصبح مبدأ التشديد على المعلومات والتكنولوجيا بوصفها من عوامل الإنتاج من الأمور المسلم بها في الاقتصاد الجديد. وأصبح الاقتصاديون اليوم يحاولون مع ازدياد المعرفة والمعلومات ونشرها واستخدامها إيجاد طرق لإدخال المعرفة بشكل مباشر في نظرياتهم ونماذجهم الاقتصادية على سبيل المثال نظرية النمو الجديدة. فالعلاقة بين التنمية وبين توليد المعلومات واستخدامها أصبحت واضحة، وتشتمل المعلومات على المعلومات العلمية والتكنولوجية والثقافية وغيرها.
ويقدر الاقتصاديون أن أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي GOP في دول OECD مبني على المعرفة. فقد زادت الصناعات المبنية على المعلومات في معظم الدول المتقدمة، بالنسبة إلى مجمل الصناعة بين عام 1970 وعام 1994 بشكل ملحوظ. وقد اتضح ذلك من خلال زيادتها في صادرات هذه الدول. فقد بلغت هذه الزيادة 36% في اليابان و37% في الولايات المتحدة الأمريكية، و43% في إيرلندا و32% في المملكة المتحدة.
وانطلاقاً من هذه الأهمية والمكانة التي أصبح الاقتصاد المعرفي يحتلها اتجهت معظم دول العالم نحو الاستثمار في المعرفة. وقد ازداد استثمار الدول في المعرفة والمعلومات من خلال الإنفاق على التعليم والتدريب والتطوير في القطاعين العام والخاص.
وأصبح الاستثمار في المعلومات عاملاً يزيد في الإنتاجية ويزيد في فرص العمل. وأصبحت السلع المعرفية، أو سلع المعلومات من السلع المهمة جدا لا سيما في ظل التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات التي ساعدت كثيرا في نمو اقتصاد المعرفة لأنها تضع المعرفة في متناول الجميع في أنحاء العالم عن طريق الشبكات الرقمية العالمية مما يجعلها أداة التنمية الاقتصادية والثقافية الأمر الذي يقربنا من مجتمع المعلومات الذي يولد المعرفة وينقلها ويستعملها في كافة المجالات.
خصائص اقتصاد المعرفة
حدد الهاشمي والعزاوي (2007) سمات الاقتصاد المعرفي بالآتي:
- مرونته وامكانية تطويعه للتكيف مع المتغيرات، والمستجدات المتسارعة في مجالات الحياة المختلفة وبهذه السمة يستجيب لمتطلبات نظام الجودة الذي ينشد التغيير والتطور والتكيف بشكل مستمر.
- قدرته الفائقة على التجدد والنمو والتواصل والاندماج مع الاقتصادات الأخرى وهذا يعني أنه يؤدي دوراً في الاقتصادات التقليدية زيادة على كونه يمثل قطاعاً اقتصادياً قائماً بذاته قابلاً للنمو المتزايد والتجدد المستمر.
- قدرته على الابتكار وتوالد الأفكار والمعارف التي لم تكن معروفة من قبل لأنه نتاج العقل الإنساني الذي لا تحده حدود إذا ما توافرت له الفرص اللازمة للاستثمار.
- تأديته دوراً فاعلاً في خلق ما هو أكثر قدرة على إشباع حاجات المستهلك أو المستفيد من الخدمة ونيل رضاه وبذلك يلبي معايير الجودة التي تشدد على رضا المستفيد من الخدمة.
- إن مجالات خلق القيمة الإضافية فيه متعددة متنوعة متجددة ثرية تمتد إلى مالا نهاية وبذلك فهو لا يقبل التوقف عند مستوى معين وبهذه السمة يتلاءم مع متطلبات الجودة التي ترفض التوقف عند مستوى معين من التحسين في الإنتاج أو الخدمة.
- عالميته وكونه اقتصاداً مفتوحاً أمام الراغبين في التعامل معه وتقوم هذه السمة على مستوى التقدم الحاصل في مجال تقنيات الاتصال الحديثة.
- تعد القدرة العقلية والإدارة التشغيلية والوعي الكامل بأبعاده عوامل حاسمة فيه.
- يشدد على الذكاء الإنساني والقدرة على الابتكار والخلق والمبادرة الذاتية والسعي إلى تحقيق الأحسن والأرقى من الإنتاج بقصد توفير أفضل الفرص اللازمة لإشباع حاجات المستفيدين من الخدمة.
- التنظيم والتخطيط والابتعاد عن العشوائية.
- قيامه على ذاته فضلاً عن علاقاته بالاقتصادات الأخرى.
- ديمومة حركته وحاجته إلى أصحاب المواهب والأفكار الجريئة، والعقول الكبيرة التي يمكن أن تسهم في تنمية اقتصاد المعرفة.
- الشراكة والسرعة. إن هذا النوع من الاقتصاد يتسم باعتماده على أسلوب فريق العمل من خلال تناقل منتجاته بين جميع الأطراف التي تشكل فريق عمل واحد. ويتسم أيضاً بسرعة الانتشار والوصول إلى جميع أرجاء المعمورة.
ركائز اقتصاد المعرفة
إذا كان الاقتصاد الزراعي يرتكز على الأرض، والمياه والقوى البشرية العاملة، وسوق مستهلك وكان الاقتصاد الصناعي يرتكز على أدوات الإنتاج والموارد الأولية، والقوى البشرية الموصلة فإن اقتصاد المعرفة يرتكز على:
- مجتمع بشري مؤيد وداعم لاقتصاد المعرفة إيجابي في التعامل معه.
- توافر بيئة تعلم ملائمة توفر الفرص اللازمة للإبداع والابتكار المعرفي.
- توافر منظومة بحث وتطور فاعلة تؤسس لنجاح اقتصاد المعرفة ونموه عن طريق ما توفر من تخطيط وتوجيه وتقويم وتطوير.
- عمال المعرفة وصناعها الذين يجب أن يتمتعوا بقدرات معرفية، وقدرة على التساؤل والربط والابتكار في المجال المعرفي.
- دائرة واسعة من الربط الإلكتروني لأن المعرفة التي هي رأس المال والمنتج في اقتصاد المعرفة تحتاج إلى أن تنتقل بسرعة إلى مساحات واسعة وهذا يتطلب ربطاً إلكترونياً فعالاً وعلى هذا الأساس فإن اقتصاد المعرفة مرتبط في وجوده بالإنترنت الذي وفر سهولة الاتصال والوصول إليه بسرعة ويسر.
- التواصل مع الآخرين في انحاء العالم ونشر ثقافة مجتمع التعلم فكرا وتطبيقاً في المؤسسات المجتمعية المختلفة لأن المعرفة في جوهرها نتاج تفاعل المعلومات واستخدامها وتنميتها وتأصيلها (الهاشمي، والعزاوي، 2007).
وفي ضوء ما تقدم يمكن القول إن من أبرز مستلزمات الاقتصاد المعرفي والقواعد التي يقوم عليها توافر مجتمع يصلح أن يطلق عليه مجتمع الاقتصاد المعرفي. فكيف تحصل على مجتمع اقتصاد المعرفة؟
كيفية تهيئة مجتمع اقتصاد المعرفة
لما كانت المعرفة تمثل السلعة ورأس المال في اقتصاد المعرفة ولما كان مستقرها عقول البشر فإن تنمية هذا الاقتصاد تقوم على كيفية تهيئة العقول واستثمار قدراتها ومواهبها وقدراتها الابتكارية ولا يمكن أن تكون عملية التهيئة عملية عشوائية إنما ينبغي أن تكون عملية منظمة تسير على وفق خطط مدروسة تراعي ما يأتي:
- خلق رأس المال البشري وتطويره عن طريق التوعية والتدريب وخلق المناخ الملائم للاطلاع على المعارف وتقاليدها ونشرها واستخدامها.
- تنمية قدرات الأفراد على البحث والاكتشاف وحل المشكلات واتخاذ القرارات والتعبير عن الأفكار.
- رفع مستوى الإنفاق اللازم لتعزيز المعرفة في مراحل التعليم المختلفة، وإعادة رسم سياسة الإنفاق بالشكل الذي يتلاءم ومتطلبات الاستثمار المعرفي، وما يتوقع منها من مردود اقتصادي.
- تمكين الأفراد من التعامل مع تقنيات الاتصال وتكنولوجيا المعلومات بما في ذلك الحواسيب وبرمجياتها.
- إنشاء جسور فكرية بين جميع ركائز المعرفة المتمثلة بالمدارس والجامعات، والشركات والمؤسسات العامة والخاصة.
- توفير التعليم والتدريس اللازم لجميع العاملين في الشركات والمؤسسات بتمويل منها إسهاماً في تأسيس اقتصاد المعرفة وتهيئة بيئة صالحة لخلق جيل ذي إنتاجية عالية.
- توفير شبكات المعرفة لأن اقتصاد المعرفة يعتمد اعتماداً أساسياً على نشر المعلومات واستثمارها فضلاً عن توليدها، وإن نجاح هذه الشركات يعتمد على فعاليتها في جمع المعرفة واستعمالها ورفع الإنتاجية، وتوليد سلع وخدمات جديدة.
وقد أصبح الاقتصاد يدار من سلسلة هرمية من شبكات المعرفة التي تتغير فيها المعلومات بمعدلات سريعة، وهذا يعني أن على المجتمع أن يشبك جميع مؤسساته المعرفية لكي يواكب ركب الاقتصاد العالمي، فهناك أنواع عديدة من المؤسسات المعرفية التي يقتضي تشبيكها مثل شبكات الجامعات، وشبكات مراكز البحوث ومؤسسات المعلومات كالمكتبات ودور النشر، ومراكز التوثيق، وشبكات الصناعات المختلفة وغيرها. علماً بأن تكنولوجيا المعلومات تؤدي دوراً أساسياً في تشبيك المعرفة وطنياً، وقومياً، وعالمياً وقد أصبحت أداة مهمة في الإبداع والتجديد.
اقتصاد المعرفة والتعليم
إن اقتصاد المعرفة يتطلب جهوداً كبيرة في مجال التعليم والتدريس، ويتطلب أيضاً نوعاً جديداً من التعليم والتدريب وطرائق تعليم ملائمة كالتعليم الإلكتروني.
إن هذا النوع من الاقتصاد يتطلب إعداد كم كبير من العاملين في هذا المجال بعد أن أخذ عدد العاملين فيه يزداد باضطراد الأمر الذي يتطلب محو أمية المعلوماتية التي تعد أكبر عائق في طريق نمو اقتصاد المعرفة.
زيادة على ذلك أن تطور المعرفة السريع يتطلب التدريب مدى الحياة، ويقتضي مستوى علمياً وتكنولوجياً عالياً لجميع العاملين فيه.
وتأسيساً على ذلك مست الحاجة إلى عاملين قادرين على التعامل مع المعلومات المرمزة إذ تشير الدراسات التي أجريت في عدد من دول العالم إلى ارتفاع الطلب على الأيدي العاملة المتخصصة في التعامل مع المعلومات وتكنولوجيا المعلومات، والمعرفة بشكل عام، وتشير أيضاً إلى انخفاض الطلب على العمالة غير المتعلمة أو قليلة الخبرة الأمر الذي يقتضي إعادة النظر في نظم التعليم وسياساتها ورسم سياسة تربوية توفر الفرص اللازمة للتطوير التربوي نحو اقتصاد المعرفة الذي يتأسس على:
- التعليم المستمر مدى الحياة.
- التعليم النوعي القائم على التحسين المستمر.
- الاستجابة لتطوير الاقتصاد وتلبية متطلباته.
- الدخول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة.
تطوير التعليم ودوره في بناء اقتصاد المعرفة
إن تطوير التعليم والنظام التربوي لكي يستجيب لمتطلبات عصر اقتصاد المعرفة يقتضي:
- تحديد مواصفات الموارد البشرية المؤهلة التي يتطلبها العصر ومستحدثاته.
- وضع البرامج التعليمية اللازمة لتوفير هذه المواصفات في الموارد البشرية.
- التشديد على أهمية الدافعية نحو المعرفة استخداماً ونشراً وتوليداً.
- تطوير المهارات الفردية والجماعية اللازمة للتكيف والتعامل مع مجتمع عالمي يتسم بسرعة التغير والتطور.
- التشديد على أن يكون المتعلمون حريصين على التقدم بشكل مستمر مدى الحياة والحصول السريع على المهارات الجديدة والوصول إلى المعرفة، والتعامل معها، وإنتاجها ونشرها طوال حياتهم.
إن تطوير الأنظمة التعليمية وتوجيهها نحو اقتصاد المعرفة يقتضي أن يكون هناك إطار منهجي جديد لاقتصاد المعرفة. وأن تتكامل بنية المنهج وأنظمة القياس والتقويم فيه وأن يطبق بشكل كامل. وهذا كله لا يمكن فصله عن تطوير بيئة المنهاج الأساسية في جميع المراحل التعليمية.
وإن مرحلة تغيير المناهج التعليمية ينبغي أن تؤدي إلى مخرجات جديدة تكون نواة للمنهاج متعدد المصادر الذي يشدد على البناء الخاص بالكفايات التكنولوجية وتكوينها لدى المتعلمين مع توفير ما يلزم لتغطية جميع المشروعات التعليمة المتداخلة وطويلة المدى. وعلى أساس ما تقدم فإن عملية التطوير والتحول تقتضي:
- إعادة صياغة الرؤية المستقبلية لما ستكون عليه الحياة ومتطلباتها في ظل التسابق المعرفي بين المجتمعات وما يتطلبه من مستلزمات لمواكبة المستجدات.
- تطوير آليات لدعم القرارات التربوية الخاصة بعملية التحول والتطوير.
- استجابة النظام التربوي لتطوير الاقتصاد الوطني وتلبية متطلباته وحاجاته.
- تحسين نوعية التعليم بشكل مستمر لكي يكون قادراً على مواكبة التغير والتطور.
- التشديد على البحث العلمي وتطوير أساليبه بالشكل الذي يؤدي إلى أفضل إنتاج من المعرفة واستخدامها.
خصائص التعليم في عصر اقتصاد المعرفة
إن التعليم والنظام التربوي في عصر اقتصاد المعرفة ينبغي أن يتسم بعدة خصائص وسمات كالآتي:
- كثافة المعرفة ذات الجودة العالية في مناهج التعليم والتشديد على ما هو أفضل.
- المرونة والقدرة على مواكبة التغير لأن عصر اقتصاد المعرفة يتسم بسرعة التغير والتطور الأمر الذي يقتضي أن يكون النظام التربوي مرناً لكي يستجيب لمتطلبات التغيير.
- الانفتاح على تجارب الآخرين والقدرة على المنافسة العالمية لأن الاقتصاد المعرفي اقتصاد مفتوح عالمياً وعلى هذا الأساس ينبغي أن يتسم النظام التربوي بالانفتاح على العالم وأن يكون قادراً على التنافس مع الآخرين في مجال اقتصاد المعرفة.
- التشديد على تكنولوجيا الحاسوب والإنترنت بوصفها القاعدة التي يعتمد عليها اقتصاد المعرفة بجميع عملياته.
- التشديد على المخرجات عالية الجودة والتميز بوصفها عنصراً أساسياً في تحقيق القدرة على المنافسة مع عالم يعيش حالة تنافس وسباق دائم في الإطار المعرفي والمعلوماتي (الهاشمي، والعزاوي، 2007).
متطلبات الانتقال إلى الاقتصاد المعرفي
يتطلب الانتقال إلى الاقتصاد المعرفي ما يأتي:
- تطوير المجتمع المحلي عن طريق:
- رفع المستويات المعرفية.
- نشر ثقافة الحاسوب والإنترنت.
- رفع الكفايات الأدائية للتعامل مع تكنولوجيا المعلومات والحواسيب.
- تحديد الأهداف التي ينبغي السعي إليها.
- تأهيل المعلمين للقيام بالأدوار الجديدة في ظل اقتصاد المعرفة.
- إعادة النظر في طرائق التدريس والتشديد على التنمية الفكرية.
- إعادة النظر في بناء المناهج والمقررات الدراسية.
- إعادة النظر بالتجهيزات المدرسية وتنظيم بيئة التعلم.
- الاهتمام بالتعلم الذاتي المستمر مدى الحياة وتعليم الناس كيف يتعلمون.
- التشديد على الكيف في التعلم لا على الكم.
- تحويل الطلبة من مستهلكين للمعرفة إلى منتجين لها.
- تبصير الطلبة بسلبيات العولمة وإيجابياتها والانفتاح على الثقافة العالمية مع المحافظة على الهوية الوطنية.
- الاهتمام بتعليم التكنولوجيا لا سيما الحاسوبية.
تنشئة الطلبة لعصر الاقتصاد المعرفي
إن تنشئة الطلبة للتعامل مع عصر اقتصاد المعرفة تقتضي تمكينهم من الكفايات المعرفية والأدائية اللازمة لتحقيق التعايش الفاعل مع هذا العصر، ومواكبة ما يحصل فيه من مستحدثات ومستجدات وذلك عن طريق:
- وضع البرامج اللازمة لتنمية القدرة على التعلم وتحصيل المعرفة وإنتاجها وتوظيفها وتبادلها مع الآخرين.
- رفع قدرات الطلبة على الاكتشاف والتقصي والخلق والابتكار.
- رفع قدرات الطلبة على البحث العلمي وجمع المعلومات وتبويبها وتحليلها واختيار النتائج.
- تنمية القدرة لدى الطلبة على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار.
- تمكين الطلبة من مهارات استخدام تكنولوجيا المعلومات.
- وضع البرامج اللازمة للتنمية الفكرية ودعم التفوق والتميز.
- تشجيع الطلبة على المشاركة والعمل بروح الفريق.
- تنمية مهارات التفكير الابتكاري والتفكير الناقد لدى الطلبة.
- تدريب الطلبة على المناقشة والحوار الإيجابي واحترام آراء الآخرين.
اقتصاد المعرفة والإنترنت
مر القول إن نمو الاقتصاد المعرفي يتوقف على درجة تداول المعرفة وتوليدها وإن تداول المعرفة يقتضي نشرها ولا قيمة للمعرفة مالم يتم تداولها وتنتشر بين الناس وعلى هذا الأساس فإن شبكات الإنترنت وفرت القنوات اللازمة لنشر المعرفة وتبادلها بين الناس متغلبة على محددات المكان والزمان وذلك عن طريق تحويل المعرفة إلى معلومات رقمية تنقل بوساطة شبكات الإنترنت إلى جميع أرجاء المعمورة بسرعة خيالية، وبذلك فإن اقتصاد المعرفة يعتمد تماماً على شبكات الإنترنت ودرجة فعاليتها في نقل المعرفة.
إن شبكات الإنترنت وفرت المعلومات الكثيرة لمن يحتاجها في كل مكان في العالم بأقل وقت، وأقل كلفة. الأمر الذي أدى إلى شيوع التجارة الإلكترونية، وتحسين المنافسة على مستوى العالم. كما أدى ذلك إلى ظهور فعاليات اقتصادية لم تكن معروفة من قبل مثل بيع الكتب وحجز التذاكر وإنجاز المعاملات من خلال الشبكة بكلف منخفضة بشكل كبير قياساً بالأساليب التقليدية. وعلى هذا الأساس أصبح الاستثمار في المعلومات والإنترنت من عوامل الإنتاج لما يحقق من زيادة في الإنتاجية وفرص العمل.
إن شبكة الإنترنت أحدثت ثورة في المعلوماتية بما لها من ميزات لا تتوافر في غيرها من وسائل النقل أو النشر فهي:
- تنقل المعلومة بسرعة فائقة.
- تنقل الصوت والصورة بشكل حي.
- تنقل برامج متنوعة بأشكال متعددة.
- تستخدم لأغراض متعددة ومتنوعة.
وفي ضوء ما تقدم حول أهمية اقتصاد المعرفة وارتكازه على شبكات الإنترنت والتقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصال لا بد للتعليم من دخول هذا العالم الجديد بـل وقيادته نحو تحقيق طموح الإنسان في خلق ما هو أفضل في كل المجالات الإنتاجية والخدمية وقد تجلى ذلك الدخول واضحاً في دخول الحواسيب في مجال التعليم وظهور استراتيجيات تدريس جديدة في التعليم لم تكن معروفة من قبل منها استراتيجية التعليم الإلكتروني واستراتيجيات التعليم بالحاسوب وغيرها.