تعـد المدرسة مكوناً مهماً من المكونات الأساسية للعملية التربوية. لذا فالاهتمام بالبيئة المدرسية يعد من أهم عوامل وأسباب نجاح العملية التعليمية، فهي تؤثر على النتاجات السلوكية لتعلم الطلاب ونمائهم وأدوارهم الاجتماعية التي سيؤدونها مستقبلاً، كما تؤثر في طريقة تفكيرهم. وحتى نستطيع الحكم علي العملية التعليمية بالنجاح والتنظيم ينبغي أن تتم في بيئة مدرسية إيجابية وفاعلة. تأخذ بعين الاعتبار متغيرات العصر وتنظر إلى المستقبل. وبخاصة أن المعـارف تتضاعف كل ثلاث إلى خمس سنوات. وإذا صحت هذه الإشارة فإن أهمية توفير بيئة مدرسية إيجابية محفزة على التعلم والتفكير يصبح ضرورة لا غنى عنها لمواكبة ذلك. وبخاصة في ظل المعلومات والاتصالات التي نشهدها.
جدول المحتويات
تعريف البيئة المدرسية
وتعرف البيئة المدرسية على أنها: “جميع الظروف والعوامل المؤثرة في المدرسة أو غرفة الصف، التي تضفي عليها سمات خاصة تتيح للطلاب أن يعيشوا حياة تعليمية ذات طابع خاص. وانطلاقاً من ذلك يمكن القول بأن البيئة المدرسية تتشكل نتيجة لتفاعل جملة مـن الظروف التعليمية السائدة، خصوصاً أن عمليتي التعلم والتعليم في البيئة المدرسية لا تحدثان في فراغ، وتتأثر البيئة المدرسية بمجموعة من العوامل:
أسباب وعوامل نجاح البيئة المدرسية الإيجابية
هناك عـدد مـن العوامل والأسباب المساهمة في نجاح البيئة المدرسية الإيجابية، ويمكن تصنيفها في نوعين هما:
أولاً: المؤشرات العامة: وتتمثل هذه المؤشرات بآلاتي:
وضـوح رسالة المدرسة التربوية
إذ إن وضوح رسالة المدرسة التربوية والتأكيد عليها يساهم في تحفيز الطلاب على التعلم والمشاركة، وتطمئنهم. كما تدعوهم لتحمل المسؤولية في التعلم ومراقبة سلوكهم وضبطه.
العمل بأسلوب ديمقراطي
يعد إشعار العاملين والطلاب في المدرسة وبخاصة المعلمين، بأنهم جزء من النظام المدرسي من أهم عوامل نجاح البيئة المدرسية الإيجابية. فيشعرون جميعاً كأنهم أسرة واحدة تحكمهم أهداف وأنظمة ومصالح مشتركة. وذلك يقود في النهاية إلى تحقيق أهداف التربية وغاياتهم، ولتحقيق ذلك لا بد من أن تعمل المدرسة وفق المبادئ الآتية:
- تقبل الاختلاف واحترام الأفكار والاتجاهات.
- تقبل النقد البناء واحترام الرأي الآخر.
- ضمان حرية التعبير والمشاركة بالأخذ والعطاء.
- العمل الجماعي بروح الفريق.
- احترام رأي الأغلبية والالتزام به.
- توافر المواد التعليمية المناسبة، والأثاث، والألعـاب التربوية، والقرطاسية، والوسائل التي تعين على تحقيق أهداف التعليم، والتي تساعد في توفير البيئة المناسبة لعمليتي التعلم والتعليم.
الإيمان بأن التعليم لتنمية التفكير وليس للامتحان
بالرغم من التغيرات الهائلة التي حصلت في جوانب الحياة المعلم المختلفة. إلا أنه ما زال يحافظ على دور تقليدي يقوم على دعامتين أساسيتين هما:
- تزويد الطلاب بالمعلومات النظرية بهدف الاستيعاب والحفظ فقط.
- الاقتصار على امتحانات لا تتطلب إلا حفظ المعلومات ثم اختزانها وتذكرها متي تطلب ذلك.
مما ساهم في اكتساب الامتحان قوة هائلة بمرور السنين لدى كل من المعلمين وأولياء الأمور والطلاب.. فأصبح الامتحان هو المحدد الرئيسي في تقرير مسار الطلاب وخياراتهم الدراسية في مختلف مراحل دراستهم وخاصة العليا. إن تطوير قدرات الطلاب أمر مثمر ومنتج للأجيال القادمة، إذا بقي التعليم من أجل الامتحان وليس من أجل التفكير.
توافر الأنشطة التعليمية
تشجيع الأنشطة التعليمية على التفكير بمستوياته وأنواعه المختلفة من أهم عوامل وأسباب نجاح البيئة المدرسية الإيجابية. فلا تقوم على التذكر والاستدعاء فقط، بل تسهم في توليد الأفكـار لـديهم. مع ضـرورة مراعاة الفروق الفردية بين مختلف أنواع الطلاب، وفتح الأفاق لديهم للتفكير والبحث والاستكشاف. لذا يجب أن يتم اختيار الأنشطة التعليمية بحيث تكون واضحة الأهداف وتناسب خبرات الطلاب واستعداداتهم وقدراتهم وتتحداها. وأن تسهم في فهم مضمون المنهاج وإدراك موضوعاته بشكل متعمق.
تطوير مجالس الآباء والأمهات والانفتاح على المجتمع المحلي
إن من أهـم سمات المدرسة الحديثة وتميزها هو: مدي جودة علاقة هذه المدرسة وتفاعلها وتأثيرها على المجتمع المحلي بمجالسه وهيئاته المتنوعة. لذا من الأجدى لتفعيل العمل المدرسي وفق قواعد الديمقراطية والشورى، أن تهتم المدرسة بمشاركة مجالس الآباء والتعاون معهم في رسم سياسية المدرسة وأهـدافها وطريقة تنفيذ الأنشطة التربوية والتعليمية والاجتماعية، وغيرهـا والاطلاع على موازنتها والتفكير بروافد مالية يمكن أن تخدم المدرسة وتحقق أهدافها من غير الروافد المالية الرسمية. وهذا من شأنه أن يجعل أولياء الأمور والمجتمع المحلي يأخـذان دورهما الفاعل في المساهمة في شؤون المدرسة عموماً. وفي توفير كل ما من شأنه أن ينمي الطاقات الطلابية الإبداعية.
البيئة المحلية بلا شك شـريك مهم للبيئة المدرسية، ومن أهم عوامل نجاحها. خاصة وأن طلاب المدرسة هم أطفال وأبناء تلك البيئة. لذلك، فإن الحصول علي دعم المجتمع المحلي لرسالة المدرسة وإجراءاتها وكافة أنشطتها يشكل قوة أخلاقية تضغط على الطلاب للامتثال واحترام رسالة المدرسة وقبولها. بالإضافة إلي توفير الخبرات والموارد التعليمية التي يمكن استثمارها في تنفيذ برامج المدرسة المتنوعة. وكذلك إثراء المدرسة بالمعدات والكتب والمواد التعليمية اللازمة.
ثانياً: المؤشرات الخاصة: إن تطوير أي مدرسة لتصبح بيئة ملائمة للتعلم والتعليم، لا بد وأن تهتم بمتغيرين أساسيين هما:
المعلم
يتوقف التطور في العمل مع الطلاب على جودة البرامج التعليمية التي تقدم لهم في المدرسة. ومهما كانت هذه البرامج جيدة، تبقى دون فائدة إذا لم ينفذها معلمون أكفاء. من الذين أتاحت لهـم فـرص التأهيل والتدريب لتطوير كفاياتهم المهنية وامتلاكهم القـدرة على توفير بيئة صفية آمنة ومحفزة على التعلم. وكذلك جعل الطلاب لا يترددون في عرض آرائهـم والتعبير عنها دون قلق أو تردد أو خوف. كما تمكنهم من التحليل والتأمل لما يقرؤون ويسمعون ويشاهدون، بهدف إضافة معان جديدة لعملية التعلم والتعليم.
وباختصار، يمكن القول إن البيئة المدرسية الإيجابية التي تشعر الطالب بالأمن تقلل المشكلات إلى درجة كبيرة. وتعمل على تنمية العلاقات البينية الإيجابية بين الطلاب أنفسهم ومعلميهم. وينبغي الانتباه إلى أن المعلمين يتبنون مفاهيم مختلفة عن التعلم وبيئته. فالمعلم الذي يستخدم أسلوب نقل المعلومات لطلابه وتثبيتها في أذهانهم، وتقويم مدى امتلاكهم لها، يخلق بيئة صفية سلبية تجعل الطلاب غير مبالين بالتعلم والمشاركة الصفية ما ينعكس بالسلب على تقديرهم لذاتهم، وبهذا يمكن القول إن المعلم ناقل للمعلومات. وفي المقابل يعمل المعلم البنائي الذي يهتم بالبيئة المدرسية على إيجاد بيئة تحرص على توفير فرص المشاركة والتعاون والانشغال لذواتهم وذوات زملائهم.
البيئة المادية في المدرسة
تشكل المدرسة الإطار العام الذي يضم مكونات العملية التربوية جميعها، وكلما كانت هذه المكونات متناغمة ومنسجمة فيما بينها كانت المدرسـة قـادرة على التعامل مع الجميع في مناخ يتسم بالطمأنينة والأمان لجميع الأطراف فيها.
وبيئة المدرسة المادية تأثيرها على شخصية الطالب والمعلم معاً، فبناء المدرسة وتصميمها مـن العـوامل المؤثرة والهامة في انطلاق التفكير والإبداع لدى الطلاب والمعلمين على السواء. مـن هـنا يجب الاهتمام بالتصميم الداخلي بما فيه من ديكورات، ولوحات جداريـه فنـية، فضلاً عن الملاعب والساحات التي يجب أن تخدم كل الأنشطة المساعدة على الانطلاق والتفكير، إضافة إلى توفير المتطلبات والتسهيلات التربوية والتعليمية والمهنية في البناء المدرسي، كالمرافق والممرات التي تسهل عملية انتقال الطلاب وحركتهم من مرفق إلى آخر، والمختبرات العلمية، والبحثية بأجهزتها اللازمة، وتزويدها بشبكة حاسوب تخدم كل التخصصات، والاهتمام بأن تكون المدرسة منفتحة على المجتمع المحلي، ومختبراتها مهيأة أمام الباحثين مـن داخـل المدرسة وخارجها.
فالمدرسة لم تعد بمعزل عما يحدث خارجها، ومن المهـم أيـضـاً توفير الفصول الدراسية الواسعة التي تشتمل على مقاعد الجلوس المناسبة والأدوات والوسائل التعليمية، والكتب والمراجع وأركان التعلم المختلفة، كركن الرسم والفنون الجميلة، وركن الإبداع العلمي، بما يتيح أمام الطالب والمعلم ممارسة أي نشاط يخدم العملية التعليمية، يساعد على تنمية التفكير. وهـذا يأتي بسهولة من تخصيص موازنات سخية لتحقيق ذلك ولو على مراحل، كي نضمن استثمار المدرسة ومواردها إلى أقصى حد ممكن.