قصة لعبة الهنود الحمر

قصة لعبة الهنود الحمر هي حكاية وقصة عن مغامرة الثلاثة أطفال الشجعان كمال ونبيل ونيرة وهما يلعبون معاً ليكتشفوا بالصدفة وجود لص ويتصرفوا بشجاعة كبيرة لتسليم اللص إلي الشرطة.

زي جديد

كمال ونبيل ونيرة إخوة، وقد أهدى عمهم إلى كل منهم حلة (بدلة) من حلل الهنود الحمر، وغطاء للرأس مصنوعا من الريش. وعرفوا من عمهم كثيرا من عاداتهم. وفي يوم من الأيام فكروا في أن يلعبوا لعبة الهنود الحمر، وأن يمثل كل منهم دورا في هذه اللعبة. واتفقوا على أن يسمى كل منهم باسم من أسماء الهنود الحمر، فسمي كمال (عين النسر)، وسمى نبيل (عين الصقر)، وسميت نيرة (عين الحياة). وجعلوا (عين النسر) رئيسا لهم، يكون في الأمام، ويسمع رأيه ويطاع أمره. واتفقوا على أن يخرجوا في رحلة بعد الظهر، في يوم من أيام العطلة المدرسية، ليهجموا على اللصوص، ويقبضوا عليهم. وأعتقد أنك تحب أن تراهم، حينما يلبسون ملابس الهنود الحمر ويقلدونهم في لبسهم ومظهرهم. وستجد أنهم كالهنود الحمر تماما.

وذات يوم لبسوا ملابسهم، وغطوا رؤوسهم وظهورهم بالريش الأبيض والأحمر والأسمر. وأمسكوا أسلحتهم بأيديهم اليمنى، وهي فؤوس ترى مخيفة في شكلها، ولكنها في الحقيقة مصنوعة من الخشب والورق المقوى.

وبعد أن انتهوا من اللبس في حجرة لعبهم، قال عين النسر: إننا الآن مستعدون تمام الاستعداد.

قال عين الصقر وهو ينظر إلى خدي أخته: لكي مثل الهنود جيدا يجب أن يكون لوننا شديد السمرة كلونهم. وإن الجو يجعل وجوههم سمراء جدا كألواننا عندما نذهب إلى المصيف، ونقضي وقتا بالإسكندرية أو بورسعيد على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، فتستمر وجوهنا سمراء سمرة شديدة.

قال عين النسر، إن من السهل أن نجعل لوننا كلون الهنود الحمر، ونجعله شديد السمرة، بقطعة من (الفلين) المحترق. ولهذا أخذوا غطاء زجاجة كبيرة من الفلين، وحرقوا الغطاء على لهب شمعة أوقدوها، ثم أخذ عين النسر الغطاء المحترق، ولون به وجوههم وأيديهم، فجعل وجوههم سوداء لا سمراء. فصار منظرهم مخيفا حقا.

واستحسن عين الصقر اللون الأسود، وقال: إن اللون الأسود أحسن؛ كي يرى منظرنا غريبا جدا.

البحث عن مغامرة

خرج الإخوة الثلاثة بعد ذلك من حجرة اللعب إلى حديقة البيت، وصورتهم في منتهى الغرابة. خرجوا بهدوء ولم يحدثوا أي صوت خوفا من أن تناديهم أمهم لرؤية أحد الزائرين من الأقارب. وحينما خرجوا إلى الحديقة أخذ الرئيس وهو الأخ الأكبر يلقى عليهما تعليماته وإرشاداته، فقال: إنكما تعرفان جيدا الحظيرة (الزريبة) القديمة المنعزلة التي لا يستعملها الراعي إلا في فصل الربيع. سندعي وسنفرض أنها حصن من الحصون. سنهجم عليها من الحقل، ونحيط بها، ونلتف حولها. وعندما أشير إليكم، وأعطيكم الإشارة يجب أن تقفزي يا عين الحياة إلى النافذة اليمنى، وتقفز يا عين الصقر إلى النافذة اليسرى. فهناك للحظيرة نافذتان فقط كما تعلمان. وسأهجم على الباب بسرعة، وأمنع أي عدو من الهرب منا.

رقصت الأخت فرحاً وسرورا، وقالت: إن هذا المنظر سيكون من أجمل المناظر.

سأل الرئيس، وهو عين النسر بشدة: هل أنتما مستعدان؟ قفي حركات الرقص يا عين الحياة؛ فإننا لم ننتصر، ونحن الآن في البدء. وحينما ننتصر على العدو، ونستولي على الحصن، سنحتفل معاً بالنصر.

تعاليا، واقتربا منى، وكونا خلفي عندما نسير في الطريق. احذرا أن تحدثا أي صوت؛ خوفا من أن يسمع العدو الصوت فيحترس، ويأخذ حذره، وقد يهجم علينا، ويأخذنا أسرى، أو يضعنا في السجن، ويجعلنا من المسجونين.

خرج الأطفال الثلاثة من حديقة البيت، وساروا في الطريق الزراعي كما يمشي الهنود الحمر. واستمروا في سيرهم بقيادة عين النسر، حتى وصلوا إلى قطعة كبيرة من الأرض، ينمو فيها كثير من الأعشاب والأشجار الشوكية، فناموا على بطونهم، وأخفوا أنفسهم بحيث لا يستطيع أحد أن يراهم.

وأخذوا يزحفون باحتراس، وينظرون بشدة ليبحثوا عن العدو. وكان هذا العمل لعبة من ألعاب الهنود الحمر.

شرطة في المكان

وفجأة قال عين النسر: يحب أن نسكت ولا نتحرك. فسكت الجميع، وقد أخفتهم الأعشاب والأشواك المنتشرة في الأرض. فقد سمعوا صوت شخص آت بالقرب من هذا المكان، ثم سمعوا صوتا مرتفعا يقول: – إني سأذهب في هذا الطريق يا عثمان، وأنت تذهب في الطريق الموصل إلى الضيعة (العزبة)؛ فربما يكون اللص قد ذهب إليها. وسنقبض عليه قبل المغرب إن شاء الله.

رفع عين النسر رأسه قليلا، ونظر من بين الأعشاب ليرى من اللذين يتكلمان. وعرف أنهما شرطيان (عسكريان). وقال لأخويه همساً بصوت لا يسمع: – إنهما من رجال الأمن. ولا أعرف من الشخص الذي يبحثان عنه. يظهر لي أنهما يبحثان عن لص من اللصوص.

قال عين الصقر – وهو متأثر: أعتقد أنه قد حدثت سرقة، وأن الشرطيين يبحثان عن السارق في الحقول، فاسمح لنا بأن نذهب، ونسألهما عما حدث، ثم نستمر في رحلتنا ومغامرتنا.

قال عين النسر: لا تتدخل فيما لا يعنيك، لأن الشرطيين لو رأيانا لأخذانا، وأرسلانا إلى بيتنا، واعلم أننا نمثل دور الهنود الحمر. وهم لا يتكلمون مطلقا مع الشرطة أو الحراس. فالشرطة هم الأعداء الحقيقيون للهنود الحمر، ولهذا يبتعدون عنهم ويتجنبوهم بقدر الاستطاعة. فنحن يجب أن نستمر في لعبتنا التي جئنا من أجلها.

استمر الإخوة الثلاثة الممثلون للهنود الحمر ساكتين لا يتكلمون، ساكنين لا يتحركون في أماكنهم، نائمين على بطونهم بين الأعشاب الطويلة، بحيث لا يستطيع أن يراهم أحد؛ حتى رجع الشرطيان من حيث أتيا، ثم بدأ الأطفال المغامرون السير في الطريق الزراعي ثانية، قاصدين الذهاب إلى الحظيرة (الزريبة) القديمة المنعزلة في الحقل؛ لأنها مهجورة، ولا يذهب إليها إلا الراعي وقت الربيع، ويخزن فيها الآلات الزراعية القديمة، وخشب نافذتها مكسور. وهي في مكان غير مريح، شديد الهواء. ولكن الأطفال يحبون هذا المكان المنعزل للعب فيه. ويسمون الحظيرة التي هناك الحصن.

استمروا في طريقهم، يزحفون على بطونهم حتى وصلوا إلى الحصن. ثم همس عين الصقر، وسأل عين النسر: هل يمكنك أن تسمع صوت الأعداء في الحصن؟

اقتحام الحظيرة

قال عين النسر: لا، إن الأعداء نائمون من غير شك. ولا يسمع لهم صوت في الحصن. إننا سنقبض عليهم في الحال، ونأخذهم إلى قبيلتنا، ونضعهم في السجن.

وصلوا إلى الحصن، وهجموا عليه، والتفوا حوله، وأعطى الرئيس الإشارة التي اتفقوا عليها، فقفزت عين الحياة إلى النافدة اليمنى، وقفز عين الصقر إلى النافذة اليسرى، وهجم الرئيس على الباب واقتحمه، وأحدث فجأة صوتا مخيفا مزعجاً، وصرخ بأعلى صوته، وهو رافع فأسه في يده اليمنى.

وقد حدث ما لم ينتظروه. فقد كان هناك شخص قبيح المنظر في الحظيرة، نائم على جوال (شوال) قديم بجانب الآلات الزراعية.

وحينما رأى الرجل النائم عين النسر يقتحم باب الحصن ويدخله، ويصرخ بأعلى صوته صراخا مخيفا ومزعجا، ووجهه أسود اللون، وفأسه مرفوعة في يده اليمنى، قام الرجل وصاح وهو خائف مضطرب، وذهب إلى النافذة اليسرى ليخرج منها، فوجد عين الصقر عندها، ووجهه أسود يشير بالفأس التي في يده. فصرخ الرجل، وخاف خوفا شديداً، وجرى إلى النافذة اليمنى، فوجد هناك عين الحياة بوجهها الأسود، رافعة سلاحها بيدها اليمنى، فذهب إلى الباب، فوجد عين النسر واقفا، وبيده اليمنى فأسه، فدفعه الرجل بيده، وخرج يجرى بأسرع ما يستطيع، وهو خائف مضطرب.

خافت عين الحياة خوفا شديدا، ولكنها ضبطت شعورها، وتشجعت، ولم يلحظ الرجل أنها خائفة، واستمر الأطفال الثلاثة في أماكنهم. واستمر الرجل يجرى مسرعاً، وهو خائف؛ حتى صدمت رجله صدمة شديدة في جذع شجرة، فوقع على الأرض، والتوت قدمه، وأصيب كعب رجله إصابة شديدة، وحاول مراراً أن يقوم ويمشي ويهرب فلم يستطع المشي. فجلس وأخذ ينظر حوله وهو خائف كل الخوف، واسود وجهه من شدة الخوف، وأخذ يفكر في الوجوه الثلاثة السوداء التي هجمت عليه فجأة في ذلك المكان البعيد المنعزل. وتخيل أن هناك رجالا سمرا من الهنود الحمر يهجمون عليه من كل جهة.

اللص الهارب

وقف الإخوة الثلاثة معا في مكان واحد، وأخذوا ينظرون إلى الرجل، والمكان الذي ذهب إليه، وخافت عين الحياة، ولكنها حاولت أن تخفي خوفها في نفسها، وإلا تظهره لأخويها؛ لئلا يضحكا منها، ويهزآن بها. وقد أظهر الأخوان وهما عين النسر وعين الصقر كل شجاعة، ولم يخاف مطلقا، ولم يجد الخوف إلى قلبهما سبيلا. ولكنهما كانا في حيرة واستغراب لرؤية الرجل الذي أخفى نفسه في ذلك المكان المنعزل.

تشاور الأطفال الثلاثة في الأمر، وأخيرا قال عين النسر، أنا أقول، وأنا متأكد وواثق مما أقول: إن ذلك الرجل مخف نفسه من الشرطة. وهو هارب منهم. وكان الشرطيان يبحثان عنه اليوم. ألم تسمعاهما وهما يتحدثان حينما كنا بين الأعشاب؟

قالت عين الحياة: لقد وقع على الأرض ولا يستطيع أن يقوم. أنظر إليه، فإنه قد حاول أن يقف، ولكنه لم يستطع واعتقد أن رجله قد أصيبت، ولا يمكنه المشي عليها.

قال عين الصقر: أعتقد أنه قد أخفى شيئا في الحظيرة (الزريبة) القديمة ثم دخل الحظيرة، وأخذ يبحث بين الأشياء المختلفة التي فيها، ثم صاح صياحا عاليا، فذهب إليه أخواه، ودخلا يجريان، فقال لهما أنظرا هنا، ثم أراهما صندوقا مفتوحا، به كمية كبير من الجنيهات الذهبية، والأوراق المالية وهي مرتبة في مجموعات، وضع بعضها فوق بعض.

قال عين النسر وهو متأثر مما وجدوه: إن هذا الرجل لص من غير شك. وقد سرق هذه النقود من أحد الأغنياء. ويجب أن نفكر فيما ينبغي أن نفعله.

أقفل عين الصقر الصندوق، ثم أجاب: إنك أنت الرئيس، وينبغي أن تعرف ماذا يجب أن تفعل، وعلينا أن نطيع الرئيس، وننفذ ما يأمرنا به.

فكر عين النسر قليلا، ثم قال: سأذهب إلى اللص لأحرسه، خوفا من أن يهرب، وسيمكث عين الصقر هنا ليحرس صندوق النقود، وستجرى عين الحياة إلى البلدة بقدر ما تستطيع لإخبار شرطي من الشرطة، وإحضاره معها، لمساعدتنا في القبض على اللص.  وإذا وجدت صعوبة فاذهبي إلى أمنا، وأخبريها بما حدث، لتتصرف وتحل المشكلة.

طلب النجدة

أجاب الأخوان: سمعا وطاعة أيها الرئيس. وجلس عين الصقر على الصدوق ليحرسه. ورفع سلاحه في يده اليمنى وهو شجاع عابس الوجه. وجرت البنت كالسهم في طريقها إلى البلدة. وذهب عين النسر إلى المكان الذي يجلس فيه اللص عند الشوك والأعشاب، فوجده يحاول معالجة رجله المصابة.

رآه اللص، فغضب منه أشد الغضب، واغتاظ منه أشد الغيظ، وسأله: ماذا كنتم تفعلون وأنتم تهجمون على الحظيرة وتدخلونها بهذه الصورة؟ إن هذا ليس بلعب أطفال. هذا سوء أدب. لماذا جعلتم وجوهكم سوداء؟ لماذا تلبسون ملابس الهنود الحمر؟ أنظر إلى ما فعلتم، وما أصابني بسبب سوء فعلكم. إني لا يمكنني أن أمشي على رجلي. ولا أستطيع أن أخطو خطوة واحدة إلا بصعوبة شديدة. ولو كنت أستطيع الحركة لأدبتكم جميعا، وضربتكم بالسوط حتى يخرج الدم من أجسامكم.

تصرف عين النسر بحكمة عظيمة، وتفكير سليم، وفعل كما يفعل الهنود الحمر من كبار المجربين، وجلس غير بعيد من الرجل الغريب، وجعل سلاحه في يده اليمنى، ولم ينطق بكلمة واحدة، ولم يذكر شيئا. وجلس ينتظر حضور أخته مع الشرطي. وقد عرف جيدا أن أخته ستجرى بقدر ما تستطيع. وستؤدى رسالتها وواجبها خير أداء. وتأكد أن رجل الرجل قد أصيبت حينما صدم ووقع على الأرض، وأنه إذا استطاع أن يتحرك فإنه سيمشي ببطء كمشية الأعرج، ولن يستطيع الجري بعيدا.

استمر الرجل غضبان مغتاظاً من الأطفال، وما سببوه له. وأخذ يسب ويشتم عين النسر بكثير من ألفاظ السباب والشتائم. ولكن الرئيس الصغير الشجاع لم يبال بما قال، ولم يهتم مطلقا بسبه، وضبط نفسه، وجلس هادئاً، كأنه لم يسمع شيئا من ألفاظ السب والشتم، وأخذ ينظر ببساطة إلى الطريق، منتظرا رجوع أخته، ومعها شرطي من الشرطة. ولم يحس الرجل بما دبر له، وما ينتظره.

مساعدة الشرطة

وقد كان الرجل يأمل أن رجله ستتحسن بعد قليل، وأنه سيستطيع أن يمشي عليها، ويطرد هذا الطفل الذي يقلد الهنود الحمر بعيدا عن ذلك المكان، ثم يرجع إلى الحظيرة ليأخذ صندوق النقود منها، ويخفيه في جهة أخرى. وقد عجب من نفسه كيف خاف من صوت طفل يلبس ملابس الهنود الحمر، ويلعب كما يلعبون. وكيف جرى وضر رجله وقدمه عندما دخل الطفل الكوخ.

وفي الوقت نفسه كان عين الصقر جالسا في الحظيرة يحرس صندوق النقود، وينظر من وقت لأخر من النافدة ليرى أخاه وهو يحرس اللص.

ولقلقهما وانتظارهما تخيلا أن الوقت يمر بطء شديد. وظنا أن أختهما قد ذهبت منذ مدة طويلة. والحق أنها لم تغيب وقتا طويلا، فقد جرت بأسرع ما تستطيع، وكانت مشهورة بين البنات بسرعة الجري. وقد جرت إلى آخر الطريق، ووصلت وهي تلهت، وتنهج، وأخذت تبحث وتسأل هنا وهناك عن شرطي من الشرطة، وأخيرا أخبرها أحد الأولاد بأنه رأى الشرطي منذ وقت قصير عند الميدان. جرت وبحثت عن الشرطي في الميدان، وأخذت تصيح: أيها الشرطي! أيها الشرطي! فجاء إليها، ونظر إليها وهو في عجب واستغراب. ونظر إلى وجهها وقد جعلته أسود اللون، ورأى الريش الذي تلبسه وهو يتحرك من شدة الريح.

وأخرج الشرطي مذكرة وقلماً من جيبه، فسألها: ماذا حدث؟ وماذا تريدين؟ وما هذه الملابس التي تلبسينها؟

ذكرت له الطفلة الصغيرة القصة كلها، وهي تلهث. فوضع المذكرة والقلم في جيبه بسرعة. وقال لها: هذا هو الرجل الذي كنا نبحث عنه في الصباح وأخذنا نبحث عن السارق، ولكن لم نجد له أثرا في أي مكان. ولم نفكر مطلقا في تلك الحظيرة القديمة؛ لأني كنت أظن أنها هدمت منذ وقت طويل.

قالت الطفلة الصغيرة: لا، لا، إن الحظيرة قديمة، ولكنها لم تهدم فالراعي يصلحها كل سنة؛ ليضع فيها الخرفان. وإن صندوق النقود في الحظيرة. أسرع! أسرع، وإلا هرب اللص ثانية. وقد تركت أخوين لي هناك يحرس أحدهما الصندوق، ويحرس الآخر اللص. ولا أعرف ماذا حدث لهما الآن.

القبض علي اللص

أسرع الشرطي، وأسرعت معه الهندية الصغيرة الحمراء، حتى وصلا إلى المكان الذي يجلس فيه اللص، وهو المكان الذي وقع فيه، عند الشوك والأعشاب فوجده الشرطي جالساً يحاول معالجة رجله. وقد تورم كعبه ورما شديدا.

رأى اللص الشرطي فاضطرب اضطرابا شديدا، وحاول أن يقف على قدميه ويجري ويهرب، ولكنه لم يقدر، ووقع ثانية على الأرض، وهو يتأوه، ويتألم للقبض عليه على أيدي ثلاثة من الأطفال، وأخذ صندوق النقود منه.

قال الشرطي: إني معجب بشجاعتكم أيها الأطفال، مقدر لما قمتم به بحكمة وتفكير. فقد قبضتم على اللص، وحافظه على النقود التي سرقها. ولم نستطع نحن أن نعرف له أثرا، أو نصل إليه. وقد أتت إلى هذه الطفلة الصغيرة وهي تلهت، وبحثت عنى كثيرا حتى وجدتني.

قبض الشرطي على اللص، وأمسك به من ذراعه، وسار به وهو يعرج. وحمل عين النسر وعين الصقر صندوق النقود. ومشوا جميعا حتى وصلوا إلى البلدة. وقد عجب كل من سمع القصة من السكان. وأعجبوا بشجاعة الأطفال الذين مثلوا الهنود الحمر، وأخذوا ينظرون إلى اللص، وإلى الشرطي وهو قابض عليه بشدة.

وقد كان أبو الأطفال الثلاثة آتيا من المحطة، ذاهبا إلى بيته، وقابل أولاده، ولكنه لم يعرفهم، لأن وجوههم سوداء اللون، ولكنهم عرفوه، ورمت ابنته نفسها عليه وهي فرحة مسرورة بانتصارها وانتصار أخويها، على العدو، ونجاحهم جميعا في لعبتهم ومغامرتهم. ولم يعرف الأب ماذا يقول حينما رأى أن الهنود الحمر الثلاثة هم أولاده.

وطبعا وضع اللص في السجن، وسلمت النقود لصاحبها، ففرح كل الفرح، وشكر للأطفال الثلاثة ما قاموا به.

أبطال شجعان

ذهب الأطفال إلى بيتهم مع أبيهم. وأخبروا أمهم بما حدث لهم في رحلتهم الكشفية بعد الظهر. وقص عليها عين النسر القصة كلها، وقال لها: لقد كنا يا أمي نمثل دور الهنود الحمر، ولبسنا كما يلبسون، وقلدناهم فيما يفعلون. وفرضنا أن الحظيرة القديمة حصن به بعض الأعداء، وهجمنا على الحظيرة من كل جانب، فوجدنا في داخلها عدوا حقيقيا، ولصا مجرماً، فقبضنا عليه، وسلمناه للشرطي، وسلمنا صندوق النقود له، وهو مملوء جنيهات ذهبية، وأوراقا مالية. وقد كنا كالهنود الحمر تماما في ملابسنا وهجومنا، ومظاهرنا وأفعالنا.

قالت الأم: لقد كنتم كالهنود الحمر حقا. وإن فخورة بكم، معجبة بشجاعتكم وأمانتكم، وحسن تفكيركم. والآن اذهبوا، ونظفوا أيديكم، واغسلوا وجوهكم، وأزيلوا ذلك اللون الأسود الذي وضعتموه فوق وجوهكم وأيديكم.

إن أحب ملابس الهنود الحمر التي تلبسونها، ولكني لا أحب ما أحدثتموه من اللون في وجوهكم وأيديكم.

لهذا ذهب الإخوة الثلاثة، وغسلوا أيديهم ووجوههم، ونظفوا أنفسهم وأخذوا يتحدثون معاً عن المغامرة التي قاموا بها في ذلك اليوم. ولكن لم تأت نهاية القصة؛ فبعد أسبوع وصلتهم رسالة، عنوانها: “الهنود الحمر الثلاثة” وفي داخلها هدية جميلة لهم جميعا، وهي خيمة كبيرة تكفيهم، ويمكنهم أن يستخدموها في رحلاتهم الآتية ففرحوا بها فرحا كثيرا.

وقد أرسل هذه الهدية الرجل الغني الذي سرق اللص صندوق نقوده، وأرسل مع الهدية الخطاب الآتي:

عزيزي الرئيس، عين النسر… أرجو أن ينتفع كل منكم في أوقات فراغه بالقصص التي أرسلت إليه، وأن تشرك معك في الانتفاع بالخيمة أختك عين الحياة وأخاك عين الصقر. لقد سررت كل السرور بحصولي ثانية على نقودي. وإنكم أيها الأخوة الثلاثة تمثلون شجاعة الجندي العربي، وأمانته وإخلاصه. وأرجو أن أراكم موفقين في حياتكم ومستقبلكم إن شاء الله.

وقد احتفظ الأطفال الذين مثلوا الهنود الحمر بهذه الرسالة تذكارا لهم، وفخروا بالهدية التي أرسلت إليهم. وأرجو أن تكون أيها الطفل كهؤلاء الإخوة الثلاثة في حكمتهم وشجاعتهم وأمانتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى