في مياه البحر، كانت تعيش صديقتان: واحدة اسمها شهاب والأخرى زاهية. كانت شهاب سلطعونة بحر جميلة ورشيقة، لكن لم يكن عندها صدفة لتحمي جسمها، فكانت تختار قوقعة فارغة تسكن فيها وتحتمي بها من الأسماك الكبيرة والكائنات المتوحشة. أما زاهية صديقة شهاب، فقد كان لديها صدفة تحميها ومخالب تساعدها على الدفاع عن نفسها، وذراع قوية تخيف الأعداء بها.
البحث عن قوقعة جديدة
في أحد الأيام، أحست شهاب بأن القوقعة التي تسكن فيها قد أصبحت ضيقة وبدأت تتكسر، فخرجت تبحث عن قوقعة أخرى لتسكن فيها. شاهدت شهاب أخطبوطًا قادمًا من بعيد باتجاهها، فأسرعت واختبأت بين شعاب المرجان، وجلست هناك تنتظر.
أحست شهاب بالملل في مكانها تحت الشعاب المرجانية وهي تنتظر صديقتها زاهية، فقررت أن تخرج وتبحث عنها، ولكنها شاهدت دوائر زرقاء تتحرك من بعيد. تذكرت شهاب الأخطبوط العملاق فخافت وفضلت الاختباء والانتظار في مكانها بين الصخور.
وصلت زاهية ولم تجد صديقتها، ولكنها وجدت قوقعة صديقتها شهاب ملقاة بين الصخور. أحست زاهية بالقلق على صديقتها، فأخذت تنادي: “شهاب.. شهاب.. أين أنتِ؟”
أطلت شهاب من بين الصخور، وقالت: “أنا هنا.. أنا هنا.”
قالت زاهية: “لماذا تختبئين؟ ولماذا ألقيت بقوقعتك؟”
حكت شهاب لصديقتها عن القوقعة الضيقة المتكسرة، والأخطبوط العملاق ذي الدوائر الزرقاء.
قالت زاهية: “لا تخافي يا صديقتي، لقد شاهدته يغادر المكان. هيا بنا نسبح قرب الشاطئ، فهو لن يذهب إلى هناك أبدًا، لأنه لا يحب السباحة على سطح الماء أو في المياه الضحلة. هيا فالشمس مشرقة، والجو دافئ، والطعام بين صخور الشاطئ كثير.”
قالت شهاب: “كيف أخرج وقد تكسرت قوقعتي التي تحميني؟”
ابتسمت زاهية، وقالت: “لا تخافي يا صديقتي، بإذن الله سأحميك بمخالبي القوية. هيا نذهب إلى الشاطئ ونبحث معًا عن قوقعة جديدة لكِ.”
الاستقرار في البيت الجديد
وصلت الصديقتان إلى الشاطئ، وهناك وجدت شهاب قوقعة كبيرة، فقالت: “هذه قوقعة كبيرة وجميلة، يمكنني أن أسكن فيها.” حركت شهاب القوقعة برفق فتحركت القوقعة بسرعة، وظهرت من تحتها أرجل كثيرة أثارت الرمال من حولها… ابتعدت شهاب خائفة، وراحت تبحث عن قوقعة أخرى لتسكن فيها.
وجدت زاهية قوقعة كبيرة. قلبت زاهية القوقعة بمخالبها القوية، ثم نادت: “أسرعي يا شهاب، لقد رأيت قوقعة فارغة تعالي لتجربيها.” أسرعت شهاب إلى داخل القوقعة، ومدت أرجلها بداخلها وهي تقول: “شكرًا لكِ يا صديقتي، هذه مناسبة لي جدًا، إنها واسعة ومريحة.”
قالت زاهية: “هيا اسكنيها بسرعة قبل أن يسكنها أحد غيرك.” كانت الشمس ساطعة، والطعام وفيرًا، فأخذت الصديقتان تأكلان وتلعبان وتمرحان. وفي المساء نامت شهاب بين المرجان سعيدة في بيتها الجديد، أما زاهية فسبحت عائدة إلى بيتها.
اختفاء زاهية المفاجئ
مرت الأيام والصديقتان تعيشان في مياه البحر الكبير، وكانت شهاب تشعر بالسعادة والأمان مع صديقتها زاهية.
في أحد الأيام انتظرت شهاب صديقتها، ولكن زاهية لم تحضر. أخرجت شهاب رأسها من تحت القوقعة، وأخذت تنظر هنا وهناك باحثة عن صديقتها، إلا أن زاهية لم تظهر في أي مكان.
فكرت شهاب… ما الذي أخر زاهية؟ أخشى أن يصيبها مكروه… وقررت شهاب أن تخرج لتبحث عن صديقتها.
إنقاذ زاهية من الكيس
كانت شهاب تسبح هنا وهناك باحثة عن زاهية، وفجأة سمعت صوتًا يناديها: “شهاب.. شهاب.. أنا زاهية، أنا عالقة هنا ساعديني…. أرجوكِ ساعديني.”
أسرعت شهاب تسبح نحو صديقتها. كانت زاهية محبوسة تحت كيس فيه شعاب مرجانية متكسرة، كانت خائفة ومضطربة ولا تستطيع أن تخرج من تحت الكيس.
شعرت شهاب بالخوف على صديقتها، فنظرت حولها بحيرة وقلق. وجدت شهاب عمودًا حديديًا عليه علم قرصان قرب المرجان. أمسكت شهاب بالعلم، ووضعته تحت كيس المرجان مثل الوتد، وراحت تحركه للأعلى وللأسفل بقوة.
كان كيس المرجان ثقيلًا، ولكن شهاب استطاعت بكل قوتها أن تحركه قليلًا. عندئذ تمكنت زاهية أن تحرك ذراعها، وبدأت في مساعدة شهاب كي تبعد الكيس. فرحت شهاب عندما رأت ذراع زاهية القوية تساعدها، فأخذت تعمل بقوة أكثر.
درس الصياد الشجاع
وفجأة تحركت الأعشاب والشعاب المرجانية المنتشرة في المكان وكونت موجات قوية. اتفقت الصديقتان على أن توحدا جهودهما مع الموجات التي يدفعها المرجان، وبقوة دفعتا معًا… واحد، اثنان، ثلاثة… هووووووب، فتحرك الكيس ووقع على الرمال، واستطاعت زاهية أن تخرج من تحته. فرحت زاهية بالنجاة والحرية وأسرعت تحتضن صديقتها شهاب.
قالت شهاب: “ما الذي حدث؟ وكيف وقع الكيس فوقكِ؟”
قالت زاهية: “كان هناك صياد يقطع ويكسر المرجان ويجمعه في هذا الكيس، وكنت موجودة داخل الأعشاب المرجانية، فقمت بعض يده حتى لا يكسر المزيد من الشعاب الجميلة، ثم نزلت كي أختبئ بين المرجان، وكنت أراقب الصياد وهو يهرب من المكان.”
أحس الصياد بالألم الشديد، فوقع منه الكيس، ولكن للأسف وقع الكيس فوقي ولم أستطع الخروج.
قالت شهاب: “وأين هو الصياد الآن؟”
أجابت زاهية: “لقد صعد إلى سطح الماء وهو يصرخ من الألم ويمسك بيده.”
قالت شهاب: “أنتِ شجاعة يا زاهية، لقد أنقذتِ باقي الشعاب المرجانية الجميلة من الدمار.”
حماية الشعاب المرجانية
قالت زاهية: “يجب ألا نسمح لأحد أن يدمر الشعاب مرة أخرى، فالشعاب المرجانية أصدقاء مخلصون لنا، وفي وسطهم نجد المتعة والطعام والأمان.”
قالت شهاب: “عندي فكرة جيدة، ما رأيكِ أن نغرس العلم الأسود بالقرب من المرجان، حتى يعرف الصيادون أنه مكان خطير فلا يقتربون منه مرة أخرى؟” وافقت زاهية وأخذت تساعد صديقتها في غرس العلم.
استمع المرجان لحديث شهاب وزاهية، فأخذ يتحرك راقصًا في مجموعات جميلة ومدهشة تحية للصديقتين، وراحت الصديقتان تستمتعان بالسباحة والأمان وسط المناظر الجميلة والمرجان.