اقترب الثور الأسود من النهر ليشرب من مائه العذب وبعد أن روى ظمأه وقف شامخا يتباهى بقوته ويراقب الشمس التي قاربت على الغروب وهي تنزل بالتدج بين الجبال الساحرة الألوان.
رأته مجموعة من الضفادع وهي تقفز وتلعب فوق صفحة المياه الهادئة فأخذت تسرع نحوه في قفزات عالية تنق في سعادة ومرح حتى وصلت إلى الشط، ووقفت تتأمل قوة هذا الثور الأسود وعضلاته الضخمة في أقرب مكان له.
قالت إحداها بصوت عال: “سبحان الله ما أقوى هذا الثور، انظروا إنه كالجبل الشامخ.”
قال ضفدع آخر: “لقد ظننته من بعيد صخرة ضخمة قوية، لكني اكتشفت أنه أقوى من الصخرة.”
فرح الثور فرحا شديدا بهذا الثناء، وامتلأت نفسه غرورا.
ثور مغرور تشتعل غيرته بظهور منافس جديد
وفي تلك اللحظة اقترب ثور رمادي اللون له نفس قوة وضخامة الثور الأسود من الماء ليشرب. فتعجب ضفدع وقال: “انظروا إلى هذا الثور القادم، لم أر مثله من قبل. لابد أنه قوي مثل الثور الأسود، له عضلات هو أيضا كبيرة كما أن لونه رمادي فاتح ومعنى ذلك أنه لا يخاف الصيادين ولا يهمه أن يختبئ مثل غيره في الظلام.”
تعجب الثور الأسود وغضب غضبا شديدا وضرب الماء بقدمه فتقافزت كل الضفادع.
أما الثور الرمادي فقد فرح فرحا شديدا عندما سمع كلمات الضفدع الصغير وثناءه عليه، ورفع رأسه في فخر وهو يقترب من الضفادع شاكرا لها.
لكن الثور الأسود لم يعجبه هذا الحال فقد كان منذ قليل هو صاحب هذا المجد وحده، فمن هذا الذي يجرؤ على منافسته فيه، بل من يجرؤ على الوقوف أمامه. وعلى الفور نفر من أنفه الهواء في غيظ وغضب شديد.
الضفدعة الماكرة تشعل فتيل المعركة بين الثورين
ففهمت الأمر ضفدعة عجوز ماكرة كانت تختفي خلف الحشائش، وقالت لأصحابها وهي ترفع من صوتها: “انظروا، إن هذا الثور الرمادي يبدو أنه أقوى من الثور الأسود بكثير، ولا أعتقد أن الثور الأسود بإمكانه مواجهته.”
فقالت ضفدعة أخرى بصوت مرتفع: “لا، بل الأسود هو الأقوى.”
وهنا لم يتمالك الثوران غضبهما وقرر كل منهما أن يثبت للضفادع أنه أقوى من الآخر!
وكان الثور الأسود هو صاحب الضربة الأولى، فقد نطح الثور الرمادي بكل قوته فأوقعه في الماء، فأخذ يتخبط فيه. وأخيرا ضرب الماء بأقدامه حتى استطاع أن يخرج ويعود للقتال. عندئذ ضحكت الضفادع وهي ترى هذا المشهد العجيب، ضحكوا عاليا، فأخذ الثور الرمادي يخور في غيظ، بينما كان الثور الأسود قد وجه قرونه نحوه في تحد.
المعركة العنيفة وعواقبها الوخيمة على المشجعين
فرحت الضفادع وقالت إنها مشاجرة شديدة لم تستمتع بمثلها منذ سنوات، وخرجن جميعا إلى الشاطئ ليشاهدن المنظر المثير.
اشتدت المعركة بين الثورين والضفادع قد انقسمت إلى قسمين، قسم يصيح: “الثور الرمادي هو البطل”، والقسم الآخر يصيح: “لا بطل غير الثور الأسود.” وكلما سمع ثور منهما اسمه فرح واشتد هجومه على الآخر.
زادت المعركة اشتعالا أكثر وأكثر، وكثرت الجراح بين الثورين، والضفادع في حماس شديد تقفز مرحا. وفجأة سقط الثور الأسود، فأخذ الثور الرمادي يقفز في سعادة ومرح فداس بأقدامه عددا كبيرا من الضفادع فقتلها. وفرح الثور الأسود بسقوط الثور الرمادي فأخذ يقفز في سعادة فداس بأقدامه على عدد كبير من الضفادع.
ندم الضفادع بعد فوات الأوان
وهنا اختفت أصوات التشجيع والفرح، وبقي صوت الصراخ والألم. وفرت بقية الضفادع التي سقط فوقها الثور الأسود فحطم معظمها.
أسرع بقية الضفادع بالابتعاد عن المكان وقد أصابها الألم والحزن الشديدين.
التفت ضفدعة وقد كسرت ساقها إلى أختها وقالت باكية: “ترى من الذي فاز من الثورين؟”
فقالت لها الضفدعة الأخرى: “لا أعرف، ولكني واثقة من أننا هزمنا هزيمة شديدة، حتى لا نحاول مرة أخرى أن نوقع بين اثنين.”





