قصة الفانوس السحري

تعتبر القصص السحرية والخيالية مصدرًا للإلهام والتعلم لدى الأطفال، تأتي قصة “الفانوس السحري” كإضافة رائعة لعالم الحكايات الخيالية التي تشد انتباه الصغار. في هذه القصة، يخوض الطفل هشام مغامرة فريدة حين يكتشف فانوسًا سحريًا يجلب مفاجآت لا تصدق. تعكس هذه القصة قيم الأمانة والرغبة في شفاء الأحباء، وتقدم رسالة إيجابية للأطفال حول قوة النية والصدق.

محنة سليمان

كان سليمان رجلاً فقيراً، لكنه كان يتميز بالأمانة والشرف. كان قلبه مليئًا بحبه لزوجته زينب وابنه الصغير هشام. يكتسب سليمان لقمة عيشه كحمال في الميناء، حيث يحمل البضائع على ظهره إلى سيارات الشحن، ثم يعود إلى كوخه المتواضع. تستقبله زوجته بابتسامة دافئة، تجعله ينسى هموم يومه الشاق، ويتسابق هشام ليقبل والده بحب.

النقود التي كان يحصل عليها سليمان من عمله لا تكفي كثيرًا، ولكنها تُستعمل بأمانة لتلبية احتياجات الأسرة المتواضعة.

وفي إحدى الأيام، وفي حين كان يحمل صندوقًا ثقيلًا، وقعت حادثة لا سمح الله حين انزلقت قدمه على قشرة موز، مما أدى إلى سقوطه وإصابة ساقه بشرخ.

السيد سليمان يعمل في مكان عمله - قصة الفانوس السحري

وبالرغم من شدة الآلام، كانت تفكيراته تنصب نحو عائلته، خاصة زوجته زينب وابنه الصغير هشام، اللذين يعتبران فريقه الوحيد في هذه الحياة.

تم نقل سليمان إلى المستشفى بعد استدعاء الإسعاف، حيث قدمت له الرعاية الطبية اللازمة للتعافي من الشرخ في ركبته. بمجرد أن علموا بوضعهم المالي الصعب، جُلبت سيارة الإسعاف لتنقلهم إلى كوخهم المتواضع.

يصاب السيد سليمان في قدمه

كانت صدمة كبيرة على زوجته زينب عندما شاهدت سيارة الإسعاف أمام باب الكوخ، وزوجها يهبط منها محمولاً على محفة يحملها رجلان. تفاقمت حالة مرض زينب، وعلى الرغم من ضعف جسدها، قامت بكل ما في وسعها لخدمة زوجها.

عربية الاسعاف تحضر السيد سليمان إلي بيته الفقير - قصة الفانوس السحري

مرت الأيام واستنفدوا مخزون الطعام، حتى بقي لديهم رغيف واحد فقط. في أحد الصباحات، استيقظ هشام وسمع والده يصلي دعاءً مؤثرًا: “يا رب، اشفِني وارزقني، ليس من أجلي، وإنما من أجل ابني الصغير هشام وزوجتي زينب. أنا يا رب، لا أرغب في شيء لنفسي.”

سمع هشام هذا الدعاء القلبي من والده، فأثر ذلك فيه بشكل كبير وامتلأت عيناه بالدموع. قال هشام بتأثر:

“يا ربي، ارزقني ليس من أجلي وإنما من أجل أبي الرحيم واكتب الشفاء يا ربي لأمي المريضة الحبيبة.” سمع سليمان ابنه وهو يدعو بهذا الدعاء، فناداه وأخذه بين ذراعيه وقبّله.

البحث عن لقمة العيش

كان هشام جائعًا جدًا، ولكن عندما ذهب إلى سلة الخبز وجدها فارغة. ورغم أن الجوع كان شديدًا ولم يعبر هشام عن مشاعره بالكلمات، إلا أن والده أدرك أن الجوع يأكل جسده. في هذا الوقت كانت الأم المريضة تنظر إليه بحزن، وبدا قلبها مكسورًا من الألم. أشار سليمان إلى بعض الملابس على أحد الكراسي وقال: “يا هشام، خذ ملابسي هذه إلى سوق الملابس القديمة وقم ببيعها بأي ثمن، واشتري لنا خبزًا وشيئاً نأكله”.

قالت زينب بصوت ضعيف: “هشام خذ بقية ثيابي.”

أم هشام مريضة علي السرير

خرج هشام ومعه بعض الملابس القديمة، لكن عندما وصل إلى سوق الملابس المستعملة، وجد أنه لا يستطيع حتى بيعها بسعر زهيد. كانت المسافة طويلة للوصول إلى السوق، وكان هشام متعبًا للغاية عندما عاد إلى كوخ والده.

لم يكن الطفل قد أكل بعد، فجلس على الحائط ووضع ملابسه القديمة على الأرض. لدى هشام رغبة شديدة في النوم لكنه كان يقاومها.

هشام يحاول بيع الملابس ليصرف علي عائلته

كان يفكر في وضع والديه وكيف أن عدم بيع الملابس سيؤثر على وضعهم. فرفع وجهه إلى السماء وقال: “يا رب.. أنا جائع.. أنت تعلم حال والدي.. ارزقني من أجلهما يا رب”.

وفي تلك اللحظة، مر أمام هشام رجل كبير السن، له لحية طويلة بيضاء، ويحمل سلة في يده اليمنى ويضع يده اليسرى في جيبه. عندما مر الرجل أمامه، أخرج يده اليسرى من جيبه، فسقطت رزمة كبيرة من الأوراق المالية دون أن ينتبه الرجل إليها واستمر في سيره.

هشام والفانوس السحري

عثر هشام على رزمة من الأوراق المالية وأدرك فجأة حاجة أبيه وأمه الماسة إلى الطعام. ورغم الجوع الذي يعانيه، تذكر هشام قيم الشرف والأمانة التي يحثه عليها والده دائمًا. قرر هشام الحفاظ على تلك القيم، فقام وقال للرجل العجوز الذي فقد الأموال:

“لقد سقطت هذه الرزمة من جيبك، يا سيدي.”

رد الرجل بابتسامة وقال:

“إنك طفل أمين، إليك نصف المبلغ جزاءً لأمانتك. ما الذي تعتزم فعله به؟”

أجاب هشام:

“سأعيد هذا المبلغ فوراً لأبي، الذي أصيب في ساقه وفقد وظيفته، ولكي يحصلوا على العلاج الذي يحتاجه والذي يكون أمي في شدة المرض.”

فوجَّه الشيخ تحية رفيعة لهشام وقال:

“إنك فعلاً ابن بار، خذ هذا المبلغ بأكمله وهذا الفانوس أيضاً.”

أخرج الرجل فانوسًا من سلته، قاربًا صغيرًا من الذهب الخالص مزين بزخارف جميلة. ثم قال لهشام:

“هذا الفانوس هو فانوس علاء الدين.”

هشام يحصل علي الفانوس السحري

هشام، بدهشة، نظر إلى الفانوس وقال للرجل:

“هل هو حقاً فانوس علاء الدين؟ لقد سمعت قصته من والدي.”

رد الرجل قائلًا:

“نعم، افتح بيدك غطاء الفانوس، سترى عمودًا ضخمًا من الدخان. لا تخف، انتظر حتى يتلاشى الدخان ويظهر مارد كبير سينحني أمامك، قائلاً: ‘شبيك.. لبيك.. كل ما تطلب يصبح بين يديك.’ فاطلب ما تشاء، لأنه سيظهر لك مرة واحدة فقط. وعندما ينفذ طلباتك، سيعود المارد إلى الفانوس، وسيصبح الفانوس ترابًا.”

مغامرة وشفاء

فعل هشام ما نصح به الشيخ الكبير، وعندما خرج عمود الدخان من الفانوس، تحول إلى مارد عظيم انحنى أمام هشام وقال له: “شبيك… لبيك.. كل ما تطلب يصبح بين يديك.”

كانت كل أفكار هشام مركزة على أمه وأبيه، فقال: “أطلب شفاء أمي الحبيبة وشفاء أبي حتى يعود إلى عمله.” وتشتتت أفكاره، وسأله المارد: “أتطلب شيئاً آخر؟”

أجاب هشام: “كلا.. كل ما يهمني هو أبي وأمي.. هل يمكنك شفاؤهما؟”

أجاب المارد: “سيشفيان بإذن الله تعالى.” وعاد المارد إلى الفانوس، وفجأة اختفى الفانوس ليصبح ترابًا يتناثر على الأرض.

عاجزًا عن تصديق ما حدث، نظر هشام إلى رزمة النقود التي أعطاها الرجل العجوز ووجد أنها ما زالت معه، وأخذ ملابس أمه وأبيه القديمة وعاد بها إلى كوخ أبيه.

مارد الفانوس السحري يحقق الثروة لهشام

عندما دخل الكوخ، أسرع إلى والده وقدم له رزمة الأوراق المالية وشرح له ما حدث. سمعت أمه الخبر وابتسمت قائلة: “لقد شعرت فعلاً بتحسن مفاجئ في صحتي.”

أضاف الأب: “إني أشعر وكأن ركبتي شفيت إن الله قادر على كل شيء.”

وقال هشام: “لا أدري يا والدي إن كان ما حدث حلماً أم حقيقة، فقد كان النوم يغلبني قبل أن يظهر ذلك الرجل الطيب العجوز.. المهم أن الله تعالى استجاب لدعواتي.”

المصدر
قصة الفانوس السحري - حكايات وأساطير للأولاد - منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر - بيروت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى