قصة الطفل والحاوي البارع

تدور أحداث قصة الطفل والحاوي البارع حول الطفل الصغير أشرف الذي يريد حضور حفلة الميلاد ولكنه يشعر بالتعب والمرض ولكن الحاوي يشفق عليه ويقدم له عرض خاص يزيل عنه الحزن والألم.

عيد ميلاد

في يوم من الأيام دعي أشرف لعيد ميلاد ابن عمه سامي. ولكن أشرف كان ملازما السرير في ذلك اليوم، لأن عنده بردا شديدا، فتألم تألما كثيرا؛ لعدم قدرته على الذهاب إلى الحفل.

تأسفت أمه كثيرا لألمه، وقالت له: لا ضرورة لأن تتألم، فقد رأيت كثيرا، وسترى كثيرا من أعياد الميلاد.

قال أشرف: هذا حق يا أمي، ولكن سيكون في هذا الحفل حاو بارع. وإني أريد أن أراه، فماذا أفعل؟

تألمت أمه لحاله، واضطراره للبقاء في حجرته، ولكي يدخل السرور على أمه، ضبط شعوره، وأخفى ألمه، وتظاهر بأنه مسرور، ونام في سريره مبتسما، مدعيا أنه غير حزين.

أحضرت له أمه الشاي الذي يريده في تمام الساعة الخامسة مساء. وبعد أن تناول الشاي والكعك، نعس في سريره، وكان بين النوم واليقظة. وفجأة سمع طرقا على الباب، فقال: ادخلي، وظن أنها كريمة الخادمة في البيت. ولكن لم تظهر كريمة، بل ظهر رجل غريب المنظر، يلبس عمامة و (عباءة)، وعلى (العباءة) رسمت نجوم كثيرة، وأهلة صغيرة، فعجب أشرف عند رؤيته.

هذا الرجل الغريب هو الحاوي، أرسله عم أشرف، حيما سمع بمرضه؛ ليدخل السرور على نفسه وهو مريض.

قال الرجل لأشرف: أسعد الله مساءك يا أشرف لقد سمعت أنك مريض، وأن عندك بردا. لهذا أتيت لزيارتك، والسؤال عنك. هل أنت متألم لعدم ذهابك إلى عيد ميلاد ابن عمك؟

أجاب أشرف: نعم إني متألم؛ لمرضى وملازمتي السرير في الوقت الذي يحتفل فيه عمى بعيد ميلاد ابنه سامي. وسيحضر حاويا بارعاً لتسلية الأطفال المدعوين بعد تناول الشاي.

عرض خاص

قال الرجل الغريب: أنا الحاوي، وقد أرسلني عمك لتسليتك. فهل تحب رؤية الحواة؟

أجاب أشرف: نعم، إني أحب أن أرى الحواة. فقد ذهبت إلى حفل في السنة الماضية، ورأيت فيه حاويا استطاع أن يخرج من منديلي الحريري النظيف سمكاً ذهبياً، ويجعله يعوم في إناء زجاجي به ماء. ولم يكن في من منديلي قبل ذلك سمل مطلقا. قال الحاوي: إن هذا سهل، فأنا يمكنني أن أخرج سمكا ذهبيا من جيبك، وأجعله يعوم في هذا الإناء.

فقال له أشرف: إنك لا تستطيع أن تفعل ذلك.

قال الحاوي: أنظر هنا.

ثم وضع يده في جيب أشرف، وأخرج ثلاث سمكات تتحرك من جيبه، ووضعها في الإناء، فامتلأ ماء، وأخذ السمك يسبح في الماء، ثم طار السمك في الهواء، واختفى.

عجب أشرف وسأله كيف فعلت ذلك؟

أجاب الحاوي: إن هذا ليس بشيء. ويمكنني أن أريك أشياء أخرى أكثر مهارة من هذا. قال أشرف: إنك لست بحاو، ولكنك ساحر من غير شك.

قال الحاوي وهو يضحك: ربما أكون ساحرا. أعطني منديلك من فضلك. فأعطاه أشرف منديله، فثناه الحاوي أربع مرات، ووضعه فوق السرير، ثم قال لأشرف: خذ المنديل، وانظر إليه، وافحص عنه. هل فيه شي؟ فأخذه أشرف، وفحص عنه جيداً، فلم يجد به شيئا ووجده أملس ناعما جدا.

التقطه الحاوي، وهزه وهو يضحك، فخرج منه ثلاثة أرانب بيضاء.

عجب أشرف كل العجب، ودهش كثيرا، ثم سأل الحاوي كيف أتت الأرانب إلى المنديل؟ وكيف خرجت منه؟ أنظر إليها! إنها تجري في الحجرة. انظر! إن الأرانب اختفت.

قال الحاوي البارع: نعم إن الأرانب ذهبت واختفت. وسأعمل أمامك حيلة أخرى. افتح فمك يا أشرف.

فتح أشرف فمه، فأخرج الحاوي أوراقا ملونة من فمه، ورقة بعد أخرى، حتى ملئ السرير بهذه الأوراق، فعجب أشرف كل العجب، ودهش كثيرا، ثم أقفل فمه، وأخذ ينظر إلى الورق الذي خرج من فمه، وقال: إني لا يمكنني أن أتصور مطلقا أن هذه الأوراق كلها كانت في فمي. وطلب منه أن يلعب لعبة أخرى.

من حزن لفرح

فأخرج الحاوي من جيبه بلحا أصفر من جيبه، ووضعه فوق السرير.

فقال أشرف: يجب ألا تضع البلح فوق السرير، كي لا يتسخ، ولا تتألم أمي.

قال الحاوي: هل ظننت أنه بلح؟ إنه ليس ببلح، ثم نظر أشرف، فدهش وعجب كثيرا، فقد تحول البلح إلى لعب أطفال، ورأى بجانبه صندوق كله جنود خشبية، وسفينة شراعية صغيرة، ومنبها كبيرا، وكتاباً مملوءا بالصور الجميلة، وطيارة نموذجية، وقطار يسير على قضبان حديدية.

فصاح أشرف: إنها لعبة جميلة حقا، ومضحكة كثيرا.

حرك الحاوي يديه مرة أخرى، فنزل القطار من فوق السرير، وأخذ يسير بقضبانه على السجادة في الحجرة. وقفزت السفينة الشراعية إلى الحوض الذي يغسل فيه أشرف وجهه، وبدأت تسبح في الحوض. وخرجت الجنود من صندوقها، وأخذت تسير بنظام ونشاط، إلى الأمام، وإلى الخلف وطارت الطيارة في الجو، وبدأ الكتاب يقرأ ما فيه من القصص بصوت مرتفع.

قال أشرف: إنك لست بحاو، ولكنك ساحر بارع ثم استأذن الحاوي وخرج. فاختفت اللعب في الحال، واختفت الأوراق الملونة في غمضة عين.

وقضى أشرف وقتا سارا جميلا، ورأى ألعاباً كثيرة تدل على مهارة الحاوي، وذكائه وسرعة يده، وحسن حيلته.

وبعد لحظة فتح باب الحجرة، ودخل الطبيب، ومعه أم أشرف، وأبوه، ليفحص الطبيب عن مرضه، ويصف له العلاج الضروري.

قال الطبيب: أسعد الله مساءك يا بنى. بماذا تحس الآن؟

أجابت الأم: إنه يرى الآن أحسن مما كان في الصباح. وهو متأثراً بما رآه من ألعاب الحاوي. وكأنه ذهب إلى حفل عيد الميلاد عند ابن عمه اسامي.

قال أشرف: نعم رأيت الحاوي، وهو بارع حقا وأخبرهم بكل ما رأى.

فقالوا له: إنك سعيد الحظ. ولا تصدق كل ما ترى. ثم بحث الطبيب حالته، ووصف له الدواء.

وقد زاره عمه، وأهدى إليه كتبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى