قصة السنبلة الذهبية

بركة ينطلق في مغامرة خطيرة للعثور على السنبلة الذهبية التي ستنقذ قبيلته من الجوع. اكتشف كيف تغلب على الماردين والصيادين في قصة السنبلة الذهبية
جدول المحتويات

في قديم الزمان، عاش فتى شجاع يدعى بركة في إحدى القبائل التي كانت تعيش على الصيد. عندما بلغ السادسة عشرة، قرر والده أن يأخذه في رحلة صيد مع رجال القبيلة. لكن بركة كان مختلفًا عن البقية؛ لم يكن يصيب الحيوانات بسهامه، بل كان يتعمد أن تخطئ أهدافها. كان رفاقه يسخرون منه، لكنه ظل متسامحًا وصبورًا.

ذات يوم، بينما كان بركة يرافق والده في مراقبة قطعان الوعول، وقع في منحدر وانزلق ليجد نفسه في مواجهة وعل صغير عالق. حاول بركة إنقاذ الوعل، لكنه انزلق وأغمي عليه. عندما أفاق، وجد نفسه متأخرًا عن تحذير القبيلة باقتراب الوعول، فاندفع مسرعًا لكنه وصل بعد فوات الأوان.

حاول أبناء القبيلة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوعول الغارقة، لكنهم فشلوا، مما جعلهم يعاتبون بركة بشدة. شعر بركة بالذنب وقرر أن يبحث عن حل لإنقاذ قبيلته من الجوع. انطلق في رحلة طويلة وشاقة، متسلحًا بعصاه وقوسه، ليجد السنبلة الذهبية التي ستحل مشكلة الجوع إلى الأبد.

خلال رحلته، واجه بركة أربعة ماردين، كل منهم يطلب منه أن ينازله يومًا كاملًا. المارد الأول كان بشعر أخضر، والثاني بشعر أحمر، والثالث بشعر أصفر، والأخير بشعر أبيض. بركة، بشجاعته وصبره، تمكن من الانتصار عليهم جميعًا، حتى وصل إلى كهف الجبال الأربعة حيث وجد السنبلة الذهبية.

في طريق عودته، تعرض بركة لمطاردة من الصيادين الأربعة الذين أرادوا سرقة السنبلة. لكنه هرب منهم واختبأ بين الصخور. عندما حاول العودة إلى القبيلة، تعثر وسقط، مما أدى إلى تكسير السنبلة وتفرق حباتها في الأرض.

بحث أبناء القبيلة عن بركة لكنهم لم يجدوه، واعتقدوا أنه قد ضاع أو مات. ومع قدوم الربيع، اكتشفوا نباتات جديدة تنمو في المكان الذي فقد فيه، ومع مرور الوقت تحولت هذه النباتات إلى حقول من السنابل الذهبية.

أصبح أبناء القبيلة يزرعون هذه السنابل ويعتنون بها، ولم يعودوا يجوعون أبدًا. وعلى الرغم من أن بركة لم يعد، إلا أن قبيلته لم تنسه أبدًا، فقد وفى بوعده في إيجاد الطعام لهم، وظلوا يذكرونه كلما ازدهرت الحقول بالسنابل الذهبية.

قصة السنبلة الذهبية مكتوبة

في قديم الزمان، كان يعيش في بعض البلاد الباردة فتى اسمه بركة. كان بركة فتى كريمًا وديعًا يحب أهله وقبيلته. في أحد الأيام، قال له أبوه: “يا بركة، لقد بلغت السادسة عشرة من عمرك، فأنت الآن رجل، وعليك أن ترافق رجال القبيلة في رحلات صيدهم. فالقبيلة، كما تعلم، تعيش على الصيد!”

خرج بركة مع أبيه ورجال القبيلة الآخرين إلى الصيد، لكنه لم يصطد شيئًا. في الواقع، لم يسدد سهامه إلى الحيوانات أبدًا، وكان يتعمد أن تقع قريبة منها لا عليها. وجد رفاقه الفتيان في ذلك تسلية، فاجتمعوا يومًا، وحين رأوه عائدًا من الصيد خالي اليدين كالمعتاد، مشوا في موكب يضحكون ويصفقون ويهزجون قائلين:

“في البرية غزلان، لكن لا تخشى بركة، فإذا مر بها يومًا قعدت لا تبدي حركة.”

بداية الرحلة مع والده

كان رجال القبيلة يترصدون قطعان الوعول التي تهاجر قبل حلول الصقيع إلى مناطق أقل برودة. فقد كانت القبيلة تختزن ما يصاد في موسم الهجرة هذا ليكون مؤونة للشتاء. جاء دور والد بركة في المراقبة، فاصطحب ابنه، وكان الجو ماطرًا عاصفًا، ومضى إلى تلة المراقبة. في ذلك اليوم، أطلت قطعان الوعول، فقال الأب: “اسمع يا بركة، أنا سأبقى هنا لأراقب حركة الوعول. اذهب أنت وأعلم القبيلة!”

انطلق بركة في ذلك الجو العاصف. وبينما هو يجري ويقفر، رأى وعلًا صغيرًا عالقًا في جنبة شائكة نابتة في سفح شديد الانحدار. نظر إلى الوعل الصغير وقال: “لا تخف يا صاحبي، أنا أخلصك!” ثم أخذ ينزل السفح بحذر شديد، لكن الأرض الموحلة كانت تتداعى تحت قدميه. فجأةً زلقت قدمه، فانقلب وتدحرج وأصاب رأسه صخرة فأغمي عليه.

عندما استيقظ بركة من إغمائه، تلفت حوله فوجد أن الليل يوشك على الهبوط. تذكر أنه عليه أن يعلم أبناء القبيلة باقتراب الوعول. وأدرك أنه تأخر كثيرًا، فخاف وجرى صوب ديار قبيلته، لكنه عندما وصلها كان قد عم الظلام.

الغضب القبلي

غضب أبناء القبيلة غضبًا شديدًا، وصاح واحد منهم: “ألا تعلم أننا إذا تأخرنا خسرنا مؤونة الشتاء؟” وصاح آخر: “وهل تطعمنا إذا نحن جُعنا؟” وصاح آخر: “وهل تخرج شتاءً لتصطاد لنا؟”

عند أول خيوط الفجر انطلق من مضارب القبيلة كل من كان قادرًا على الصيد، كبيرًا كان أم صغيرًا. وبينما كانوا منطلقين، التقوا أبا بركة ورأوه يجري نحوهم وقد بدا عليه الفزع الشديد. قال لهم: “أسرعوا! الوعول تغرق! إنها تحاول اجتياز النهر، ولكن مياه الفيضان تجرفها!”

جرى أبناء القبيلة يتسابقون إلى مجرى النهر، وجرى بركة معهم. لكنهم وصلوا متأخرين. فقد كانت قطعان الوعول كلها قد نزلت في النهر، وراح أبناء القبيلة ينظرون إلى الوعول الغارقة بأسى بالغ. أدرك بركة أنه خذل أبناء قبيلته، ورأى الحيوانات التي كان يصعب عليه أن يصطاد واحدًا منها، تغرق كلها أمام عينيه، فشعر بألم شديد.

مواجهة الشتاء القاسي

حل الشتاء، وكان قاسيًا جدًا. تجمدت مجاري الأنهار وسطح البحيرات، وابيضت الدنيا كلها. وكان أبناء القبيلة يخرجون إلى الصيد كل يوم، فلا يعودون إلا بشيء قليل منه. في أحد الأيام، حمل بركة قوسه وجعبة سهامه وعصا طويلة وصرة من الطعام، ولبس أثقل ثيابه، وودع أمه وأباه وإخوته وأبناء قبيلته، وقال لهم: “لن أعود إليكم إلا إذا كان معي طعام وفير!”

مشى بركة طوال النهار. فقطع أودية وسهولًا، وتسلق تلالًا صخرية، لكنه لم ير غير الثلوج. احتمى مساءً بصخرة كبيرة، وأكل شيئًا قليلًا جدًا من الطعام الذي معه، ونام. لم ينم طويلًا، فقد أحس بعد قليل بحركة خفيفة. فتح عينيه فرأى ذئبًا يحاول أن يختطف صرة طعامه، فنهره. وقف الذئب غير بعيد، وقال: “لمَ تنهرني؟ أنا جائع!”

لقاء بركة مع الذئب

نظر بركة في عيني الذئب، فأحس بالندم، وأخرج شيئًا قليلًا من الطعام ورماه إليه. اقترب الذئب وأخذ الطعام، ثم قال: “هذه ليلة باردة! إن وراء هذه الصخرة كهفًا دافئًا. اقض ليلتك فيه!”

توجه بركة إلى حيث دله الذئب، فوجد فعلًا كهفًا واسعًا ودافئًا، فدخله. بدا لبركة أنه سيقضي في ذلك الكهف الواسع ليلة هادئة ودافئة. لكن فجأة، دخل الكهف ثور أسود ضخم ذو قرنين ملتفين وعينين ناريتين. انقض الثور على بركة وهو يخور ويقول: “من ذا الذي تجرأ على دخول كهفي؟”

جرى بركة بين الصخور يحتمي بها، وهو يقول: “أرجوك يا سيدي، أنا لم أكن أعلم أن هذا كهفك. دخلت أطلب الدفء. سامحني هذه المرة.” لكن الثور لم يتوقف، فاضطر بركة إلى مواجهته وبدأت معركة طويلة بينهما.

معركة بركة مع الثور

استمر العراك بين بركة والثور طوال الليل. وعند أول خيوط الفجر، هدأ الثور الأسود وقال: “علي الآن أن أمضي! ما الذي جاء بك إلى هنا أيها الفتى الشجاع؟”

قال بركة: “ليس عندنا ما يكفي من طعام، وأبناء القبيلة يجوعون. أنا أبحث لهم عن طعام!”

انتفض الثور وخار وقال: “أنت فتى شجاع! إذا وعدت أن تظل شجاعًا طوال عمرك، سأساعدك.” ثم قال: “في كهف الجبال الأربعة سنبلة ذهبية، إذا حملتها إلى قبيلتك، لن يجوع أحد من أبنائها أبدًا! لكن لكل جبل من الجبال الأربعة صاحب مارد. ولن تحصل على السنبلة الذهبية إلا إذا نازلت هؤلاء المردة الأربعة، واحدًا واحدًا!”

كان الضوء قد بدأ يشتد في الكهف، فخرج الثور مسرعًا واختفى خلف التلال. التفت بركة إلى الأفق فرأى جبالًا أربعة بعيدة، وعرف أن السنبلة الذهبية هناك.

بداية الرحلة إلى الجبال الأربعة

مشى بركة أيامًا، وكان يزداد كل يوم تعبًا وبردًا وجوعًا. لكنه لم يكن يتناول إلا شيئًا قليلًا جدًا من الطعام الذي يحمله، ولا يأكل غيره طوال يومه.

بينما كان يمشي يومًا، التقى بأربعة صيادين كانوا يحملون وعلًا اصطادوه. صاح به أحدهم: “إلى أين أنت ذاهب أيها الفتى؟”

قال بركة: “أنا ذاهب إلى كهف الجبال الأربعة لأحصل على السنبلة الذهبية، فلا يجوع أحد من الناس بعد ذلك أبدًا!”

عزم الصيادون الأربعة على أن يلاحقوا بركة، فإذا حصل على السنبلة الذهبية أخذوها منه. بعد أن مشوا وراءه ساعة، رأوا ثورًا ضخمًا ذا قرنين هائلين ملتفين وعينين ناريتين يقف على تلة مجاورة. قال واحد منهم: “لعل السنبلة الذهبية لا وجود لها! ما رأيكم أن نترك الفتى ونلحق بالثور؟”

مواجهة الصيادين والثور

قال آخر: “بل نصطاد الثور ونعود إلى الفتى!”

أخذ الصيادون الأربعة يقتربون من التلة المجاورة بحذر، لكنهم عندما وصلوا إليها لم يروا الثور هناك. بل رأوه يقف على تلة أخرى قريبة، فاتجهوا إليها. لكنهم لم يجدوه هناك أيضًا، وصاروا كلما وصلوا إلى تلة يرونه قد انتقل إلى غيرها. وقبيل حلول الظلام، اختفى الثور ولم يعودوا يرونه في أي مكان.

وفي هذه الأثناء، كان بركة قد ابتعد كثيرًا، ولم يعد هناك وسيلة للحاق به.

وصول بركة إلى الجبال الأربعة

بلغ بركة مشارف الجبال الأربعة، فقسم ما بقي معه من طعام قليل إلى أربع حصص. أكل حصة منها ومشى إلى الجبل الأول بنشاط. وسرعان ما خرج إليه مارد عظيم ذو شعر أخضر ولحية خضراء، يحمل في يده سيفًا أخضر. قال له المارد: “من أنت؟ وما جئت تفعل هنا؟”

تحدي بركة الأول

قال بركة: “أنا بركة جئت أبحث عن السنبلة الذهبية، فأبناء قبيلتي يجوعون!”

قال المارد: “أسمح لك بالمرور إذا نازلتني نهارًا كاملًا. لكن اعلم أن لمسة واحدة من سيفي تحولك إلى نبتة مزروعة في الأرض.”

قال بركة: “أنازلك!” ثم رفع عصاه ليدافع بها عن نفسه، وبدأ يقفز ويضرب ويهرب، ولم يترك سيف المارد يغيب عن عينيه لحظة واحدة.

كان المارد بطيئًا، لكن سيفه الطويل كان يلحق ببركة أينما ذهب، وكان يكاد في كل ضربة أن يصيبه. في آخر النهار، وكان بركة يوشك أن يسقط أرضًا من الجوع والإعياء، ترك المارد سيفه، وقال: “أيها الفتى الشجاع، إني أسمح لك بالمرور!”

تحدي بركة الثاني

في صباح اليوم التالي، تناول بركة الحصة الثانية من الطعام، ومشى إلى الجبل الثاني بنشاط. وسرعان ما خرج إليه مارد عظيم ذو شعر أحمر ولحية حمراء، يحمل في يده سيفًا أحمر. قال له المارد: “من أنت؟ وما جئت تفعل هنا؟”

قال بركة: “أنا بركة! جئت أبحث عن السنبلة الذهبية، فأبناء قبيلتي يجوعون!”

قال المارد: “أسمح لك بالمرور إذا نازلتني نهارًا كاملًا. لكن اعلم أن لمسة واحدة من سيفي تحوّلك إلى رماد.”

قال بركة: “أنازلك!” ورفع عصاه ليدافع بها عن نفسه، وراح يقفز ويضرب ويهرب، ولم يترك سيف المارد يغيب عن عينيه لحظة واحدة. وفي آخر النهار، وكان بركة يوشك أن يسقط أرضًا من الجوع والإعياء، ترك المارد الأحمر سيفه، وقال له: “أيها الفتى الشجاع، إني أسمح لك بالمرور!”

تحدي بركة الثالث

أشرقت شمس اليوم التالي، فتناول بركة الحصة الثالثة من الطعام، ومشى إلى الجبل الثالث. وسرعان ما خرج إليه مارد عظيم ذو شعر أصفر ولحية صفراء، يحمل في يده سيفًا أصفر. عندما سمع المارد ما يريده بركة، قال: “أسمح لك بالمرور، إذا أنت نازلتني نهارًا كاملًا. لكن اعلم أن لمسة واحدة من سيفي تحوّلك إلى أوراق صفراء يعصف بها الهواء.”

قال بركة: “أنازلك!” وراح يدافع عن نفسه حتى غابت الشمس. ترك المارد الأصفر عندئذٍ سيفه وسمح له بالمرور.

تحدي بركة الرابع

ثم أشرقت شمس يوم جديد، فتناول بركة الحصة الرابعة، والأخيرة، من الطعام، ومشى إلى الجبل الرابع. وسرعان ما خرج إليه مارد عظيم ذو شعر أبيض ولحية بيضاء، يحمل في يده سيفًا أبيض. عندما سمع المارد ما يريده بركة، قال: “أسمح لك بالمرور إذا أنت نازلتني نهارًا كاملًا. لكن اعلم أن لمسة واحدة من سيفي تحوّلك إلى قطعة من جليد!”

قال بركة: “أنازلك!” وراح يدافع عن نفسه حتى غابت الشمس. ترك المارد الأبيض عندئذٍ سيفه وسمح له بالمرور.

الحصول على السنبلة الذهبية

جرى بركة إلى كهف الجبال الأربعة، ورأى شيئًا يلمع في الظلام. كان ذلك السنبلة الذهبية. رفع بركة السنبلة الذهبية بفرح شديد، وخبأها في عباءته، ثم نام.

في صباح اليوم التالي، بدأ بركة رحلة العودة دون أن يأكل شيئًا، فقد كان طعامه قد نفد. وسرعان ما اكتشف أنه ضيّع طريقه. ظل طوال النهار يجري في السهول والتلال، ويقطع السفوح والممرات الجبلية الضيقة، دون أن يهتدي إلى طريقه.

جلس عند المساء حزينًا وجائعًا وخائفًا. فجأة، رأى الذئب الذي كان قد أطعمته طعامًا قليلًا يقف إلى جواره. قال له بركة بحزن: “ليس عندي اليوم طعام يا صاحبي.”

قال الذئب: “ولا أطلب طعامًا. رأيتك ضائعًا فجئت أدلك على الطريق!” ثم هداه إلى طريق مختصرة قريبة، ومضى.

كان بركة منهكًا وجائعًا، فخطر بباله أن يأكل حبة من السنبلة الذهبية، لكنه لم يفعل. قال في نفسه: “هذه السنبلة لأبناء القبيلة، يأكلون منها فلا يجوع أحد منهم بعد ذلك أبدًا!”

لقاء بركة بالصّيادين الأربعة

استأنف بركة رحلته قبيل انبلاج الفجر. في ذلك اليوم، التقى الصيادين الأربعة. صاح أحدهم: “هل وجدت السنبلة الذهبية، أيها الفتى؟”

قال بركة: “وجدتها! وأنا أحملها إلى أهلي، فلا يجوع أحد منهم بعد ذلك أبدًا!”

قال له آخر: “أعطنا السنبلة، فنعطيك طعامًا تأكل منه وتشبع!”

لم يعطهم بركة السنبلة، فتجمعوا حوله يريدون أن ينتزعوها منه. كان بركة متعبًا جدًا، وجائعًا جدًا، لكنه أحس فجأة بالقوة تدب في جسده، فقفز هاربًا، وجرى واختبأ في مكان آمن بين الصخور.

ظل بركة في مخبئه ساعة، ثم رأى الصيادين الأربعة يكمنون خلف صخرة. ظن أنهم لا يزالون يطلبونه، وأنهم يكمنون له. لكنه رأى حينئذٍ صديقه الثور الأسود ذا العينين الناريتين يمشي على مهل. فأدرك أنهم وراءه.

مواجهة بركة والصيادين

رفع الصيادون أقواسهم وسددوها صوب الثور. هب بركة من مخبئه، وصاح بأعلى صوته صيحة تجاوبت أصداؤها في الأودية والتلال. فقفز الثور قفزات هائلة واختفى في لمح البصر.

ارتد الصيادون الأربعة إلى بركة، وأخذوا يطاردونه. لم يكن بركة هذه المرة قويًا، وبدا أن الصيادين يوشكون على الإمساك به.

توجه بركة إلى منحدر عالٍ يطل على منازل قبيلته، ووقف يلوح بيديه ويناديهم. لكن ريحًا قوية كانت تهب، طغت على صوته. وبينما هو يصرخ وينادي، زلقت قدمه، فانقلب وراح يتدحرج فوق المنحدر. فتكسرت السنبلة الذهبية، وتفرقت حباتها في الأرض، حبة حبة.

اختفاء بركة وظهور الحقل الذهبي

خرج أبناء القبيلة في اليوم التالي يتفقدون السفوح والتلال المجاورة، على عادتهم كل صباح، منذ أن غادرهم بركة. كانوا قلقين على الفتى الذي خرج إلى البرية وحده في الشتاء يبحث عن طعام لأبناء قبيلته، ولم يعد. كانوا في ذلك الصباح يأملون أن يجدوه على تلة من تلك التلال. فقد شاء أن بعض أبناء القبيلة قد سمعوه في نومهم ينادي، وأن صوته ظل طوال الليل يتردد في أحلامهم مختلطًا بصوت الريح. في ذلك اليوم، وعلى إحدى التلال، وجدوا عصا بركة، لكن بركة لم يكن هناك. لم يرَ أبناء القبيلة حولهم إلا الثلوج المتراكمة. كانت الريح تحرك تلك الثلوج، فتكشف أجزاء من الأرض وتطمر أخرى.

ظل أبناء القبيلة طوال الشتاء يخرجون كل صباح إلى التلال المجاورة لعلهم يجدون بركة أو يسمعون عنه شيئًا. كانوا في قرار أنفسهم يعلمون أنهم لن يجدوه. كان بعضهم يقول: “أكله وحش!” أو “ضاع في الكهوف!” أو “طمرته الثلوج!” لكن فتاة صغيرة، وكانت تحب بركة، كانت دائمًا تقول: “أنا أعرف أنه سيعود!”

الربيع والسنابل الذهبية

مضى فصل الشتاء، وأخذ الناس يستعدون لاستقبال الربيع. ثم رأوا، حيث وجدوا عصا بركة، نباتات أخذت تكبر يومًا بعد يوم. وفي أواخر الصيف، كانت تلك النباتات قد أصبحت حقلًا من السنابل الذهبية.

أكل أبناء القبيلة من حبوب تلك السنابل، وتعلموا زراعتها والعناية بها. صارت حقولهم تكبر عامًا بعد عام، ولم يعودوا يجوعون أبدًا.

لم يعد أبناء القبيلة ينتظرون بركة. لكنهم كانوا في كل عام، كلما نبتت السنابل الذهبية مرة أخرى، يتذكرونه، ويشعرون أنه بينهم في الحقول يتحرك مع السنابل، ويقولون: “بركة الذي خرج يبحث عن طعام لأبناء قبيلته قد وفى بوعده!”

معرض الصور (قصة السنبلة الذهبية)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى