قصة الحصان الهارب

قصة الحصان الهارب عن فتى يكتشف حصانًا خشبيًا سحريًا في مدينة الملاهي. معًا يواجهان مغامرات شيقة تُعلم الأطفال قيم الصداقة والحرية.
جدول المحتويات

في إحدى القرى الصغيرة، كان يعيش فتى يدعى رضا. كان رضا فتى رقيق الحال وضئيل الجسم، وكان يحب المغامرات والخيال. ذات يوم، زار رضا مدينة الملاهي ووقف أمام دوّارة الخيول الخشبية، متحمسًا لركوب أحدها. لكن عندما جاء دوره، لم يجد سوى حصان خشبي صغير وباهت اللون لا يرتفع ولا يهبط مثل بقية الخيول. ورغم ذلك، ركب رضا الحصان الصغير بفرح.

أثناء دوران الدوّارة، سمع رضا صوتًا غريبًا ينبعث من الحصان الخشبي يقول: “خلعت ظهري!” وهنا بدأت مغامرة سحرية غير متوقعة. اكتشف رضا أن الحصان الخشبي الصغير، الذي أطلق عليه اسم “شيا”، يستطيع التحدث. نشأت بينهما صداقة عميقة، وأصبح رضا يزور شيا كل يوم في مدينة الملاهي. لكن في أحد الأيام، لم يجد رضا شيا في مكانه، فأخبره رجل بأن الحصان الخشبي تم التخلص منه لأنه لم يعد أحد يرغب في ركوبه.

بحث رضا عن شيا حتى وجده مرميًا بين الخردة، حزينًا ومكسورًا. أخذ رضا حصانه إلى البرية، حيث أطلق شيا العنان لنفسه، يركض ويلعب مع الخيول البرية، محققًا حلمه في الحرية. ورغم أن شيا تعرض لحادث أدى إلى كسر إحدى قوائمه، قام أهل البلدة بمساعدته، وأعادوا إليه قوته بتصليح كسوره.

لاحقًا، انتشرت شهرة شيا في البلاد بعد أن أنقذ طفلًا من الغرق، وأصبح هدفًا لأصحاب مدينة الملاهي الذين اتهموا رضا بسرقته. قبضت الشرطة على رضا، لكن سرعان ما اكتشفوا أن شيا عاد إلى مكانه في مدينة الملاهي من تلقاء نفسه. بعد هذه الأحداث، صار رضا يزور شيا يوميًا، ويقضي معه أوقاتًا مليئة بالمرح والسعادة.

وفي النهاية، قرر أصحاب مدينة الملاهي تكريم شيا بطلائه بأجمل الألوان، ورفعوه عاليًا مع الخيول الأخرى، ليصبح مثلها يعلو ويهبط، مما جعله أكثر سعادة. وهكذا عاش رضا وشيا مغامرة لا تُنسى، تعلموا منها قيمة الصداقة الحقيقية والحرية.

قصة الحصان الهارب مكتوبة

كان رضا فتى ضئيل الجسم طويل الأنف. ذهب رضا يومًا إلى مدينة الملاهي، ووقف أمام دوّارة الخيول الخشبية، يراقب الخيول الملونة العالية تعلو وتهبط. عندما جاء دوره، لم يجد حصانًا عاليًا يركبه. لم يجد إلا حصانًا صغيرًا باهت اللون أشبه بالحمار، لا يعلو ولا يهبط. قال رضا: “حصان خشبي صغير خير من لا حصان!” ثم ركب الحصان الصغير راضيًا. دارت دوّارة الخيول، وارتفعت أصوات الموسيقى وعلا صياح الأولاد. فدبت الحماسة في رضا وراح ينط على ظهر حصانه الخشبي الصغير، ويهتف: “أسرع… أسرع!” لكنه توقف عن النط فجأة. فقد سمع صوتًا يقول: “خلعت ظهري!”

تلفت رضا حوله، فوجد الناس منشغلين عنه بجيادهم العالية. فعاد إلى حصانه الصغير الباهت الخشب، ونط فوقه نطة قوية، سمع عندئذ الصوت نفسه يقول متألمًا: “قلت لك: خلعت ظهري! أتحب أن يركب أحد ظهرك، وينط فوقه؟” سأل رضا: “من أنت؟” أجاب الصوت: “أنا شيا، الحصان الصغير الذي تركبه!” لم يصدق رضا أن الحصان الخشبي يتكلم، فقال: “هذه أول مرة أرى حصانًا يتكلم!” قال الحصان: “لم أكلم من قبل أحدًا! الواقع، لم أكن أعرف أني أستطيع أن أفتح فمي!” سأل رضا: “ولِمَ أنت صغير هكذا؟” نظر شيا إلى الخيول العالية من حوله، وقال بحزن: “لم يبق عند النجار غير بضع خشبات قديمة، فصنع منها حصانًا صغيرًا، هو أنا، كما ترى!”

الوداع مع الحصان الصغير

أحبّ رضا ذلك الحصان الصغير، شيا. في اليوم التالي أسرع إلى مدينة الملاهي، لكنه لم يجده في مكانه من دوّارة الخيول. سأل بخوف: “أين هو الحصان الصغير شيا؟” أجابه رجل ذو شاربين كان يقف إلى جانب الدوّارة: “خلعناه، ورميناه في تلك السقيفة. لا أحد يريده.” أسرع رضا إلى السقيفة وفتح بابها. هناك وجد شيا مرميًا بين أكوام من الخشب القديم والأواني والحبال. وضع يده عليه وقال له: “أنا أريدك!” قال شيا: “لا بأس يا رضا، فليس العمل في دوّارة الخيول هو ما أتمناه.” سأل رضا: “ما الذي تتمناه؟” أجاب شيا: “أتمنى أن أجري وألعب وأكون حرًا!”

نام رضا في تلك الليلة يفكر في شيا. فجأة، بدا له أنه سمع صوت صديقه الحصان شيا يناديه. قفز من فراشه وفتش في المنزل وحوله، فلم يجد أحدًا. كانت ليلة سوداء يغشاها الضباب، لكنه لم يكن خائفًا. سرعان ما وجد نفسه يجري صوب مدينة الملاهي. عندما وصلها أسرع إلى السقيفة وفتح بابها، فرأى صديقه شيا في مكانه الذي تركه فيه. وقف إلى جانبه يربت رأسه، وقال له: “أأنت دعوتني؟”

السباق في البرية

قال شيا: “اركَب ظهري!” تعجب رضا وقال: “الآن؟ في هذا الوقت؟” رد شيا بإصرار: “قلت لك اركب ظهري!” ركب رضا ظهر صديقه الحصان. تحرك شيا من مكانه فجأة، ومشى، ونزل درجات السقيفة، وانطلق في طرق البلدة التي يملأها الضباب، وخرج إلى البرية.

نام رضا في البرية. استيقظ صباحًا، فرأى صاحبه شيا يدور في السهول حول قطيع من الخيول البرية. اقترب حصان من شيا، وقال له: “أتسابقنا أيها الحصان الصغير؟” رأى رضا صديقه شيا يصطف بين الخيول، فأسرع إليه يشده من ذيله، ويقول: “تعالَ، أرجوك، إنها خيول ضخمة! ستقع بين قوائمها، وقد تكسر رجلك أو عنقك!” لكن شيا لم يكن يسمع ما يقوله صاحبه.

بدأ السباق. وأخذ شيا يجري بكل قوته. وأخذت الخيول الأخرى تجري بكل قوتها أيضًا، وتنظر إليه. فإنها لم تكن تحسب أن حصانًا خشبيًا صغيرًا قادر على مثل هذا الجري. لكنها كانت كلها أسرع منه، ووصلت كلها قبله. حزن رضا، وجرى نحو شيا يريد أن يأخذه ويرحل. لكنه وجده سعيدًا مع الخيول البرية، وسمعه يقول: “شكرًا أيتها الخيول لأنك سمحت لي أن أنطلق معك في البرية وأجري كما أشاء!”

اللقاء مع الأطفال في البلدة

ركب رضا ظهر صاحبه شيا، وجرى به. وصل إلى أطراف بلدة قائمة على سفح تلة، فتوقف يستريح. حدث أن مر بعض الأولاد، فرأوا الحصان الخشبي يكلم رضا، فأسرعوا يحيطون به متعجبين. صاح واحد منهم: “سأجمع له عشبًا!” وصاح فتى صغير منهم: “وأنا سأجلب له ماءً!” ثم جرى إلى بركة مجاورة يريد أن يجلب منها للحصان الخشبي ماءً. فجأة، سقط الفتى الصغير في البركة، وخاف الأولاد عليه من الغرق، وراحوا كلهم يصرخون.

انتفض شيا، وجرى نحو البركة وقفز فيها، وغاص تحت الفتى الصغير وأركبه على ظهره، وخرج به من الماء سالمًا. أسرع رضا يضم شيا إليه، وقال له: “لكن، أين تعلمت السباحة؟” ضحك شيا وقال: “أنسيت أني من خشب! إني أعرف السباحة دون أن أتعلمها!”

شيا يصبح محبوب البلدة

أحب أهل تلك البلدة الحصان الخشبي شيا وصاحبه رضا. صار الأولاد يتسابقون للّعب معهما. كان رضا يركب كل يوم صاحبه شيا ويخرج به إلى البرية، ويلتقي هناك الأولاد على ظهور جيادهم، فيلعبون ويمرحون ويتسابقون.

وكان بين الخيول التي يركبها الأولاد فرس شقراء رشيقة، اسمها غزالة. كان شيا كلما رأى غزالة راح يجري ويقفز قفزات واسعة.

ذات يوم قال لصاحبه: “اسمع يا رضا، أريد أن أتقرب من غزالة، فماذا أفعل؟” أجابه رضا: “ومن قال لك إني أعرف كيف تكسب ود فرس؟ افعل ما يدلك عليه قلبك!” رد شيا بحزن: “لا قلب لي، يا رضا، فأنا من خشب!”

بينما هما يتحدثان، أظلّت غزالة من وراء بعض الأشجار، فقفز شيا قفزة واسعة عالية زلت معها قدمه ووقع، وبدا غير قادر على النهوض.

إصابة شيا ومحاولة إصلاحه

انحنى رضا يتفحص حصانه، فرأى أن إحدى قائمتيه الأماميتين مكسورة. خاف خوفًا شديدًا، وراح يجر تلك الساق بفزع. لكن شيا لم يكن خائفًا، وقال لصاحبه: “ساقي لا تؤلمني، يا رضا!”

ترك رضا صاحبه شيا، وأسرع يعلم أهل البلدة بما حدث. اتفق في هذه الأثناء أن نفرًا من الناس كانوا يمرون من هناك. فتوقفوا لتناول الطعام، وأوقدوا نارًا. رأى أحدهم الحصان الخشبي مرميًا على الأرض، فقال: “هذا الحصان يصلح وقودًا!” ثم تناوله وخلع قائمتيه الأماميتين ورماهما في النار.

عاد رضا بعد حين ومعه اثنان من أهل القرية لمساعدته على نقل الحصان. رأى صاحبه شيا مخلعًا، فأخذ يبكي. لكن شيا قال له: “كم قلت لك إني من خشب، فلا أتألم!”

حمل أهل البلدة شيا، وأنزلوه في منزل من منازلهم. وكلفوا به نجارًا ماهرًا من نجاريهم. قال واحد من أهل البلدة: “ركّب له قائمتين أماميتين جديدتين!” وقال آخر: “إن له ذيلًا قصيرًا. استبدل به ذيلًا جديدًا طويلًا!” وقال آخر: “إن له أذنين طويلتين أشبه بأذني حمار. استبدل بهما أذنين صغيرتين لطيفتين!”

عودة شيا بحلة جديدة

أراد الفتى الذي وقع في البركة أن يساعد شيا، فجلب سريره الملون القديم، ورجا النجار أن يستخدم خشبه. وقد رأى النجار أن قوائم السرير تصلح لقائمتي الحصان الأماميتين، فصنع منهما قائمتين رشيقتين رائعتين. بعد وقت قصير كان شيا قد عاد حصانًا خشبيًا كاملًا ذا ذيل طويل، هذه المرة، وأذنين صغيرتين لطيفتين.

ركب رضا ظهر صاحبه شيا، وخرج به إلى البرية. حرص هذه المرة على أن يمشي به على مهل. قال له: “علينا أن نتجنب المناطق الوعرة، حتى تتعود قائمتاك الجديدتان الجري!”

كانت غزالة في انتظاره في البرية لتلعب معه. لكنها لما رأت قائمتَيْه الملونتين بلون سرير الطفل، ضحكت، وأدارت وجهها لتخفي ضحكتها. حزن شيا كثيرًا، فقد كان يظن أن قائمتيه الملونتين جميلتان جدًا. عاد إلى المنزل وقال لرضا: “لن أخرج بعد اليوم من هذا المنزل!”

لكن رضا ربّت جسده برفق، وقال له: “قائمتاك جميلتان، يا شيا. لكن علينا أن ندهن الجسد كله باللون عينه. غدًا أنزل إلى السوق وأشتري دهانًا جديدًا!”

شهرة الحصان الخشبي شيا

ذاعت في البلاد أخبار الحصان الخشبي شيا الذي أنقذ ولدًا من الغرق والذي يجري ويقفز ويتكلم ولا يتألم. فذهب أصحاب مدينة الملاهي إلى رجال الشرطة، وقالوا: “الحصان الذائع الصيت حصاننا، فأعيدوه إلينا، وارموا الفتى الذي سرقه في الحبس!”

انطلق رجال الشرطة يبحثون عن رضا والحصان الخشبي. وصلوا إلى البلدة القائمة على سفح تلة، والتقوا في مشارفها رجلًا. سأله شرطي: “هل رأيت الحصان الخشبي الذائع الصيت والولد رضا الذي سرقه؟” كان الرجل يعلم أن رضا لم يسرق الحصان، فقال: “لم أرَ الحصان ولا رأيت رضا!”

ثم التقوا الطفل الذي أنقذه شيا من الغرق، فسأله شرطي: “هل رأيت الحصان الخشبي الذائع الصيت والولد رضا الذي سرقه؟” فأجاب الطفل: “لم أرَ الحصان ولا رأيت رضا!”

مطاردة الشرطة لرضا

دخل رجال الشرطة دكان الدهان في تلك البلدة. واتفق أن كان رضا هناك ليشتري دهانًا يدهن به جسم شيا. سأل شرطي صاحب الدكان: “هل رأيت الحصان الخشبي الذائع الصيت والولد رضا الذي سرقه؟” فأجاب صاحب الدكان بصوت خفيض ومرتجف: “لا… لا، لم أرَ الحصان، ولا رأيت رضا!”

بينما كانوا يهمّون بالخروج، دخل أحد أولاد البلدة وعندما رأى رضا قال له: “أتشتري دهانًا لحصانك، يا رضا؟” عندها التفت رجال الشرطة وأمسكوا رضا، وصاح به أحدهم: “أمسكناك أيها اللص الصغير، وسنمسك قريبًا بالحِصان الذي سرقته!” ثم جرّوه وحملوه معهم إلى بلدتهم.

أشفق القاضي على الفتى الصغير، ولم يصدق أنه سارق. فذهب صاحب مدينة الملاهي إلى حاكم البلدة، وشكا له رضا، وقال له: “يا سيدي الحاكم، إذا لم نعاقب الفتى، سيسرق الأولاد أحصنتي الخشبية كلها!” كان الحاكم يحب مدينة الملاهي وأحصنتها الخشبية كثيرًا، ويركب الأحصنة هو وأولاده. فأسرع يقول: “خذوا رضا إلى السجن، واحبسوه إلى أن يعيد الحصان الخشبي الذائع الصيت.”

عودة شيا إلى مكانه

جُلِب رضا إلى السجن، وكان الناس قد تجمعوا في ساحة البلدة أمام باب السجن مشفقين. في هذه اللحظة أقبل خيال من جهة مدينة الملاهي مسرعًا. نزل عن فرسه، وهمس في أذن السجان شيئًا ما. بعد ذلك عاد رضا إلى منزله منهك القوى، واستلقى في فراشه يفكر في شيا ويقول: “أنت الآن حر، يا شيا، تجري وتلعب كما تشاء!” وأخيرًا غلبه التعب والنعاس، فنام طوال الليل.

في الصباح التالي، سمع قرعًا على الباب. ظن أن السجان قد عاد إليه، وكان خائفًا جدًا. لكنه شد على وسادته وقال: “لن أكشف عن مكان شيا لأحد، حتى ولو رموني في الحبس سنين!” عاد يسمع قرعًا على الباب، ثم دخلت أمه غرفته، وقالت له: “أولاد الحي بالباب يريدون أن تذهب معهم إلى مدينة الملاهي!”

اللقاء المفاجئ بشيا

قال رضا: “لا أريد أن أرى أحدًا!” لكنه في الواقع كان سعيدًا لأن أولاد الحي جاؤوا إليه. قال في نفسه: “شيا الآن حر، فلا ينبغي أن أحبِسَ نفسي في منزلي!” ثم أسرع يرتدي ثيابه ويرافق أصحابه.

عندما اقترب رضا في مدينة الملاهي من دوّارة الخيول، وقف هناك جامدًا لا يصدق عينيه. فقد رأى صاحبه شيا في مكانه القديم بين خيول الدوّارة. أدرك رضا عندئذٍ السبب الذي نجّاه من العقاب. فقد أخبر الخيال الذي جاء من مدينة الملاهي أن شيا عاد إلى مكانه. اقترب رضا من صاحبه شيا وقال له: “لمَ عدت؟ ألا تريد أن تكون حرًا؟” رد شيا: “نعم، ولكن أريد أيضًا أن أكون معك!”

السعادة الجديدة لشيا

صار رضا يزور مدينة الملاهي كل يوم، فيركب ظهر صاحبه شيا، ويقضي معه أجمل أوقاته. ذاعت حكاية ذلك الحصان الخشبي، فأمر أصحاب مدينة الملاهي أن يُدهن جسده كله بأجمل الألوان، ووُضع في علو الخيول الأخرى وصار مثلها يعلو ويهبط. أحبه الأولاد، وصاروا يتسابقون لركوبه. وكانت غزالة تزوره بين حين وآخر، فغدا أسعد حصان.

معرض الصور (قصة الحصان الهارب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى