في قديم الزمان كان يعيش في إيطاليا أمير شاب اسمه بيبو. اعتاد بيبو أن يرى في نومه أنه سيتزوج فتاة فاتنة، شعرها ذهبي كلون البرتقال وبشرتها بيضاء كزهرة وطبعها راضٍ حلو كعصير البرتقال. ذات يوم قرر الأمير أن ينطلق في البلاد بحثًا عن فتاة أحلامه. وضع رداءه وتزود ببعض الطعام وانطلق.
لقاء العجوز الفقير
بينما كان يسير في طريق ريفية، سمع أنينًا. أسرع يستطلع الأمر، فرأى ساقًا عالقة بين أغصان متشابكة. عمل بيبو على تخليص صاحب الساق العالقة، وكان عجوزًا فقيرًا. قال العجوز: “أشكرك، فقد خلصتني من حالة صعبة جدًا.” أجاب بيبو: “ثيابك ممزقة أيها المسكين، فخذ ردائي. وتبدو لي جائعًا أيضًا، فخذ شيئًا من طعامي.” لبس العجوز الرداء وتناول شيئًا من الطعام، ثم شكر الأمير وسأله عن وجهته.
قال بيبو: “أنا أبحث عن فتاة فاتنة، شعرها ذهبي كلون البرتقال وبشرتها بيضاء كزهرة.” قال العجوز: “عرفتها، لكن عليك قبل الوصول إليها أن تجتاز أرض الساحرات الثلاث. خذ بعض هذه العيدان، فالساحرات يحتجن إلى مثلها لتنظيف موقدهن.” أخذ بيبو بعض العيدان شاكراً ومشى في طريقه.
مغامرة الأمير بيبو
سرعان ما وصل إلى كوخ تسكنه الساحرات الثلاث. سلم عليهن وقال: “جئتكن بعيدان لتنظيف الموقد.” شكرت الساحرات بيبو وسألنه عن وجهته. فأخبرهن أنه يبحث عن فتاة فاتنة شعرها ذهبي كلون البرتقال وبشرتها بيضاء كزهرة. قالت الساحرات: “ستعترض طريقك ثلاثة كلاب جائعة. خذ هذا الرغيف وارمه لها، فتتركك تمر بسلام.” شكر بيبو الساحرات وتابع طريقه.
سرعان ما وصل إلى ممر ضيق تحرسه ثلاثة كلاب شرسة. رأت الكلاب الأمير فراحت تهر وتستعد للانقضاض. كان الأمير مستعدًا، فقال: “سمعت أنك تحبين هذا الخبز.” ثم قسم الرغيف إلى أجزاء ثلاثة وزعها عليها. وسرعان ما هدأت الكلاب، ثم قال أضخمها: “نادرًا ما نرى أحدًا في هذه الطريق، فإلى أين أنت ذاهب؟” قال بيبو: “أنا أبحث عن فتاة فاتنة، شعرها ذهبي كلون البرتقال وبشرتها بيضاء كزهرة.”
هزت الكلاب رأسها هزة عارف وقالت: “عليك للوصول إليها أن تمر عبر باب صدئ. خذ إبريق الزيت هذا فإنه يساعدك في فتح الباب.” تابع بيبو سيره في الممر الضيق إلى أن وصل إلى باب صدئ ينتصب خلفه برج عال. حاول أن يفتح الباب فلم ينفتح، فرفع إبريق الزيت وصب منه شيئًا على مفصلات الباب. صدر عن الباب صرير ارتياح، وسمعه الأمير يقول: “شكرًا لك، فقد أرحتني. ما الذي جاء بك إلى هنا؟” قال الأمير: “أبحث عن زوجة جميلة، شعرها ذهبي كلون البرتقال، وبشرتها بيضاء كزهرة.”
قال الباب: “ادخل البرج إذاً، وخذ منه ثلاث برتقالات. لكن احذر المرأة العجوز وابنها الغول!” قال الأمير: “سأكون حذرًا، شكرًا لك.” ثم أسرع يصعد درجات البرج قفزًا. وفي إحدى القاعات وجد البرتقالات الثلاث، فتناولها. لكن في تلك اللحظة دخلت القاعة امرأة عجوز. قالت العجوز بصوت متهدج: “ابني قادم، لا شك عندي أنه سيأكلك!”
مواجهة الغول
وسرعان ما سمع الأمير وقع قدمين ثقيلتين، ثم علا صوت زمجرة مخيفة. وما هي إلا لحظات حتى كان الغول المخيف يقف بباب القاعة. ولما رأى الأمير، صاح وهو يهجم عليه: “ستكون هذه الليلة عشائي.” فقفز الأمير هاربًا. ركض الغول وراء الأمير، لكنه لم يستطع الإمساك به، فصاح: “أيها الباب، أوقفه!” قال الباب: “لن أوقفه، فقد وضع زيتًا على مفصلاتي.” واستمر الغول في مطاردة بيبو في الممر الضيق.
مساعدة الأصدقاء
عندما اقترب الغول من الكلاب، صاح بها: “أمسكيه!” قالت الكلاب: “لن نمسكه. لقد أطعمنا، أما أنت فلم تقدم لنا يومًا طعامًا.” وكان الأمير يقترب من كوخ الساحرات، فصاح الغول: “أمسكن به!” قالت الساحرات: “لن نمسك به. فقد كان لطيفًا معنا. أما أنت فلم تكن يومًا لطيفًا.” وظل بيبو يركض ويركض حتى يئس الغول من المطاردة وعاد أدراجه.
البرتقالات السحرية
كان الأمير عطشانًا مرهقًا، فأخرج برتقالة من جيبه ليأكلها، لكنها أفلتت من يده وتدحرجت مبتعدة. ثم أخرج برتقالة ثانية وهم بأكلها، فتحولت البرتقالة إلى صبية فاتنة ذات شعر ذهبي وبشرة بيضاء. طلبت الصبية ماء، ولما لم يجد عنده ماء اختفت. كان بيبو لا يزال مرهقًا ويحس بعطش شديد، فمشى متعثراً إلى أن وجد أخيراً ينبوع ماء. شرب من الينبوع وارتوى، وجلس على الحشيش الأخضر. ثم أخرج البرتقالة الثالثة وهم بأكلها، فتحولت البرتقالة إلى صبية فاتنة، شعرها ذهبي كلون البرتقال وبشرتها بيضاء كزهرة.
قالت الصبية متوسلة: “أنا عطشانة.” فأسرع بيبو يقدم لها من ماء الينبوع. فشكرته الصبية وقالت له: “أظن أنك كنت تبحث عني.” وجد بيبو أخيرًا فتاة أحلامه.