عادل وصالح تلميذان ذكيان مجتهدان وصديقان لا يكادان يفترقان عن بعضهما. هما في صف واحد، يجلسان على مقعد واحد يدرسان معا، ويلعبان ويتنزهان في أوقات فراغهما معا. وكان والد صالح لا يكف عن نصح ابنه صالح، ويوصيه دائما بطاعة الله تعالى، والابتعاد عن معاصيه. ويقول له: إياك أن تعمل عملا فيه مخالفة لأوامر الله، وإياك أن تظن أنه غافل عنك وأنه لا يراك، فهو الله معنا أينما كنا، ولا يخفى عليه شيء من أمرنا، وسوف يحاسبنا على كل عمل نعمله، بل على كل قول نقوله.
إغواء ثمار البستان وخطة الصديقين
وفي يوم خرج عادل وصالح يتمشيان في الشوارع والمتنزهات بعد أن أنهيا حفظ دروسهما، ومشيا حتى خرجا من البلدة، وسارا بجانب حائط بستان فيه أنواع الفواكه من الدراق والتفاح والمشمش والتين والعنب، فاشتهى عادل أن يأكل شيئا من هذه الثمار.
فقال لصديقه صالح: إنني أشتهي أن آكل شيئا من هذه الفواكه اللذيذة، فما رأيك؟
فقال له صالح: إنها بعيدة عنا ولا يمكن الوصول إليها إلا بتسلق الجدار.
فقال له عادل: أنا سأتسلق الجدار.
فقال صالح: قد يرانا صاحب البستان أو أحد من الناس فتكون فضيحة.
فقال له عادل: أنا أتسلق الجدار وأقطف الثمار، وأنت تراقب الطريق؛ حتى إذا رأيت أحدا تنبهني فأسارع بالفرار.
واتفقا على ذلك.
تذكر رقابة الله يمنع الخطيئة
وتسلق عادل الجدار، وأصبحت الثمار في متناول يده، ومد يده ليقطفها. وهنا تذكر صالح ما كان يقوله له أبوه من أن الله معنا أينما كنا، يرى ما نعمل، ويسمع ما نقول، ولا يخفى عليه شيء من أمرنا ولا من أمر أحد من خلقه، فصاح: إن هناك من يرانا يا عادل!
فنزل عادل بسرعة ورمى بنفسه من فوق الجدار حتى كادت تنكسر ساقه، وعندما وقف على الأرض قال لصالح: أين هو من يرانا؟ إنني لا أرى أحدا!
فقال له صالح: إن الله يرانا؛ ألا تعلم ذلك؟!
فخجل عادل وقال: صدقت يا صديقي، إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وأفضل لنا أن نشتري الفواكه بمالنا ونأكلها حلالا من أن نسرقها ونأكلها حراما فيحاسبنا الله تعالى عليها.
وهكذا يا أبنائي لا تنسوا أبدا أن الله معكم أينما كنتم يرى ويسمع كل ما تعملون وما تقولون؛ فلا تعملوا عملا ولا تقولوا قولا إلا بما يرضيه سبحانه وتعالى، وبذلك تفوزون في الدنيا وفي الآخرة.