قالت جدتي: “هل تعرف ما يصنع بالذي يتكاسل عن الصلاة، والكذاب، وآكل مال الناس دون حق، والذي يغتاب الناس، أي: يتكلم عليهم في غيابهم، والذي يعمل عملا سيئا، منذ أن يموتوا إلى أن تقوم القيامة؟”
قلت: “لا، لا أعرف، وكيف أستطيع أن أعرف وهو شيء مجهول علينا؟!”
قالت: “نعرف ذلك عن طريق الوحي الذي أوحاه الله إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وحكاه عليه الصلاة والسلام لأصحابه فقال ما معناه: بينما كنت نائما أتاني ملكان هما جبريل وميكائيل، فقالا لي: امش معنا لنريك بعض مشاهد السماء. فذهبت معهما، وصعدا بي إلى السماء بقدرة الله، وصرنا نتجول هناك، فرأيت رجلا مستلقيا على الأرض، ورجلا آخر يحمل حجرا كبيرا يهوي به على رأس الرجل المستلقي، فيجرحه جرحا كبيرا، فيصيح من شدة الألم، وبعد قليل يشفى الجرح، فيحمل الرجل الآخر الحجر مرة أخرى ويهوي به على رأس الرجل المستلقي، فيجرحه جرحا كبيرا، فيصيح من شدة الألم، وهكذا.”
فقلت: “سبحان الله ما هذا؟”
قالا: “هذا الذي يتكاسل عن الصلاة فلا يصليها في وقتها، والذي يقرأ القرآن ولا يعمل به، يفعل به هكذا منذ أن يموت إلى يوم القيامة.”
عواقب آفات اللسان والمال الحرام
“ثم مشينا فرأيت رجلا مستلقيا على الأرض أيضا، ورجلا آخر واقفا فوق رأسه وبيده كلاب من حديد يدخله في فم الرجل المستلقي على الأرض، ثم يشده بقوة فيشرم فمه إلى قفا رأسه، وكلما شفي الشرم عاد فشرمه مرة أخرى، وهكذا.”
فقلت: “سبحان الله ما هذا؟”
قالا: “هذا الكذاب الذي يكذب على الناس يفعل به هكذا منذ أن يموت إلى يوم القيامة.”
“ثم مشينا فرأيت رجلا يسبح في نهر من الدم يريد أن يخرج منه، وعلى شط النهر رجل آخر عنده حجارة كثيرة، كلما اقترب الرجل الذي يسبح من الشط ليخرج من النهر؛ ضربه الرجل الآخر بحجر على رأسه، فيعود إلى وسط النهر، وهكذا.”
فقلت: “سبحان الله ما هذا؟”
قالا: “هذا الذي يأكل أموال الناس دون حق؛ فكأنه يسبح في دمائهم، ويبقى كذلك إلى يوم القيامة.”
“ثم مشينا فرأيت ناسا لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، وكلما شفيت جروحهم عادوا يخمشونها مرة أخرى، وهكذا.”
فقلت: “سبحان الله ما هذا؟”
قالا: “هؤلاء الذين يغتابون الناس، أي الذين يتكلمون عليهم في غيابهم وسيظلون هكذا إلى يوم القيامة.”
جزاء من يخلطون الأعمال
“ثم مشينا فرأيت ناسا جانب وجههم الأيمن كأجمل ما يكون، وجانب وجههم الأيسر كأبشع ما يكون. فتعجبت من ذلك، وقلت: سبحان الله! ما هذا؟”
قالا: “هؤلاء الذين يخلطون الأعمال الصالحة بالأعمال السيئة، فيطيعون أبويهم أحيانا، ويعصونهم أحيانا أخرى، ويعطون الفقراء أحيانا، ويحرمونهم أحيانا أخرى، ويصدقون أحيانا، ويكذبون أحيانا أخرى. فإذا هم تابوا قبل موتهم فإن الملائكة تغمسهم في نهر ماؤه أبيض من اللبن، فيخرجون منه وقد زال عنهم القبح، وأصبحت وجوههم كأجمل ما تكون.”
قالت جدتي: “أرأيت يا بني؟! فإياك أن تتكاسل عن الصلاة، وإياك أن تكذب، وإياك أن تأكل أموال الناس دون حق، وإياك أن تستغيب الناس، وإياك أن تخلط عملا صالحا بآخر سيئ لكي لا يصيبك ما أصاب هؤلاء الناس.”