يعد التعلم المبرمج من الطرق التربوية المنهجية التي قامت على أسس تجريبية وتستهدف الوصول إلى نظام فعال في تقديم المعلومات والمفاهيم للمتعلم وضمان استيعابه عن طريق ما يقوم به من النشاطات الإيجابية بالتصحيح الفوري للاستجابة، وتسلسل الخبرة خطوة تلو خطوة، لذلك لاقت هذه الطريقة نجاحاً وتقدماً منذ اللحظة الأولى التي قدم فيهـا عالم النفس الأمريكي “سكنر” هذه الطريقة حيث بدأ المربون، والعاملون في مجال البحـث التربوي إخضاع برامج متعددة في مختلف المواد الدراسة للتجريب والتطبيق لتحسين طرائـق التعلم ونوعيته.
جدول المحتويات
مفهوم التعلم المبرمج
التعلم المبرمج هو طريقة تفريد في التعليم، تقوم على تقسيم الموضوع الدراسي، أو المهمة المراد تعلمها إلى مجموعة الأفكار، أو الخطوات المرتبة ترتيباً منطقياً متسلسلاً تهدف في مجملها إلى تحقيق أهداف تعليمية محددة، وتعرض عن طريق كتاب، أو آلة، أو جهـاز مـعـين وينتقل الطالب في تعلمه من خطوة إلى أخرى انتقالاً تدريجياً يعطي في نهايتهـا تغذيـة عـن راجعة فورية، لاختباره عن صحة استجابته أو خطئها. وبمعني أخر يمكننا وصف التعلم المبرمج بأنه طريقة يتم فيها ترتيب المواد التعليمية خلال خطوات صغيرة مرتبة بشكل منطقي وكل خطوة في البرنامج التعليمي مصممة بهدف تزويد المتعلم بمعلومات ومعارف تتطلب أن يستجيب لها ثم يزود المتعلم بتغذية راجعة تتصل بصحة استجابته.
مفهوم استراتيجية غرفة الصف المفتوح ودور الطالب والمعلم فيها
مبادئ التعلم المبرمج
تحديد السلوك النهائي وتحليل المهمة التعليمية إلى مكوناتها الفرعية: يشتمل تحديد السلوك الذي سيظهره الطالب عند انتهائه من تعلم مهمة معينة. وتجزئة المهمة المطلوب تعلمها إلى مكوناتها الفرعية، أو الثانوية، حيث يقوم الطالب بتعلمها بحسب التسلسل المحدد.
1- الهدف أو السلوك النهائي المراد تعلمه:
ويهتم هذا المبدأ بتسهيل عملية التعلم للطلاب مع ضرورة إتقان المهمة السابقة قبل تعلم أي مهارة أو مهمة جديدة وإتقانها.
2- تقوية التغذية الراجعة الفورية وتعزيزها:
إخبار الطالب بنتيجة تعلمه فوراً سواء صحيحة كانت أم خطأ فإن معرفة الطالب الفورية للخطأ، والصواب في استجابة يقلل من الوقت الذي يضيع نتيجة لتعلم أشياء خطا.
3- السرعة الذاتية في التعليم:
يتيح التعليم المبرمج للطالب، الحرية لكي يتنقل من خطوة إلى أخرى، بحسب قدرته وسرعته الذاتية في التعلم، لتفاوت الفروق بين الطلبة في سرعة تناولهم لمحتويات البرامج، ويعمل هذا المبدأ على استشارة دافعية الطالب للتعلم.
4- الاستجابة الفاعلة والمشاركة الإيجابية:
يتطلب التعليم المبرمج من الطالب، التفاعل مع الموقف التعليمي الذي يحيط به. وعلى الطالب التأكد من إجابته عن كل سؤال، وإلا فلـن يتنقل إلى السؤال الذي يليه.
5- تجريب المواد المبرمجة وتطويرها (تقنين البرامج):
ويقصد بها إخضاع البرنامج في فترة تدريب وتجريبه علي عينة صغيرة من الطلاب المراد تطبيق البرنامج عليهم بهدف تعديل البرنامج وتطويره ثم الوصول إلي الصورة النهائية المناسبة لمستوي الطلاب الذين صمم لهم.
6- التقويم الذاتي للمتعلم:
يساعد التعليم المبرمج الطالب على اكتشاف أخطائه بنفسه، وذلك من خلال الإجابة التي يوفرها البرنامج عن كل سؤال. كما أن البرنامج التعليمي لا يقيس أداء طالـب مقارنة بأصدقائه. ولكنه يعتمد على التقويم الذاتي لأدائه، وبهذا لا يشعر الطالب بالخجل من أقرانه.
7- الأهداف السلوكية الخاصة:
كل برنامج يبدأ بتحديد الأهداف السلوكية الخاصـة لـه، حتى يستطيع الطالب أن يوجه جهود تعلمه نحوها.
8- الإثارة:
ويقصد بها تنمية الحماس وإثارة دافعية الطلاب ورغبتهم في الدراسة والتعلم.
9- التكيف:
ونقصد بها موافقة المادة ومناسبتها لقدرات المتعلم من حيث المضمون والكم والكيف.
10- المواد التعليمية المبرمجة والآلات:
يستخدم التعلم المبرمج مواد تعليميـة مبرمجة تعرض عـن طـريـق آلات تعليميـة أو أجهزة حاسوبية. وقد تكون المواد التعليمية المبرمجة مطبوعة في كتاب أو مسجلة على أشرطة سمعية أو مرئية معينة. وينتشر حالياً الكثير من المواد التعليمية المبرمجة ويمكن عرضها عن طريق الحاسوب.
11- التعليم الذاتي:
يستخدم التعليم المبرمج مواد وإجراءات وأدوات تكون فيما بينها برنامجاً في التعلم الذاتي، وهذا يعني أن المرء يتعلم بسرعته الذاتية.
أنواع التعلم المبرمج
يمكننا تصنيف التعلم المبرمج إلي نوعين رئيسين وهما:
البرمجة الخطية
تنسب البرمجة الخطية إلى عالم النفس الأمريكي “سكنر” ويعرف بالبرنامج السكنري. وفيـه يتم ترتيب المادة نفسياً من السهل إلى الصعب ومن البسيط إلى المركب بعد أن يكون المبرمج قد قام بتجزئة المادة، وحللها ووضعها في عدد كبير من الخطوات الصغيرة المعتمـد بـعـضـها على بعض وتتكون كل خطوة من عبارة أو جملة أو جملتين على أن يحذف من العبارة كلمـة أساسية.
وتكون مهمة الطالب تشكيل استجابة تملأ الفراغ في ناحية مخصصة لهذه الغاية. ولهذا فالبرمجة الخطية تعتبر مناسبة للمجالات التي تهتم بالحقائق والتعريفات والمهارات الأساسية. حيث يتم تحديد مستلزمات الهدف ثم التدرب عليه، فتسير العملية التعليمية شيئاً فشيئاً حتى يتكون المفهوم الكلي.
البرمجة المتشعبة
تم تطوير نمط البرمجة المتشعبة بواسطة العالم الأمريكي “نورمان كراودر” ويعرف بنمط كراودر. وتقوم البرمجة المتشعبة علي مبدأ تقديم فقرة أو فقرتين ثم يطرح سؤال ذات صلة بالفقرة المعطاة. تليه عدة إجابات وعلى المتعلم اختيار الإجابة الصحيحة من بين البدائل المطروحة فإذا كانت الإجابات المنتقاة صحيحة يوجه البرنامج المتعلم إلى إطار آخـر. أمـا إذا كانـت الإجابة المنتقاة خطأ، فإن البرنامج يوجه المتعلم إلى إطار فرعي آخر يسمى بالإطار العلاجي لمعالجة الخطأ حيث تتيح للمتعلم تصحيح الخطأ. ويتضح أن البرنامج المتشعب هـو أسلوب تشخيصي علاجي في الوقت نفسه، يكشف عن مواضع القوة والضعف لدى المتعلم.
مراحل التخطيط
1- تحديد المادة التعليمية: يفضل عنـد اختيـار مـادة البرنامج أن تكون مألوفة لمعـد البرنامج. أو في مجال تخصص المعد وعلي إطلاع بها حتي يسهل التعامل معها.
2- تحديد أهداف البرنامج بعبارات سلوكية قابلة للقياس: عندما يقوم معد البرنامج بتحديد أهداف المادة التعليمية، يجب عليه أن يحدد بدقة، ما يكون عليه سلوك المتعلم، بعبارات هدفية محددة.
3- تحديد نقطة البداية عند المتعلمين: بعد تحديد الأهـداف السلوكية، يجب على معـد البرنامج أن يعرف مستوى المتعلمين الذين سيتعلمون البرامج، من حيث مستويات الذكاء والخبرات السابقة.
4- تحليل المهمة: بعد أن تحدد الأهـداف التعليميـة يحلل المحتوى التعليمي للمـادة إلى عناصر أو مكونات فرعية تسمى بالمهمات. وفيها يتم صياغة كل مهمة علي شكل فقرة أو جملة تحمل فكرة واحدة وترتب من البسيط إلي المركب ومن الأسهل إلي الأصعب ومن المعلوم إلي المجهول ومن المحسوس إلي المجرد.
مراحل كتابة البرنامج
تتم مراحل كتابة البرنامج من خلال الخطوات الآتية:
كتابة أطر البرنامج
تتطلب هذه المرحلة مهارات فائقة من واضع البرنامج، إن كتابة الأطر بما يتفق ومبادئ التعليم المبرمج أمر بالغ الأهمية. والتنويع في عرض الأطـر وكتابتها يعد أمراً في غاية الأهمية، لتحاشي مـلـل المتعلمين من البرنامج. ويتألف الإطار من ثلاثة أقسام هي: المثير، والاستجابة، والتغذية الراجعة، ويفضل مراعـاة الآتي : عند كتابة الأطر:
- دقة المعلومات العلمية التي يتضمنها كل إطار.
- صياغة الأطر بلغة واضحة ومحددة.
- ترتيبها ترتيباً منطقياً ونفسياً متسلسلاً.
- قياس الأطر لعمليات الفهم، والتطبيق والتقويم وغيرها من العمليات العقلية العليا وعدم الاقتصار على الأسئلة التي تتطلب الحفظ.
- إذا اشتمل الإطار على سؤال موضوعي، تليه عدة اختيارات للإجابة فينبغي صياغة إبدال الإجابة بعناية لتكشف فهم الطالب الحقيقي.
- شمولية الأطر الأفكار الأساسية للمحتوى التعليمي كافة.
توفير التغذية الراجعة المباشرة
تعتبر التغذية الراجعـة أحد أهـم خواص ومزايا التعليم المبرمج. ولهذا يجب أن تكون الإجابة متاحة ومتوفرة للمتعلم في نهاية كل إطار من أطر البرنامج حتى يستطيع المتعلم المقارنة بين إجابته والإجابة الصحيحة.
تجريب البرنامج وتعديله
إن تجريب البرنامج وتعديله مـن الخـطـوات المهمـة وعـادة يجرب البرنامج على عدد من الطلبة يتراوح بين (5-10) من المتعلمين. ثـم يجلـس معد البرنامج مع المتعلمين ويتبعهم خطوة خطوة في أثناء تقدمهم في دراسـة الأطـر. وفي أثناء ذلك يقوم بتسجيل ملاحظاته حول الصعوبات التي يواجهها المتعلمون في قراءة الأطر أو فهمها أو بتسلسلها بطريقة ميسورة، ويتحرى أي غموض في الإطـار أو السؤال. حيث تعد هذه الملاحظات ونتائج الاختبار، ويتم إجـراء التعديلات الضرورية بحيث يصل إلى درجة عالية من الكفاية في أقصى درجة من التحسين، وإلى درجة عالية من الكفاية في تعليم المتعلمين.
صياغة البرنامج بصورته النهائية
وفي هذه الخطوة يقوم المعلم أو معد البرنامج بتعديل البرنامج وتحسينه للوصول إلي النسخة النهائية الجاهزة لاستخدام الطلاب.
إعداد الاختبارات المرافقة للبرنامج
عندما يصبح البرنامج في نسخته الأخيرة للاستخدام النهائي يأتي دور المعلم بإعداد نوعين من الاختبارات هما
- الاختبار القبلي: الذي يعطي الطـالـب قـبـل البـدء في تعلم البرنامج وذلك لتحديد مستواه في الموضوع. فإذا حصل الطالب على درجة مرتفعة في الاختبـار فلا يوجد حاجة أن يدرس البرنامج. ولكن إذا حصل الطالب على درجة منخفضة فعليه دراسة البرنامج.
- الاختبار البعدي: ويعطي هذا البرنامج بعد انتهائه من دراسة البرنامج، وينبغي تأكيد شمولية محتوى المادة كافة، وأهدافها.
دور الوسائل التعليمية في التعلم الصفي وقواعد استخدامها
مميزات التعلم المبرمج
هناك عدة مميزات للتعليم المبرمج تجعله من طرائق التعليم الفاعلة التي أثبتت نجاحها مجال التعليم. وبخاصة المحوسب منها، والتي تؤدي إلى تفضيل استخدامه وهي:
- التركيز والاهتمام بالأهداف ومعايير السلوك لمستويات الأداء التي يرغب المعلم في الوصول إليها. مما يؤدي إلى دقة اختبار المواقف التعليمية التي تحقق هذه الأهداف.
- يحرر التعليم المبرمج المعلمين من المهمات الروتينية ويتيح لهم فرص التفرغ لبعض الأعمال التربوية والتعليمية المهمة.
- يشعر التعليم المبرمج الطلبة بالنجاح ويحثهم على التقدم.
- يثير حماس الطلبة ودافعيتهم من خلال إتاحة الفرصة في حرية اختيار المواد التعليميـة المناسبة لهـم، والتي ينظمهـا المعلم بما يتلاءم مع اهتمامات الطلاب وقدراتهم.
- يساعد في الحصول علي نتيجة الاستجابة بشكل مباشر مما يؤدي إلي تأكيد الاستجابة الصحيحة وحدوث التعلم. وهذا يسمي بالتغذية الراجعة الفورية مما يزيد من دافعية التعلم لدي الطلاب.
- سير المتعلم في تعلمه حسب ميوله واستعداداته الشخصي، فالتعلم المبرمج يهدف إلى تحقيق المستوى المناسب والضروري من الأداء.
- يعرض المفهوم في البرنامج بعدد كبير من الأمثلة، وبأشكال متعددة، وذلك بهدف تأكيد التعلم، وبلوغه أقصى درجة ممكنة.
- التعرف إلى خصائص المتعلمين، وبخاصة الخلفية العلمية والخبرات السابقة التي يبنى عليها تعلم المادة الجديدة ومراعاة الفروق الفردية كسرعة التعلم وأسلوبه.
- يمكن استخدام التعلم المبرمج كمعلم خصوصي للطلاب ذوي الأداء المنخفض خصوصاً في الصفوف ذات الكثافة الطلابية المرتفعة. ويمكن استخدامه مع الطلبة الذين فاتتهـم أجـزاء المساق أو المقـرر بسبب التغيب لفترة زمنية طويلة.
- تنمية عادة الاعتماد على النفس، إذ إن المتعلم مطالب بكشف الكلمة، أو الكلمات المناسبة حتى يتم المعنى.