هل تستطيع الأم ترك الاطفال وحدهم بالمنزل؟ هذا السؤال موجه لكل أم سواء كانت عاملة أو غير عاملة، فكل أم لديها طفل صغير تواجه الآن مشكلة الخروج من المنزل خاصة في الوقت الحاضر الذي يكاد ينعدم فيه وجود المربية أو الخادمة في المنزل ذلك أن الطفل يحتاج الى من يعتني به خلال فترة غياب الأم. وفي معظم الأحيان، تكون الحماة هي التي تتحمل العبء الأكبر سواء كانت أم الأب أو أم الأم.
ولكن أحياناً، تكون الحماة غير مرحبة بذلك أو تسكن في منطقة بعيدة عن أبنتها أو زوجة ابنها. وحينئذ تحاول الأم أن تستعين بالجيران أو بمن يعتني بطفلها خلال فترة خروجها أو أن تضطر أن تحمل طفلها معاً وهذا يثير كثيراً من المتاعب للآخرين خاصة عندما يبكي الطفل سواء كانت في زيارة أقارب أو أصدقاء أو في أحد عروض السينما أو المسرح. فتضطر الأم أن تغادر المكان بطفلها إلى الخارج حتى يسكت. ولكن بعد أن يكون قد مرت فترة طويلة بين بدء بكاء الطفل ومغادرة الأم، مما يسبب إزعاجاً للحاضرين.
وفي كثير من الأحيان عندما تأتي الأم بطفلها في أي حفل فإن الحاضرين رغم أنهم يكونون متضررين إلا أنهم يحاولون أن يظهروا ترحيبهم حتى لا يؤذوا مشاعر الأم بهذا التضرر، فالأم تعتقد بهذا الترحيب بأن هناك تفهماً بأن تأتي بطفلها معها إلى الحفلات، ولكن الحقيقة لا يكون هناك أي تفهم بل ضيق بين الحاضرين.
ولقد حاولت بعض المجتمعات الأوروبية أن تحل هذه المشكلة بإنشاء دور حضانة تفتح أبوابها في أي وقت لكي تترك الأم طفلها لفترة محدودة. أو أن تستدعي مربية لفترة محدودة أيضاً، ولكنهم وجدوا أن الحل الأمثل هو ترك الطفل وحيداً بالمنزل خاصة إذا كان يزيد عمره عن عام. فهو يمكن أن يترك بالمنزل ساعتين أو ثلاث دون أي خطورة. وهذا لا يتأتى إلا بتعويد الطفل على ذلك بتركه في حجرته بمفرده بالتدريج وتجلس الأم في مكان آخر ولا تذهب اليه مهما بكى وأن تراقبه دون أن يراها.
ولكن المشكلة ان هناك بعض الأمهات يعتقدن أن أطفالهن محتاجون اليهن أكثر مما يحتاج الأطفال مثلاً. وبعضهن يعتقدن أنه سيوجه إليهن النقد إذا تركن أطفالهن بمفردهم بالمنزل وخرجن.
ولكي تعودي طفلك على البقاء بمفرده في البيت فليس هذا بالمشكلة الصعبة. ذلك أن هناك أشياء خطرة لا بد أن تتأكدي أنه لن يصل اليها مثل الأدوية وأدوات المطبخ عموماً وأسلاك الكهرباء. وهذه يمكن تجنبها بسهولة.
فالصيدلة التي يوضع بها الدواء لا بد أن تكون على ارتفاع لا يصل اليها الطفل على كل الأحوال.
أما المطبخ فيمكن أن يغلق بابه بحيث لا يستطيع الطفل ان يصل اليه.
وبالنسبة لأسلاك الكهرباء فهناك أسلاك كهربائية وأجهزة حديثة تحمل الأمان بالنسبة للطفل.
بعد أن تكوني قد أمنت المنزل وأبعدت كل خطر عن طفلك، أبدئي عملية تركه بالتدريج ولتبدأ بنصف ساعة أولاً، إتركيه بمفرده بحجرته وأنت تراقبينه ويمكن وضع حاجز على باب غرفته ليمنعه من الخروج. فإذا تعود الطفل أن يبقى بمفرده نصف ساعة، وهذا أصعب ما في التجربة، إنه بعد ذلك سيتعود بسهولة أن تمتد الفترة إلى ساعتين أو أكثر.
والأم التي تعود طفلها على ذلك لن تندم أبداً في المستقبل في نفس الوقت تكون قد عودته الاعتماد على النفس من طفولته. ولكن المهم ليس الطفل نفسه فهو عادة في سلام، ولكن المهم هي الأم. ذلك أن القلق الذي ينتاب كل أم حين تبتعد عن طفلها الصغير ولو الفترات محدودة، فهذا القلق وليس الطفل نفسه هو الذي يجعل التجربة تفشل في معظم الأحيان، ذلك أن القلق يفسد على الأم سهرتها ويجعلها عاجزة عن مسايرة الحاضرين. وكل فكرها في طفلها الذي تركته وحيداً وماذا حدث له؟
ولكن الأم يجب أن تشعر بالثقة وهي تترك طفلها لفترات قصيرة ما دامت قد أبعدت عنه كل احتمالات الخطر ذلك أنه في معظم الأحيان لن يحدث له مكروه. بل أنه في معظم الأحيان سيلعب أو سينام، أو على أقصى تقدير سوف يبكي قليلاً.
فإذا استطاعت الأم أن تتغلب على قلق البعد عن طفلها لفترة محدودة مع تركه في الشقة وحيداً. فإن المشكلة في هذه الحالة تصبح محلولة.
وكما نبدأ مع الطفل لفترات قصيرة كذلك نبدأ مع الأم بفترات قصيرة حتى تطمئن الى أن طفلها في سلام. ثم بعد ذلك تطول الفترة تدريجياً. ويصبح تمتع الأم بحياتها وطفلها بالأمان شعوراً ممكناً للإثنين.