العلوم التربوية

مفهوم علم النفس التربوي أهدافه وأهميته ومجالاته دليل شامل

دليل شامل لكل ما تحتاج معرفته عن علم النفس التربوي

لقد واجه علم النفس التربوي منذ نشأته وظهوره إلي حتي يومنا هذا مشكلة عدم الاتفاق على مفهوم وتعريف واضح ومحدد له. وبالرغم من النظرة إليه باعتبار حقل وسيط بين النظرية والتطبيق: أي بين علم النفس العام والتريية. وقد ساهمت مسألة النظرة إلي حقل ومجالات علم النفس التربوي باعتباره وسيط بين التربية وعلم النفس في صعوبة تعريف علم النفس التربوي وضياع وحدته وهويته. فالمختصون بالتربية ينتقدون حقل علم النفس التربوي من حيث أنه أكثر اهتماما بالجوانب النظرية ومسائل البحث والتي تعني علم النفس أكثر من المسائل التطبيقية التي تعتني بها الممارسة التربوية. بينما يري الأخصائيون في علم النفس أن هذا العلم أكثر توجهاُ نحو المسائل التطبيقية التي تهتم بالممارسة التربوية أكثر من تلك المعنية بالبحث النظري.

تعريف علم النفس التربوي

على مستوى التطبيق التربوي، كان هناك جدل حول الدور الفعلي الذي يجب أن يقدمه هذا العلم في مسألة إعداد المعلمين. ويتعلق هذا الجدل فيما إذا سيكون دور هذا العلم  هو تزويد المعلمين بالمعلومات والمعرفة النظرية فقط حول عملية التدريس؟ أو سيساهم في تدريب المعلمين وتعليمهم بتطبيقات عملية على كيفية التدريس؟.

ويحدد تايتل (Tittle, 1994) ثلاث وجهات نظر حول تعريف علم النفس التربوي.

  1. فوجهة النظر الأولى، تنظر إلي تعريف علم النفس التربوي بأنه علم نفس التربية والدراسة العلمية لعلم النفس ف مجال التربية أي وضع المبادئ والمفاهيم والنظريات التي تحكم سلوك المتعلم في مواقف التعلم والتعليم.
  2. أما وجهة النظر الثانية، تنظر إليه باعتباره أحد فروع علم النفس العام التطبيقية يتهم بتوظيف المبادئ والنظريات والمفاهيم النفسية بما يخدم العملية التربوية في غرفة الصف الدراسي.
  3. في حين وجهة النظر الثالثة تنظر إلي تعريف علم النفس التربوي على أنه عملية التقويم المنظمة لعمليتي التعلم والتعليم. ويعتبر ويترك علم النفس التربوي ذلك الحقل الذي يجب أن يعنى بالدراسة النفسية للمشكلات التربوية المتعددة والعمل على حلها من خلال توفير المبادئ والمفاهيم والأساليب والنماذج المتعددة.

في ضوء ما سبق، يمكن تعريف علم النفس التربوي على أنه ذلك الحقل الذي يعنى بدراسة السلوك الإنساني في مواقف التعلم والتعليم من خلال التزويد بالمبادئ والمفاهيم والمناهج والأساليب النظرية التي تساعد علي حدوث عملية التعلم والتعليم لدى الأفراد، كما تساهم في التعرف وحل القضايا والمشكلات التربوية والتخلص منها.

نشأة علم النفس التربوي

يمكن لأي باحث تتبع بداية ونشأة علم النفس التربوي ف الفترة الزمنية بين 1800- 1850 وكانت نتيجة مباشرة للتطور الهائل وقتها في علم النفس العام وغيره من اكتشافات ومساهمات من علوم الطب والفلك والفسيولوجيا وقد ساهمت المذاهب الفلسفية القديمة منها والحديثة بما قدمته من معلومات حول طبيعة المعرفة والعقل وعلاقة المعرفة بالروح والعقل بدور بارز في نشوء هذا الحقل وتطوره، إضافة إلى ما قدمته مدارس علم النفس المختلفة مثل علم النفس السلوكي والمعرفي والإنساني والتحليلي من نظريات وقوانين تتعلق بالوظائف النفسية عملية التعلم والسلوك.

وكانت أول بدايات علم النفس التربوي عندما بدأت بعض الجامعات مثل جامعة نيويورك5 وجامعة آيوا6  في إعطاء كورسات في علم النفس التربوي، وكانت تهدف بشكل رئيسي إلي المساهمة في إعداد المعلمين اعتماداً على أسس علمية منظمة وقد نظر إليه آنذاك بأنه الوسيط بين علم النفس والممارسة التربوية.

ونشطت حركة التأليف في مجال علم النفس التربوي في هذه الفترة. حيث ظهر أول كتاب في هذا المجال عام 1886 لهوبكنز وكان بعنوان علم النفس التربوي. ثم تبعه كتاب علم النفس الأساسي والتربية لبالدون في عام 1891. ثم جاءت مؤلفات وكتب أخرى لثورنديك وغيره في هذا المجال.

وفي بدايات القرن العشرين ظهرت بعض الدوريات المختصة في نشر أبحاث في مجال علم النفس التربوي، وكان من بينهما مجلة علم النفس التربوي، إذ صدر العدد الأول منها عام 1910. واقترح المحررون وقتها بأن يكون موضوع واهتمامات هذا العلم هو دراسة الحياة العقلية التي تعني عملية التربية. وفي عشرينات وثلاثينات ذلك القرن. أخذ هذا الحقل يكافح ليصبح مجال وعلم مستقل بذاته عن علم النفس العام والتربية. وذلك من خلال إنشاء الكثير من الأقسام المستقلة في الجامعات المرموقة. وخصوصاً بأن المساقات الأولى في هذا الحقل كانت تدرس في أقسام علم النفس في بعض من الجامعات أو في كليات التربية في بعض الجامعات الأخرى مما ساهم في تشتت وضياع الهوية لهذا الحقل.

أهداف علم النفس التربوي

يتضح مما سبق أن حقل علم النفس التربوي هو حلقة وصل بين مبادئ علم النفس و تطبيقاته التربوية علي أرض الواقع. ولذلك يتوقع من أهداف علم النفس التربوي أن تساهم في التعرف على المشاكل والصعوبات التي تعترض العملية التربوية. مع المساهمة في حلها علي أرض الواقع بهدف رفع كفاءة عملية التعلم والتعليم. ولهذا تهتم أهدافه بمسألتين رئيسيتين هما: كيف يحدث التعلم لدى الأفراد؟ وما هي أفضل الطرق للتدريس أو التعليم حتى يحدث التعلم الفعال لدى الأفراد؟ ويسعى علم النفس التربوي للتوفيق بين النظرية النفسية والتطبيق التربوي من خلال هدفين أساسيين وهما.

  • المساهمة علي انتاج المعرفة النظرية عن السلوك الإنساني خصوصاً بما يتعلق في مواقف التعلم والتعليم
  • استخدام ما توصل إليه من معرفة نظرية لاستخدامها بشكل تطبيقي عملي يمكن المهتمين بالعملية التربوية من استخدام تلك المعرفة في مواقف التعلم والتعليم الصفي

أهداف علم النفس التربوي العامة

حيث يهدف علم النفس التربوي مثل باقي العلوم الإنسانية إلي تحقيق أهداف العلم الثلاثة. وهي متمثلة في الفهم والتنبؤ والضبط فيما يتعلق بالظواهر التربوية داخل مواقف التعلم والتعليم.

  • الفهم: يتمثل هذا الهدف في تفسير الظاهرة المدروسة في محاولة لتحديد أسبابها والعوامل المؤثرة فيها والنتائج المترتبة عليها. ويشتمل أيضا على تحديد طبيعة العلاقات القائمة بين العوامل المختلفة ذات العلاقة بالظاهرة المدروسة للوقوف على فهم أفضل لتلك الظاهرة.
  • التنبؤ: يشير إلى إمكانية معرفة حدوث الظاهرة أو توقع حدوثها في ضوء، تحديد المؤشرات والعوامل الدالة عليها، أو في حالة وجود بعض الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث مثل تلك الظاهرة، فعلى سبيل المثال إذا كان العقاب من الأسباب الرئيسية لتسرب الطلاب من المدرسة، فإنه بالإمكان التنبؤ بحدوث تسرب من مدرسة معينة في حالة معرفة أنه هناك بعض المعلمين الذين يؤيدون فكرة استخدام العقاب في المدرسة.
  • الضبط والتحكم: يتمثل في إمكانية التحكم بالظاهرة في محاولة لمنع حدوثها من خلال الضبط والتحكم بالأسباب المؤدية لها أو التأثير في العوامل المؤثرة فيها، أو التقليل من آثارها من خلال أخذ الاحتياطات والإجراءات المناسبة. كما ويتضمن إمكانية توفير الظاهرة الإيجابية من خلال توفير أسبابها والعوامل المؤثرة فيها. فعلى سبيل المثال إذا وجد أن التعزيز يزيد من دافعية الطلاب نحو التعلم الصفي، عندها قد يعمد المعلمون إلى استخدام إجراءات التعزيز لتحقيق هذه الظاهرة.

أهداف علم النفس التربوي الخاصة

كما أن لعلم النفس التربوي أهداف خاصة يهدف إلي تحقيقها ومن أبرزها:

  1. العناية بشخصية المتعلم بنواحيها المختلفة والعناية بصحته العامة، وتنمية ميوله واستعداداته، وقدح قدراته العقلية والمهنية، وتنمية الميول الاجتماعية التي تساعده علي فهم علاقاته بغيره.
  2. البحث في الجوانب النفسية لكل المشاكل التربوية.
  3. الاهتمام بدراسة البيئة والظروف التي تساهم في حدوث تعلم فعال لدي الأفراد.
  4. البحث في صفات المعلمين وخصائصهم وكيفية تعلمهم سلوكيات وأفكار معينة.
  5. معالجة طرق تنمية معارف المتعلمين، وتهيئة الوسائل التي تساعد المتعلمين علي التحصيل واكتساب هذه العادات المعرفية.

أهمية علم النفس التربوي في العملية التربوية

يمكن تحديد دور وأهمية علم النفس التربوي للمعلم والمتعلم في العملية التربوية من خلال:

  1. تحسين العملية التعليمية بصورة عامة من خلال محاولة دراستها والسيطرة علي ما يؤثر علي العملية التعليمية من عوامل داخلية وخارجية. كما يهتم علم النفس التربوي بتوفير الكفايات اللازمة للعملية التعليمية وما يرتبط بها من أنشطة وبرامج ملائمة تحتاجها وتلعب دور أساسي في تحسينها.
  2. دراسة مشاكل المعلمين التي قد تواجههم عند في المدرسة أو عند التعامل مع الطلاب والعمل علي حلها. إذ يتعرض المعلمين أثناء القيام بعملهم إلي بعض المشكلات، منها ما يخص التلاميذ، ومنها ما يخص المنهج. ولذلك فأن مواجهة مثل هذه المشكلات تتطلب من المعلمين قدرأ من المعلومات في طرق ووسائل حل هذه المشكلات.
  3. يلعب دوراً هام في تزويد المعلم بالمهارات اللازمة التي تساعد في تذليل الصعوبات التي تواجهه
  4. مساعدة الأباء والأمهات والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في حل المشكلات التربوية والنفسية التي يتعرض لها بعض التلاميذ، كالتأخر الدراسي والغياب والعدوان. وهذا يتطلب قدراً من المعلومات وأساليب للتعامل مع هذه المشكلات. وكذلك قدراً من التعاون بين الأسرة والمدرسة لكي لا يقع التلميذ تحت وطأة هذه المشكلات. وبالتالي يؤدي إلي فشله، ومن ثم انحرافه عن الطريق الصحيح.
  5. مساعدة التلاميذ في تحصيل المعرفة بشكل أفضل. وذلك بما يقدمه للتلاميذ من معلومات وحقائق لغرض تصحيح جوانب النقص لديهم. وبخاصة التي يتعلق بالدراسة والمدرسة كالمعرفة بالطرق المناسبة للمذاكرة الصحيحة للحصول علي مستوي عال من التحصيل الدراسي.

إقرأ أيضاً:

مواضيع علم النفس التربوي

في البحث عن مجالات ومواضيع علم النفس التربوي أشارت نتائج العديد من الدراسات التي اهتمت بمواضيع علم النفس التربوي من خلال الوقوف علي أهم المواضيع التي تناولها خلال تاريخه القصير عن طريق مسح الموضوعات التي انطوت عليها كتب علم النفس التربوي والبالغة مئة كتاب عام 1971، حيث تبين أن أكثر المواضيع توفراً هي:

  • النمو الجسمي والانفعالي والمعرفي والاجتماعي والخلقي.
  • التعلم ونظرياته وطرق قياسه والعوامل المؤثرة فيه.
  • دراسة كيفية حدوث التعلم و انتقال أثره و ما يرتبط به من استعدادات أو طرق تدريس فعالة كما يهتم أيضاً بتنظيم الموقف التعليمي.
  • الذكاء والقدرات العقلية وسمات الشخصية وقياسها.
  • التحصيل الدراسي و معرفة أسس بناء الاختبارات لقياس مدي تحصيل الأفراد.
  • التفاعل الاجتماعي بين الطلاب وبين المعلمين والطلاب.
  • الصحة النفسية للفرد والتكيف الاجتماعي والمدرسي

في ضوء مما سبق، يمكن تحديد مجالات ومواضيع علم النفس التربوي علي النحو التالي:

  1. الدوافع: ونقصد بها كل حالة نفسية أو جسمية تحدث سلوك بظروف معينة وتساعد علي استمراره حتي ينتهي بتحقيق الفرد لغاياته المطلوبة.
  2. الاتجاهات: والاتجاه هو استعداد وجداني مكتسب يحمل الفرد أن يتعلق بأشخاص أو موضوعات فيميل إليها أو يبتعد عنها.
  3. التعلم: يهدف علم النفس التربوي إلي معرفة شروط التعلم وقوانينه وما يؤثر فيه من عوامل وما تبني عليه من تطبيقات تربوية بشكل عملي.
  4. الفروق الفردية: وتهتم بالفروق الموجودة بين أفراد الطلاب سواء كانت في الجانب العقلي أو الجسمي أو الانفعالي. مع محاولة تفسير أسبابها و كيفية التخفيف من سلبياتها. والمعلمون أكثر الناس احتياجاً للدراية والاهتمام بهذا العلم والنظر إليه بعين الاعتبار داخل الصف الدراسي وعند التعامل مع الطلاب.
  5. العمليات العقلية العليا: وتتمثل في عمليات نفسية وجودية مثل التذكر والتخيل والتصور وذكاء الفرد وإداركه وطبيعة هذه العمليات و تحديد أثرها في العملية التربوية.
  6. العلاقات الإنسانية: ونقصد بها تلك العلاقات المتبادلة بين الطلاب وأنفسهم وبين الطلاب والمعلمين والقائمة في المواقف التعليمية خاصة في المدارسة والمعامل والحقول.
  7. التقويم والقياس: ويعني العمليات التربوية التي تهدف إلي معرفة الأنشطة والفعاليات التربوية.

علاقة علم النفس التربوي بالعلوم الاخرى

علم النفس التربوي هو أحد الفروع التطبيقية لعلم النفس، وهو يشترك مع سائر مجالات علم النفس في أنه يهتم بدراسة السلوك دراسة علمية منظمة. ولمزيد من التوضيح حول علاقة علم النفس التربوي بالعلوم وفروع النفس الاخري نعرض الاتي:

  1. علم النفس النمو (علم نفس التطوري)

يهتم هذا العلم بالتغيرات الي تطرأ على السلوك الإنساني في مختلف مراحل الحياة. ومن مجالات هذا العلم دراسة نمو الأطفال والمراهقين وهم أنفسهم التلاميذ الذين يهتم بهم علم التفس التربوي.

من ناحية أخرى، أفادت البحوث في ميدان علم نفس النمو (المعرفي والإنقعال والاجتماعي) علم النفسى التربوي حيث وظفت نتائج هذه البحوث في فهم وتنمية القذرات العقلية ومات الشخصية لدى الأطفال والمراهقين.

  1. علم النفس التجريبي

يهتم هذا العلم بالمشكلات المرتبطة بالظواهر التفسية البسيطة ويتجنب المشكلات التطبيقية المعقدة. وقد تركزت هذه الاهتمامات على السلوك الحيواني ودراسته داخل المعامل والمختبرات بهدف الوصول إلى قوانين العلم الأساسية. ورغم ذلك فقد جذبت هذه التجارب ونتائجها انتباه المهتمين بالتربية وخاصة ما قدمته نتائجها من افكار وحلول لمشكلات التعلم المدرسي كالتعزيز والتعليم المبرمج. يضاف لذلك أن علم النفس التجريبي قد أسهم إسهاماً كبيراً في تنمية الاتجاهات العلمية والتجريبية لدي المهتمين بالتربية.

  1. علم النفس الاجتماعي

يهتم هذا العلم بدارسة الفرد بوصفه عضوا في جماعة، ويتشاول بالبحث تأثير الآخرين على سلوك الفرد خلال عمليات التفاعل الاجتماعي. والمعلم يتعامل مع التلاميذ كجماعات وهو بحاجة إلى الإلمام بهذا العلم ليكون أكثر قدرة على التفاعل مع التلاميذ ومع القوى الاجتماعية التي تؤثر في عملية التعلم

  1. علم النفس العلاجي

يختص هذا العلم بتقديم الخدمات الإرشادية والعلاجية للفرد بهدف مساعدته على تحقيق التوافق الشخصي والاجتماعي والصحة النفسية.

وتتفق هذه الأهداف مع أهداف التربية لذلك نجد أن الصحة النفسية للفرد والتوافق الاجتماعي والمدرسي من الموضوعات الهامة في العديد من مؤلفات علم النفس التربوي. ويأخذ الإرشاد التربوي على عاتقه تحقيق هذه الأهداف على أرض الواقع. وبمعنى آخر إن بحوث علم النفس العلاجي تساهم في حل العديد من المشكلات التربوية مثل مشكلات المتفوقين والمتأخرين دراسياً، وسوء التوافق التربوي بين المدرس والطلاب، و مشكلات عادات الدراسة والحفظ وكثرة النسيان وغيرهن كثير.

  1. القياس النفسي

أفاد علم القياس النفسي علم النفس التربوي كثيراً. فقد ساعدت المقاييس المختلفة (مثل مقاييس الذكاء والقدرات العقلية وسمات الشخصية والتفكير الابتكاري وغيرها) في نمو علم النفس التربوي. حيث وظفت هذه المقاييس في معالجة الفروق الفردية. كما ساهمت في عمل برامج للمتفوقين والمتخلفين وبطيئي التعلم وفي حل مشكلات التلاميذ وتهيئة الظروف المناسبة لنموهم.

طرق ومناهج البحث في علم النفس التربوي

علم النفس التربوي هو أخد الفروع التطبيقية لعلم النفس العام ويهتم باستخدام الطريقة العلمية في دراسة ظواهر النفس والسلوك والمرتبطة بالعملية التعلمية والتعيمية داخل الصف الدراسي. وذلك بهدف توليد المعرفة النظرية حولها، وتوظيف هذه المعرفة عملياً في مواقف التعليم من أجل رفع وتحسين كفاءتها. وتختلف طبيعية ومتغيرات السلوك المرتبط بعملية التعلم والتعليم وهو الأمر الذي يلزم استخدام مناهج علمية مختلفة لدراسة هذه الظواهر السلوكية. كما أن مناهج البحث العلمي المتبعة تختلف باختلاف أهداف البحث العلمي. وفيما يلي عرض مبسط لطرق ومناهج البحث المختلفة في علم النفس التربوي والتي يستخدمها دراسة الظواهر النفسية والسلوكية المختلفة.

منهج الدراسات الوصفية

يقوم منهج الدراسات الوصفية على دراسة الظاهرة كما تحدث في الواقع بدون محاولة الباحث بالتأثير في عوامل وأسباب هذه الظاهرة. وقد يقوم الباحث بدراسة الظاهرة أثناء حدوثها أو بعد حدوثها في بعض الحالات. ويحاول الباحث في منهج الدراسات الوصفية إلي تقديم وصف كيفي أو كمي للظاهرة المدروسة والذي يساعد في اتخاذ ما يناسبها من قرارات. كما يساعد منهج الدراسات الوصفية في تحقيق بعض النقاط كما يلي:

    1. المساهمة في تقديم وصف كيفي أو كمي لتلك الظاهرة محل البحث.
    2. يساعد أصحاب القرار في تقديم التوصيات المناسبة أو اقتراح الحلول البديلة أو إعطاء تفسيرات للظاهرة محل البحث.
    3. فحص ما يوجد من حلول وتفسيرات تحت الدراسة والتجريب للتأكد من مدي مصداقيتها.

يستخدم الباحث في منهج الدراسات الوصفية بعض الأدوات لجمع المعلومات والبيانات حول الظاهرة محل البحث. ومن تللك الأدوات الاستبيان، واستفتاء الرأي، والملاحظة الطبيعية أو الصناعية، والمقابلة،  والمقاييس والاختبارات المختلفة.

منهج الدراسات الارتباطية

يقوم منهج الدراسات الارتباطية على دراسة العلاقة بين ظاهرة وأخرى أو متغير وأخر بدلائل إحصائية. ويشير المتغير إلى الخاصية التي تتواجد عند أفراد الجماعة الواحدة بنسب مختلفة مثل الطول والذكاء والتحصيل والدافعية. ويتم دراسة هذه العلاقة من خلال حساب معامل الارتباط إذ أنه يمثل قيمة إحصائية تتراوح بين (صفر – 1+). وقد تكون الإشارة (+) موجبة أو (-) سالبة، وقد يأخذ معامل الارتباط أية قيمة ضمن هذا المدى.

تشير الإشارة سواء كانت سالبة أو موجبة إلى اتجاه العلاقة بين المتغيرين وليس قوتها. فإشارة السالب تشير إلى علاقة عكسية بين المتغيرين. ويقصد بها إذا زادت قيمة المتغير الأول، فبالتالي قيمة المتغير الثاني تنقص في العلاقة العكسية كالعلاقة بين القلق والتحصيل. حيث كلما زاد القلق عند المتعلم ينخفض مستوى التحصيل في الامتحان. بالإضافة إلي أن إشارة الموجب تشير إلي وجود علاقة طردية بين المتغيرين. ويقصد بها إذا زادت قيمة المتغير الأول، فإن قيمة المتغير الثاني تزداد أيضاً في العلاقة الطردية. ومن الأمثلة على هذا النوع العلاقة بين الذكا، والتحصيل. إذ أن ارتفاع مستوي الذكاء يزيد من احتمال مستوى التحصيل لدي الفرد.

 ويسهم معامل الارتباط في تحقيق الفوائد التالية:

    1. تحديد وجود العلاقة بين المتغيرات من عدمها.
    2. تحديد قوة العلاقة بين المتغيرات (قوية، متوسطة، ضعيفة).
    3. بيان اتجاه العلاقة بين المتغيرات (طردية، عكسية).
    4. بيان نوع العلاقة بين المتغيرات (خطية، انحنائية).

منهج الدراسات التجريبية

يستتد منهج الدراسات التجريبية في دراسة الظاهرة محل البحث إلى مبدأ التجريب للتأكد من أسبابها وما يؤثر فيها من عوامل. وتسمى الظاهرة محل البحث بالمتغير التابع، إذ أن قيمة المتغير تتأثر بما يحدثه الباحث من تغيرات في المتغير المستقل. ويمثل المتغير المستقل العامل الذي يختاره الباحث بحيث يتحكم في قيمته ومستوياته لتحديد أثره في المتغير التابع أو الظاهرة موضع البحث.

وقد يسعي الباحث أثناء المنهج التجريبي، إلى معرفة تأثير متغير مستقل واحد أو أكثر في متغير تابع في نفس الوقت. وذلك ضمن ظروف وشروط يختارها الباحث تمتاز بالضبط الشديد لمتغيرات أخرى قد يؤثر وجودها في النتائج. وذلك بهدف تحديد أثر المتغير الفعلي أو المتغيرات المستقلة في المتغير التابع. وتسمى هذه المتغيرات التي يسعي الباحث إلي التحكم بها أو مسح تأثيرها باسم المتغيرات الدخيلة.

هناك الكثير من التصاميم التجريبية التي يستخدمها الباحث في دراسة وفحص ظواهر السلوك، وتختلف بتغير طبيعة المتغيرات وأهداف البحث. وبشكل عام فإن الباحث في هذه التصاميم يقوم بتحديد مجتمع الدراسة التي يرغب في تعميم نتائج الدراسة عليه. واختيار عينة عشوائية من هذا المجتمع وفق أسس وشروط اختيار العينات. ثم يتم تقسيم هذه العينة إلى مجموعات الدراسة بحيث يتم توزيع أفراد العينة عشوائياً على هذه المجموعات.

وبهذا يساهم منهج الدراسات التجريبية في فهم العلاقات السببية بين المتغيرات. إذ يمكن من خلال هذا المنهج الاستتتاج أن متغيراً ما قد يسبب أو يؤثر في المتغير التابع أو الظاهرة موضع البحث.

ملخص علم النفس التربوي

كانت بدايات هذا العلم في منتصف القرن الثامن عشر نتيجة لمساهمات علم النفس العام وعلم الفلك والطب والفسيولوجيا. وساهمت المذاهب الفلسفية المتعددة في تطوره بما قدمته من معلومات حول طبيعة المعرفة والعقل والروح. كما لعبت مدارس علم النفس المختلفة كالسلوكية والمعرفية والإنسانية دور بارز في نشوء هذا الحقل وتطوره.

تعددت الأراء والأفكار حول صياغة تعريف مناسب لعلم النفس التربوي. منها ما أهتم بالجانب النظري المتمثل في إنتاج معرفتنا حول السلوك الإنساني داخل مواقف التعلم والتعليم. أو الاهتمام بالجانب التطبيقي المتمثل في استخدام تلك المعرفة النظرية في المواقف العملية. بالإضافة إلي محاولة التنسيق بين هذين الهدفين.

ويلحظ أن مواضيع هذا العلم تتباين نظراً لاتساع دائرة العملية التربوية. حيث يرتبط بالعملية التربوية الكثير من المبادئ والمفاهيم النظرية المستمدة من علم النفس العام وإمكانية توظيفها في العملية التربوية. ومن أبرز المواضيع التي يهتم بها هي: التعلم، والتدريس، والفروق الفردية، والدافعية، والنمو، والإحصاء ومناهج البحث.

وتوجد علاقة تربط بين علم النفس التربوي والفروع الأخرى سواء كان ذلك من حيث التركيز على دراسة السلوك الإنساني. أو استخدام الطريقة العملية في دراسة وفحص السلوك، والسعي إلي تحقيق أهداف العلم الثلاثة وهي فهم السوك والتنبؤ به ثم ضبط السلوك.

كما يساهم في العملية التدريسية عن طريق تزويد المعلمين بالمبادئ والمعرفة والأسس. وتلك المعرفة تساعد المعلمون في اتخاذ قرارات تتعلق بالتعلم و التدريس وإثارة الدافعية. مع الاهتمام بمراعاة خصائص المتعلمين وحاجاتهم، واختيار ما ينسابهم من أساليب وطرق التدريس، وتقويم عملية التعلم.

يستخدم علم النفس مناهج متعددة لدراسة الظواهر المختلفة السلوكية منها والنفسية. كمنهج الدراسة الوصفي الذي يهتم بتقديم وصف كمي أو كيفي للظاهرة المدروسة. ومنهج الدراسات الارتباطية والذي يهتم بالعلاقات الارتباطية بين ظاهرة ما وظاهرة أخري بدلالة معامل الارتباط بين المتغيرين. ومنهج الدراسة التجريبي الذي يستند إلى وضع الظاهرة محل البحث إلى التجريب لتحديد أثر المتغيرات الأخرى فيها. ولكل منهج مزاياه وفوائد، ويتوقف استخدامها على الأهداف التي يسعى الباحث إلى تحقيقها من البحث العلمي.


المراجع

  1. عماد عبد الرحيم الزغول، مبادئ علم النفس التربوي، دار الكتاب الجامعي للنشر، 2012
  2. هناء حسين الفلفلي، علم النفس التربوي، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، 2012
  3. صالح حسن الداهري، أساسيات علم النفس التربوي ونظريات التعلم، دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع، 2010
  4. حنان عبدالحميد العناني، علم النفس التربوي، دار صفاء للنشر والتوزيع، 2014
  5. جامعة نيويورك، هي جامعة أمريكية يقع مقرها في مدينة نيويورك وتعتبر من أبرز المؤسسات التعليمية الخاصة غير الربحية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
  6. جامعة آيوا، هي جامعة بحثية عامة مقرها في آيوا سيتي ومؤسسة مشهورة للتعليم العالي معترف بها علي الصعيدين الوطني والعالمي.

مقالات ذات صلة

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى