العلوم التربوية

دور علم النفس التربوي في العملية التعليمية والتدريس

أن دور علم النفس التربوي علي درجة عالية من الأهمية في العملية التعليمية. فهو يساعد في إعداد المعلم مهنياً عن طريق تزويده بالمبادئ النفسية الصحيحة والضرورية التي تتناول التعلم المدرسي. ويعد علم النفس التربوي من الفروع التطبيقية لعلم النفس، وهو يهتم بدراسة السلوك الإنساني، أثناء عملية التعلم، دراسة علمية منظمة لتحقيق عدة أهداف منها، تنمية المتعلم من جميع النواحي العقلية والإنفعالية والإجتماعية والجسمية، ومساعدة المعلم علي ترشيد عملية التدريس وتنمية مهاراته وقدراته علي فهم سلوك المتعلم وضبطه والتنبؤ به.

ونظراً لأهمية هذه الأهداف وغيرها التي يحققها دور علم النفس التربوي في العملية التعليمية، فإنه يساهم بشكل كبير في نجاح المعلم والعملية التعليمية ككل حيث يبتعد عن أسلوب المحاولة والخطأ الذي يتسم بالعشوائية وعدم التخطيط. فعلم النفسي التربوي يعطي للمعلم إعداد مهني مناسب ويكسبه القدرات الحقيقية للتدريس والأسلوب المناسب للتعليم الفعال.

مفهوم علم النفس التربوي

يمكن تعريف علم النفس التربوي بأنه أحد فروع علم النفس التطبيقية الذي يهتم بدراسة السلوك الإنساني داخل مواقف التعلم والتعليم من خلال فهم المبادئ والمفاهيم والأساليب النظرية والبحث عن تطبيقاتها التربوية التي تؤدي إلي حدوث عملية التعلم والتعليم لدى الأفراد، كما يساهم في محاولة التخلص وحل المشكلات التربوية

ساهم التقدم الهائل الذي شهده العالم ف جميع نواحي الحياة في بداية الفترة الزمنية من النصف الثاني بالقرن التاسع عشر وإلي القرن العشرين بشكل بالغ في تطور وتراكم العلوم النفسية و بدأت محاولات استخدامها في مواجهة ما يقابلنا من تحديات وصعوبات ومشكلات نتجت عن هذا التقدم. حيث زادت الحاجة إلي استخدام علم النفس في جميع مجالات ونواحي الحياة كالمجالات التربوية. والعسكرية، والتتظيمية، والصناعية، والسياسية، والتجارية وغير ذلك من المجالات الأخرى. ونتيجة زيادة الاهتمام بالمعرفة النفسية وتطبيقاتها، ظهرت فروع متعددة من علم النفس وظفت المبادئ والنظريات من مناهج علم النفس من أجل محاولة فهم السلوك والتنبؤ به وضبطه وتغيره، من أجل رفع كفاءة الأفراد ومساعدتهم على التكيف السليم. ويعتبر علم النفس التربوي أحد الفروع التطبيقية من علم النفس العام والذي يهتم بخدمة العملية التربوية.

دور علم النفس التربوي في التدريس والعملية التعليمية

التدريس ركنا أساسي في العملية التربوية يتم فيها إحداث التغير المرغوب في سلوك الفرد. وعن طريقها يتم إكساب الفرد ما يلزمه من معارف وخبرات وقيم وعادات وأنماط السلوك الأخرى. ولا يتوقف دور التدريس والعملية التربوية على مجرد تزويد الأفراد بالمعلومات والحقائق العلمية فحسب. بل التدريس يتعدى ذلك إلى تطوير القدرات والمهارات العقلية والحركية وتتمية الجوانب الوجدانية لدى المتعلمين. ويهتم التربويين بعملية التدريس في جميع المجتمعات وذلك لما لها من دور فعال في استمرار المجتمعات وبقاءها والحفاظ على ثقافتها وهويتها. متمثلاً ذلك في إعداد الأجيال المؤهلة القادرة على الإنتاج والعطاء.

لا يزال هناك جدل دائر حول طبيعة عملية التدريس من حيث كونه فنا أو علما. فهناك البعض من علماء النفس والتربية من يعتبره فناً يتطلب الموهبة والإبداع وخصائص شخصية معينة. في حين ينظر إليه أخرون على أنه علماً يستتد إلى أسس ومبادئ علمية تتطلب الإعداد والتدريب. وهناك فريق ثالث ينظر إليه على أنه فناً وعلماً بنفس الوقت ونتيجة لذلك تعددت تعريفات عملية التدريس. إلا أنها تشترك جميعها في اعتبار التدريس على أنه العملية المقصودة والمنظمة التي تتم وفق إجراءات مخطط لها وتسعى إلى تحقيق أهداف معينة لدى المتعلمين.

ويلعب علم النفس التربوي دوراً هاماً في العملية التعليمية من حيث تخطيطها وتنفيذها وإدارتها وتقويم نتانجها والعمل على تشخيص وحل المشكلات المتعلقة بها. إذ يزود المعلمين بالمعرفة العلمية المنظمة المتعلقة بعملية التعلم والتعليم التي من شأنها أن تساعدهم على اتخاذ القرارات المناسبة حيال المتغيرات ذات العلاقة بعملية التعلم والتعليم الصفي: ومن هذه القرارات ما يلي

إقرأ أيضا:

  1. القرارات المتعلقة بأشكال التعلم

علم النفس التربوي يزود المعلمين بنتائج الدراسات والأبحاث الخاصة بموضوع التعلم داخل الفصل الدراسي والعوامل المؤثرة في حدوث التعلم. كما يقدم علم النفس التربوي معلومات عن أشكال التعلم المختلفة وكيفية التعامل مع هذه الأشكال. وذلك من خلال التعرف على المبادئ والقوانين التي تحكم اكتساب المعلومات الخاصة بكل شكل. مما يمكن المعلم من اختيار المبادئ والطرائق والأساليب المناسبة لطبيعة المواقف التعلمية – التعليمية المختلفة.

  1. القرارات المتعلقة بالأهداف ونواتج التعلم

تمثل الأهداف حصيلة الخبرات المنوي إكسابها للمتعلمين بعد المرور بالخبرة التعلمية – التعليمية. إن مثل هذه الخبرات تتطلب من المعلم التخطيط المسبق لها من حيث الاختيار والتتفيذ والتقويم. ويلعب علم النفس التربوي دوراً بارزاً في ذلك من خلال مساعدة المعلم على تحديد أنواع نواتج التعلم والتغيرات المنوي إحداثها في سلوك المتعلم من حيث صياغتها وتنويعها، الأمر الذي يساعد المعلم من تحقيق أهداف مهمة التدريس بسهولة.

  1. القرارات المتعلقة باختيار طرق وأساليب التدريس

علم النفس التربوي يساعد المعلمين على اختيار أفضل استراتيجيات وطرق التدريس المناسبة بهدف إنجاح عملية التعلم لدى الأفراد المتعلمين. استراتيجيات وطرق التدريس تتفاوت في فعاليتها تبعاً لاختلاف خصائص الطلبة أو المادة الدراسية. إذ أن اتباع طريقة واحدة في التدريس قد لا يتتاسب مع جميع المواد الدراسية أو محتويات المادة الدراسية الواحدة من جهة أو مع خصائص الطلبة من جهة أخرى. فعلى سبيل المثال لا تصلح طريقة المحاضرة لتدريس مادة الرياضيات للأطفال، في حين أنها يمكن أن تستخدم مع طلبة المرحلة الثانوية. وعليه فإن علم النفس التربوي يمكن المعلمين من تنويع طرائق وأساليب التدريس وفقا لطبيعة المحتوى الدراسي وخصائص الطلبة.

  1. القرارات المتعلقة بالمشكلات الصفية

يواجه المعلم في كثير من الحالات مشكلات صفية متعددة منها ما هو إداري يتعلق بالأنظمة والتعليمات المدرسية أو إدارة الغرفة الصفية، أو أكاديمية ترتبط بطبيعة المواد والمناهج الدراسية، أو مشاكل خاصة بالطلبة مثل المشاكل النفسية والتحصيلية، الأمر الذي يستدعي منه التعامل مع هذه المشكلات بجدية وحذر. ويسهم علم النفس التربوي بتزويد المعلمين بالخبرات والمهارات والأساليب والإجراءات المناسبة لتشخيص مثل هذه المشكلات والتعامل معها بفاعلية بهدف معالجتها والتخلص منها.

  1. القرارات المتعلقة بخصائص الطلبة وحاجاتهم

الفصل الدراسي بيئة اجتماعية مصغرة يشتمل بداخله علي مجموعة أفراد يختلفون في ميولهم وحاجاتهم واهتماماتهم وخصائصهم. وذلك تبعا لاختلاف العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. كما أن الطلاب في المستويات الصفية والعمرية المختلفة يختلفون أيضا في خصانصهم النمائية وحاجاتهم. الأمر الذي يستدعي من المعلمين التعامل مع مثل هذه الفروق والاختلافات. يزود علم النفس التربوي المعلمين بالمعرفة والأسس والمبادئ العلمية المتعلقة بكيفية مراعاة الفروق الفردية بين أفراد المجموعة الواحدة. بالإضافة إلى كيفية تحديد الخصائص النمائية ومطالب وحاجات النمو للمتعلمين مما يساعدهم على اختيار الخبرات المناسبة لكل مرحلة عمرية وكذلك أفضل الأساليب والطرق لتقديمها.

  1. القرارات المتعلقة بكيفية إثارة الدافعية لدى المتعلمين

يعد التدريس عملية تفاعلية ذات طابع اجتماعي تتطلب التواصل والحوار المتبادل بين المعلم والطلاب وبين الطلاب أنفسهم لتحقيق التعلم المرغوب. وقد تفشل عملية التدريس في بعض الأحيان لغياب دافعية الأفراد للتفاعل في أثناء العملية التعلمية – التعليمية بسبب عدم معرفة المعلمين بأساليب إثارة وتحفيز الطلبة، أو بسبب جهلهم بأهمية إثارة الدافعية نحو التعلم، أو بسبب سلوك المعلم الممل الذي يخلو من الإثارة والتشويق، أو لأسباب نفسية تتعلق بالطالب. وعلم النفس التربوي يساهم في تزويد المعلم بما يحتاجه من معرفة النظرية بالدافعية وما يرتبط بها من عوامل وأهميتها في عملية التعلم. كما ويوفر لم المعرفة التطبيقية بكيفية إثارتها والحفاظ عليها من خلال دراسة سيكولوجية الانتباه والدوافع والحاجات وكيفية إشباعها.

  1. القرارات المتعلقة بعملية التقويم

من أبرز أدوار المعلمين هو إجراء عملية التقويم وذلك بهدف الحكم على مدى تحقق أهداف التعلم  ومدى ملائمة الطرق والأساليب التعليمية المتبعة. وذلك من أجل اتخاذ القرارات المناسبة حول مدى تقدم عملية التعلم أو الحكم على تعلم الطلبة النهائي. بالإضافة إلى مهام المعلمين في اتخاذ قرارات النجاح والرسوب والانتقال من صف إلي أخر. أو اتخاذ بعض الإجراءات المناسبة لتفادي نقاط ضعف وأخطاء عملية التدريس. ويوفر علم النفس التربوي للمعلمين المعرفة العلمية المتعلقة بأشكال وأساليب ووسائل القياس والتقويم المناسبة. بالإضافة إلي كيفية إدارتها وتصحيحها وتفسيرها واتخاذ القرارات المناسبة في ضوء نتائجها.


المراجع

  1. حنان عبدالحميد العناني، علم النفس التربوي، دار صفاء للنشر والتوزيع، 2014
  2. عماد عبد الرحيم الزغول، مبادئ علم النفس التربوي، دار الكتاب الجامعي للنشر، 2012
  3. Educational Psychology Promotes Teaching and Learning

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى