ليست هناك حاجة لمحاولة إجبار المراهق الهادئ علي أن يعيش الحياة الصاخبة. فالخجل ليست صفة سيئة بالضرورة. لكن في بعض الأحيان يمكن أن ينبع خجل المراهقة من تدني الثقة، وقد يؤثر الخجل أحياناً علي قدرة المراهق علي التواصل بشكل فعال، أو الانضمام إلي الأنشطة، أو التعرف علي أصدقاء جدد. إذا كان خجل ابنك المراهق يمنعه من القيام بالأشياء التي يريد القيام بها، فهنا يكون الخجل شئ سلبي يمنع المراهق من عيش حياته ويجب تغييره.
جدول المحتويات
والخجل هو أحد المشاعر السلبية التي تؤثر علي شعور الشخص وتصرفاته مع الآخرين، فالشخص الخجول دائماً ما يشعر بعدم الارتياح أو الخجل أو التوتر وعدم الأمان وخصوصاً عند الاقتراب من أشخاص جديدة لا يعرفها. وغالباً ما يرافق الشعور بالخجل بعض الأعراض الجسدية مثل احمرار الوجه أو الصمت أو الاهتزاز وضيق التنفس. والخجل هو نقيض الشعور بالراحة والطمأنينة مع نفسك في وجود الآخرين. وعندما يشعر المراهق بالخجل، فقد يتردد في قول أو فعل شئ ما لأنه يشعر بعدم اليقين من نفسه وليس مستعد أن يتم ملاحظته. والخجل ليس الحياء، فالخجل يكون صفة سلبية مذمومة عندما يمنع صاحبه عما ينفعه في دينه ودنياه وينتج عن عدم قدرة الفرد علي المواجهة أو خوفه من الشعور بالرفض. أما الحياء صفة إيجابية مطلوبة وخلق رفيع وشعبة من شعب الإيمان، فالحياء يمنع صاحبه من فعل القبيح والتقصير في حق الغير.
أنواع المراهقة وآثارها
والمراهقة لها تأثير في هذا الحقل، فهي تحمل إلي الفتى مشاعر الخجل وأحاسيسه، ولكن هذا خجل طارئ وعابر إن كان الإنسان متزناً في طبيعته، والعكس ينطبق علي من قل توازنه وكثر تردده، فهذا التردد له تأثير شديد علي الإرادة، وبالتكرار يصبح هذا التردد إدماناً. ومتى حل هذا التردد يعقبه شعور الخجل، لما يسبقه مى إحجام وإقدام مردهما إلى التردد.
وقد قسم علماء النفس المراهقة إلي فئات أربع متداخلة في صفاتها ومميزاتها إلى حذ ما وهى:
- المراهقة السوية المتكيفة.
- المراهقة الخجولة (المنطوية).
- والمراهقة المنحرفة.
- والمراهقة العدوانية المتمردة.
وسوف نكتفى بالحديث عن المراهقة السوية والمراهقة المنطوية لما لهما من علاقة بموضوع الخجل.
المراهقة السوية
وهى المراهقة الهادئة نسبياً والتى تميل إلى الاستقرار والاتزان العاطفى هذا مع ملاحظة أنها لا يمكن أن تخلو من بعض الاضطرابات والضيق، ومن أهم مميزاتها:
- وجود بيئة ومناخ من التقدير والثقة بين الأهل والمراهق.
- التعارف السليم وعدم الخجل والانطوائية مع الجنس الآخر في الجلسات العائلية.
- حرية دعوة الأصدقاء إلى المنزل.
- يشعر بحرية القرار في أموره الخاصة مثل هواياته وإختيار ملابسه.
- شعور المراهق بالتقذير ممن يحيطون به.
- توفر المستوى المادى المتوسط وفوق المتوسط.
- حب المراهق للإشتراك في الأنشطة الرياضية والاجتماعية واهتمام المراهق بالجسم الصحي السليم.
- التدريب علي تحمل المسئولية الاجتماعية سواء في الأسرة أو المدرسة، والإحساس بالمسئولية الفردية والاعتماد علي النفس.
- التفوق والنجاح في الأداء الدراسي مع كثرة التوسع والاطلاع وحب المعرفة.
لماذا يخجل بعض المراهقين؟
قد يعاني المراهقون من نقص في قدراتهم علي التأقلم والتكييف. في حين أن الشخص الراشد قد يشعر بالخجل أيضاً إلا إنه يستمر في الترحيب بشخص ما أو قد يجبر نفسه علي حضور المناسبات، أما المراهقون الذين يعانون من الخجل يكونوا أكثر عرضة للانسحاب وتجنب الناس والابتعاد عن المناسبات الاجتماعية الاختيارية.
يمكن أن تلعب الجينات دوراً هاماً في تعرض بعض المراهقين لنسب مختلفة من الخجل. كما تساهم أيضاً أساليب التربية بشكال فعال في وجود الخجل من عدمه. فالمراهقون الذين تربوا في طفولتهم علي المبالغة في الخجل يكونوا أكثر عرضة لاختبار مشاعر الخجل في مرحلة المراهقة.
الخبرات والمواقف الحياتية تلعب دور حيوي أيضاً، فالمراهق الذي مر بتجارب وخبرات سيئة عند تجربة أشياء جديدة، أو التحدث، أو الاقتراب من الناس، قد يصبح أقل انفتاحاً بمرور الوقت. والمراهقون الذين يكبرون مع أباء مفرطين في الحماية قد يكونون أكثر عرضة للخجل.
إقرأ أيضاً:
- أهمية الصحة النفسية للمراهقين وكيف تحافظ عليها
- كيف أذاكر بتركيز لساعات طويلة؟ نصائح عملية تساعدك علي الدراسة
- دور الأب في تربية الأبناء دليل شامل
صفات المراهقة الخجولة (المنطوية)
يعاني المراهقون الخجولون من عدة أنواع من المشاكل. علي سبيل المثال، المراهق الذي لا يجرؤ علي التحدث لطرح سؤال علي المعلم قد يضعف أداءه الدراسي. فبدلاً من طلب المساعدة عندما لا يفمهون سؤال في الاختبار، قد يحدقون في ورقة الاختبار بصمت. ونتيجة لذلك، قد يحصلون علي درجات أقل من مستواهم الدراسي الحقيقي لأنهم خجولون جداً من طلب المساعدة والاستفسار.
وبمرور الوقت قد يشعر المراهق بالعجز وقلة الحيلة. وقد يعتقد بعض المراهقين أنهم لا يملكون السيطرة علي تحسين حياتهم وقد يتجنبون دائماً معالجة المشاكل التي تواجههم.
والمراهق الخجول من أفراد هذه الفئة يمتاز ببعض الصفات الخاصة وأهمها أنه:
- كثير التردد لا يستطيع أن يكون له رأياً واضحاً سليماً.
- شديد الخجل خاصة مع الغرباء وأفراد الجنس الآخر.
- يميل إل كتابة مذكراته عن نفسه، وهو كثير التفكير فى مشكلاته كما يميل إلي تكبيرها وتعقيدها.
- كثير السرحان ويقضى فترات شارد الذهن يفكر في أعمال خيالية وبطولات والوصول إلى مركز مرموق وتصل أفكاره إلى حد الأوهام.
- يسرف في الاستمناء (العادة السرية).
- يميل كثيراً إلى نقد النظم الاجتاعية والثورة علي تربية الأبوين.
- يميل كثيراً إلى الأعمال والمبادىء المثالية حتى يقرب من التصوف، وإن كان لا يستطيع ضبط تصرفاته حتى تتمشى مع مثاليته، ما يجعله دائم الشعور والإحساس بالذنب والنفص.
العوامل المؤثرة وأسباب خجل المراهقة
إلى حد بعيد، قد يكون هناك أثراً من الطفولة وما قد يسمعه الطفل من كلام ذويه ومعارفهم عن خجله، وعجزه، وقلة حيلته، وقلة درايته، فترسخ هذه الأقوال العابرة في مخيلته، وتتوالد في ذهنه، وتتحول مع الأيام إلى خيالات وذكريات فينظر الطفل إلي نفسه من خلالها ناقصاً مهزولاً في نفسه وفكره، فيصبح الانطواء رغبة، والعزلة مطلباً في حياته. وينمو مع هذا العامل عنصر الخجل. والدواء هو التحول من صورة مظلمة يتجسم فيها الخجل، إلى صورة مشرقة ينجلي فيها الاقدام.
أثبتت التجارب والأبحاث النفسية أن هناك عوامل أساسية تكمن خلف هذه صفات الخجل والانطواء وتقويها من أهمها:
- عدم مناسبة الجو النفسى للمنزل وضغط شخصية المراهق وإنكار حاجاته ورغباته المتطورة، مما يجعله يلجأ إلى الاحتجاج بوسائل مختلفة مثل الكذب والكتمان والاحتيال علي تنفيذ الرغبات النى لا توافق عليها الأسرة.
- الأسرة المتزمتة التى تميل إلى الرجعية في أسلوبها ولا تهتم إلا بالدراسة، وعدم تقديرها وفهمها الصحيح لأساليب تكوين الشخصية السليمة.
- إرتباط المراهق منذ صغره ارتباطاً طفلياً بالأبوين «الطفل المدلل»، مما يجعله يثور علي والديه وعلي نفسه عند إدراكه للآثار السيئة لهذا الارتباط.
- النشأة الدينية المتزمتة، والمثالية الزائدة مما تسبب صراعاً عنيفاً لاصطدام مثاليثهم بالواقع الفعل المحيط بهم، دون تفهم لاحتياجات المراهق ومحاولة إنشاء حوار بين الأهل والمراهق وقد ينتهى الأمر ببذه الفئة إلى الثورة علي القيم والمثالية.
- النقص العاطفى وعدم التعارف السليم مع الجنس الآخر.
كيف تنقذ نفسك من خجل المراهقة؟
- إذا كانت لك مشاكل خاصة فابدأ مناقشتها مع شخص تثق فيه ويدرك وسائل التربية السليمة.
- تنبه إلى أنه من الصعب تغيير آراء الوالدين المتزمتين أو الذين لهم ظروفهم النفسية الخاصة وذلك عن طريق مناقشتك لهم، بل يحسن لك استشارة الموجهين ليقوموا بهذه المهمة، هذا مع تقديرك لظروف والديك.
- دعوة الوالدين لحضور الندوات التربوية التى تعالج مشاكل الشباب.
- الاشتراك في أحد الأندية الرياضية والاجتماعية المنظمة حيث يتوفر فيها المشرفون الاجتماعيون المتخصصون، ودعوة بعض أفراد أسرتك من آن لآخر لزيارة النادى وخاصة الوالدين، هذا يساعدك كثيراً علي تفادى آثار الجو النفسى المضطرب بالمنزل إل جانب تقليل تزمت الوالدين في أساليبهم التربوية.
- الاشتراك في الرحلات المدرسية والمعسكرات الشاطئية في فصل الصيف مما يزيد قدرتك في الاعتماد علي نفسك.
وفي جميع الأحوال، ينبغى شحذ الهمة لاختراق جدار الخجل واقتحام المشكلة بنفس شواقة إلى الإنتاج، متلهفة إلى التفوق. ومتى تحولت هذه اللهفة الزهنية إلى حماسة طغت علي كل ماسواها، ومنه الخجل.