كان لماهر بلبل يغنى بصوت عذب جميل. أهداه إليه أبوه في قفص جديد يوم عيد ميلاه، ونصح له ألا يفتح باب القفص؛ حتى لا يطير البلبل الجميل ويهرب.
جلس ماهر يوماً بجانب القفص، وحدثته نفسه أن يخرج البلبل ليلعب به، وقال في نفسه: ” إن أبي لا يعرف أن خالفته، فسأرد البلبل إلى قفصه، وأغلق عليه بابه.”
ثم أخرج البلبل، ووضعه على كفه، فطار من شباك مفتوح في الحجرة. فأخذ ماهر يبكي؛ حزناً على طائره الجميل، وخوفاً من لوم أبيه.
وبعد مدة قصيرة كف عن البكاء؛ لأنه علم أن البكاء لن يرد إليه طائره، ولن يمنع عنه اللوم. ثم فكر في إخفاء الأمر عن أبيه خوفاً من غضبه، ولكنه رجع إلى الصواب، وعزم على أن يخبر أباه بالحقيقة، وإن ناله العقاب على ذلك.
فلما رجع أبوه إلى المنزل تقدم إليه؛ وقص عليه قصته، وحكى له حكايته، فتألم أبوه من فعلته، ولكنه مع ذلك سر من صدقه؛ فقد اعترف بذنبه، ووعد ألا يعود إلى مخالفة أبيه، وأن يعمل دائماً بنصيحته.
فغفر له أبوه ذنبه، مكافأة له على صدقه، واشترى له بعد ذلك بلبلاً آخر، فكان في أوقات فراغه يداعبه ويلعب معه، ويمتع نفسه بغنائه الجميل.