خرج والد شريف، ومعه ابنه شريف من المسجد، بعد أدائهما صلاة الجمعة، في طريقهما لزيارة جارهما المريض، فقابلا العم حامد، وهو يهم بركوب سيارته الفاخرة.
أخبره والد شريف بمرض جارهما، فلم يهتم بالأمر، وقال إنه سوف يزوره ويطمئن عليه قريبا، وأسرع بركوب سيارته، وانطلق بها.
صداقة يغيرها الثراء
جلس والد شريف في بيت المريض، يطمئن عليه ويخفف عنه.
فقال المريض في أسى: “أتصدق أن جاري حامدا لم يسأل عني، وهو يعلم منذ أيام أنني مريض، فقد أخبرته ابنتي بمرضي.”
قال والد شريف: “ربما شغلته ظروفه.”
قال المريض: “لا يا صاحبي، فقد تغيرت أحواله منذ فتح الله عليه، فلم يعد يهتم بجيرانه أو أصحابه. ما فائدة الجار إن لم يسأل عن جاره المريض؟ وما فائدة الصديق إن لم يساعد صديقه في وقت الشدة؟”
وفي أثناء رجوعهما، قال شريف لوالده: “إن جارنا المريض يا والدي، متأثر جدا من العم حامد.”
قال والده: “الحق معه يا بني، فالعم حامد هو أقرب جار إليه، وهو صديقه الحميم. وقد تغير حقا منذ فتح الله عليه.”
معنى اسم الله الفتاح
قال شريف مندهشا: “ماذا تقصد يا والدي بقولك فتح الله عليه؟”
قال والده: “الفتاح يا بني اسم من أسماء الله الحسنى، له معان متعددة وردت في القرآن الكريم. منها أن الفتاح هو الذي يفتح خزائن رحمته على عباده، ومنها أنه هو الذي يفتح على النفوس أبواب توفيقه.”
“ومنها كذلك أنه هو الذي يفتح لعباده الصالحين، وأوليائه المقربين، الأبواب إلى ملكوته. وهو سبحانه الذي يفتح قلوبهم وعيونهم ليبصروا بها الحق، وهو الذي يفتح أبواب الرزق لعباده.”
قال شريف: “وقد فتح الله أبواب الرزق للعم حامد، فأعطاه المال الكثير، وصار عنده سيارة فاخرة.”
قال والده: “كان العم حامد رجلا بسيطا يود الناس والناس يودونه، ثم اشتغل بالتجارة ففتح الله عليه، وصارت له محال كثيرة، فابتعد عن الناس.”
تجربة الأب مع الصديق القديم
قال شريف: “لماذا لم تعد تزور صديقك العم عبد الفتاح يا والدي؟”
قال والده: “لأن ما حدث من العم حامد لجارنا المريض، حدث نفسه من العم عبد الفتاح لوالدك، فقد كان من أعز أصدقائي، وقد فتح الله عليه بالرزق الوفير.”
“فذات يوم مرت بي ظروف صعبة، علم بها عبد الفتاح فاختفى ولم يظهر، ولم أسمع عنه إلا كلمات وشعارات، وغرورا بماله ونفوذه، ونسي تماما حق الصداقة.”
قال شريف في دهشة: “لقد كنا نحبه يا والدي، وكان يقوم بزيارتنا ونقوم بزيارته. وكنت أقول له يا جدي، فقد كان أكبر منك سنا. وفجأة انقطع عنا، فلم يعد يزورنا ولم نعد نزوره.”
قال والده: “ليس هذا مهما، فما فائدة الصداقة إن لم يكن هناك حب؟ فبعض الناس عندما يفتح الله عليهم، ينسون قيمة الصداقة، ويحولون أصدقاءهم إلى أتباع لهم، وقد رفضت ذلك يا بني.”
درس في الصداقة الحقيقية
قال شريف وهو يدخل البيت خلف والده: “تعلمت منك يا والدي درسا لن أنساه، فقد عرفت معنى الصداقة، فإذا فتح الله علي فلن أتغير أبدا نحو أصدقائي، وسأساعدهم إذا تطلب الأمر ولن أتهرب منهم، كما فعل العم حامد، والعم عبد الفتاح.”
قال والده: “بارك الله فيك وفتح عليك يا بني.”
قال شريف: “سؤال أخير يا أبي.. يقول الله سبحانه: (إذا جاء نصر الله والفتح) أليس هذا من معاني اسم الفتاح؟”
قال والده: “نعم، وقد نزلت هذه الآية الكريمة، عندما فتحت البلاد على أيدي المسلمين.”
“وكما قلت يا بني، اسم الفتاح له معان كثيرة وردت في القرآن الكريم. فأسماء الله كلها عظيمة المعنى.”
قال شريف: “وماذا عن باقي الأسماء؟ أريد أن أعرف معانيها.”
قالت أم شريف: “كفى حديثا، وتعاليا إلى طعام العشاء.”
قال والد شريف: “لقد جرني شريف إلى حديث طويل، لا يريد أن ينهيه.”
قال شريف: “إنه حديث جميل يا أمي، يتناول أسماء الله الحسنى.”
قالت أمه: “حقا إنه حديث جميل، يمكن أن نكمله بعد طعام العشاء.”





